الجزائر: نجل بوضياف يعلن التخلي عن «الحقيقة» حول اغتيال والده

قال إن «البلاد في خطر لأنها بين مخالب صقور النظام»

الجزائر: نجل بوضياف يعلن التخلي عن «الحقيقة» حول اغتيال والده
TT

الجزائر: نجل بوضياف يعلن التخلي عن «الحقيقة» حول اغتيال والده

الجزائر: نجل بوضياف يعلن التخلي عن «الحقيقة» حول اغتيال والده

أعلن ناصر بوضياف، نجل الرئيس الجزائري محمد بوضياف الذي تعرض لعملية اغتيال قبل 25 سنة، تخليه عن مسعى «البحث عن الحقيقة»، حول اغتيال والده، علما بأنه اتهم في وقت سابق مدير المخابرات العسكرية محمد مدين، ومدير جهاز الأمن المضاد للجوسسة إسماعيل العماري، ووزير الدفاع خالد نزار، ووزير الداخلية العربي بلخير سابقا بتدبير وتنفيذ الجريمة، وطالب بمحاكمتهم.
وقال ناصر في رسالة، رفعها افتراضا إلى والده بمناسبة ذكرى اغتياله الذي تم في 29 يونيو (حزيران) 1992، تحمل دلالات سياسية عميقة: «أستسمحك كوني قررت توقيف البحث عن الحقيقة بخصوص اغتيالك؛ لأن الجزائر التي لم تغادر قلبك طيلة حياتك، أصبحت اليوم في خطر. وبما أنها في خطر قررت ترك مصير مدبري اغتيالك للعدالة الإلهية، لأتفرغ لتحرير الجزائر من مخالب صقور النظام الموجود في الحكم منذ الاستقلال المسلوب من الشعب؛ نظام لا يخاف الله ولم يقدم أبدا للشعب التقدير الذي يستحقه».
وأشار ناصر إلى أنه «ليس من باب الصدفة أن يتم تنحية المدعوين بوضياف في التغيير الحكومي الناجم عن شبه الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فقد تم ذلك لمسح اسمك مرة أخرى؛ لأنه اسم يضايق الجماعة في النظام»، في إشارة إلى إبعاد المعتصم بوضياف وزير الاقتصاد الرقمي، وعبد المالك بوضياف وزير الصحة، ولا تربط الشخصين علاقة قرابة مع الرئيس الراحل، الذي كان مقيما بمدينة القنيطرة بالمغرب لما لجأ إليه وزير الدفاع الأسبق نزار مطلع 1992 موفدا من طرف المؤسسة العسكرية، يترجاه قيادة الجزائر التي كانت وقتها في فراغ مؤسساتي، خلفته استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد تحت ضغط جنرالات الجيش، الذين ألغوا نتائج الانتخابات البرلمانية التي حققت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» فوزا ساحقا.
وقتل بوضياف بالرصاص عندما كان يلقي خطابا في قاعة فسيحة بمدينة عنابة (600 كيلومتر شرق العاصمة)، وكان الملازم لمبارك بومعرافي، وهو أحد الضباط المكلفين حراسته، وراء الرئيس الراحل، وهو من أطلق النار عليه بسلاحه الرشاش، وقد دانته محكمة الجنايات بالعاصمة بالإعدام، لكن الحكم لم ينفذ بسبب تخلي الجزائر عن تطبيق هذا النوع من الأحكام منذ 1993، فتحولت عقوبته إلى السجن مدى الحياة. ولم ينطق بومعرافي بكلمة واحدة خلال المحاكمة التي جرت عام 1994 ودامت 15 يوما.
والرواية الرسمية لاغتيال بوضياف لا يصدقها عامة الناس والأوساط السياسية والإعلامية في البلاد. وما هو شائع أن مسؤولين بارزين قتلوه، بحجة أنه أبدى عزما على محاسبتهم لضلوعهم في فضائح فساد خطيرة.
وحملت رسالة ناصر شعورا بعدم جدوى البحث عن «المجرمين الحقيقيين» بسبب أوضاع البلاد المتردية سياسيا واقتصاديا. وقد صرح ناصر العام الماضي للصحافة المحلية بأنه لا يعترف بفرضية «العمل المعزول» التي تفيد بأن الملازم بومعرافي هو من دبر ونفذ عملية اغتيال الرئيس الأسبق، وأنه لا يوجد من حرضه ولا من ساعده على ارتكاب الجريمة. وطلب نجل بوضياف من الرئيس بوتفليقة فتح تحقيق «جاد» في حادثة الاغتيال، وقال إن على القضاء «أن يستمع لشهادة الجنرال مدين لأنه على علم بكل شيء».
وسئل ناصر إن كان يملك أدلة على اتهاماته ضد المسؤولين الأربعة، فقال: «ليست لدي أدلة مادية، ولكن الوقائع شاهدة على الحادثة. فقد وقعت أشياء كثيرة قبل وبعد اغتيال والدي، تدل على أن هؤلاء يتحملون مسؤولية قتله. والدي أعلن الحرب على الفساد والمتورطين في نهب المال العام، وقد شعر هؤلاء بأنه يستهدفهم، فقرروا التخلص منه حتى لا يحاسبهم»، مشيرا إلى أن والده «كان آخر شخص نقلوه خارج القاعة حيث تم اغتياله، فهل تجدون هذا عاديا؟!». وأطلقت السلطات بعد الحادثة «لجنة» للتحقيق في ملابسات الجريمة، لكن مصير نتائجها يظل غير معروف إلى اليوم.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.