أنقرة تمهد لـ«سيف الفرات» شمال سوريا... ومبعوث أميركي يطلب طمأنة الأكراد

أنقرة تمهد لـ«سيف الفرات» شمال سوريا... ومبعوث أميركي يطلب طمأنة الأكراد
TT

أنقرة تمهد لـ«سيف الفرات» شمال سوريا... ومبعوث أميركي يطلب طمأنة الأكراد

أنقرة تمهد لـ«سيف الفرات» شمال سوريا... ومبعوث أميركي يطلب طمأنة الأكراد

وسط استمرار التوتر في عفرين بين القوات التركية و«وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من واشنطن، أجرى المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي لقتال «داعش» بريت ماكغورك محادثات مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع التركيتين، أمس، وسط أنباء عن سعي أنقرة لإطلاق عملية «سيف الفرات» في ريف حلب بما يؤدي إلى تطويق عفرين التي يسيطر عليها الأكراد. وتزامنت زيارة ماكغورك مع اتصال هاتفي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان تطرقا في جانب منه إلى التطورات الراهنة في سوريا والحرب على «داعش»، والتسليح الأميركي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، التي تضم «وحدات حماية الشعب» الكردية، ما يثير غضب أنقرة.
وأعقب هذا اتصال آخر أجراه إردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما صرح به المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم ماهر أونال، حيث جرى الاتصالان أثناء ترؤس إردوغان اجتماع اللجنة المركزية للحزب.
وبحسب مصادر تركية، التقى ماكغورك مساعد وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط سادات أونال، الذي يتولى أيضاً رئاسة الوفد التركي في اجتماعات آستانة والمفاوضات المتعلقة بالملف السوري ثم التقى مسؤولين في وزارة الدفاع. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات ماكغورك تناولت سير عملية تحرير الرقة التي يعتمد فيها التحالف الدولي على «سوريا الديمقراطية»، والتوتر الراهن بين تركيا و«الوحدات الكردية»، لا سيما في عفرين وأعزاز.
وبحسب المصادر، أعاد ماكغورك التأكيدات الأميركية الخاصة بعدم السماح بتضرُّر أمن تركيا من جانب «الوحدات» الكردية المتحالفة مع بلاده، وعدم السماح باستخدام الأسلحة التي تمدهم بها واشنطن ضد تركيا. وحذر في الوقت نفسه من استمرار التصعيد التركي في عفرين والمناطق المجاورة، لكن الجانب التركي أكد أنه لن يسمح بما يمس أمن تركيا، وأنه يتم الرد الفوري على أي اعتداء في إطار قواعد الاشتباكات، كما أن أنقرة قد تلجأ إلى خيار العمل العسكري الموسع إذا استشعرت زيادة في المخاطر على أمنها من مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا. وجاءت زيارة ماكغورك لأنقرة غداة زيارته الأربعاء والخميس لمناطق سيطرة الأكراد ولقائه المجلس المحلي المدني للرقة، حيث رافقه نائب قائد قوات التحالف الدولي الجنرال روبرت جونز وقياديون عسكريون من التحالف الدولي ومن تحالف «قوات سوريا الديمقراطية».
وقالت تقارير كردية إن ماكغورك نقل ما سمته «تطمينات أميركية» حيال التحركات التركية الأخيرة على الحدود السورية بمواجهة مناطق سيطرة الأكراد، وأنه أكد أثناء لقائه أعضاء المجلس المحلي للرقة أن «تنفيذ تركيا أي هجوم على عفرين أو أي منطقة أخرى في شمال سوريا، سيكون بمثابة انقطاع آخر خيوط العلاقات الأميركية - التركية».
لكن المصادر التركية استبعدت أن يقدم الأميركيون الدعم لـ«الوحدات» الكردية في عفرين أو محيطها، لأن واشنطن تريد الحفاظ على توازن علاقاتها مع الجانبين (التركي والكردي). ولَمَّحت إلى تفاهمات تركية - روسية في هذا الشأن أيضاً، لافتة إلى التزام موسكو من البداية بعدم تقديم دعم للأكراد باستثناء استمرار التنسيق معهم.
في غضون ذلك، واصلت القوات التركية المتمركزة في كيليس على الحدود السورية قصفها المدفعي على مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين.
وبدأ القصف بعد منتصف الليلة قبل الماضية، بتوقيت تركيا، واستمر الجمعة، وقالت مصادر عسكرية تركية إن القصف جاء ردّاً على استهداف من داخل عفرين.
في السياق ذاته، نقلت صحيفتا «أكشام» و«قرار» التركيتان عن مصادر عسكرية أن الجيش التركي أعد خطة للسيطرة على عفرين وتطويقها تعتمد بشكل أساسي على السيطرة على تل رفعت ومطار منغ العسكري مع تطهير جنوب أعزاز من عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية والسيطرة على مارع ومرعناز والتوغل شرقاً بالتنسيق مع فصائل من «الجيش السوري الحر». وقفزت إلى الواجهة من جديد عملية «سيف الفرات» التي جرى الحديث عنها بعد الانتهاء من عملية «درع الفرات» في مارس (آذار) الماضي، التي استهدفت «داعش» بالأساس إلى جانب «الوحدات» الكردية على محور جرابلس - أعزاز.
ونسبت صحيفة «قرار» إلى مصادر عسكرية أن تركيا تخطط لهذه العملية بمشاركة سبعة آلاف مقاتل من القوات الخاصة التركية وفصائل من «الجيش الحر» شاركت من قبل في عملية «درع الفرات».
وقالت الصحيفة، أمس، إن تركيا أنهت الاستعدادات العسكرية لبدء هجوم على مناطق يسيطر عليها الأكراد على الحدود بمشاركة قوات خاصة من الجيش التركي وفصائل «الجيش الحر» التي من المتوقع أن تشارك بتعداد عشرة آلاف مقاتل، وستتخذ من غرب مدينة أعزاز مركزاً لانطلاق العملية نحو مناطق سيطرة الأكراد في عين دقنة ومطار منغ العسكري وصولاً إلى تل رفعت وعفرين وتل أبيض.
وأشارت المصادر إلى أن العملية العسكرية قد تنطلق في نهاية يوليو (تموز) الحالي أو بداية أغسطس (آب) بقوات تبلغ ضعف القوات التي شاركت بعملية درع الفرات التي كانت تركيا أطلقتها في 24 أغسطس 2016، وتمكَّنَت خلالها من تطهير ألفي كيلومتر مربع من سيطرة «داعش» والأكراد. ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية أن روسيا بدأت سحب قواتها الموجودة بريف حلب الشمالي اعتباراً من أول من أمس (الخميس)، في محيط مدينة عفرين وقرية كفر جنة شرق المدينة باتجاه مناطق سيطرة النظام في نبل والزهراء شمال حلب، ما يؤكد صحة المعلومات التي يتم تداولها بوجود تنسيق تركي - روسي لإطلاق معركة شمال حلب. في المقابل، يزداد القلق الكردي يوماً بعد يوم، حيال تهديدات تركيا بعمل عسكري وشيك في منطقة عفرين، واعتبر قيادي عسكري بارز، أن «أي تدخل تركي يعدّ عملاً عدائياً، يستدعي مواجهته ضمن حق الدفاع عن النفس». ودعا قوات التحالف الدولي إلى «تحمّل مسؤولياتها حيال التهديد التركي، الذي يقوّض الحرب على الإرهاب، ويعيق عملية تحرير الرقّة».
واعتبر رئيس المجلس العسكري في منبج شرفان درويش، أن «أي تدخل تركي في عفرين وغيرها، يشكل عملاً عدائياً، ويعدّ امتداداً للاعتداءات المتكررة على قواتنا عبر الحدود التركية». وقال درويش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلنا ننظر إلى تركيا كدولة جارة، ونأمل ألا يكون الترويج الإعلامي لهجوم تركي وشيك صحيحاً، لكن إذا حصل فإنه يستدعي منا مواجهته عسكرياً، سنحمي مناطقنا، وسنتعامل مع أي تدخل تركي كقوة احتلال». وتجددت الاشتباكات أمس، في محور قرية الحلونجي بريف جرابلس الشرقي في الريف الشمالي الشرقي لحلب، بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، وفصائل المعارضة من جهة ثانية، وسط استهدافات متبادَلَة بين طرفي القتال. ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن قائد «وحدات حماية الشعب» الكردي سيبان حمو، قوله إن «المنطقة التي تصل ما بين جرابلس عند الضفاف الغربية لنهر الفرات وأعزاز، التي تسيطر عليها القوات التركية، هي منطقة محتلَّة من تركيا، وعلى كل مواطن سوري أن يدافع عنها».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.