رئيس الحكومة المغربية يدعو سكان الحسيمة لتوفير الهدوء لإطلاق البرامج التنموية

انتقد تصريحات قيادات حزبية «خونت» نشطاء حراك الريف

TT

رئيس الحكومة المغربية يدعو سكان الحسيمة لتوفير الهدوء لإطلاق البرامج التنموية

وجه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، نداء إلى سكان مدينة الحسيمة وضواحيها يدعوهم فيها لتوقيف الاحتجاجات، التي استمرت زهاء ثمانية أشهر، من أجل توفير «الفضاء الإيجابي» و«الهدوء» الضروريين لإيجاد الحلول لمطالبهم، وتوفير الجو الملائم لانطلاق الأوراش التنموية وجلب الاستثمارات.
ووعد العثماني، خلال لقاء صحافي، بث الليلة قبل الماضية بالتزامن على القناتين التلفزيونيتين المغربيتين الأولى والثانية، بتحويل مدينة الحسيمة إلى ورش أشغال مفتوحة خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن وكالة تنمية الأقاليم (المحافظات) الشمالية أطلقت خلال الأيام الأخيرة طلبات عروض لإنجاز أزيد من 200 مشروع في مجالات الصحة والتعليم والسكن والبيئة والبنيات الأساسية, وقال العثماني، موجها كلامه لسكان الحسيمة، «إن الحكومة أخذت الموضوع بالجدية اللازمة، وإن جميع مطالب السكان، ذات الطابع التنموي والاقتصادي والاجتماعي، مطروحة الآن على الطاولة، كما أن هناك تسريع في المشاريع التي بدأت». وزاد قائلا: «سنحول الحسيمة إلى ورش للإنجازات وسنحرص على مراقبة الإنجاز على الأرض».
وأضاف العثماني أن هذا التوجه الحكومي لا يخص الحسيمة لوحدها، مشيرا إلى أن الحكومة وضعت خريطة لمجموعة من المناطق التي ستهتم بها وتركز عليها.
وحول ما عرفته بعض المشاريع التنموية من تأخير أو توقف في منطقة الحسيمة، قال العثماني إن هذه الظاهرة ليست خاصة بالحسيمة فقط، مشيرا إلى أنها تهم الكثير من مناطق المغرب. ورد العثماني سبب ذلك إلى ضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية المتدخلة. وقال إنه وضع آلية جديدة لتنسيق العمل الحكومي وتحقيق التقائية السياسات الحكومة تحت رئاسته مباشرة.
وأشار العثماني إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس وجه خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب تأخر إنجاز المشاريع التنموية وتحديد المسؤوليات.
وأشار العثماني إلى أن المقاربة التي اعتمدتها الحكومة لمعالجة أزمة الحسيمة هي مقاربة سياسية وتنموية في آن، مشيرا إلى تشجيعها لكل مبادرات الحوار السياسي، بالموازاة مع إطلاق المشاريع التنموية التي تستجيب لمطالب السكان.
وحول اتهام أحزاب الغالبية الحكومية لنشطاء «حراك الريف» بالخيانة والانفصال والعمالة لفائدة أطراف أجنبية، منتصف مايو (أيار) الماضي عقب اجتماع لقياداتها مع وزير الداخلية، قال العثماني إن هذه التصريحات «ما كان يجب أن تكون». وأوضح العثماني أن هذه التصريحات صدرت عن بعض قيادات أحزاب الغالبية، مشيرا إلى أن البيان الرسمي الصادر عن اجتماع أحزاب الغالبية لم يتضمن هذه الاتهامات. وأضاف العثماني أن القادة الحزبيين الذين أدلوا بهذا التصريحات «سكتوا عنها» لاحقا، مشيرا إلى أنه «لا يجب العودة لمثل هذه التصريحات».
ونوه العثماني بكون الاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة كانت سلمية على مدى سبعة أشهر، مشيدا بسلوك رجال الأمن «الذين تحلوا بدرجة عالية من الوطنية وضبط النفس» رغم الظروف الصعبة التي عاشوها خلال هذه الفترة. وأضاف العثماني أن هذه الفترة لم تخل من بعض الأحداث والصدامات، مشيرا إلى أن عنصرين من رجال الأمن لا يزالان في غيبوبة مند شهرين بسبب إصابتهما في هذه الأحداث.
وأشار العثماني إلى أن الحكومة ستحقق في أي ادعاء بالتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة خلال هذه الأحداث تنفيذا للتوجيهات الصارمة للعاهل المغربي في هذا الصدد، كما أشار إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سينجز تقريرا شاملا وصريحا حول الموضوع.
وبالنسبة للمعتقلين، أشار العثماني إلى أن أمرهم ليس بيد الحكومة. وقال: «نحن لا دخل لنا في عمل الجهاز القضائي»، مشيرا إلى أن القضاء في المغرب دخل مرحلة الاستقلالية التامة مع إنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية. غير أنه لمح إلى إمكانية إيجاد حلول، إذا ما توفرت الظروف الإيجابية، والتي يمكن للحكومة أن تساهم فيها. وأضاف العثماني أنه يثق في القضاء المغربي الذي سيسلط الضوء على هذه الأحداث وسينصف الأبرياء ويعاقب الجناة.
وتحدث العثماني عن الكثير من القضايا الأخرى ضمنها إصلاح العليم ودعم التشغيل ومكافحة الفساد.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الأسابيع الأخيرة عرفت الكثير من قضايا الفساد، والتي كشفت بفضل مساعدة الموطنين وتبليغاتهم. ونوه العثماني بالاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، التي قال إنها أخذت زهاء ثلاث سنوات في إعدادها بمشاركة كل الفاعلين من هيئات حكومية ونشطاء المجتمع المدني وبرلمانيين وخبراء وأطراف أخرى.
وأعلن العثماني أنه أصدر قانون «اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد»، والتي قال إنها ستعقد اجتماعها في الأسابيع المقبلة لتبدأ عملها على أساس برنامج دقيق. وشدد العثماني على أهمية دور المواطنين في التبليغ عن الفساد وكذلك أهمية التحقيقات الصحافية، والتي أصبحت النيابة العامة تحرك المتابعات على أساسها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.