انطلاق مواسم السينما العربية في باريس

احتفاء بأم كلثوم وتحية لذكرى المخرج محمد خان

فيلم «بين موتين» للمخرج أمير فخر الدين - فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان
فيلم «بين موتين» للمخرج أمير فخر الدين - فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان
TT

انطلاق مواسم السينما العربية في باريس

فيلم «بين موتين» للمخرج أمير فخر الدين - فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان
فيلم «بين موتين» للمخرج أمير فخر الدين - فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان

هذا مهرجان سينمائي صغير وعنيد يقوم على كتفي صحافية وناقدة عنيدة هي هدى إبراهيم. لقد حلمت بأن تكون للسينما العربية مواسم في باريس. وحققت الزميلة اللبنانية حلمها مرتين من قبل، وها هي دورة ثالثة بدأت، أمس، وتستمر لثلاثة أيام، لتقدم نماذج من هذه السينما في تعبيراتها الأقوى والأكثر حداثة وثراء. ورغم حداثة العهد بهذه التظاهرة فقد صار لها جمهورها الذي يخلص لموعدها ويقصد صالة سينما «لا كلي» الصغيرة ليتابع مختارات من أحدث ما يقدمه المخرجون والمخرجات العرب من أفلام روائية وتسجيلية.
تقول هدى إبراهيم: «إن صناعة السينما تشهد مخاضات مستمرة وموجعة بالتوازي مع مخاضات بلادنا ذاتها وبنفس مستوى الألم الذي يخترق الكائن المنتمي لهذه الرقعة من جغرافيا الكوكب. لكن وبقدر ما هو أليم ما نراه من صراعات بقدر ما هي التطلعات كبيرة. فالأفلام لم تبتعد عن الواقع بل هي تحنو عليه وتلامس عذابات الناس وآمالهم وأحلامهم. إنها سينما عربية جديدة تعايش الواقع القاتل لتحضر بين سينمات العالم وتنمي فينا، كل مرة، مزيدًا من الأمل».
تم اختيار 18 فيلماً قصيراً لتلاقي جمهور باريس المتنوع والذي يبحث باستمرار على السينما الأخرى، الأقرب والأكثر بساطة. وترى إبراهيم أن الأفلام المختارة هي عينة لإعادة الاعتبار، ولإعادة النظر في أفلام قد تبدو بعيدة عن جمهور باريس أو غير مثيرة لفضوله. لكن هذه التظاهرة تقام، في الأساس، للتعريف بهذه السينما وتقدمها بحضور بعض صناعها، ولتناقشها وتشجع الجمهور الباريسي على الاقتراب منها. لهذا، نجد في منهاج الدورة الثالثة من مواسم السينما العربية أفلاما سبق وأن عرضت في الصالات لكنها، رغم جدارتها، لم تحظ بإقبال كبير، أو حالت قوانين السوق دون استمرار عرضها لفترة أطول. إن إعادة تقديمها هو فعل تضامن مع صانعيها وانتصار له.
جاء في بيان تقديم مهرجان «مواسم» أن الأعمال المختارة تنسج الكثير من الرؤى والحكايات المصنوعة، غالباً، من طين الواقع. لكنها تنطلق، أحيانا، نحو خيال يحكي استبداد العبث والانتظار بالصورة العربية. انتظارات كثيرة تثيرها الأفلام، كأن الوقت السينمائي تسرب إليه نزر من الوقت الميت. كما في حكاية فيلم «بين موتين»، هذا الفيلم الذي وقع عليه الاختيار من الجولان السوري المحتل منذ خمسين عاما. وللتذكير فقد قدمت «مواسم» في ثلاثة أعوام، ثلاثة أعمال سينمائية من الجولان، وكلها أعمال جديدة وشابة تحكي المكان الذي يخوض سكانه يومياً صراعاً من أجل البقاء. وهذا العام، أيضاً، تحتل الأفلام القصيرة مكانة مهمة في التظاهرة التي تعرض تجارب من فلسطين والسودان والمغرب والجزائر ولبنان. ومن المعروف أن الأعمال القصيرة تقدم مواهب المستقبل، وتناقش، بحرية جميلة، الماضي مثل الحاضر، أو تحاور الأمكنة المتحولة منطلقة لصياغة واقع جديد ومعاني أخرى يعزز الفن حضورها في ثناياها. أما حين تنفصل بعض هذه الأعمال عن الواقع فإنما لتصنع أوطاناً أجمل في فضاء متخيل، كما في فيلم الفلسطينية لاريسا صنصور. ولاريسا هي الفنانة التي غرزت العلم الفلسطيني على سطح القمر، في أحد أعمالها السابقة.
أما الأعمال الطويلة فتقدم التظاهرة 11 شريطاً بينها اثنان وثائقيان، من كل من مصر والمغرب وتونس وفلسطين والجزائر وفرنسا، وبمشاركة 4 أعمال أولى تتجاور مع أعمال مخرجين مخضرمين، وبحضور غالب لمصر والمغرب، البلدين اللذين ينتجان أكبر عدد من الأفلام العربية سنوياً. ويتحدث الفيلمان المختاران عن فن الرقص بين أمسه واليوم، ففي حين يتوقف الفيلم المصري عند فن الباليه وكيف تأسس في القاهرة وصولا إلى ما آل إليه هذا الفن، يتحدث الفيلم الجزائري عن نساء في باريس يمارسن الرقص كفعل حرية وجمال في مواجهة عالم تتراكم فيه مشاهد الرعب.
تلفت هدى إبراهيم النظر إلى أن كل هذه الأفلام تسلط نظرات ثاقبة وعميقة على المجتمعات العربية الدائمة التحول. ويمكن القول إنها سينما القلب المفتوح، ذلك أن عدسات المبدعين الذين اختيرت أعمالهم تلتقط نبض الأمكنة، مثلما تفحص سماعة الطبيب جسم المريض. وهي أفلام تسائل الروح في ماضيها وحاضرها وتمتحن ذاكرتها، متنقلة ما بين ملامح المدن أو الأرياف أو السجون. وتضيف: «مع إعادة مشاهدتي لأفلام التظاهرة انتبهت إلى أي حد تأخذ هذه السينما الجسد في الاعتبار. إنه الإنسان الذي يرقص، لكن أيضاً الذي يسجن ويقهر ويعذب». وفي الفيلمين المغربيين المختارين، يقف الجسد في مواجهة الفراغ والعبث والحرمان والظلم، شاهداً وحيداً على الأسى وفي وجه الموت.
هذه الدورة الثالثة من «مواسم» مهداة لذكرى المخرج المصري محمد خان الذي رحل العام الماضي، تاركًا للسينما المصرية 24 فيلمًا بينها عشرة من أهم الأعمال العربية. ويعرض له المهرجان فيلمه ما قبل الأخير «فتاة المصنع».
كما يحتفي «مواسم» بالسيدة أم كلثوم من خلال شريط وثائقي من إخراج كزافييه فيلتار، وإنتاج القناة الفرنسية الألمانية «ارتي»، بمناسبة مرور 42 عاما على رحيلها. ويتناول الفيلم دورها السياسي وطبيعة علاقتها، كفنانة كبيرة وشهيرة، بالزعماء والحكام العرب، فضلاً عن دفاعها المستمر عن قضايا أمتها وعن المرأة، وإن بطريقة غير مباشرة.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.