خفض المساعدات يتصدر زيارة الشاهد لأميركا

TT

خفض المساعدات يتصدر زيارة الشاهد لأميركا

بدأ رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة تستمر أربعة أيام، ويتوقع أن يتصدر جدول أعمالها قرار واشنطن خفض المساعدات السنوية العسكرية والاقتصادية لبلاده.
ويرافق الشاهد في زيارته الأولى لأميركا، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي محمد الفاضل عبد الكافي الذي يتولى أيضاً وزارة المالية بالنيابة، وخمسة مستشارين بينهم المكلف مجلس التحاليل الاقتصادية ومتابعة الإصلاحات الكبرى. وستتطرق الزيارة إلى الملف الأمني ومدى تقدم تونس في مجال مكافحة الإرهاب، وأثر قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خفض المساعدات على مشاريع وزارة الدفاع.
ووفق مصادر مشاركة في الزيارة، يسعى رئيس الحكومة، خصوصاً في لقاءاته مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخزانة ستيفن منوشن، إلى تأكيد التزام تونس بالمسار الديمقراطي وإبراز الإصلاحات الاقتصادية والتحسن المسجل في إعادة تنشيط الاقتصاد والتسويق لحملة مكافحة الفساد.
وفي السياق ذاته، يتضمن برنامج الزيارة سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وكذلك مع ممثلين عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أبرزهم ديفيد ليبتون، المدير العام المساعد للصندوق.
وتوقع وزير الدولة السابق المكلف الشؤون الخارجية التهامي العبدولي ألا تتخلى الإدارة الأميركية عن «النموذج الوحيد الناجح في ثورات الربيع العربي». وقال في تصريحات إن «من المنتظر أن تفتح هذه الزيارة آفاقاً سياسية وأمنية جديدة مع إدارة ترمب التي ستطلع عن كثب على الملفات الأمنية والاقتصادية التونسية». ورجح «ألا تخذل الإدارة الأميركية عملية الانتقال الاقتصادي في تونس، المرتبط أساساً بمساعدات ضرورية لإنعاش الاقتصاد وخفض منسوب الضغط على الحكومة، عبر توفير مناخ ملائم للاستثمار أساسه القضاء على الإرهاب».
وعلى المستوى الاقتصادي، سيتطرق الوفد خلال الزيارة إلى التحضيرات المتعلقة بانعقاد الدورة الثانية للجنة الاقتصادية المشتركة التي يتوقع انتظامها تباعاً في الولايات المتحدة وتونس قبل نهاية السنة الحالية، مما سيمكن من فتح آفاق جديدة لترويج المنتجات التونسية في السوق الأميركية والمشاركة في أهم المعارض التجارية هناك.
وبحسب مقترح إدارة ترمب المعروض على الكونغرس الأميركي، سيتم منح تونس في موازنة عام 2018، مساعدة مالية تقدر بـ54.6 مليون دولار، وهو ما يمثل انخفاضاً بـ85.8 مليون دولار مقارنة بسنة 2017، مما يمكن اعتباره ضربة موجعة للحكومة التي تعلق آمالاً كبيرة على واشنطن في النهوض الاقتصادي بعد نجاحها في الانتقال السياسي.
وقال السفير الأميركي في تونس دانيال روبنشتاين على هامش الاحتفال باليوم الوطني لبلاده، إن «التغيير في مقاربة الميزانية لا يؤشر إلى أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه تونس ولا في المقاربة بخصوص شراكتنا المتينة مع تونس وقواتها المسلحة». وأكد أن «تونس تظل شريكاً موثوقاً به وأساسياً للولايات المتحدة». وأضاف أن الولايات المتحدة «تتطلع إلى مزيد من التعاون الأمني والعسكري مع تونس، وإلى تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير مناخ مناسب للاستثمار ودعم الديمقراطية» ودعا إلى عدم القفز إلى استنتاجات «قبل أن تتم الزيارة ونتعرف على نتائجها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.