بنغازي تحتفل بتحررها من الإرهاب

مواطنون ليبيون يحتفلون بتحرير بنغازي (أ.ف.ب)
مواطنون ليبيون يحتفلون بتحرير بنغازي (أ.ف.ب)
TT

بنغازي تحتفل بتحررها من الإرهاب

مواطنون ليبيون يحتفلون بتحرير بنغازي (أ.ف.ب)
مواطنون ليبيون يحتفلون بتحرير بنغازي (أ.ف.ب)

قال الشيخ سعيد المبروك (72 عاما) الذي أجبره المتشددون على الفرار من منزله قبل 3 سنوات في مدينة بنغازي التي استعادتها القوات الموالية للمشير خليفة حفتر: «آن لي أن أعود إلى بيتي. الآن حتى وإن مت، سأموت مرتاحا في بيتي وبين جيراني».
لكن الشيخ المبروك، أحد سكان حي الصابري، يؤكد أن «الثمن كان باهظا»، بعدما فقد أحد أبنائه الذي كان مقاتلا في قوات المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني الليبي».
وعلى غرار الشيخ سعيد المبروك، خرج الآلاف من السكان إلى الشوارع والميادين، ليل الثلاثاء - الأربعاء، للاحتفال «بالانتصار» على الجماعات المتشددة في بنغازي، ثانية مدن البلاد الغارقة في الفوضى منذ سنوات.
وسارت مئات السيارات في الشوارع التي ضجت بأصوات أبواقها، حتى كادت حركة السير تتوقف تماما، فيما كان المواطنون يهللون ويكبرون ويطلقون الألعاب النارية، عقب إعلان هذه المدينة الواقعة شرق ليبيا «خالية من الإرهاب».
ومساء أمس (الأربعاء)، أعلن المشير خليفة حفتر «التحرير الكامل» لمدينة بنغازي من المتشددين بعد أكثر من 3 سنوات من المعارك الدامية مع الجماعات المتطرفة؛ وبينها بالخصوص ما يعرف بـ«مجلس ثوار بنغازي» وهو تحالف لمجموعات متشددة بينها تنظيم داعش و«أنصار الشريعة».
وتمكنت قواته من القضاء على آخر المتشددين الذين كانوا محاصرين منذ أسابيع في آخر معاقلهم في حيي سوق الحوت والصابري في وسط المدينة.
وما زال الجيش يمنع سكان هذين الحيين من العودة إلى منازلهم، خشية وجود ألغام وعبوات متفجرة خلفها المتشددون.
لكن علياء حمد (46 عاما) قالت إنها تمكنت من العودة إلى منزلها في سوق الحوت تحت حماية الجنود. وأضافت: «لقد سلمنا الجيش كل مستنداتنا الرسمية وأشياءنا الثمينة».
وأعربت علياء حمد عن أملها في أن تخصص «المرحلة المقبلة لحل الأزمة السياسية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين» الذين يواجهون نقصا في السيولة وارتفاعا غير مسبوق للأسعار، بالإضافة إلى التسيب الأمني.
وبعد الثورة، سقطت المدينة في أيدي المتشددين وباتت مسرحا لمعارك شبه يومية بين القوات الموالية لحفتر والجماعات المتطرفة، أسفرت عن تدمير أحياء بأكملها.
وقال المشير حفتر، المرتبط بحكومة موازية في الشرق الليبي غير معترف بها دوليا وإنما منبثقة عن برلمان منتخب، إن «بنغازي تدخل ابتداء من اليوم عهدا جديدا من الأمن والسلام والتصالح والوئام والبناء والعمار».
ولا يعترف المشير حفتر بسلطة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة فايز السراج التي تحظى باعتراف دولي.
ولم تدل هذه الحكومة التي تواجه صعوبة في بسط نفوذها على بقية أنحاء البلاد حيث تنتشر فصائل مسلحة، بتعليق على «تحرير» بنغازي.
وقالت أمل القماطي (26 عاما): «آن لنا الآن أن نرتاح، عشنا خلال السنوات الثلاث الماضية أجواء الحرب والرعب، مللنا الحرب، ولا بد لنا أن نبني البلد الآن».
وفي أحد مقاهي متنزه «لونا بارك» الذي افتتح حديثا، قالت سوسن علي (20 عاما) التي ارتدت ملابس عصرية في البلد المحافظ نسبيا، وهي تضع سماعة الهاتف في أذنيها: «نشعر اليوم أكثر بالأمان. كنا نخاف الخروج دون غطاء الرأس».
وعلى مقربة من المتنزه، كانت عزيزة العقوري (62 عاما) تنظر إلى السماء باتجاه طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو تمر فوق المتنزه. وقالت هي أيضا إنها طردت من منزلها في حي الصابري. وأضافت: «سنعود أخيرا إلى أحيائنا المدمرة ونبنيها من جديد بعد القضاء على الذين عاثوا في ليبيا فسادا».
ورحب السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت بـ«تحرير بنغازي». وقال في تغريدة على «تويتر»: «لا مكان للإرهاب في ليبيا. فلنأمل في أن يجلب ذلك السلام والأمن والازدهار للناس في بنغازي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.