عندما يقوم متحف عالمي مثل «فيكتوريا آند ألبرت» بتنظيم معرض عن تاريخ الأزياء تكون النتيجة معرضا شاملا يحاول انتقاء أهم القطع التي يمكن العثور عليها في مخازن المتحف العريق وأيضا الاستعارة من المتاحف والمؤسسات العالمية الأخرى لتكوين معرض متكامل. في مثل هذا المعرض، مهما تعددت المعروضات فإن عددها سيظل محدودا، بحكم عوامل المساحة والقدرة على الاستعارة وإمكانية نقل القطع وغيرها كثير من الخطوات التنظيمية.
وربما يكون هذا أحد الأسباب التي ستجعل من المشروع، الذي اشترك فيه المتحف اللندني و180 مؤسسة ثقافية من حول العالم مع مشروع غوغل للفن والثقافة، أضخم معرض يمكن تنظيمه عن عالم الأزياء والتصميم. ولكنه ليس معرضا فعليا سيشغل مكان وزمان محدد بل سيفترش الفضاء الإلكتروني عارضا على الجمهور في كل مكان فرصة لاكتشاف تاريخ عمره 3000 عام من صناعة الملابس.
المشروع يحمل عنوان «ثقافة ما نرتدي» (وي وير كلتشر)، ويجب القول إنه يتجاوز كونه معرضا، فهو أقرب لموسوعة بصرية تسرد تاريخ ثري وواسع للأزياء وارتباطها بالثقافة والفن والعلوم في عصرها. صفحة المدخل تبدأ بتقديم المشروع بعبارة: «ثقافة ما نرتدي.. قصص خلف ما نلبسه»، يتبعها مجموعة من العناوين التي يمكن تصفح كل منها على حدة منها. مثال لتلك الملفات ما أطلق عليه اسم «الأيقونات»، وهو مخصص لتقديم عروض منفصلة عن أشهر الأسماء في عالم الأزياء أمثال أوسكار دي لارنتا وكريستيان ديور وكوكو شانيل وجياني فيرساتشي وإيسي مياكي وبالانسياجا وألكساندر ماكوين وغيرهم. كل ملف يأخذنا، عبر عرض صور وأفلام قصيرة ورسومات فنية، لقصة كل اسم من هذه الأسماء. وبالطبع فصور الأزياء والرسومات كلها مستعارة من مؤسسات عالمية.
المشروع يستعرض أيضا نحو 5000 قطعة من مقتنيات متحف «فيكتوريا آند ألبرت» والتي تعد الأكثر شمولية حول العالم، فهي تضم أردية تاريخية هامة من القرن السابع عشر والثامن عشر وفساتين سهرة من ثلاثينات القرن الماضي مرورا بأزياء مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وأزياء الستينات وصولا للعصر الحالي.
وبكل ما يمثله المشروع من أهمية فهو أيضا مصمم بصريا بشكل ممتع يغري المتصفح بقضاء ساعات في محاولة استكشاف كل موضوع على حدة، ولكن وبما أن المشروع موجود على الفضاء الإلكتروني ولا يرتبط بمواعيد عرض فلا سبب يدعو للعجلة، تستطيع العودة له متى أردت.
يلفت النظر أن هناك ما يطلق عليه «معارض رقمية» يصل عددها لـ500 معرض، يدور كل منها حول موضوع محدد يرتبط بالأزياء ولكن من خلال زاوية محددة، مثل معرض يستكشف مجموعة أردية من تصميم شانيل تبرعت بها آنا وينتور، رئيسة تحرير فوغ الأميركية، لمتحف «سكاد فاش للأزياء والأفلام» بأتلانتا، أو معرض آخر يدور حول الممثلة العالمية أودري هيبورن وعلاقتها مع المصمم سيلفاتوري فيراغامو، معرض ثالث يدور حول تصاميم كريستيان ديور تحديدا لفساتين الحفلات. هناك معارض أخرى مرتبطة بالتطور التاريخي للأزياء، مثل معرض عن فساتين الزفاف في الفترة من 1800 إلى عام 2000 وآخر عن أزياء الرجال المتأنقين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وغيرهم كثير جدا.
لا يكتفي الموقع بكل هذه المعلومات والمعروضات بل يتجه أيضا إلى استكشاف جوانب أخرى مرتبطة بالأزياء، مثل عرض لتاريخ صناعة المانيكان في إيطاليا خلال 47 عاما وعرض آخر بشاشة غوغل ستريت لأهم القصور والأماكن التي تستضيف عروض الأزياء.
تم تصوير المعروضات خصيصا للموقع باستخدام كاميرات «غوغل آرت» التي غاصت في تفاصيل بعض القطع بدرجة مذهلة، ويشير الموقع: «يستطيع المشاهدون رؤية صورة مقربة جدا لـ(غرز الخياطة) الحرفية في عباءة لإمبراطور من القرن الثامن عشر أو الاقتراب من معطف مسائي من تصميم إيلسا شيابريلي لاستكشاف العلاقة بين الأزياء والفن السوريالي أو الغوص في فخامة الأزياء الملكية البريطانية من خلال رداء يعود لعام 1755».
كما قدم «فيكتوريا آند ألبرت» ثمانية معارض مصممة خصيصا للموقع، عارضا مجموعته القيمة لجمهور جديد لم تتح له الفرصة لزيارة المتحف في لندن. المعارض تستخدم الصور الأخاذة والفيديو والتعليق الصوتي لتقدم موضوعات مثل «غاليري أوف فاشون» الذي يستعرض خمسة قرون من الموضة من خلال مجموعة المتحف، أو معرض «سياسة الأزياء»، وهو جرد لأهم ملامح الأزياء في البلاط الملكي البريطاني في القرن الثامن عشر وغيرها.
تعلق كاتي برايس رئيسة قسم الديجيتال بـ«فيكتوريا آند ألبرت» على المشروع بقولها: «نسعى دائما لاستكشاف كيفية توظيف التكنولوجيا الحديثة لعرض مجموعتنا التي لا تضاهى من الأزياء على الإنترنت. والآن يستطيع الزوار رؤية تفاصيل دقيقة من بعض القطع الموجودة بالمتحف. يمكنهم أيضا معرفة القصص خلف تلك القطع بطرق جديدة تماما».
«ثقافة ما نرتدي»... عرض موسوعي عن الأزياء برعاية «غوغل»
«فيكتوريا آند ألبرت» و180 متحفاً عالمياً تشارك بمعارض رقمية لأشهر المصممين والصيحات
«ثقافة ما نرتدي»... عرض موسوعي عن الأزياء برعاية «غوغل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة