مؤشرات على انتهاء «شهر العسل» بين واشنطن وبكين

ترمب يعلن «نفاد الصبر» حيال بيونغ يانغ... وأمريكا تخطط لبيع أسلحة لتايوان وفرض عقوبات على بنك صيني

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جي ان في حديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جي ان في حديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

مؤشرات على انتهاء «شهر العسل» بين واشنطن وبكين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جي ان في حديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جي ان في حديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)

بدأت تظهر مؤشرات على انتهاء «شهر العسل» بين واشنطن وبكين مع توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقادات شديدة اللهجة للصين التي اتهمها بأنها لا تفعل ما يكفي لدفع كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي، ومع فرض عقوبات أميركية على بنك صيني اتهم بالتعامل مع كوريا الشمالية وتبييض أموال لصالحها. ومما زاد الطين بلة، تخطط الولايات المتحدة لبيع أسلحة لتايوان بقيمة 1.42 مليار دولار ضمن أول صفقة من نوعها في ظل إدارة ترمب وفي خطوة من المؤكد أن تغضب الصين.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الجمعة)، «نفاد صبر» بلاده حيال كوريا الشمالية بسبب مشروعها النووي، وذلك أثناء استقباله الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية مون جاي - إن في إطار محادثات في البيت الأبيض.
وفيما يعتبر الرئيس الكوري الجنوبي أن الحوار مع كوريا الشمالية أفضل الطرق لكبح برنامجيها النووي والباليستي، أوضح ترمب أنه ليس في أجواء مواصلة الدبلوماسية مع نظام اتهمه بعدم احترام الحياة البشرية.
ومع إعلان الرئيس الكوري الجنوبي أن ترمب قبل دعوته لزيارة سيول «هذا العام»، لم يحدد الرئيسان إطار أي استراتيجية مشتركة للتصدي لتهديد القيادة الكورية الشمالية.
وقال ترمب بعد اللقاء: «معاً نواجه خطر النظام الخطير والعنيف في كوريا الشمالية. ويستدعي البرنامجان النووي والباليستي لهذا النظام رداً حازماً»، وأضاف أن «الديكتاتورية الكورية الشمالية لا تعلق أي أهمية على أمن شعبها وجيرانها ولا تكن أي احترام للحياة البشرية».
وتبدي الإدارة الأميركية تبرماً متزايداً إزاء النظام الكوري الشمالي الذي نفذ سلسلة تجارب صاروخية في الأشهر الأخيرة، كما ساد الغضب الولايات المتحدة بعد إفراج بيونغ يانغ عن الطالب الأميركي أوتو وارمبير الذي أوقف أثناء رحلة سياحية قبل 18 شهراً، وأعادته إلى بلاده في غيبوبة سرعان ما توفي إثرها.
وصرح ترمب في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الكوري الجنوبي في البيت الأبيض: «انتهت فترة الصبر الاستراتيجي مع النظام الكوري الشمالي. بكل صراحة، لقد نفد الصبر».
وإذ تجنب انتقاد مقاربة ضيفه، أوضح ترمب أنه لا يرغب في التحاور مع كوريا الشمالية، معتبراً العقوبات أفضل طريقة للمضي قدماً، وتابع أن «الولايات المتحدة تدعو القوى الإقليمية الأخرى وجميع الدول المسؤولة للانضمام إلينا في تطبيق عقوبات ومطالبة النظام الكوري الشمالي باختيار مسار أفضل وبسرعة لمستقبل أفضل لشعبه الذي يعاني منذ فترة طويلة».
وتنشر واشنطن التي تضمن أمن كوريا الجنوبية، أكثر من 28 ألف جندي في البلاد للتصدي لخطر جارتها الشيوعية في الشمال التي تكثف تجاربها الصاروخية، وأنجزت 5 تجارب منذ تنصيب مون في 10 مايو (أيار).
وأكد مون ألا خلاف بين حكومته وإدارة ترمب على طبيعة التهديد الكوري الشمالي، وقال إن «أخطر التحديات أمام أمتينا هو التهديد النووي والصاروخي الكوري الشمالي»، مضيفاً: «قررنا والرئيس ترمب وضع معالجة هذه المسألة في أعلى سلم أولوياتنا والتنسيق الوثيق في السياسات ذات الصلة».
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، قالت للصحافيين، إن الإدارة أبلغت الكونغرس أول من أمس (الخميس) بشأن 7 صفقات مقترحة. وأضافت، في تصريحات أوردتها وكالة «رويترز»: «أخطرت الإدارة الكونغرس رسمياً بسبع صفقات دفاعية مقترحة لتايوان. تقدر الآن بنحو 1.42 مليار دولار».
وقالت الخارجية الأميركية إن الصفقات تتضمن دعماً فنياً فيما يتعلق برادارات الإنذار المبكر والصواريخ المضادة للإشعاع فائقة السرعة والطرابيد ومكونات الصواريخ. وقالت نويرت إن الصفقات تظهر «دعم (الولايات المتحدة) لقدرة تايوان للحفاظ على إمكانيات دفاع ذاتي كافية»، لكن ليس هناك أي تغير في سياسة «الصين الواحدة» التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وستكون الصفقات، التي تتطلب موافقة الكونغرس، هي الأولى لتايوان في ظل إدارة ترمب والأولى منذ مبيعات بقيمة 1.83 مليار دولار أعلنها الرئيس السابق باراك أوباما في ديسمبر (كانون الأول) 2015 وأثارت استياء الصين. وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن الأسلحة ستعزز قدراتها القتالية الجوية والبحرية وأنظمة الإنذار المبكر الدفاعية.
بكين أدانت الجمعة الموافقة على بيع أسلحة أميركية إلى تايوان، وطلبت من واشنطن وقف أي صفقة أسلحة مع الجزيرة التي تعتبرها جزءاً منها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ للصحافيين إن الصين أرسلت احتجاجاً رسمياً إلى واشنطن وحثت الحكومة الأميركية على «احترام التزامها المعلن بمبدأ الصين الواحدة». وقال المتحدث إن تايوان «جزء لا يتجزأ من أراضي الصين ونحن نعارض بشدة صفقة الأسلحة هذه إلى تايوان». واحتجت سفارة الصين في واشنطن على الصفقة ووصفتها بأنها «خطوة خاطئة» من شأنها إلحاق الضرر بالعلاقات بين البلدين. وقالت السفارة، في تصريحات أوردتها الوكالة الفرنسية، إن «الخطوة الخاطئة التي قام بها الجانب الأميركي مخالفة للتفاهم الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين في مارالاغو والزخم الإيجابي الذي شهدته العلاقات الصينية - الأميركية». وأضافت أن من شأنها «إلحاق الضرر بالثقة المتبادلة والتعاون بين الصين والولايات المتحدة الأميركية».
وكان قد التقى الرئيسان الصيني شي جينبينغ والأميركي دونالد ترمب في منتجع ترمب في فلوريدا في أبريل (نيسان)، وبدا أن العلاقات بين البلدين تحسنت بعدها، إذ وصف ترمب العلاقات مع شي بأنها «متميزة».
كما انتقدت الصين أمس (الجمعة) قرار وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على «بنك أو دان دونغ» الصيني بناء على تعاملات مزعومة مع كوريا الشمالية. وأعلنت الولايات المتحدة العقوبات أول من أمس (الخميس)، وذلك «للضغط بأقصى صورة ممكنة» على كوريا الشمالية بشأن برامج تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والأسلحة النووية. وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن مونشن، أمس، إن البنك الصيني عمل كقناة للنشاط المالي غير الشرعي لكوريا الشمالية، وأضاف أن المحققين في إدارته يعتبرون البنك «مصرفاً أجنبياً يمارس غسل الأموال بشكل رئيسي».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لو كانغ، في إيجاز صحافي في بكين، إن الصين تعارض فرض عقوبات خارج إطار عمل مجلس الأمن الدولي، لا سيما عندما تقرر دول أخرى فرض عقوبات على منظمات وأفراد صينيين. وأضاف، كما تناقلت تصريحاته الوكالة الألمانية، أن الصين ستتعامل مع أي شركة أو مواطن صيني انتهك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بكوريا الشمالية و«تحث بشدة» الولايات المتحدة الأميركية بتصحيح «قرارها الخاطئ». وتابع: «نحن جادون بشأن تعهدنا والتزامنا تجاه القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية ويلاحظ الجمهور العام جهودنا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».