الرئيس التنفيذي لـ«الزامل للخدمات البحرية»: نستهدف بناء تسع سفن وإصلاح 200 سنويا

قال لـ {الشرق الأوسط} إن المجموعة استثمرت 800 مليون دولار في الصناعة

سفينة بعد اكتمالها في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وفي الإطار سفيان الزامل («الشرق الأوسط»)
سفينة بعد اكتمالها في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وفي الإطار سفيان الزامل («الشرق الأوسط»)
TT
20

الرئيس التنفيذي لـ«الزامل للخدمات البحرية»: نستهدف بناء تسع سفن وإصلاح 200 سنويا

سفينة بعد اكتمالها في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وفي الإطار سفيان الزامل («الشرق الأوسط»)
سفينة بعد اكتمالها في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وفي الإطار سفيان الزامل («الشرق الأوسط»)

تقترب مجموعة «الزامل للخدمات البحرية» من إكمال ورشة المجموعة في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام، والتي ستمثل نقلة نوعية في تصنيع وإصلاح السفن في السعودية، والتي تقدر استثمارات المجموعة فيها بنحو ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار).. وفي هذا الحوار تلتقي «الشرق الأوسط» المهندس سفيان الزامل، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الزامل للخدمات البحرية» للحديث عن هذه الصناعة ومدى الإضافة التي تعزز بها الاقتصاد السعودي، وكذلك التحديات التي تواجهها:
* ما الأسباب التي دفعت شركة الزامل إلى الدخول في مجال صناعة بناء السفن وتوطينها سعوديا؟
- السبب الأول والرئيس هو أن صناعة بناء السفن هي صناعة استراتيجية بالمقام الأول، وكذلك وجود طلب متنام لشركة أرامكو السعودية لخدمة حقولها البحرية، وخصوصا مع تركيزها على زيادة الإنتاج من الحقول البحرية تدريجيا.
كما أن للسعودية سواحل بحرية تحدها من الشرق والغرب بامتداد مئات الكيلومترات وبها الكثير من الموانئ البحرية والتي تحتاج جميعها لقاطرات وسفن خدمة بحرية، كذلك وجود وحدات بحرية سريعة متخصصة في قطاع حرس الحدود، ووجود قطع بحرية دفاعية وهجومية في القوات البحرية. كما أن مجموعة الزامل انتهجت مند نشأتها فكرة التنوع وتوطين الصناعات العالمية في السعودية، كما حدث في صناعات التكييف والحديد، لذا قررت المجموعة الاستثمار في هذه الصناعة والعمل على توطينها والمساهمة في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد السعودي.
ويعد الدخول في هذه الصناعة تكاملا طبيعيا لمساندة التوسع في عدد وحدات الأسطول المملوك للشركة والذي جرى بناؤه محليا، كما يضمن للشركة الصيانة والإصلاح والتعديل والتطوير داخل السعودية.
* دخلت صناعة السفن للسعودية في عام 2002، عبر مجموعة الزامل.. ما حجم التطور الصناعي الذي حدث حتى الآن؟
- في الفترة من 2002 إلى عام 2003 قامت الشركة ببناء سفينتين مساندتين للأعمال لخدمة حقول البترول البحرية لشركة أرامكو السعودية، وفى عام 2004 قامت الشركة بالتنويع في بناء السفن وجرى بناء ثلاث قاطرات لعمليات الملاحة في ميناء الدمام.
وفي عام 2005 وبعد تمكن الشركة من بناء ست سفن دخلت الخدمة بنجاح في كل من أرامكو السعودية ومؤسسة الموانئ السعودية اتضح جليا دخول صناعة بناء السفن إلى السعودية، لذا قررت الشركة إحداث طفرة في القطاع الذي تقوده «بناء السفن» ليكون لها مردود عالمي وقررت تصميم وبناء أول قاطرات على مستوى العالم تدار بقوى محركة كهروميكانيكية، وجرى إعداد التصميمات في سنغافورة والنرويج ونجحت الشركة في بناء عشر سفن من هذا التصميم ودخلت العشر سفن الخدمة لدى شركة أرامكو السعودية.
وفى عام 2008 بدأت الشركة في بناء سبع سفن لخدمة حقول البترول البحرية من تصميم رولز رويس واستوردت لها أحدث المعدات والماكينات من الدول المتقدمة في الصناعات البحرية، وجرى بناء السفن بنجاح تحت تصريح تصنيع من رولز رويس لتنضم ترسانة الزامل إلى مصاف الترسانات المتقدمة عالميا في بناء السفن.
وعلى أثر ذلك تمكنت الشركة في عام 2010 من ببناء أكبر سفينتين لخدمة حقول البترول البحري وجرى تزويدها بمعدات لمساندة عمليات الغوص.
وفي عام الماضي فازت الشركة بعقد تشغيل الحوض في ميناء الملك فهد في مدينة جدة على البحر الأحمر، وفي العام الحالي تعد الشركة لافتتاح واحدة من أحدث الترسانات البحرية على مستوى الشرق الأوسط داخل ميناء الملك عبد العزيز بالدمام.
وفي ذات الوقت تعد الشركة لبناء ترسانة رابعة في ميناء ينبع لتكون أكبر ترسانة لإصلاح وبناء السفن على البحر الأحمر.
كل هذا يوضح التطور الهائل الذي قامت وتقوم به مجموعة الزامل في مجال بناء السفن على مدى 12 عاما فهي الأولى والوحيدة بهذه الصناعة حتى الآن، وقد تمكنت خلال تلك الفترة من بناء 47 سفينة، 27 منها لخدمة حقول البترول وثلاث للقوات البحرية والباقي لمؤسسة الموانئ السعودية للعمل بموانئ الدمام والجبيل ورأس الخير وضبا.
* في سبتمبر (أيلول) المقبل سيكتمل بناء الترسانة البحرية للمجموعة بميناء الملك عبد العزيز في الدمام، ماذا يمثل ذلك صناعيا واستثماريا للشركة؟
- لقد قامت مجموعة الزامل القابضة بضخ استثمارات ضخمة تتجاوز المليار ريال (266 مليون دولار) لبناء واحدة من أحدث الترسانات البحرية المتخصصة في بناء وإصلاح السفن في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام بمواصفات عالمية على مساحة مائتي ألف متر مربع جرى ردمها من البحر وجرى تزويدها برافعة للسفن بقدرة تبلغ 7000 طن وجرى بناء مجموعة من أحدث الورش وجرى استيراد أحدث الماكينات والمعدات والتي تضمن الجودة العالية وسرعة الأداء.
ومن الناحية الصناعية، فإن هذه الترسانة ستضاعف من طاقة البناء ليكون في مقدور الشركة بناء من ثماني إلى تسع سفن سنويا وإصلاح ما يقرب من 200 سفينة.
* كم يبلغ حجم استثمارات الشركة في قطاع تصنيع السفن؟
- ما جرى استثماره حتى الآن في بناء السفن والترسانة الجديدة يصل إلى نحو ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار).
* ما العائد على الاقتصاد السعودي؟
- أينما تنشأ صناعة لبناء السفن في بلد من البلدان تنشأ حولها صناعات كثيرة للخامات والمعدات والماكينات البحرية المغذية وتصبح الدولة مركزا صناعيا متكاملا. الصناعات البحرية ترفع من قدرة الدولة اقتصاديا وتمنحها إمكانية مساندة دفاعاتها الساحلية والبحرية، وهذا ما حدث في كل من الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والصين على سبيل المثال.
* ما الأسواق التي تستهدفها المجموعة في الفترة المقبلة؟
- السوق السعودية لكل من أرامكو ومؤسسة الموانئ - القوات البحري وحرس الحدود علاوة على القطاع الخاص هو السوق الرئيسة في الفترة الراهنة، يأتي في المرتبة الثانية السوق الخليجية وهناك عقد جرى توقيعه مع خفر السواحل الكويتية لبناء أربع سفن، وفي المدى الأوسع الشركة تستهدف أسواق الشرق الأوسط بشكل عام.
* هل تخطط المجموعة لدخول مجال تصنيع السفن التجارية وسفن الركاب؟
- في الوقت الحالي تركيز الشركة منصب على بناء سفن خدمة حقول البترول البحرية وخدمة الموانئ وسيضاف لها السفن الحربية إذا ما طلب منها ذلك.
* ما حجم الطلب على صناعة السفن في السوق السعودية والسوق الخليجية؟
- لا توجد إحصاءات دقيقة لأن الصناعة صناعة عالمية مفتوحة، ولكن مبدئيا يمكن أن نذكر أن احتياجات شركة أرامكو وحدها تصل إلى 30 سفينة سنويا خلال العامين القادمين بخلاف الموانئ وحرس الحدود والقوات البحرية.
* ما أبرز الشركات المنافسة سواء إقليميا أو عالميا؟
- محليا، تعد الشركة الوحيدة في مجال بناء وصيانة السفن، وإقليميا يوجد بالإمارات وقطر أربع ترسانات.
* كم عدد السفن العسكرية التي صنعتها الشركة، وما حجم الطلب على هذا النوع من السفن؟
- الشركة لم تبن بعد أي سفن عسكرية، بل بنت سفن قطر للقوات البحرية الملكية السعودية، وتعاقدت مع خفر السواحل الكويتي لبناء أربع سفن.
* كان لدى الشركة توجه لبناء الحفارات البحرية ومنصات البترول، هل ما زال ذلك قائما؟
- طبعا، هذا ما زال ضمن توجه الشركة وهناك دراسة حالية لبناء منصة قابلة للارتفاع تستخدم لصيانة وإصلاح منصات إنتاج البترول والمنشآت البحرية.
* كان لدى الشركة في عام 2008 توجه لاستثمارات خارج السعودية في مجال تصنيع وصيانة السفن، إلى أي مدى سارت في هذا الاتجاه؟
- قررت المجموعة أن تنتظر إلى حين أن يستقر الإقليم العربي سياسيا.
* هل تتجه الشركة للدخول في صناعة اليخوت والقوارب الفارهة التي يكثر عليها الطلب خليجيا؟
- هناك ترسانات كثيرة بالخليج العربي تغطي الاحتياجات الحالية، ومعظم السفن من هذه النوعية تصنع حاليا من اللدائن وليس الحديد والصلب وإنشاء خط إنتاج جديد ليس ضمن خطط الشركة حاليا.
* هل جرى اتخاذ خطوات لتوطين هذه الصناعة وتأهيل كوادر سعودية للعمل بها؟
- قامت الشركة بعمل مجموعة من الدراسات لتوطين تقنيات الصناعة الجديدة وخلصت إلى أنه من الضروري تشجيع القطاع الخاص السعودي على الاستثمار في إنشاء الكثير من الصناعات الصغيرة المغذية لصناعة بناء وإصلاح السفن.
جرى البدء في تزويد الكثير من المصنعين المحليين بمواصفات المكونات والخامات والمعدات البحرية ونجحت الشركة في الحصول منهم على عدد من المنتجات على سبيل المثال «المواسير المجلفنة وبأقطار مختلفة، ممرات تثبيت الكابلات ولوحات التوزيع الكهربية وكشافات الإضاءة، إطارات النوافذ والزجاج الخاص بها، وجميع الإطارات والكفرات، ومعدات وتجهيزات الثلاجات والمطابخ، والأصباغ البحرية الخارجية والداخلية، وبعض الأثاث لكبائن الإعاشة، وأسياخ اللحام».
والشركة اتخذت خطوة متقدمة بإنشاء مكتب لتصميم السفن داخل ترسانتها البحرية وجرى افتتاحه في عام 2009، وقد جرى تجهيزه بأحدث البرمجيات الإلكترونية لأعداد الرسومات التنفيذية والإنتاج كخطوة أولى، وسيجري تطويره في مرحلة لاحقة لإعداد تصميمات متكاملة للسفن.
كما جرى توفير فرص تدريبية للشباب السعودي داخل وخارج السعودية من خلال اتفاقيات تدريب مع الأكاديمية العربية وشركة أرامكو ومؤسسة الموانئ، وجرى إلحاقهم بالعمل بقطاعات الشركة المختلفة. الأهم من ذلك، نعد الخطوات والتوجهات التي اتخذناها في شركة الزامل سيكون لها انعكاسها الإيجابي على الاقتصاد السعودي، حيث ستمهد للكثير من فرص الاستثمار والعمل خاصة للشباب وفى مجال جديد وواعد.
* ما أبرز المعوقات التي تواجه هذه الصناعة؟
- في الواقع، تحتاج هذه الصناعة لاستثمارات مالية كبيرة ودعم وحماية حكومية، كما تحتاج لتحويل المنطقة إلى منطقة حرة، كما أن هذه الصناعة تقوم على الخبرات لذلك تحتاج وجود إجراءات خاصة لتسهيل دخول وخروج الخبراء الأجانب والأطقم البحرية.
وهناك مشكلة في توفير العمالة الخبيرة المتخصصة أجنبية وسعودية (محدودية الفيزات)، وكذلك توفير مركز تدريب نظري وعملي متطور ومحاكيات في حين أن المتوفر حاليا مركز تدريب مبسط.
أيضا هناك غياب للتخصص الهندسي لهذه الصناعة في تخصص بكليات الهندسة بالجامعات السعودية لتخرج مهندسي عمارة السفن والهندسة البحرية مما يحد من إمكانية التطوير، سواء للتصميم أو الإنتاج.



بعد تجميد الرسوم... مليارات لأباطرة التكنولوجيا وارتياح للجمهوريين بشأن الانتخابات

شاشة إلكترونية تعرض معلومات مالية في بورصة نيويورك (أ.ب)
شاشة إلكترونية تعرض معلومات مالية في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT
20

بعد تجميد الرسوم... مليارات لأباطرة التكنولوجيا وارتياح للجمهوريين بشأن الانتخابات

شاشة إلكترونية تعرض معلومات مالية في بورصة نيويورك (أ.ب)
شاشة إلكترونية تعرض معلومات مالية في بورصة نيويورك (أ.ب)

مثلما أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي فَرْض الرسوم الجمركية على قائمة من 180 دولة، وأطلق على يوم 2 أبريل (نيسان) «يوم التحرير»، الكثير من الجدل والمخاوف بشأن حرب تجارية واسعة النطاق، فإن قراره بالتراجع وتعليق فرض الرسوم لمدة 90 يوماً أثار أيضاً تساؤلات بشأن التكلفة الاقتصادية التي تكبَّدتها الولايات المتحدة، خلال أيام قليلة من سريان تلك الرسوم، التي قُدرت بما يقرب من 10 تريليونات دولار، بالإضافة إلى الآثار السياسية التي كادت تعصف بقاعدة ترمب العريضة من المانحين وكبار المليارديرات والناخبين، وقاعدة «ماغا» (MAGA) الواسعة من مناصريه، وكذلك تأثيرها على الحزب الجمهوري الذي كان أعضاؤه يتحسسون العقبات التي قد تعرقل نجاحهم بين الناخبين، خلال الانتخابات التشريعية النصفية، العام المقبل.

واتفق الجميع على أن الولايات المتحدة كانت تواجه خسائر فادحة في الاستثمار والنمو والاستهلاك الحقيقي، بالإضافة إلى تدني مستويات المعيشة للأسر الأميركية.

وكانت التقديرات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بنسبة 2.6 في المائة، والتوظيف بنسبة 2.7 في المائة، والاستثمار الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة. كما ارتبطت تقلبات الأسواق بسوق السندات الذي شهد عمليات بيع مكثفة في سندات الخزانة الأميركية، مما أدى إلى ارتفاع هائل في عوائد سندات الخزانة. وتشكل سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 29 تريليون دولار الأساس للنظام المالي العالمي، وتعتمد عليها البنوك والمستثمرون والشركات للحصول على التمويل والوصول إلى أصول منخفضة المخاطر.

قال الخبراء إن الأسواق تنفست الصعداء بعد قرار ترمب بتعليق الرسوم لمدة 90 يوماً، الذي اعتبر بمثابة اعتراف من الرئيس بأن سياسته الاقتصادية لم تكن مثمرة، وأنها كادت تؤدي إلى انخفاض دائم في القوة الاقتصادية العالمية للولايات المتحدة، مما أحدَثَ اضطراباً في الأسواق المالية مع التوقعات بفرض دول أخرى رسوماً انتقامية مماثلة، مما كان من شأنه أن يسبب أضراراً أكبر للاقتصاد الأميركي.

فرحة وانتعاش وتفاؤل

جاء رد فعل السوق على قرار ترمب بتعليق الرسوم سريعاً ومبتهجاً؛ حيث قفزت الأسهم بأكثر من 7 في المائة في غضون دقائق من الإعلان، وأغلقت على ارتفاع يزيد على 9 في المائة. كما تراجعت عوائد السندات التي كانت ترتفع وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي، وارتفعت أسعار النفط التي كانت تشهد انخفاضاً طفيفاً. وأظهرت مؤشرات أخرى، مثل العملات المشفرة، علامات إيجابية، بينما ارتفعت أسهم شركات التكنولوجيا بشكل كبير، بعد ارتفاع مؤشر «ناسداك» الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا بنسبة 12.2 في المائة.

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

وتراجع بنك «غولدمان ساكس» عن توقعاته للركود بعد قرار الرئيس، لكنه ظل متمسكاً بتوقعات نمو بنسبة 0.5 في المائة للاقتصاد الأميركي. وبرر وزير الخزانة سكوت بيسنت، وهو مدير سابق لصندوق تحوط، التراجع عن فرض الرسوم وتأجيلها بأنه يهدف لإفساح المجال للمفاوضات، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستتفاوض بحسن نية. بينما تفاخر البيت الأبيض باستراتيجية الرئيس وبراعته في إبرام الصفقات؛ حيث وجهت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، اللوم لوسائل الإعلام في فهم توجهات الرئيس ترمب في عقد الصفقات، قائلة: «من الواضح أنكم فشلتم في رؤية ما يفعله الرئيس ترمب هنا».

احتفاء المليارديرات

أثار القرار فرحة كبيرة لدى المليارديرات الأميركيين الذين لطالما ساندوا الرئيس ترمب؛ حيث شهد أغنى 10 مليارديرات في العالم زيادة صافية في أرباحهم بلغت 135 مليار دولار، وفقاً لوكالة «بلومبرغ». وقاد الملياردير إيلون ماسك هذه الارتفاعات بمكاسب بلغت 35.9 مليار دولار ليصبح صافي ثروته 326 مليار دولار، بينما سجل سهم شركة «تسلا»، التي يملكها ماسك، ثاني أفضل مكسب يومي خلال 15 عاماً؛ حيث ارتفعت حصة الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية بأكثر من 22 في المائة.

بعد ماسك، جاء في المركز الثاني مؤسس «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، بأرباح بلغت 25.8 مليار دولار في صافي ثروته، يليه مؤسس «أمازون»، جيف بيزوس، ثم مؤسس «أوراكل»، لاري إليسون، بزيادة قدرها 18.5 مليار دولار و15.5 مليار دولار على التوالي. وارتفعت ثروة جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنيفيديا»، بمقدار 15.5 مليار دولار، مما ساعده على دخول قائمة أغنى 15 شخص في العالم لأول مرة.

وقد شهدت شركات «ميتا» (مملوكة لمارك زوكربيرغ)، و«أبل» (مملوكة لتيم كوك)، و«غوغل» (مملوكة لسوندار بيتشاي)، و«تسلا» (مملوكة لإيلون ماسك)، و«أمازون» (مملوكة لجيف بيزوس) انخفاضاً كبيراً في قيمتها الإجمالية؛ حيث تراجعت قيمتها بنحو 1.8 تريليون دولار منذ بداية عام 2025.

الجمهوريون حائرون

وأبدى أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون قلقهم بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب الأسبوع الماضي، وسعوا لإقناعه بأن الرسوم تسحق الاقتصاد وتقوّض شعار «اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى»، وتُبعِد عنهم المانحين والناخبين، وتُهدِّد بخسارتهم في الانتخابات التشريعية النصفية، نوفمبر (تشرين الثاني) العام المقبل، إذا استمرت سياسات الحرب التجارية وفرض الرسوم الجمركية.

وأعرب بعض كبار الجمهوريين علناً عن مخاوفهم. وصرّح السيناتور الجمهوري تيد كروز بأن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى «حمام دم» سياسي للجمهوريين، مؤكداً أن الحرب التجارية ستدمر الوظائف، وستلحق أضراراً جسيمة بالاقتصاد الأميركي، وستكون كارثة سياسية إذا تحول مجلس النواب والشيوخ إلى أغلبية ديمقراطية. وتحدث السيناتور الجمهوري راند بول أيضاً، داعياً الرئيس ترمب إلى إسقاط التعريفات الجمركية وطالب باستقالة وزير الخزانة سكوت بيسانت.

وسعى المشرعون الجمهوريون إلى صياغة مشروع قانون للحد من قدرة الإدارة على فرض الرسوم الجمركية دون موافقة الكونغرس، لكنهم تراجعوا بعد أن هدد البيت الأبيض باستخدام حق النقض ضد أي مشروع قانون من هذا القبيل.

وكانت القاعدة الجماهيرية المؤيدة لترمب من أتباع «ماغا» ليست سعيدة بتراجع مدخرات الأميركيين في صناديق التقاعد خطط «401 (ك)». وانخفض معدل تأييد ترمب إلى منطقة سلبية لأول مرة بين مؤيديه، مما أثار مخاوف داخل الحزب الجمهوري بشأن كيفية التعامل مع التحديات السياسية المقبلة.

وتنفس أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الصعداء بعد قرار ترمب تجميد فرض الرسوم الجمركية وأعرب العديد منهم عن أنهم كانوا يستمعون إلى شكاوى من المزارعين وأصحاب الأعمال الصغيرة والناخبين الذين كانوا مذعورين من هبوط قيمة مدخراتهم في حسابات التقاعد.

الديمقراطيون يتساءلون

وتساءل البعض عمن استفاد من انخفاض أسعار الأسهم خلال الفترة الماضية، ودعا السيناتور الديمقراطي آدم شيف الكونغرس إلى التحقيق فيما إذا كان الرئيس ترمب متورطاً في التلاعب بالسوق حينما أوقف فجأة مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، وهي الخطوة التي أدَّت إلى ارتفاع أسعار الأسهم بشكل صاروخي، وما إذا كانت عائلة ترمب قد استفادت من هذا القرار. وكان ترمب قد نشر على موقع «تروث سوشيال»، صباح الأربعاء، بعد دقائق من افتتاح السوق قائلاً: «إن هذا هو الوقت المناسب للشراء» إلى جانب الأحرف «DJT» التي ترمز للأحرف الأولى من اسمه ورمز شركته الإعلامية.

وانضمت السيناتور إليزابيث وارن إلى الدعوة لإجراء تحقيق رسمي فيما إذا كان ترمب قد تلاعب بسوق الأوراق المالية لصالح مانحيه في «وول ستريت».

وانضم إليهم السيناتور الديمقراطي تيم كين في تبني نظرية المؤامرة حول انحدار الرئيس ترمب، وقال لمجلة «تايم»: «عندما يسأل الناس عما إذا كان دونالد ترمب يبيع على المكشوف، أو يفعل هذا لمحاولة كسب المال لنفسه، فهذا يدل على أن الكثير من الناس متشككون بشأن ما يحدث». ودعت الممثلة الديمقراطية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز أعضاء الكونغرس الذين اشتروا أسماءهم خلال اليومين الماضيين إلى الاعتراف. ودعا النائب الديمقراطي ستيفن هورسفورد من ولاية نيفادا إلى تعويض الأميركيين الذين فقدوا جزءاً كبيراً من مدخراتهم التقاعدية.

دونالد ترمب يتحدث أثناء توقيعه على أوامر تنفيذية وإعلانات في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (رويترز)
دونالد ترمب يتحدث أثناء توقيعه على أوامر تنفيذية وإعلانات في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (رويترز)

غضب وتخوف وتشاؤم

تبنى بعض المحللين نظرة تشاؤمية؛ فرغم إلغاء الرئيس ترمب للرسوم الجمركية، فإن التكاليف والتداعيات ستبقى قائمة. لا تُمثل إجراءات ترمب تحولاً في الاستراتيجية، بل تراجعاً تكتيكياً بتركيز الرسوم الجمركية المرتفعة على الصين، وهي مصدر قلق استراتيجي، وتجنب ردود الفعل السلبية غير الضرورية من الحلفاء والشركاء التجاريين. لذا، فإن هذا النهج الضيق لا يعني نهاية المعاناة الاقتصادية، بل تأجيلها.

وقد أشار البعض إلى أنه في حين أن تعليق ترمب للرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً قد يكون بمثابة تراجع استراتيجي، فإنه يقوض أسس الديمقراطية من خلال احتجاز سوق السندات رهينة لأهواء الرئيس ورغباته.

وأشار المحللون إلى أن حالة عدم اليقين بشأن اتجاه السياسة التجارية الأميركية من المرجح أن تستمر، لأن الغموض قد يكون له تأثير تآكلي على الثقة في الولايات المتحدة كبطلة للتعاون الاقتصادي العالمي. وقالت هيذر هيلبروت، المساعدة السابقة للممثلة التجارية الأميركية كاثرين كاي في عهد الرئيس بايدن، إنه على الرغم من التعليق المؤقت للرسوم الجمركية، فإن قرار ترمب بفرضها خلق صدمة طويلة الأمد لفكرة أن الولايات المتحدة تدعم نظاماً قائماً على القواعد للتجارة العالمية، ويخلق شعوراً مستمراً بالمخاطرة بين الشركاء التجاريين، ويقدم عنصراً من عدم الاستقرار.

وقالت ريبيكا باترسون، الخبيرة في «جيه بي مورغان تشيس»، إن الأسواق تفاعلت بسرعة مع قرار ترمب تعليق الرسوم الجمركية، لكن التساؤلات ستظل قائمة بشأن حالة عدم اليقين بشأن النمو والتضخم. وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، إن الصدمة التي أصابت الثقة قد يكون لها تأثير أكبر على الاقتصاد من الرسوم الجمركية، لأن الناس والشركات عندما يفقدون الثقة، فإنهم يميلون إلى التوقف عن الإنفاق والاستثمار.