تركيا تصعد حملتها ضد أنصار محتملين لغولن

محاولة الانقلاب لا تزال تلقي بظلالها على علاقات تركيا مع الغرب

إردوغان يضع إكليل زهور على قبر أحد ضحايا الانقلاب الفاشل في اسطنبول أمس (أ.ب)
إردوغان يضع إكليل زهور على قبر أحد ضحايا الانقلاب الفاشل في اسطنبول أمس (أ.ب)
TT

تركيا تصعد حملتها ضد أنصار محتملين لغولن

إردوغان يضع إكليل زهور على قبر أحد ضحايا الانقلاب الفاشل في اسطنبول أمس (أ.ب)
إردوغان يضع إكليل زهور على قبر أحد ضحايا الانقلاب الفاشل في اسطنبول أمس (أ.ب)

صعدت السلطات التركية من حملتها ضد المشتبه بانتمائهم إلى حركة الخدمة التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016، تزامنا مع بدء فعاليات إحياء ذكرى الانقلاب الفاشل أمس الثلاثاء. وأمرت السلطات القضائية التركية باعتقال 105 من العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات تعتقد أنهم على صلة بمحاولة الانقلاب.
وألقت قوات الأمن على 52 من بين المطلوبين الذين صدرت بحقهم مذكرات الاعتقال في ثماني محافظات، ومن بينهم موظفون سابقون في هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية وهيئة الاتصالات لاتهامهم باستخدام تطبيق «بايلوك» للرسائل الفورية المشفرة الذي تعتقد السلطات أن أتباع غولن استخدموه للتواصل بينهم قبل وأثناء محاولة الانقلاب. وكانت السلطات التركية أصدرت أول من أمس مذكرات اعتقال بحق 43 من العاملين برئاسة مجلس الوزراء، 6 منهم بالخدمة، والباقون أقيلوا من مناصبهم عقب محاولة الانقلاب العام الماضي، إلى جانب 72 من العاملين في جامعتي بوغازيتشي وإسطنبول للحضارة من بينهم مستشار سابق لزعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، الذي قاد تجمعا شعبيا حاشدا احتجاجا على الحملة الأمنية المستمرة منذ العام الماضي في إطار حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس رجب طيب إردوغان في 20 يوليو (تموز) العام الماضي.
واعتقلت السلطات في تركيا أكثر من 50 ألف شخص، وأقالت أو أوقفت 150 ألفا آخرين عن العمل في الجيش والشرطة، إلى جانب مدرسين وقضاة وصحافيين في «حملة تطهير» بموجب حالة الطوارئ التي فرضتها والتي لا تزال سارية حتى الآن.
في سياق متصل، أصدر كليتشدار أوغلو تعليمات لجميع تنظيمات حزب الشعب الجمهوري وتشكيلاته في المحافظات والمدن والأحياء والقرى بالمشاركة في فعاليات إحياء الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي انطلقت أمس الثلاثاء في أنحاء تركيا.
وطالب كليتشدار أوغلو، خلال اجتماع الليلة قبل الماضية مع رؤساء فروع الحزب في جميع المحافظات الإحدى والثمانين، بتلبية أي دعوات من المحافظين والولاة لحضور هذه الفعاليات ووضع أكاليل الزهور على قبور ضحايا المحاولة الانقلابية وزيارة المصابين وعائلات الضحايا.
وأكد كليتشدار أوغلو ضرورة المشاركة في هذه الفعاليات لتفويت الفرصة على حزب العدالة والتنمية الحاكم لإساءة استغلال الحدث واتهام حزبه بأنه يدعم الانقلابيين.
في سياق مواز، جددت السلطات التركية أمس حبس 8 من ناشطي حقوق الإنسان الأتراك البارزين واثنين من المستشارين الأجانب، بينهم مديرة فرع منظمة العفو الدولية في تركيا.
وتم القبض على هؤلاء الناشطين الأسبوع الماضي عندما داهمت الشرطة فندقا في إحدى الجزر جنوب إسطنبول كانوا يعقدون به مؤتمرا حول «الدفاع عن نشطاء حقوق الإنسان وقت الأزمات».
ومن بين هؤلاء الذين تم احتجازهم مستشاران أجنبيان، أحدهما سويدي والآخر ألماني، ومديرة الفرع التركي لمنظمة العفو الدولية إديل إيسر. وقامت الشرطة بتفتيش منزل إيسر أول من أمس، وصادرت جهاز كومبيوتر.
وقالت مصادر قضائية إن التحقيق يبحث فيما إذا كان نشطاء حقوق الإنسان الذين تم احتجازهم ينتمون إلى «منظمة إرهابية مسلحة» بعد أن قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في تصريح على هامش قمة مجموعة العشرين في ألمانيا الأسبوع الماضي، إن من تم احتجازهم اجتمعوا من أجل متابعة الانقلاب الذي فشل العام الماضي، وأن القضاء في تركيا يعمل باستقلالية وسوف يحسم قضيتهم. وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت تركيا تتوقع دعما ثابتا من الغرب، لكن ما حدث هو العكس إذ إن حملات التطهير جعلت العلاقات بين الطرفين أسوأ. وعلى خلفية العلاقات المتردية مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، رأت بعض وسائل الإعلام التركية المؤيدة للحكومة يدا للولايات المتحدة في محاولة الانقلاب. لكن سرورها بانتخاب دونالد ترمب سرعان ما تبدد عندما اعتمد سياسة سلفه في سوريا.
ولم يلق طلب أنقرة من واشنطن تسليمها الداعية المقيم في المنفى الاختياري فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل، صدى كما حصل مع الإدارة السابقة.
وقال مارك بياريني من المركز الفكري «كارنيغي أوروبا» إن «تركيا تعيش نوعا من العزلة منذ محاولة الانقلاب لأن شركاءها في حلف شمال الأطلسي فوجئوا بالأمر ولأن عمليات التطهير التي تلتها تجاوزت كل ما كان يمكن توقعه بشكل كبير». لكن الانتكاسة الدبلوماسية الكبرى التي منيت بها تركيا في الأشهر الأخيرة تحولت إلى تدهور غير مسبوق في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي تتفاوض من أجل الانضمام إليه منذ عام 2005.
وقال أوزغور أونولهيساريكلي مدير مركز «جيرمان مارشال فاند» في تركيا ومقره واشنطن، في تصريحات للوكالة الألمانية، إن «أنقرة كانت متفائلة جدا برئاسة ترمب لكن أيا من آمالها لم يتحقق ولو جزئيا».
في هذا الإطار، فضلت تركيا في الأشهر الأخيرة تقاربا مع روسيا بعد أزمة دبلوماسية خطيرة نجمت عن إسقاط الطيران التركي لقاذفة روسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقال مصدر سياسي أوروبي إن «السياسة الخارجية التركية تمر بامتحان صعب»، معتبرا أن «الأمور تسير بشكل أفضل مع روسيا لكن هذه العلاقة لا تقوم على أساس الثقة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».