زعيم الحزب الشيوعي العراقي: البديل الديمقراطي مفاجأة الانتخابات غير السارة للقوى المتنفذة في البلاد

حميد مجيد موسى أكد لـ «الشرق الأوسط» أنه لم تتضح بعد طبيعة الانتخابات وكل ما يجري هو تسريبات تحتمل الزيادة والنقصان

حميد مجيد موسى
حميد مجيد موسى
TT

زعيم الحزب الشيوعي العراقي: البديل الديمقراطي مفاجأة الانتخابات غير السارة للقوى المتنفذة في البلاد

حميد مجيد موسى
حميد مجيد موسى

أكد زعيم الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى أن التحالف المدني الديمقراطي، الذي تشكل من عدة قوى ليبرالية في العراق، من أحزاب وشخصيات «هو المفاجأة غير السارة في الانتخابات بالنسبة للقوى السياسية المتنفذة في العراق»، التي قادت البلاد طوال السنوات العشر الماضية على أساس المحاصصة الإثنية والطائفية».
وقال موسى في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف المدني الديمقراطي سوف يحصل على عدد من المقاعد في البرلمان المقبل لأول مرة، بوصفه قوة منظمة، تحشد نفسها لكي تكون البديل الحقيقي لنظام المحاصصة، الذي فتك بالبلاد طوال السنوات الماضية، والذي يراد تكريسه من قبل القوى السياسية والحزبية المتنفذة نفسها، وهي القوى الثلاث الرئيسة الشيعية والسنية والكردية»، مشيرا إلى «أننا أصبحنا لأول مرة القوى الرابعة، التي أزعجت الكثير من هؤلاء، ممن يريدون الاستمرار في الاستحواذ على السلطة ومقدرات البلاد».
وأكد موسى أنه «ولو لم تتضح بعد طبيعة الانتخابات، وكل ما يجري هو تسريبات تحتمل الزيادة والنقصان، فإننا، وبالقياس إلى التجارب السابقة، قد نكون مثلنا طفرة مهمة، وبودي الإشارة هنا إلى أن التحول الأكبر بالنسبة لنا حصل في العاصمة بغداد التي تسعى لأن تعيد هويتها المدنية، كما أن حضورنا في الخارج كان الأفضل، لكن حصلت أمور كثيرة أثرت على تصويت الخارج الذي كان في معظمه لصالحنا، حيث جرى إلغاء ثمانية آلاف صوت جرى إسقاطها في الخارج، بحجة وجود نقص في الوثائق، فضلا عن أن هناك نحو 160 ألف صوت مورست ضغوط عليهم، بعدم التصويت بحجج مختلفة، وبالتالي فإن تصويت الخارج لم يتعد الـ12 في المائة، وهي نسبة متدنية جدا بسبب الأساليب التي جرى اتباعها من قبل الجهات المعنية».
وردا على سؤال بشأن طبيعة الانتخابات وما يثار بشأنها من قبل كثير من الأطراف قال موسى إن «الانتخابات جرت بلا شك في ظل ظروف غير طبيعية حيث لا يوجد قانون أحزاب، فضلا عن دخول المال السياسي متعدد المصادر والجهات، وكذلك استغلال المال العام، بالإضافة إلى عمليات الاستبعاد والاجتثاث، التي طالت عددا من السياسيين والمرشحين من دون وجه حق، والأجواء السياسية المتوترة وحظر التجوال الذي منع الآلاف من الوصول إلى صناديق الاقتراع».
وعدّ موسى أن النظام الانتخابي الذي جرى اعتماده، المسمى «سانت ليغو» المعدل «لا يزال يحابي الأقوياء، وأن النسبة التي جرى اعتمادها، وهي (واحد تقسيم ستة)، إنما هي سرقة لصالح الأقوياء، كما أن نظام البطاقة الإلكترونية شابته مشاكل كثيرة».
وأوضح موسى أن «الأجواء التي سبقت الانتخابات وقادت إليها لم تكن موفقة تماما، حيث كانت متوترة جدا، وقد عشنا خلال الشهور الستة الماضية أشبه بأجواء حرب طائفية، وقد جرى الدخول إلى الانتخابات تحت هذه التأثيرات، يضاف إليها أجواء عدم الثقة بين الأطراف السياسية».
وبشأن رؤيته للخارطة السياسية في البلاد، وما إذا كانت سوف تشهد تغييرا بعد الانتخابات، قال موسى إنه «من الواضح أن هناك تحولا في الرأي العام، وبالتالي فإنه لا توجد قائمة أو كتلة بقيت على ما هي عليه صعودا وهبوطا، وهو ما ينطبق على أهم الكتل الشيعية المتنافسة، وهي دولة القانون والمواطن والأحرار، فإننا نلاحظ أنه في الوقت الذي يمكن القول إن (المواطن) قد تقدمت، فإن تيار الأحرار بقي على ما هو عليه، إن لم يكن قد تراجع وهذا من شأنه التأثير على طريقة تشكيل الحكومة المقبلة، التي يراد لها أن تكون حكومة أغلبية سياسية»، وعدّ أن «الكتل الأخرى الكردية والسنية لها مواقف ورهانات مختلفة، فالأكراد مثلا وإن برزت خلافات كبيرة بينهم الآن انعكست حتى على تشكيل حكومة الإقليم، فإنهم حتى الآن موحدون حيال بغداد، برغم أن المالكي يراهن على إمكانية استمالة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني، لدعمه لولاية ثالثة في إطار هذه الحكومة، كما يراهن على تفتت بعض الأطراف السنية».
وحول ما إذا كان التحالف المدني الديمقراطي سوف يدخل في لعبة التوازنات أو تشكيل الحكومة المقبلة، قال موسى إن «كل القوى الرئيسة الإثنية والطائفية لا تريد قوة رابعة اسمها التيار الديمقراطي، يمكن أن يكون لها وجود على الأرض وفي المعادلة السياسية، وبالتالي فإننا في الواقع لسنا متحمسين للانخراط في الحكومة ما لم تكن هناك ضمانات في أن تكون هذه الحكومة قادرة على إخراج العراق من أزماته».
وبشأن ما إذا كانت الكتل السياسية سوف تلجأ إلى تفسير المحكمة الاتحادية، بشأن الكتلة الأكبر، التي مهدت للمالكي لولاية ثانية عام 2010. قال موسى: «المشكلة أن تفسير المحكمة الاتحادية لم يكن دستوريا لأن المحكمة الاتحادية، وبكل أسف، تخضع للضغوط، لكن اليوم هناك ضغوط أخرى بشأن رئاسة الوزراء على الكتل الشيعية هي ضغوط المرجعية الدينية والخلافات الحادة داخل البيت الشيعي، بالإضافة إلى الموقف الإيراني الذي بات يميل إلى القوي داخل البيت الشيعي»، مرجحا أن «تستمر الخلافات داخل البيت الشيعي بحيث تعرض كل كتله مرشحا للبرلمان لكي يجري التصويت عليه، لكي يشكل الحكومة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.