القوات العراقية تبطئ تقدمها في الموصل

نازحون يفرون من المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ب)
نازحون يفرون من المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ب)
TT

القوات العراقية تبطئ تقدمها في الموصل

نازحون يفرون من المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ب)
نازحون يفرون من المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ب)

رغم اقترابها من حسم معارك تحرير الموصل، فإن حركة القطعات العسكرية العراقية في المدينة القديمة أصيبت، أمس، بالبطء مجدداً بسبب اشتداد المعارك مع من تبقوا من مسلحي تنظيم داعش المحاصرين فيها ولجوء التنظيم إلى استخدام النساء والأطفال في تنفيذ هجمات انتحارية.
وذكرت قيادة قوات الشرطة الاتحادية، أمس، أن قطعاتها تندفع من 3 محاور باتجاه منطقة النجفي، آخر معاقل «داعش» في المدينة القديمة. وقال الفريق رائد شاكر جودت في بيان، أمس، إن قواته تخوض «معارك شرسة» ضد مسلحي «داعش» في المحور الجنوبي من الموصل القديمة، «وتواصل مطاردة مسلحي التنظيم الهاربين وقتلهم، مستفيدة من انكسارهم بعد تكبدهم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات».
وكشف العقيد عبد الرحمن الخزعلي، مسؤول الإعلام في الشرطة الاتحادية، عن سيطرة قواته على معمل لصناعة العبوات والأحزمة الناسفة تابع لمسلحي «داعش» في منطقة المنصورية بالمدينة القديمة. وقال: «كان المعمل يحتوي على 120 قنبلة مصنوعة محلياً، و50 شريط عتاد من أشرطة رشاشات (بي كي سي)، و50 علبة عتاد لبنادق كلاشنيكوف، و25 حزاماً ناسفاً، و30 قذيفة (هاون)، وقواعد لإطلاق الصواريخ».
وتراجع مسلحو «داعش» إلى مستطيل ضيق على ضفة نهر دجلة التي تسعى القوات العراقية إلى استعادتها خلال أيام بعد القضاء على المسلحين الذين يشكل الأجانب غالبيتهم.
ومع اشتداد المعارك بين الجانبين، لجأ مسلحو «داعش» إلى استخدام نساء التنظيم وأطفاله في تنفيذ العمليات الانتحارية ضد المدنيين الهاربين من المناطق الخاضعة لسيطرتهم وضد القوات المهاجمة، بعدما حالت أزقة المدينة القديمة الضيقة دون استخدام التنظيم العجلات المفخخة التي كان يعتمد عليها بشكل مكثف في معاركه السابقة.
وأوضح مسؤول إعلام «مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني» في الموصل غياث سورجي لـ«الشرق الأوسط» أن ما تبقى أمام القوات «300 متر مربع فقط للوصول إلى نهر دجلة، وحصر التنظيم في آخر مثلث من المدينة القديمة، لكن القوات أبطأت تقدمها بسبب المقاومة الشرسة التي يُبديها مسلحو التنظيم في المنطقة».
وكشف أن الأيام الماضية «شهدت أكثر من 8 هجمات انتحارية، نفذت نساء التنظيم 5 منها، بينما نفذ أطفال 3 هجمات ضد القوات والمدنيين الهاربين من التنظيم». ولفت إلى أن «التنظيم يستغل عدم وجود تفتيش للنساء من قبل القوات الأمنية في تنفيذ هذه الهجمات»، مبيناً أن «هذه الهجمات استهدفت قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية».
وبحسب القادة العسكريين العراقيين، ما زال هناك أكثر من 50 ألف مدني محاصرين في المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» في الموصل القديمة، يؤلف سكان المنطقة جزءاً منهم، بينما يؤلف مدنيون آخرون جلبهم التنظيم من مناطق الموصل الأخرى ليكونوا دروعا بشرية له، جزءاً آخر. ويعيش المدنيون في المدينة القديمة أوضاعاً صعبة في ظل القصف والنقص الحاد في الغذاء والدواء.
وحذر مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» سعيد مموزيني، من المرحلة المقبلة في الموصل، التي يصفها بـ«الصعبة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «خلايا (داعش) النائمة بدأت تتحرك داخل المناطق المحررة من الموصل لتنفيذ خطة توسيع العمليات الإرهابية والتخريبية عقب تحرير المدينة بالكامل». وأضاف أن «الموصل ستواجه مشكلات كبيرة مستقبلاً بسبب عدم وجود اتفاق سياسي لإدارة المحافظة بعد القضاء على التنظيم، ووجود خلايا نائمة لـ(داعش) بين المدنيين، إضافة إلى نسبة الدمار الذي لحق بها بسبب سيطرة التنظيم عليها لأكثر من 3 أعوام، والحرب التي تشهدها منذ أكثر من 8 أشهر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.