متطرف يميني يقتل شخصاً ويجرح 10 أمام مسجد في لندن

رابع هجوم خلال 3 أشهر والثالث دهساً... وماي تعتبر أن «الكراهية والشر لن يفلحا أبداً»

TT

متطرف يميني يقتل شخصاً ويجرح 10 أمام مسجد في لندن

دهست شاحنة «فان» مصلين لدى مغادرتهم أحد المساجد في لندن أمس، ما أسفر عن إصابة 10 أشخاص في واقعة، قال شهود إنها هجوم متعمد على المسلمين.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إنه يجري التعامل مع الواقعة كهجوم إرهابي محتمل. وإذا تأكد ذلك فسيكون رابع هجوم منذ مارس (آذار) في بريطانيا، والثالث بعربة تدهس عمدا مارة. وزارت ماي مسجد فينسبري بارك في شمال لندن، قرب موقع هجوم دهست فيه سيارة «فان» مجموعة من المصلين أمس.
وأعلنت ماي أنه تم نشر قوات إضافية حول المساجد البريطانية لحماية المسلمين، وذلك في أعقاب هجوم الدهس. وقالت ماي، أمام «داوننغ ستريت»، مقر رئيس الحكومة البريطانية بوسط لندن أمس، إن الهجوم الذي استهدف مرتادي مسجد فينسبري بارك يعد «محاولة مقززة لتدمير حرية العبادة». وأضافت: «لقد كان هجوما استهدف مرة أخرى الأبرياء، هذه المرة مسلمي بريطانيا»، في إشارة إلى الهجمات الإرهابية في مانشستر ولندن. وشددت على أن «الكراهية والشر لن يفلحا أبدا».
وأضافت أن الاعتداء «استهدف أشخاصا عاديين وأبرياء، مسلمين بريطانيين، أثناء خروجهم من المسجد» مضيفة أن الشرطة ستوفر أي حماية إضافية ضرورية للمساجد. وأضافت: «كان هجوما على مسلمين قرب مكان عبادتهم ومثل أي شكل من أشكال الإرهاب، فإنه يحمل نفس الهدف الأساسي المتمثل بتفرقة بعضنا عن بعض». وقالت: «لقد تحملنا التطرف كثيرا، بما في ذلك رهاب الإسلام»، معلنة إنشاء لجنة جديدة لمواجهة التطرف بنفس الطريقة التي تحارب فيها العنصرية.
ووجهت شرطة اسكتلنديارد أمس اتهامات بالإرهاب إلى دارين أوسبورن منفذ الهجوم (47 عاما) واحتجزته في أحد مراكز شرطة العاصمة البريطانية.
إلى ذلك، قال بن ولاس، وزير الدولة البريطاني لشؤون الأمن بوزارة الداخلية، إن الرجل الذي دهس بشاحنة «فان» مصلين قرب مسجد في لندن أمس، ليس معروفا لدى أجهزة الأمن فيما يتصل بالتطرف اليميني. وأضاف الوزير لشبكة «سكاي نيوز»: «هذا الرجل ليس معروفا لدى السلطات في مجال التطرف أو التطرف اليميني».
في غضون ذلك، قالت كريسيدا ديك، رئيسة الشرطة البريطانية (اسكوتلنديارد) أمس، إن هجوم الدهس الذي وقع في ساعة متأخرة أول من أمس بالعاصمة البريطانية لندن «كان اعتداء تام الوضوح على مسلمين». يذكر أن سيارة «فان» خرجت عن الطريق واندفعت في اتجاه مصلين كانوا يغادرون مسجدا في منطقة فينسبري بارك في لندن، بعد وقت قصير من منتصف الليل. وأسفر الهجوم عن مقتل شخص وإصابة 10 آخرين. وقالت ديك: «نحن نأخذ كل نوع من جرائم الكراهية مأخذ الجد»، وأضافت أن مرتكبي هذه الجرائم لن يقسموا المجتمع، بل إنهم يعززون من عزيمة الشرطة في التصدي لمثل هذه الجرائم. وجرى القبض على سائق الشاحنة (48 عاما)، ويواجه الرجل الأبيض البشرة، تهمة الشروع في قتل. فيما قال شهود عيان إنه بعد أداء الصلاة دهست عربة مستأجرة مجموعة من المصلين أثناء مغادرتهم مسجد فينسبري بارك، أحد أكبر المساجد في البلاد. وقال أحد الشهود، ويدعى عبد الرحمن صالح العمودي لموقع «بازفيد نيوز»: «جاءت الشاحنة ودهستنا... هو (السائق) كان يصرخ: سأقتل جميع المسلمين». وذكرت الشرطة أن رجلا توفي، وأن سائق السيارة عمره 48 عاما، وأمسك به المواطنون إلى أن اعتقل ونقل للمستشفى، وسيخضع لتقييم للصحة العقلية. لكن الشرطة قالت إن من السابق لأوانه القول إن حالة الوفاة كانت بسبب الهجوم. وقال نيل باسو منسق شرطة مكافحة الإرهاب: «وقع الهجوم بينما كان رجل يتلقى إسعافات أولية في المكان. للأسف توفي هذا الرجل». وتابع: «سيشمل التحقيق ما إذا كانت هناك صلة بين وفاته والهجوم. ما زال من السابق لأوانه القول إن وفاته نتيجة لهذا الهجوم». وقال باسو، إن الوقت ما زال مبكرا أيضا لتحديد دافع المهاجم، لكنه أشار إلى أن الحادث يحمل كل سمات الهجوم الإرهابي، مضيفا أن جميع الضحايا من المسلمين. وأضاف: «أود أن أشكر كل من ساعدوا الشرطة في اعتقال الرجل، وعملوا مع الضباط بهدوء وبسرعة حتى نقبض عليه... ضبط النفس الذي تحلوا به آنذاك جدير بالثناء».
وقالت هيئة إسعاف لندن، إن 8 أشخاص نقلوا للمستشفيات، وإن اثنين آخرين تلقيا العلاج من إصابات طفيفة بموقع الحادث. وقال حسين علي (28 عاما) الذي كان قرب المسجد آنذاك، إنه سمع دويا وهرع بعيدا للنجاة بحياته. وأضاف لـ«رويترز»: «عندما نظرت للوراء اعتقدت أنه حادث سيارة، ولكن الناس كانوا يصرخون، وأدركت أن هذا رجل اختار ترويع أناس يصلون. اختار بدقة الوقت الذي يصلي فيه الناس والمسجد صغير وممتلئ، ومن ثم يصلي البعض بالخارج».
ويأتي الهجوم في وقت يشهد اضطرابا سياسيا، حيث إن رئيسة الوزراء منشغلة بمحادثات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد أن خسرت أغلبيتها البرلمانية في انتخابات الثامن من يونيو (حزيران). وواجهت رئيسة الوزراء انتقادات شديدة لأسلوب استجابتها لحريق شب في برج سكني في لندن يوم الأربعاء، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن شخصا، وأيضا لسجلها في مجال الأمن بعد سلسلة هجمات متشددين في الأشهر الأخيرة. من جهته، قال صادق خان، رئيس بلدية لندن، إن السلطات ستنشر مزيدا من أفراد الشرطة لطمأنة المواطنين، وخاصة أثناء شهر رمضان، ووصف الواقعة بأنها «هجوم أيضا على كل قيم التسامح والحرية والاحترام المشتركة». وقال زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن، الذي وقع الهجوم في دائرته الانتخابية، إنه «مصدوم بشدة».
وجاءت الواقعة بعد نحو أسبوعين من قيام متشددين بدهس المارة على جسر لندن وطعن آخرين في مطاعم وحانات مجاورة، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص. كما تأتي بعد هجوم انتحاري في حفل لمغنية البوب الأميركية أريانا جراندي في مانشستر بشمال إنجلترا، في مايو (أيار)، ما أسفر عن سقوط 22 قتيلا. كما دهس رجل يقود سيارة مستأجرة مارة على جسر وستمنستر في لندن، وطعن شرطيا حتى الموت قبل أن يُقتل بالرصاص. وأسفر هجومه عن سقوط 5 قتلى.
وقالت الشرطة، إن جرائم الكراهية زادت بعد الهجوم على جسر لندن. وعززت من وجودها عند أماكن العبادة. وقال مجلس مسلمي بريطانيا، إن هجوم أمس عمل متعمد ناجم عن رهاب الإسلام. وأضاف أن الواقعة أعنف مظاهر رهاب الإسلام في بريطانيا في الأشهر الأخيرة. ودعا السلطات إلى تعزيز إجراءات الأمن خارج المساجد مع اقتراب نهاية شهر رمضان.
وأضاف المجلس في بيان: «يبدو أن رجلا أبيض في سيارة (فان) دهس عمدا مجموعة من المصلين، كانوا إلى جوار شخص مريض». وقالت الشرطة إنها تلقت اتصالا بعد الساعة 12:20 صباحا بالتوقيت المحلي مباشرة (23:20 بتوقيت غرينتش) ينقل تقارير عن تصادم في شارع سفن سيسترز المؤدي إلى منطقة فينسبري بارك بشمال لندن. وقالت امرأة تعيش أمام الموقع لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «بدأت أسمع من النافذة صراخا وصخبا شديدا وفوضى عارمة في الخارج... وصاح الجميع: سيارة (فان) دهست أناسا... سيارة (فان) دهست أناسا». وأضافت: «كانت هناك شاحنة (فان) بيضاء خارج مسجد فينسبري بارك، دهست فيما يبدو أناسا لدى خروجهم بعد انتهاء الصلاة. لم أشهد المهاجم نفسه رغم أنه اعتقل فيما يبدو، لكنني رأيت السيارة». وقال شاهد لشبكة «سي إن إن» الإخبارية، إن من الواضح أن المهاجم استهدف المسلمين عمدا في فينسبري بارك. وأضاف الشاهد: «حاول أن يقتل عددا كبيرا من الناس، ومن الواضح أنه هجوم إرهابي. استهدف المسلمين هذه المرة». وقال شهود آخرون لتلفزيون «سكاي نيوز»، إن العربة دهست 10 أشخاص على الأقل.
وقال مقداد فيرسي، الأمين العام المساعد لمجلس مسلمي بريطانيا، إن السيارة انحرفت عمدا تجاه مجموعة أشخاص كانت تساعد رجلا مريضا سقط على الأرض. وقال فيرسي لـ«رويترز»: «كان عدد من المارة أو الأصدقاء أو أناس خرجوا من المسجد، يتجمعون حوله للمساعدة في نقله لأسرته أو نقله لمنزله». وأضاف: «في هذه اللحظة انحرفت السيارة باتجاههم عمدا». وأشار إلى أن السائق خرج من السيارة، لكن مجموعة من الناس أمسكت به لحين وصول الشرطة. وأكد أن الواقعة تشكل أعنف مظاهر رهاب الإسلام في بريطانيا في الأشهر الأخيرة، ودعا السلطات إلى تعزيز إجراءات الأمن خارج المساجد.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.