تعج باحة جامع عقبة بن نافع في مدينة القيروان التونسية، يوميا، بمئات الزائرين الذين يغتنمون شهر رمضان للتوجه إلى هذا المعلم الديني الأهم على مستوى تونس، بما يحوله إلى قطب للاحتفالات الدينية. فبعض الزائرين يأتون للتبرك بهذا الجامع الذي بناه الفاتحون سنة 50هـ، والبعض الآخر يسعى إلى صلاة التراويح في جامع تأسس قبل 14 قرنا، ويحمل أجواء روحانية تعود بهم إلى العهود الإسلامية الأولى.
وينتظر التونسيون شهر رمضان بوصفه المناسبة الأبرز في السنة، لتسجيل حركية لا تضاهى في هذا المعلم الذي يعد «استذكارا للماضي والتماسا للنفحات وإشباعا للروح واستلهاما من أحد ينابيع المقدسات في تونس».
ويؤكد المؤرخون أنّ جامع عقبة الذي يعد منارة إسلامية أشاعت العلم والفقه، يبدو للناظرين إليه من بعيد على أساس أنّه حصن ضخم، فجدرانه سميكة ومرتفعة وشدت بدعامات واضحة.
ويعود الفضل في رسم ملامحه وتخطيطه النهائي إلى زيادة الله الأول 221 - 223 للهجرة. وأضاف أبو إبراهيم أحمد سنة 248 للهجرة، المجنبات وقبة البهو. ويشتمل جامع عقبة على 17 بلاطة ويستمد تخطيطه من الجوامع الأمويّة مع الاقتداء بمثال جامع الرّسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.
وفي المقابل يتميّز تخطيط الجامع ببساطته، فهو يتكوّن من مستطيل منحرف، ومبنى في اتّجاه الطول، اقتداء بالجوامع العراقيّة، ويبلغ طوله بين 127.6 و125.2 متر، وعرضه بين 71.70 متر و78 مترا. ويعد بذلك من أكبر المساجد الجامعة الباقية في الإسلام، وأعظمها مظهراً.
وتوفر هذه المساحة الشاسعة مكانا فسيحا لأداء صلاة التراويح في أمان ودون اكتظاظ، فتغص الباحة الكبيرة بالقادمين إليها من مختلف المدن التونسية ومن بعض البلدان المجاورة، مثل ليبيا والجزائر.
ويبلغ عدد قباب جامع عقبة، 6 قباب، وترتفع المئذنة إلى حدود 31.5 متر، وتعد المئذنة من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في المغرب العربي. وتعد جميع المآذن التي بنيت بعدها في بلاد المغرب العربي على شاكلتها، ولا تختلف عنها إلا قليلا، ومن المآذن التي تشبهها مئذنة جامع صفاقس ومآذن جوامع تلمسان (الجزائر) وأغادير والرباط وجامع القرويين (المغرب)، علاوة على بعض مآذن مساجد الشرق كمئذنة مسجد الجيوشي في مصر.
وعن تأسيس جامع عقبة بن نافع، يقول المؤرخ ابن عذاري: «رأى عقبة في منامه من يحدثه قائلا: (إذا أصبحت فخذ لواءك في يدك واجعله في عنقك، فإنك تسمع بين يديك تكبيرا لا يسمعه أحد غيرك، فانظر الموضع الذي ينقطع عنك فيه التكبير فهو قبلتك ومحرابك، فهبّ القائد من نومه جزعا، فتوضأ وذهب إلى مكان المسجد مع بعض الخاصة من أصحابه، فصلى بهم ركعتين، فلما شقّ ضوء الفجر أستار الظلام وانبلج الصبح، أقبل عليه جنده فصلى بهم ركعتي الصبح، وإذا بالتكبير يملأ مسامعه، فسأل أصحابه إن كانوا يسمعون شيئا، فأجابوه بالنفي، فعلم أنّ الأمر من عند الله عز وجل»، وأمر أصحابه ببناء الجامع في الموضع نفسه الذي يوجد به اليوم.
تونس: «جامع عقبة» بالقيروان قطب احتفالات رمضان
التماساً للنفحات وإشباعاً للروح في أول جامع بالمغرب العربي

ساحة جامع عقبة توفر مكانا فسيحا لأداء صلاة التراويح في أمان ودون اكتظاظ
تونس: «جامع عقبة» بالقيروان قطب احتفالات رمضان

ساحة جامع عقبة توفر مكانا فسيحا لأداء صلاة التراويح في أمان ودون اكتظاظ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة