فاز ريـال مدريد بالدوري الإسباني الموسم الماضي بعد تغلبه على نادي مالقة في اليوم الأخير من الموسم على ملعب «لا روزاليدا» في مدينة مالقة. وعقب صافرة نهاية المباراة، ظهرت السعادة ألغامرة على وجوه لاعبي ريـال مدريد وذهب لوكا مودريتش للاحتفال ورفع درع الدوري، لكنه لم يجد درعا ليرفعه ونظر وعلامات الذهول على وجهه، في حين كان يقف بجواره النجم الويلزي غاريث بيل وهو يضحك. وسأل مودريتش المسؤول الإعلامي بنادي ريـال مدريد: «ماذا تعني، ألا يوجد درع الدوري؟» ورد عليه المسؤول الإعلامي قائلا: «سوف يسلمونه في بداية الموسم المقبل، لذلك سوف نحتفل هنا الآن وسنعود إلى غرفة خلع الملابس، وهذا هو كل ما في الأمر». وقال مودريتش وعلامات الحيرة والذهول على وجهه: «هل هذا هو كل ما في الأمر»، ثم انطلق هو وبيل للحاق بزملائهما في الفريق.
لم يكن مودريتش وبيل يعرفان أنه يتم الاحتفال بدرع الدوري في بداية الموسم الجديد. يحدث ذلك في شهر مايو (أيار) من كل عام، ولكن ربما لم يعرف اللاعبان ذلك لأن هذه هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي يفوز فيها ريـال مدريد ببطولة الدوري الإسباني، والمرة الثانية خلال ثماني سنوات، وهي فترة طويلة بكل تأكيد، ولذا دخل ريـال مدريد الموسم الماضي وهو يضع نصب عينيه الفوز ببطولة دوري الدرجة الأولى الإسباني. وعندما حدث ذلك بالفعل، كان هناك شعور بأن تحول ما قد حدث في إسبانيا. وقد تعمق هذا الشعور بعد نحو أسبوعين، ففي البداية فاز الغريم التقليدي برشلونة بلقب كأس ملك إسبانيا ورحل المدير الفني للفريق لويس إنريكي بهذا اللقب الوحيد تاركا تلك المهمة الثقيلة للمدير الفني الجديد إرنستو فالفيردي. وفي كارديف، صعد ريـال مدريد لمنصة التتويج مرة أخرى، ولكن هذه المرة بعد حصوله على لقب دوري أبطال أوروبا، ليصبح أول ناد في التاريخ يحصل على البطولة الأقوى في القارة العجوز مرتين متتاليتين.
قد يبدو الأمر سخيفا إذا ما اعتبرنا أن ما حدث هو مجرد بداية مرحلة جديدة لريـال مدريد الذي فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات خلال أربع سنوات - وهي غاية في حد ذاتها وإنجاز لم يتحقق منذ سبعينات القرن الماضي - لكن بات هناك شعور بأن الفوز بلقب الدوري المحلي هو مقياس نجاح الفريق وهو الشيء الأهم في موسم 2016-2017. حتى بالنسبة لريـال مدريد الذي بنى سمعته الكروية من خلال الفوز بالبطولات الأوروبية. وحقق ريـال مدريد إنجازا تاريخيا بالفوز بلقب الدوري الإسباني وبطولة دوري أبطال أوروبا في نفس العام، ويكفي أن نعرف أن ريـال مدريد قد فاز بدوري أبطال أوروبا ثماني مرات منذ عام 1958، لكنه لم ينجح مطلقا في أن يجمع بين دوري أبطال أوروبا والدوري المحلي. والآن، حقق الفريق الملكي هذا الإنجاز وأصبح يشعر بأنه أفضل ناد في إسبانيا وفي العالم. وعلاوة على ذلك، ما زال بإمكان النادي أن يضيف لهذا الإنجاز الحصول على لقب السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
في الحقيقة، كان الموسم الماضي في الدوري الإسباني غريبا وعصيا على التحليل. وفي الخريف الماضي، سئل المدير الفني لريـال مدريد زين الدين زيدان عما إذا كان فريقه يمر بـ«أزمة»، ولم يكن هذا السؤال بالسطحية والسذاجة التي يتوقعها البعض. ورد زيدان قائلا: «لا، لكن لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل». لم يكن ريـال مدريد يتعرض للهزائم آنذاك، كما استمر بلا هزيمة لأشهر تالية ولعب 40 مباراة من دون هزيمة، لكن المشكلة كانت تكمن في أنه لم يكن يقدم أداء مقنعا لجمهوره وعشاقه في جميع أنحاء العالم.
وانتقد مدافع برشلونة جيرارد بيكيه نادي ريـال مدريد وشكك في نزاهة فوزه بالبطولات، لكن الحقيقة هي أن ريـال مدريد كان يلعب بعمق كبير وخطة محكمة تتغير وفقا لتغير المنافس. ووصف لاعب أتلتيكو مدريد فيليبي لويس ذلك جيدا حين قال: «ريـال مدريد لديه فريق جيد للغاية وقادر على التكيف مع كل مباراة على حدة. إنه قادر على بناء الهجمات من الخلف ولعب الكرات الطولية وشن الهجمات المرتدة بصورة جيدة وتسديد الركلات الثابتة بصورة جيدة، لذا من الصعب للغاية اللعب أمامهم».
لم يكن مودريتش وتوني كروس في قمة مستواهما طوال الموسم، لكنهما استعادا جزءا كبيرا من مستواهما بحلول فصل الربيع. وينطبق نفس الأمر بكل تأكيد على كريستيانو رونالدو، الذي كان حاسما للغاية في الأسابيع الأخيرة وأنهى الموسم بشكل أفضل. وحقق ريـال مدريد الفوز في الكثير من المباريات في اللحظات الأخيرة، وهو ما جعل زيدان يحذر من ذلك قائلا: «لن نستمر دائما في تحقيق الفوز في المباريات في اللحظات الأخيرة». وفي الحقيقة، كان زيدان محقا في ذلك. ورغم أن ريـال مدريد قد خسر بعض المباريات في اللحظات الأخيرة أيضا، لكنه حقق الفوز في آخر عشر دقائق في ربع المباريات التي خاضها، وكان سيرخيو راموس هو النجم الأبرز في هذا الأمر بكل تأكيد. ولكن مع دخول الفريق للأسابيع الأخيرة، استبدلت بتلك الأهداف التي تحرز في اللحظات الأخيرة أهداف في بداية المباريات.
وخاض ريـال مدريد آخر ثلاث مباريات خلال سبعة أيام فقط، وكان من المفترض أن تكون مباريات صعبة للغاية، لكن زيدان ولاعبوه حققوا الفوز على إشبيلية وسيلتا فيغو ومالقة. وأحرز ريـال مدريد عشرة أهداف كاملة في تلك المباريات، قبل أن يدك شباك يوفنتوس الإيطالي بأربعة أهداف أخرى في دوري أبطال أوروبا. ولعل الشيء الجدير بالملاحظة هو أن ريـال مدريد قد أحرز أهدافا في جميع المباريات هذا الموسم وبكل الطرق، وأحرز جميع اللاعبين أهدافا باستثناء فابيو كوينتراو. لقد حقق ريـال مدريد كل شيء في هذا الموسم، واعتمد زيدان على نظام «المداورة» بين اللاعبين فأشرك 20 لاعبا في ألف دقيقة بالدوري الإسباني، وأصبح من العادي أن نرى ثمانية أو تسعة تغييرات مرة واحدة في التشكيل من مباراة لأخرى. وقال المدير الفني لديبورتيفو لاكورونا، بيبي ميل: «هزيمة الفريق الاحتياطي لريـال مدريد أصعب من هزيمة الفريق الأساسي». وكان ريـال مدريد قويا للغاية للدرجة التي جعلت لاعبا مثل جيمس رودريغيز لا يجد له مكانا حتى على مقاعد البدلاء في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا.
واعترف نجم برشلونة أندريس إنيستا بأحقية ريـال مدريد بالفوز باللقب عندما قال: «إنهم يستحقونه»، لكن برشلونة يعرف أنه ساهم بصورة ما في انتقال درع الدوري إلى سانتياغو بيرنابيو. فرغم المستوى الرائع لثلاثي الخط الأمامي الذي يضم النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والأورغواني لويس سواريز والبرازيلي نيمار، والذين سجلوا عددا قياسيا من الأهداف وصل إلى 116 هدفا، لكن الفريق كان دائما يقدم مستويات متذبذبة وغير ثابتة. فقد فاز برشلونة على ريـال مدريد وأتليتكو مدريد وأتليتك بيلباو وإشبيلية، لكنه خسر أمام ألافيس وسيلتا فيغو وديبورتيفو لاكورونيا ومالقة. وحتى عندما كان برشلونة يحقق الفوز كان هناك شعور بأن الفريق ليس على ما يرام وأنه يعتمد بصورة كلية على نجمه ليونيل ميسي. وفي بعض الأوقات، لم يكن خط وسط الفريق على المستوى المطلوب. وعندما حقق برشلونة التعادل أمام ريـال سوسيداد في نوفمبر (تشرين الثاني) ، كان لاعبو الفريق سعداء بالحصول على نقطة التعادل، وهو ما يعكس المستوى الذي كان عليه الفريق خلال الموسم الماضي، والذي ظهر أيضا في دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان ويوفنتوس. وكان بيكيه محقا عندما قال: «سيكون من الصعب الفوز ببطولة الدوري المحلي بهذا الشكل».
وخلف برشلونة، بدا إشبيلية للحظات وكأنه قادر على المنافسة على لقب الدوري الإسباني الممتاز، خاصة بعدما أصبح أول فريق يفوز على ريـال مدريد، لكنه ودع دوري أبطال أوروبا بعد الهزيمة أمام ليستر سيتي الإنجليزي. وبالنسبة لأتليتكو مدريد، فعندما تعثر أمام ليغانيس في الأسبوع الثاني من المسابقة وتعادل للمباراة الثانية على التوالي، قال نجم الفريق أنطونيو غريزمان إن فريقه «سيعمل على الهروب من منطقة الهبوط». كان غريزمان مخطئا بالطبع، فقد تجاوز أتلتيكو مدريد إشبيلية في ترتيب جدول الدوري الإسباني، لكنه لم ينافس على اللقب. لكن أتلتيكو مدريد نافس بقوة في دوري أبطال أوروبا وودع المسابقة بعد الهزيمة أمام ريـال مدريد للعام الرابع على التوالي.
وودع أتلتيكو مدريد ملعب «فيسنتي كالديرون» وسوف يلعب بداية من الموسم القادم على ملعبه الجديد، وسيشارك في النسخة المقبلة من دوري أبطال أوروبا مع إشبيلية، في حين ستشارك ثلاثة أندية أخرى في الدوري الأوروبي. وتولى فران إسكريبا تدريب نادي فياريـال وسوف يستعد للعب في بطولة الدوري الأوروبي، إلى جانب أتليتك بلباو، وريـال سوسيداد، الذي أصبح أحد أفضل الفرق التي تلعب كرة قدم هجومية ممتعة تحت قيادة مديره الفني أوزيبيو ساكريستان.
وخسر ألافيس المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا أمام برشلونة، وهو ما منح أتليتك بلباو بطاقة التأهل للمشاركة في الدوري الأوروبي. وكانت هذه هي المباراة النهائية الثانية في تاريخ نادي ألافيس، أما المباراة النهائية الأولى فكانت أمام ليفربول قبل 16 عاما. ولم يتمكن إيبار أيضا من التأهل، رغم أنه حقق ما يشبه الإعجاز الكروي عندما نافس بالفعل على التأهل للبطولات الأوروبية. وقال مهاجم الفريق سيرجي إنريتش: «لا يتحدث أحد عنا»، لكن في الحقيقة، يجب أن يتحدث الجميع عن هذا النادي والتطور الرائع في مستواه.
وحقق إسبانيول نتائج جيدة لفترة وجيزة، وعند مرحلة ما اعتقد لاس بالماس أنه يمكنه القيام بنفس الشيء، لكنه انهار بعد ذلك، نتيجة انهيار العلاقة بين المدير الفني ومجلس الإدارة، الأمر الذي ألقى بظلاله على نتائج وأداء الفريق. ووصل لاس بالماس إلى القمة في الأسبوع الثالث وكان يقدم أفضل أداء في المسابقة بأكملها، لكنه لم يحقق الفوز في النصف الثاني من الموسم سوى في ثلاث مباريات فقط. وقال المدير الفني للاس بالماس، كويكي سيتين: «من الصعب تصديق أن هذا هو الفريق الذي كان يلعب بصورة رائعة من قبل».
وفي مؤخرة الترتيب، وصل ريـال بيتيس إلى حافة الهاوية، كما انهار مالقة وكان في طريقه للهبوط قبل أن يأتي المدير الفني ميشيل وينقذه، وكان ديبورتيفو لاكورونيا على حافة الهبوط أيضا، لكن مديره الفني بيبي ميل أنقذه أيضا وقاده للفوز على برشلونة. ولفترة من الوقت، كان فالنسيا يخشى أيضا من الهبوط، في حين عانى ليغانيس حتى الأسبوع قبل الأخير من المسابقة. وغير غرناطة وأوساسونا وسبورتينغ ثمانية مديرين فنيين فيما بينهم، لكن ذلك لم يغير من الأمر شيئا وهبطت الفرق الثلاثة إلى دوري الدرجة الأولى.
ولم تكن الأندية الهابطة وحدها هي التي غيرت المديرين الفنيين، حيث شهدت أعياد الميلاد إقالة ثلاثة مديرين فنيين مرة واحدة. ولم تكن هذه الأندية هي الأسوأ من حيث تغير المدربين، حيث تعاقد فالنسيا، على سبيل المثال، مع باكو أيستاران ثم فورو ثم سيزار برانديلي قبل أن يعود مرة أخرى إلى فورو – الذي كان بمثابة الحل المؤقت الذي لجأ إليه النادي للمرة الخامسة لكنه حقق أفضل نتائج في تاريخ النادي وكان أفضل من جميع المديرين الفنيين الفعليين. وأنقذ فورو النادي مرتين وليس مرة واحدة، لكنه أقيل من منصبه مرة أخرى.
وكان أول مدير فني يأتي فورو خليفة له هو أيستاران، الذي أقيل من منصبه سريعا لدرجة أننا لم نشعر بوجوده. وبعد ذلك أقال نادي غرناطة مديره الفني باكو خيميز بعد مرور سبعة أسابيع فقط من عمر المسابقة واستعان بخدمات لوكاس ألكاراز، الذي يوجد بالنادي بوابة تحمل اسمه تقديرا لما قدمه للفريق، لكنه أقيل من منصبه بعد ذلك أيضا. وينطبق نفس الأمر على أبيلاردو فرنانديز الذي رحل عن تدريب سبورتينغ خيخون. واعتقد إنريكي مارتن مونريـال أنه قد يستمر لنهاية الموسم مع نادي أوساسونا لكنه أقيل من منصبه وحل محله خواكين كاباروس الذي لم يتمكن من تحقيق الفوز في أي مباراة. وبالتالي، غير أوساسونا - مثل غرناطة - ثلاثة مديرين فنيين لكنه لم يتمكن من الهروب من الهبوط.
واستعان غرناطة بخدمات توني أدامز لقيادة الفريق قبل نهاية المسابقة بسبعة أسابيع. وتعهد أدامز بـ«ركل» اللاعبين من أجل تحقيق الفوز، رغم أنه يدرك جيدا أنه كان في مهمة شبه مستحيلة، وبالفعل فشل في الهروب بالفريق من الهبوط. وقال المدير الفني لنادي سبورتينغ خيخون، أبيلاردو، في سبتمبر (أيلول): «نحن نلعب بطريقة رائعة والناس يستمتعون بذلك»، لكن النادي لم يستمر في تقديم تلك الكرة الجميلة، كما لم يستمر أبيلاردو نفسه مع النادي. وتذيلت الفرق الثلاثة الهابطة جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز على مدار 23 أسبوعا متتاليا حتى نهاية المسابقة، ولم يصل أي منهم إلى اليوم الأخير من المسابقة ولديه أمل في البقاء.
أما في المقدمة، فكان ريـال مدريد يمر بحالة مختلفة تماما حيث انطلق لاعبو الفريق إلى غرفة الصحافيين للاحتفال بالحصول على درع الدوري ثم عادوا للاحتفال على أرض الملعب. وقال أدامز: «أعتقد أن الدوري الإسباني هو أفضل دوري في العالم، لكن لا تخبر الإنجليز بذلك».
ريـال مدريد يحقق إنجازاً تاريخياً... وبرشلونة يكتفي بكأس الملك... وإقالة المدربين بالجملة
نظرة شاملة على الدوري الإسباني الممتاز في الموسم الماضي
ريـال مدريد يحقق إنجازاً تاريخياً... وبرشلونة يكتفي بكأس الملك... وإقالة المدربين بالجملة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة