فيروز ترفض السماح بأغنياتها في «الليالي اللبنانية» لـ«مهرجانات بعلبك»

بعد أن كانت نجمتها الأبرز طوال 60 سنة

TT

فيروز ترفض السماح بأغنياتها في «الليالي اللبنانية» لـ«مهرجانات بعلبك»

عروس البقاع تتأهب لاستقبال ضيوفها. المدرجات شبه حاضرة داخل القلعة التاريخية، والفنانون بدأوا بالانتقال إلى بعلبك لإجراء تدريباتهم هناك، قبل أيام على افتتاح المهرجانات التي ستدشن في السابع من يوليو (تموز)، بـ«احتفالية الليالي اللبنانية» بمناسبة مرور ستين سنة على هذا التقليد العريق.
ستة عقود تمكنت خلالها لجنة المهرجانات، من إطلاق أعمال أصبحت «ريبرتواراً» ذهبياً للفن اللبناني الذي اجتاح العالم العربي، حيث شارك في «الليالي اللبنانية» طوال تلك السنوات «الأخوين رحباني» وفيروز، توفيق الباشا، زكي ناصيف، روميو لحود، وليد غلمية، فيلمون وهبي، صباح، وديع الصافي، نصري شمس الدين، عبد الحليم كركلا، وغيرهم. تحت أجنحة «مهرجانات بعلبك» قدم هؤلاء أهم أعمالهم التي ما زالت تعيش في ذاكرة اللبنانيين والعرب.
هذه السنة قررت لجنة المهرجانات أن لا تمر الذكرى عابرة، وأن تستعيد القلعة الرومانية التاريخية بعضاً من تلك الأعمال بأصوات الشباب من الفنانين. ووافق على دخول المغامرة رامي عياش، ألين لحود ابنة المطربة الراحلة سلوى القطريب وأيضاً ابنة أخ روميو لحود، وكذلك الفنانة الشابة بريجيت ياغي ابنة الفنان عبدو ياغي. هكذا فإن الين لحود ستغني إرثاً موسيقياً شاركت عائلتها في صناعته كما هي حال بريجيت ياغي وأما رامي عياش فله فضل تقديم أغاني جيل سبقه بصوته.
آخرون عرضت عليهم المشاركة في هذه الاحتفالية لكنهم تمنعوا. الأغاني التي صدحت في بعلبك لعشرات سنين خلت ستعود في تلك الليلة التي سيقدم خلالها عرض متكامل، يعمل على إعداده وإخراجه المبدع المتألق جيرار أفيديسيان، ويشارك في تقديم اللوحات نحو 30 راقصاً وراقصة، يصمم الكوريغرافيا سامي خوري، أما المؤثرات المرئيّة فهي لبابلو برغوت. والفرقة الموسيقية بقيادة إيلي العليا.
وعلى أدراج «معبد باخوس»، سيرى الحضور لوحات راقصة تصاحب الأغنيات التي يؤديها الفنانون بشكل منفرد أو ثنائي، وكذلك جماعي، على أنغام موسيقى أعيد توزيعها دون أن تفقد لمستها القديمة التي أريد الحفاظ عليها قصداً. وسيستمتع الحضور باستعادة أغنيات مثل «لبنان يا قطعة سما» لوديع الصافي، و«دقي دقي يا ربابة» لعصام رجي، و«مرحبتين» لصباح و«طال السهر» التي غناها إيلي شويري. ولروميو لحود الذي كان أحد الفاعلين الرئيسيين في «الليالي اللبنانية»، حصة كبيرة في هذا البرنامج. ومن أغنياته التي ستتردد أصداؤها في القلعة لمرة جديدة، «بكرا بتشرق شمس العيد» وكذلك أغنية «قلعة كبيرة وقلبا كبير» التي غنتها صباح، في مسرحية روميو لحود الشهيرة «القلعة».
الغائب الأكبر عن هذا الاستعراض الاستعادي الذي تعد له لجنة المهرجانات العدة، وتنتجه، معتبرة أن أحد واجباتها تفعيل الحركة الثقافية اللبنانية وتنمية الذوق العام، هي أغاني فيروز. الصوت الذي ارتبط ببعلبك وكان «الأخوين رحباني» من الفنانين شبه الدائمين في المهرجان، منذ السنة الأولى التي بدأت فيها «الليالي اللبنانية». وهذا الغياب مؤسف، ومحزن للجمهور، لكن يبدو أن السبب الرئيسي هو عدم رغبة اللجنة في الدخول في تعقيدات «حقوق الملكية الفكرية والأدبية» لنتاجات الأخوين رحباني التي سبق أن أثارت حساسية بالغة وصلت إلى المحاكم بين الرحابنة أنفسهم. وتعلق نايلة دو فريج، رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك بالقول: «قمنا بالاتصال بمحامي السيدة فيروز وجاءنا الجواب أنها تفضل أن لا نغني أغنياتها خلال هذا الحفل، ونحن نحترم قرارها». وتضيف دو فريج: «كون السيدة فيروز هي التي افتتحت الليالي اللبنانية قبل ستين سنة كان حلمنا أن تكون هي من تتوج الاحتفال هذه السنة بحفل لها، وحاولنا كثيراً بالاتصال بابنتها ريما أو محاميها الخاص، لكن حين علمنا أن الأمر لن يكون كما تمنينا، فكرنا بمشروع مختلف. نحن كل سنة تكون لدينا الرغبة في أن تعود السيدة فيروز إلى المهرجان، ويوم تقرر أن تطلع إلى بعلبك سنكون في انتظارها ونرحب بها».
وبعيداً عن الخلافات والمناكفات، تسعى «مهرجانات بعلبك» إلى بناء جسر بين الجيل الذي صنع «الليالي اللبنانية» وبنى مداميكها الأولى والفنانين الشباب كما الجمهور اليانع. وتذكّر دو فريج أن «مهرجانات بعلبك كانت الأولى في العالم العربي يوم انطلقت عام 1956. وأن بقية المهرجانات استوحت الفكرة منها. البداية كانت مع أعمال كلاسيكية وغربية ومسرحيات، لكننا بعد عام واحد، قررنا إدخال الأعمال اللبنانية على البرنامج، وأصبح هذا تقليداً سنوياً. وما نريده اليوم، هو أن نشجع الشباب على معرفة هذا التراث، والتفاعل معه». ترى دو فريج أن لمهرجانات بعلبك رسالة تؤديها، وإلى جانب إبقاء التراث حياً، هناك ارتباط هذه المهرجانات بالمدينة وقلعتها الرومانية التاريخية البديعة «وهذه السنة وخلال حفل أنجيليك كيدجو التي ستقدم يوم 16 من يوليو، ستحضر شخصية على مستوى رفيع جداً من اليونيسكو، حيث ستقضي يومين في لبنان. إذ أن بعلبك مدرجة على لائحة التراث الإنساني». وإذ تتحفظ دو فريج عن ذكر اسم الشخصية إلا أنه يعتقد بأنها رئيسة منظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا.
ومن الأهداف التي تسعى مهرجانات بعلبك لتحقيقها، «التعريف بفنانين لبنانيين نالوا شهرة عالمية، لكن معرفة اللبنانيين بهم لا تزال غير كافية. وهذه السنة تتم استضافة إبراهيم معلوف، أحد أهم عازفي البوق في العالم ونال جوائز كثيرة، كما أنه ابن فنانين موسيقيين، وهو ابن أخت الكاتب أمين معلوف. كما أن مهرجانات بعلبك لها دورها في التنمية السياحية للبنان، وإظهار أهمية مدينة بعلبك السياحية والأثرية أيضا». وكانت «الليالي اللبنانية» قد انطلقت بعد عام واحد من بدء مهرجانات بعلبك، عندما تصاعدت أصوات تطالب بعروض محلية إلى جانب الحفلات العالمية. لذلك تمت برمجة عرضين لبنانيين عام 1957. من إخراج صبري الشريف بالتعاون مع نزار ميقاتي، جمعت فيروز مع نصري شمس الدين في برنامج شارك في إعداده الأخوين رحباني مع زكي ناصيف وتوفيق الباشا، حيث كان للرقص حصة كبيرة بإشراف ومشاركة مروان ووديعة جرار.
وكان الهدف إحياء العادات والتقاليد ونشر اللون المحلي البلدي الذي أسس هوية للأغنية اللبنانية بعباراتها المقتضبة وكلماتها الطريفة. وكان مطلوب أيضاً أحياء قصص ريفية ولوحات بلدية وشعبية. لذلك اعتمدت الملابس الفلكلورية التي كان يرتديها الفلاحون اللبنانيون. وفي العمل الاستعراضي الذي سيفتتح موسم هذا الصيف هناك بحث دقيق أيضا على الملابس والألوان ولكن بعصرية تأتي لتضيف لمسة مختلفة على الأجواء القديمة.
ولادة الليالي في نهاية الخمسينات، أطلقت نوعاً من التنافس، بين فرق لبنانية تأسست في تلك المرحلة كانت تتناوب على المشاركة. قدم «الأخوين رحباني» في بعلبك من سنة 1957 إلى 1974 أشهر مسرحياتهم الغنائية «موسم العز»، «البعلبكية»، «جسر القمر»، «دواليب الهوا»، «أيام فخر الدين»، «جبال الصوان»، «ناطورة المفاتيح»، «قصيدة حب». وقدم روميو لحود بدوره مسرحيات كثيرة مثل «الشلال» و«أرضنا إلى الأبد» و«القلعة» و«الزمان» وفي العام 1974 كانت «تضلو بخير» مع صباح ووديع الصافي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، التي توقفت بسببها المهرجانات 23 سنة، لتعود من جديد عام 1997، مستأنفة «الليالي اللبنانية»، ضمن برنامجها السنوي، لكن مطعمة بنكهة من دول عربية أخرى. وعام 2013 وبسبب الأحداث في سوريا وقرب بعلبك من الحدود وخط النار، انتقلت الحفلات إلى بيروت، ثم عادت إلى القلعة بمواكبة أمنية مشددة من الجيش اللبناني، عام 2015 حيث شارك في حفل احتفالي واحد حمل عنوان «إلك يا بعلبك»: عبد الرحمن الباشا، مارسيل خليفة، بشارة الخوري، زاد ملتقى، إبراهيم معلوف، ناجي حكيم، غدي الرحباني، غبريال يارد، هاروت فازليان، فاديا طنب الحاج، رفيق علي أحمد وكارولين حاتم. والعام الماضي وبمناسبة ستة قرون من المهرجانات كانت تحية من «فرقة كركلا» لبعلبك بعنوان «إبحار في الزمن». ولا تزال الاحتفالات مستمرة هذه السنة بمناسبة 60 سنة من عمر التراث اللبناني الذي ينمو يكبر وينتشر في العالم خارجاً من معابد القلعة ومن بين أعمدتها المهابة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.