في رحاب «روكي» وأفلام مخرجه

رحيل جون أفيلدسن... ملك المهمّشين الفائز بالأوسكار

المخرج الراحل جون ج. أفيلدسن - سلفستر ستالون في لقطة من «روكي»‬ أهم أعمال أفيلدسن - أفيلدسن حين فاز بالأوسكار
المخرج الراحل جون ج. أفيلدسن - سلفستر ستالون في لقطة من «روكي»‬ أهم أعمال أفيلدسن - أفيلدسن حين فاز بالأوسكار
TT

في رحاب «روكي» وأفلام مخرجه

المخرج الراحل جون ج. أفيلدسن - سلفستر ستالون في لقطة من «روكي»‬ أهم أعمال أفيلدسن - أفيلدسن حين فاز بالأوسكار
المخرج الراحل جون ج. أفيلدسن - سلفستر ستالون في لقطة من «روكي»‬ أهم أعمال أفيلدسن - أفيلدسن حين فاز بالأوسكار

من المثير أن فيلم «روكي»، ومنذ خروجه للعروض في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) 1976 أثار كثيراً من الاهتمام حينها وفيما بعد، لكن القليل جداً من الاكتراث لصانعه جون ج. أڤيلدسن الذي توفي يوم الجمعة الماضي عن 81 سنة.
«روكي» هو الفيلم الذي كتبه وقام بتمثيله سلفستر ستالون وكان مستعداً أن يخرجه بنفسه فيما لو وافقت هوليوود على ذلك. الفيلم الذي خرج بـ3 أوسكارات في العام التالي، في 3 مسابقات؛ وهي أفضل فيلم وأفضل مونتاج وأفضل مخرج.
المخرج أڤيلدسن كان انعطف، قبل قيامه بتحقيق هذا الفيلم، من مهنة مساعد المنتج ومدير التصوير إلى مهنة الإخراج سنة 1969 بفيلم «غائب عن الوعي» (Out of It). هذا الفيلم لم يترك أي أثر على عكس فيلمه الثاني «جو» (1970) الذي استحق إعجاب النقاد، وإن لم يشاهده سوى مرتادي الصالات البديلة في أميركا. هذا الفيلم قاده إلى تحقيق عمل آخر سنة 1973 بعنوان «انقذ النمر» (Save the Tiger) الذي قاد بطله جاك ليمون لحصد ثاني أوسكار له كأفضل ممثل. الأول كان قبل سنة واحدة عن دوره في فيلم كوستا غافراس «مفقود»، والثاني كان عن «انقذ النمر» الذي دار حول رجل عاش بمبادئه يدير مصنع قماش وسبيله الوحيدة هي إحراقه وقبض قيمة التأمين عليه، لكي ينجو من أزمة اقتصادية طاحنة.

معايشة واقعية

بعد فيلمين و3 سنوات تسلم أڤيلدسن مهام تحقيق فيلم رياضي حول ملاكم غير معروف يرتقي سلالم الحلم الأميركي ويتحوّل إلى بطل أميركا في الوزن الثقيل. الفيلم هو «روكي» وكان لدى أڤيلدسن 23 يوماً فقط لإنجازه بسبب الميزانية المحدودة جداً (960 ألف دولار) التي صرفت للفيلم.
لم يؤسس أڤيلدسن للمشروع بل تم جلبه إليه. قبل ذلك بعدة أشهر كان الممثل سلفستر ستالون يحاول إنقاذ نفسه من سلسلة أدوار قصيرة وثانوية جداً، فكتب هذا السيناريو وبدأ عرضه على كل من استطاع الوصول إليه. شركة بعد أخرى واستديو إثر آخر رفض الفكرة قبل أن يتحمّس لها الثنائي وينكلر وشارتوف اللذان حاولا شراء حقوق العمل من ستالون فعرضا عليه 350 ألف دولار لهذه الغاية.
لم يتضمن العرض قيامه بالتمثيل. رغبتهما كانت شراء الحقوق ثم اصطياد ممثل مشهور لهذه الغاية وتحقيق فيلم لا علاقة لستالون به سوى بكونه كاتباً له على أن تذهب البطولة إلى روبرت ردفورد أو رايان أو نيل أو جيمس كان. ستالون رفض العرض ما دام أنه لا يتضمن نصاً ملزماً بقيامه هو بالبطولة. عندما فعل ذلك كان رصيده في البنك نحو 100 دولار وكان لا يملك ثمن إطعام كلبه فعرضه للبيع.
آنذاك، كان أجر أڤيلدسن وصل، بناءً على نجاح «انقذ النمر» إلى 150 ألف دولار، لكنه رضي بـ50 ألف دولار مع نسبة من الأرباح، لأنه تحمس للفيلم على الرغم أنه اعترف، ربما من بعد توقيع العقد، بأنه لم يشاهد فيلم ملاكمة من قبل ولم يشاهد حفلة ملاكمة مطلقاً في حياته.
ما يسجل للفيلم هو أسلوبه الواقعي ضمن أسلوب عمل تضمن ما يعرف بـ«أسلوب الغوريللا»، دلالة على قلة المعدات والاندفاع بممارسة العمل من دون التحضير المعتاد والتأسيس التقني والإداري المعتادين.
حدث في كثير من الحالات أن قام أڤيلدسن بالتصوير بنفسه، وفي المشهد الشهير لستالون وهو يمارس رياضة الركض في بعض شوارع مدينة فيلادلفيا لم يتسنّ للفيلم الحصول على رخص تصوير. تلك المشاهد الليلية قبل ذلك الفصل تمّت بأقل عناصر فنية ممكنة توفيراً للمال.
الأهم هو أن «روكي» في صميمه فيلم معايشة لحياة شخصية مهمّشة. بالتالي يدخل، في جزء كبير منه ما يعرف بالسينما الواقعية وبأسلوب مخرجه الذي يعني بتفاصيل ومتطلبات التصوير خارج الاستوديو ومعتاد على العمل بنصف ما قد يطلبه مخرجون آخرون لتحقيق المشروع ذاته.
رغم ذلك قلما تم النظر من قبل النقاد إلى حقيقة أن الفيلم بأسلوبه وبنتيجته هو فيلم واقعي النبرة. صحيح أن ما تؤول الأحداث إليه في الثلث الأخير من الفيلم هو صراع لتحقيق الحلم الأميركي الكبير، إلا أن تجاهل المعالجة الواقعية لحكاية رجل مهمّش يبدأ من الصفر غير مبرر.

عودة

شيء آخر غاب عن الذكر فيما بعد، وهو أن أحداً لم يعد يتذكر - أو يذكر - جون ج. أڤيلدسن مقروناً بمخرجي الفترة البارزين أمثال كوبولا وسكورسيزي ودي بالما وسواهم. هنا بعض الحق في ذلك على أساس أن نتاجات هؤلاء كانت إبداعية وفنية عالية بالمقارنة مع سعي أڤيلدسن للتنفيذ الجيد وحده.
ومع أن أڤيلدسن هو الذي فاز بالأوسكار عن ذلك الفيلم، وليس ستالون، فإن الفيلم سريعاً ما اعتبر فيلم ستالون وليس فيلم أڤيلدسن. هذه الحقيقة ليس لها شأن كبير في مسألة أن المخرج ليس مخرجاً فنياً (رغم فنية بعض أعماله) بل بحقيقة أن الإعلام يميل عادة إلى الاسم الذي يسود العمل، وليس بالضرورة لمن ينجزه.
خلال السبعينات تحمس كثيراً لتحقيق فيلم «سربيكو» وأنجز مع التحري النظيف الذي واجه فساد شرطة نيويورك وحده، سيناريو جاهزاً للتصوير، لكن خلافاً نشب بينه وبين المنتج مارتن رغمان دفع الثاني لإسناد مهمة الفيلم إلى سيدني لومِت.
في السبعينات أيضاً اختلف على النواحي الفنية ومسار العمل على فيلم «سترداي نايت فيڤر»، مما دفع المنتج روبرت ستيغوود لاستبداله بجون بادهام.
انتقل أڤيلدسن بعد «روكي» إلى إنتاجات رئيسية عرضت عليه؛ أولها كان «الفورميلا» سنة 1980 الذي جمع للمرة الأولى والأخيرة بين الراحلين مارلون براندو وجورج س. سكوت. بعد هذه الدراما مال إلى الكوميديا وأخرج «جيران» مع دان أكرويد وجون بيلوشي في البطولة قبل أن يحقق نجاحاً تجارياً، وفنياً إلى حد، مع «فتى الكاراتيه» سنة 1984.
عاد أڤيلدسن إلى سلسلة «روكي» سنة 1990 بعد قيام ستالون بتحقيق الأجزاء الثاني والثالث والرابع. «روكي 5» تمتع بميزانية قدرها 42 مليون دولار وبإخراج حمل أسلوباً يختلف عن أسلوب ستالون الذي أخرج تلك الأجزاء بروح مغايرة. «روكي 5» كان أفضل من أي جزء أنجزه الممثل، لكنه في الوقت ذاته كان خاوياً من الأهمية. الآن بتنا نتحدث عن فيلم لا يحتاج للبحث في حياة رجل يقاوم كل المصاعب في تحقيق الحلم الأميركي، بل عن رجل حققه وأخذ يتمتع بمزاياه.
بعودة المخرج إلى ناصية «روكي» لمع اسمه مجدداً ودفع المنتجين لطلبه لفيلمين رياضيين آخرين. أولهما فيلم ملاكمة آخر هو «قوّة واحد» (The Power of One) والثاني عن سباق الدراجات وعنوانه «8 ثواني»، سنة 1994. وإذا ما أضفنا فيلمي أڤيلدسن حول رياضة الكاراتيه، وهما «فتى الكاراتيه» الأول والثاني، فإن جزءاً من أعمال المخرج (وأهم أعماله) تم في إطار هذا النوع.
آخر الطريق بالنسبة لأڤيلدسن كان فيلماً رومانسياً لم يرَ نور العرض عنوانه «مكان رائع وخاص». كان ذلك سنة 1998، أي بعد 4 سنوات من تحقيقه «8 ثواني». ما بعد «مكان رائع وخاص» مارس المخرج قدراً من الأعمال الاستشارية وحقق أفلاماً قصيرة بعضها عن نفسه.
وفي الدورة الأخيرة من مهرجان سانتا باربرا في ولاية كاليفورنيا، التي تمت في شهر فبراير (شباط) الماضي، تم عرض فيلم عنه عنوانه «جون ج. أڤيلدسن: ملك المهمّشين» (John G. Avildsen: King of the Underdogs) الذي حوى شهادات له وأخرى عنه. عنوان لائق لمخرج لم يسعفه الأوسكار كثيراً في دفع مهنته إلى مصاف كبيرة. في الفيلم حديث عن تاريخه (ورد من عائلة ميسورة) وعن أفلامه من وجهة نظر ممثليها تاليا شاير (شقيقة فرنسيس فورد كوبولا) وسلفستر ستالون وكارل وذرز ورالف ماكيو وبيرت رينولدز، وحتى مارتن سكورسيزي له دور في الحديث عنه حيث درس السينما معه.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.