اليونان تحصل على «حزمة إنقاذ»... دون تساهل

تسيبراس يشيد بالاتفاق ويؤكد أنه خطوة حاسمة للخروج من الأزمة الطويلة

وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس (يمين) يمازح وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جونيدوس أثناء حضورهما اجتماع وزراء المالية للمجموعة الأوروبية في لوكسومبورغ (أ.ب)
وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس (يمين) يمازح وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جونيدوس أثناء حضورهما اجتماع وزراء المالية للمجموعة الأوروبية في لوكسومبورغ (أ.ب)
TT

اليونان تحصل على «حزمة إنقاذ»... دون تساهل

وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس (يمين) يمازح وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جونيدوس أثناء حضورهما اجتماع وزراء المالية للمجموعة الأوروبية في لوكسومبورغ (أ.ب)
وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس (يمين) يمازح وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جونيدوس أثناء حضورهما اجتماع وزراء المالية للمجموعة الأوروبية في لوكسومبورغ (أ.ب)

في وقت متأخر من مساء الخميس، وبعد مشوار شاق، تصاعد الدخان الأبيض من مقر اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في لوكسمبورغ، معلنا التوصل إلى اتفاق بين اليونان ودائنيها يقضي بمنح أثينا قرضا يمكنها من مواصلة مشوارها الطويل، لكن الاتفاق لم يتضمن جانبا كانت تطمح فيه اليونان يقضي بتخفيف أعباء ديونها.
وتوصل وزراء مالية منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي والحكومة اليونانية، في لوكسمبورغ، إلى اتفاق ينص على منح أثينا حزمة قروض جديدة بقيمة 8.5 مليار يورو (نحو 9.5 مليار دولار)، لتجاوز أزمة ديونها السيادية التي بدأت في عام 2010.
وقد وافق وزراء مالية دول منطقة اليورو على منح اليونان هذا القسط من المساعدات لسداد الدفعة المقبلة من الديون المستحقة عليها في شهر يوليو (تموز) المقبل. كما استعرض وزراء مالية دول المنطقة بعض الحلول المقترحة لكيفية إسقاط الدين الأوروبي عن اليونان، وما يمكن أن يكون عليه على المدى الطويل.
وأشاد رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس بالاتفاق، حيث سارع باللقاء مع الرئيس اليوناني بيريكوبوس بافلوبلوس ليبلغه بالأمر، قائلا له إن الاتفاق خطوة حاسمة للخروج بالبلاد من أزمتها الطويلة، وإشارة لتوقعات واضحة في إيجابية الأسواق، وأنه في الوقت نفسه يأتي نتيجة صبر وتضحيات الشعب اليوناني الذي عانى طويلا.. معربا عن التزامه بالخروج نهائيا من مذكرات الدائنين وبرامج المساعدات في غضون عام من الآن.
وأكد تسيبراس على أن «الوقت قد حان لمضاعفة الجهود وليس للاسترخاء، من أجل تهيئة الظروف لتحقيق الانتعاش القوي للاقتصاد اليوناني، والذي سوف تتم ترجمته في المعيشة والحياة اليومية للمواطنين، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي والتنمية العادلة والشفاء من جروح الأزمة»، على حد قوله.
بدوره، أعرب الرئيس اليوناني عن اتفاقه مع تصريحات تسيبراس، وأن قرار توصل مجموعة اليورو إلى اتفاق، يجب أن يفسر على أنه بداية لجهد كبير لإنهاء الأزمة العميقة التي يعاني منها اليونان وشعب اليونان، والذي تحمل الكثير من التضحيات، مؤكدا أنه «أيضا، كانت هناك تضحيات ظالمة».
من جانبه، قال جيروين ديسلبلوم، رئيس مجموعة اليورو، إن حجم الدفعات التي على أثينا سدادها سوف يكون محل مناقشة بين وزراء مالية منطقة اليورو، مؤكدا أن اليونان تحرز تقدما على صعيد ما طلب منها من إجراءات إصلاحية. وقد كتم اليونانيون أنفاسهم مساء الخميس أملا في أن تنتهي المباحثات، وينتهي معها الكابوس الذي عاشوه على مدار سنوات، وأن يجري التوصل لاتفاق وانتهاء الأزمة.
ولكن اليونانيون لن يحصلوا فورا على إجراءات لتخفيف ديونهم الهائلة التي تعادل مستوى 179 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، والتي يطالبون بها منذ أشهر، غير أن منطقة اليورو قدمت لهم «توضيحات» بشأن ما قد يحصلون عليه لاحقا.
وإثر اجتماع لوكسمبورغ الذي حضرته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، قال ديسلبلوم: «يسرني الإعلان أننا توصلنا إلى اتفاق على كل العناصر». بينما سارعت لاغارد إلى الإعلان أنها ستقترح على صندوق النقد الدولي المشاركة المبدئية إلى جانب منطقة اليورو في خطة المساعدة هذه، خاتمة أشهرا من الخلافات بهذا الشأن.
وكان التوصل إلى اتفاق مساء الخميس متوقعا نظرا إلى الإيجابية السائدة قبل الاجتماع، وهو تطور يبعث على الارتياح بالنسبة إلى منطقة اليورو.. فهو يجيز إطلاق خطة المساعدة الثالثة للبلاد بقيمة 86 مليار يورو، التي وقعها الأطراف في يوليو 2015، وتعرقلت نتيجة الخلافات بين أعضاء منطقة اليورو، وعلى وجه الخصوص ألمانيا، وصندوق النقد الدولي.
وستجيز الدفعة الجديدة التي ستتلقاها اليونان تسديد أكثر من سبعة مليارات يورو من الديون المستحقة في يوليو، مبعدة شبح أزمة في الصيف.
ويحرص صندوق النقد الدولي واليونان على الحصول على توضيح بخصوص تخفيض ديون اليونان لتصبح مستدامة وأن تكون قابلة للسداد، وذلك في الوقت الذي ينقسم فيه الدائنون الدوليون لليونان حول استمرار صرف حزمة قروض الإنقاذ الثالثة لأثينا، حيث تطالب ألمانيا باشتراك صندوق النقد في تمويل الحزمة، فيما يشترط الصندوق ضرورة تخفيف أعباء الديون على اليونان لتصل إلى المستويات التي تتيح لأثينا سدادها بإمكاناتها الذاتية. وتعني شروط الصندوق ضرورة تمديد فترة سداد الديون وتقليل سعر الفائدة.
وللتوصل إلى تسوية، قبل صندوق النقد تخفيف مطالبه، وأعطى «موافقة مبدئية» على المساهمة في خطة المساعدة، الأمر الذي كانت ألمانيا تطالب به. لكنه لن يسدد قرشا واحدا قبل إقرار الأوروبيين تخفيف ديون اليونان التي يعتبرها لا تحتمل.
وقالت لاغارد: «لا أحد يقول إنه أفضل الحلول»، لكنه «ثاني أفضل الحلول»، وأضافت أن «البرنامج نال الموافقة مبدئيا؛ لكن التسديد لن يتم قبل تحديد تام لكيفية تخفيف الدين»، مشيرة إلى مساهمة الصندوق بنحو ملياري دولار أميركي.
وقال مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيار موسكوفيسي: «نجحنا في إيجاد اتفاق شامل سيسمح لليونان بأن تطوي صفحة مرحلة في منتهى الصعوبة»، لا سيما بعد تنفيذ اليونانيين في السنوات الأخيرة إصلاحات قاسية لإرضاء الدائنين. وصرح وزير المالية اليوناني أوقليدس تساكالوتوس: «بات هناك مزيد من الوضوح مع ختام هذا الاجتماع لمجموعة اليورو سواء لدى الشعب اليوناني والأسواق المالية في آن». بينما أفاد وزير الاقتصاد برونو لومير بأن «هذا الاتفاق تم بفضل الروحية الإيجابية لدى كل الأطراف حول الطاولة».
من ناحيته، يصر وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله على ضرورة استمرار شروط القروض حتى نهاية برنامج الإنقاذ المالي الحالي، مع إمكانية إعادة التفاوض على هذه الشروط لتخفيفها في العام المقبل بعد انتهاء الانتخابات العامة الألمانية المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل. ودافع شويبله مساء الخميس في برلين عن قرار وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بعدم منح أثينا حاليا تسهيلات للحصول على قروض جديدة. وقال في تصريحات لبرنامج «جورنال اليوم» بالقناة الألمانية الثانية إن «هدف برنامج المساعدات الحالي هو تقوية اليونان لتتمكن من الوقوف على قدميها ثانية». موضحا أنه يعتقد أن «البرنامج ناجح، وأن القروض اليونانية بمقتضاه ستكون ممكنة السداد».
وبالنسبة لدور صندوق النقد، قال شويبله إن الصندوق قرر برنامجا جديدا لليونان ينتظر التمويل، مبينا أن هذا يعد «انحرافا عما تم تقريره من قبل». وأضاف أن لجنة الموازنة بالبرلمان الألماني ستناقش هذا الأمر خلال اجتماعها أمس الجمعة.



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.