أميركا تدعو قطر إلى إيجاد «أرضية مشتركة» مع جيرانها ومصر لإنهاء الأزمة

الجبير يلتقي تيلرسون... ويتمنى «أن تسود الحكمة والمنطق» في الدوحة

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون قبيل اجتماعهما في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون قبيل اجتماعهما في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا تدعو قطر إلى إيجاد «أرضية مشتركة» مع جيرانها ومصر لإنهاء الأزمة

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون قبيل اجتماعهما في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون قبيل اجتماعهما في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

قال الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، خلال جلسة استماع في مبنى الكابيتول للجنة خدمات الأسلحة بمجلس النواب أول من أمس، إنه يجب على دولة قطر الوصول إلى أرضية مشتركة مع الدول الخليجية المتقاطعة معها وكذلك مصر، معتبراً أنها أزمة معقدة للغاية.
وأكد ماتيس أن أي دعم للمجموعات الإرهابية يعاكس مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، منوهاً بأن أمير قطر الحالي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورث إرثاً صعباً معقداً للغاية، وعليه أن يسير في الطريق الصحيح لمكافحة دعم الإرهاب، وأضاف: «أعتقد أن الأمير آل ثاني ورث وضعاً صعباً وعليه السير في الاتجاه الصحيح، ولكننا نتفق أن دعم الجماعات الإرهابية ضد مصلحتنا جميعاً، وعلى قطر أن تجد أرضية مشتركة مع جيرانها الدول الخليجية ومصر لإنهاء الأزمة».
إلى ذلك أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن مقاطعة قطر ليست حصاراً، مشيرا عقب لقائه نظيره الأميركي ريكس تيلرسون صباح أمس الثلاثاء بمقر الخارجية الأميركية أن السعودية تمارس حقها السيادي في منع قطر من استخدام الموانئ والمجالات الجوية السعودية، بينما الموانئ القطرية لا تزال تعمل، ومطاراتها مفتوحة.
وأوضح الجبير أن بلاده على استعداد لتقديم المساعدات الغذائية والطبية لدولة قطر، إذا كانت بحاجة لها، مشددا على أن حل الأزمة الدبلوماسية مع قطر يجب أن يتم في إطار خليجي خليجي، مشيراً إلى أنه لا يوجد عرض لوساطة أميركية، مجدداً أنه على قطر الاستجابة للمطالب المتعلقة بوقف دعم المنظمات الإرهابية وعدم التدخل في شؤون جيرانها، وعدم التحريض وقال: «نأمل في أن تستجيب قطر لهذه المطالب العادلة والمنطقية، ونتمنى أن تسود الحكمة والمنطق القيادة القطرية، وأن توقف تمويل الإرهاب والتطرف».
وكان الجبير قد استعرض مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون العلاقات الثنائية وأبعاد الأزمة مع قطر، فيما يبدو أن الأزمة ستأخذ منحى آخر خلال الأيام المقبلة، وتتجه أروقة الساحة التشريعية السياسة الأميركية، فبعد أن تمثل الموقف الرسمي للولايات المتحدة الأميركية بتصريحات المؤسسات الثلاث البيت الأبيض، وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع المتوافقة مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتحذير قطر من دعم الإرهاب ودعوتها إلى وقف تمويل الإرهاب فوراً، تأتي تحركات خليجية بإشراك المؤسسة التشريعية أيضاً في هذا الملف.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أميركية موثوقة إلى وجود وفد خليجي رفيع المستوى في العاصمة الأميركية واشنطن، يلتقي خلالها الوفد عدداً من المسؤولين في الكونغرس الأميركي بشقيه النواب والشيوخ لمناقشة الأزمة الخليجية مع قطر وسبل وقف دعم الإرهاب، وذلك قبل الزيارة المرتقبة لريكس تيلرسون وزير الخارجية الأميركية إلى المنطقة الأيام المقبلة، ولفتت المصادر إلى أن مهمة الوفد الخليجي هي الالتقاء مع عدد من المسؤولين الأميركيين في الكونغرس، وشرح وجهات نظر الدول الخليجية الثلاث في مقاطعتها لدولة قطر، والتأكيد على ضرورة التعاون في تنفيذ مخرجات القمة الإسلامية - الأميركية التي عقدت في الرياض الشهر الماضي، التي تشدد على ضرورة وقف دعم الإرهاب بكل أشكاله.
إلى ذلك، كشف يوسف العتيبة السفير الإماراتي عبر مقال بجريدة «وول ستريت» التناقض في السياسة القطرية ما بين الاستثمار في أميركا ودعم جماعات متطرفة، إذ أشار إلى أن قطر تمتلك جانباً من مبني امباير ستيت بنيويورك، وتستخدم الأرباح في تعزيز التطرف، مشيرا إلى التناقض الصارخ والخطير ما بين قيام قطر باستثمار مليارات الدولارات في الولايات المتحدة وأوروبا، ثم تقوم باستخدام أرباحها في دعم حماس والإخوان المسلمين والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، وهو أيضا ما يتناقض مع استضافة قطر للقاعدة العسكرية الأميركية التي توجه منها الولايات المتحدة ضرباتها ضد التطرف والإرهاب.
وقال العتيبة إن على قطر أن تقرر الآن موقفها، وإنه لا يمكن الاستمرار في اتجاهين متناقضين، مطالباً بضرورة أن تتخذ قطر إجراءات حاسمة للتصدي نهائياً لمشكلة التطرف، ووقف التمويل للجماعات الإرهابية، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها، وإنهاء التحريض الإعلامي.
فيما تباينت وجهات الرأي السياسية الأميركية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الأزمة الخليجية مع قطر، وذلك بعد التغريدات التي أطلقها الرئيس ترمب خلال المرات الماضية، متناولا فيها الأزمة الخليجية ومقاطعتهم قطر، والتأكيد على ضرورة استجابة الدوحة لمطالب تلك الدول؛ إذ أيد السيناتور الجمهوري توم كوتون عضو لجنة خدمات الأسلحة بمجلس الشيوخ، التصريحات التي أدلى بها الرئيس دونالد ترمب حيال الأزمة الخليجية مع قطر، مؤكداً على ضرورة التزام الدوحة بمطالب شقيقاتها ووقف دعم الإرهاب.
وأكد كوتون في بيان صحافي أمس على موقعه الشخصي، أنه حان الوقت الآن للوحدة والع+زم على وقف دعم الإرهاب بكل أشكاله، والأنشطة الإيرانية المؤذية، وقال: «يجب أن تكون وحدة حقيقية بين شركائنا الخليجيين تقوم على الأفعال وليس فقط الكلمات»، وأضاف: «لقد التزم قادة قطر ببذل جهد مشترك لهزيمة الإرهاب، ولكن هذا الجهد تمت عرقلته إلى حد كبير بدعم قطر لحماس والجماعات المتطرفة الأخرى، وعدم اتخاذ إجراءات كافية لإيقاف تمويل الإرهاب من أراضيها، وأحث القطريين على اتخاذ خطوات ملموسة وإيجابية نحو التوصل إلى حل مستدام».
من جانبها لجأت قطر إلى الاستعانة بمكتب محاماة جون أشكروفت الذي شغل منصب النائب العام في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش، وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن قطر لجأت إلى شركة محاماة أشكروفت، وأبرمت عقدا مع الشركة في السابع من يونيو (حزيران) الجاري لمدة ثلاثة أشهر بمبلغ 2.5 مليون دولار، حيث تقوم الشركة بإسداء النصيحة والمشورة لقطر للامتثال بقواعد ولوائح وزارة الخزانة الأميركية حول مكافحة، ووقف تمويل التطرف والإرهاب. وتحاول قطر تحسين صورتها في واشنطن من خلال شركات «لوبي في كي ستريت».
وقال جون الترمان، وهو خبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنه من غير الواضح ما إذا كانت قطر قد استأجرت أشكروفت لمعالجة الأزمة الحالية، أو ما إذا كان هذا جزءا من جهد أكبر لتعزيز العلاقات الأميركية.
وقال الترمان: «أعتقد أن هناك مجموعتين من القضايا: الأولى معالجة الأزمة الحالية، والثانية بحث الخطوات التي يجب القيام بها على مدى السنوات الخمس المقبلة؟».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».