تمتاز مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان بكثرة مأدبات الإفطار الرمضانية، التي تحتضن يوميا المئات من النازحين واللاجئين وقليلي الدخل من أبناء المدينة ومدن الإقليم والعراق الأخرى، ولعل أبرز تلك المأدبات هي مأدبة إفطار الأسعدي أو الخيمة الرمضانية التي تنصب طيلة أيام الشهر الفضيل، مقدمة أطيب الأطعمة الكردية والعراقية للصائمين.
تقع خيمة الأسعدي الرمضانية على قطعة أرض بجانب الأسعدي مول في شارع السلطان مظفر وسط مدينة أربيل، التي نصبها رجل الأعمال الكردي سليمان جبار عمر الأسعدي المدير المفوض لشركة الأسعدي للمقاولات، ويقدم من خلال هذه الخيمة يوميا وعلى مدار شهر رمضان الإفطار المجاني للمئات من أبناء كردستان والنازحين واللاجئين فيها.
ويقول سليمان الأسعدي، لـ«الشرق الأوسط»: «إقليم كردستان يمر بأزمة اقتصادية كبيرة، لأسباب عدة من جملتها قطع ميزانية ورواتب الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد، إضافة إلى احتضان الإقليم لأعداد هائلة من النازحين العراقيين خصوصا من العرب السنة، وهؤلاء يحتاجون إلى مصاريف ومأوى ومدارس وحالتهم المعيشية صعبة جدا».
وأردف الأسعدي بالقول: «لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك عددا ليس بقليل من النازحين والمشردين من دون مأكل ومشرب، لذا ارتأينا تنصيب هذه الخيمة وتنظيم مأدبة الإفطار هذه طيلة أيام رمضان»، لافتا إلى أن أعداد الصائمين المقبلين على الخيمة لنيل حصصهم من الطعام ترتفع يوميا، حيث وصلت خلال اليومين الماضيين إلى نحو 500 شخص، وتوقع أن ترتفع أعدادهم بحلول منتصف ونهاية رمضان إلى ألف صائم من مختلف المكونات.
وتوفر هذه الخيمة الرمضانية الإفطار على شكلين، الشكل الأول يتمثل في توزيع وجبات الإفطار الجاهزة على العوائل بحسب عدد أفراده، أما الشكل الآخر فيتمثل بتقديم وجبة الإفطار للصائمين الذين يقبلون يوميا بحلول وقت الإفطار على الخيمة.
بدوره بين مدير حسابات الشركة، بيشنك أحمد شريف، الذي يتولى الإشراف المباشر على الخيمة وإعداد الطعام، لـ«الشرق الأوسط»: «توزيع الطعام وقت الإفطار لا يقتصر على المسلمين فقط، فنحن نقدم الطعام لكل المكونات من المسيحيين والإيزيديين والشبك والطوائف الأخرى، من النازحين الذين اضطروا إلى ترك مدنهم وممتلكاتهم بسبب الحرب».
أما وجبة الإفطار فتتكون من الأكلات المألوفة لدى العائلة الكردية والعراقية، حيث يؤلف الأرز واللحم والحساء والتمر والحلويات والعصائر إلى جانب الفواكه الطازجة مكونات هذه الوجبة، ويكشف شريف بالقول: «نعتمد مواد طازجة من إنتاج مزارع كردستان في إعداد الطعام الإفطار»، مشيرا إلى أن موظفي الشركة البالغ عددهم 25 موظفا تبرعوا لإعداد الطعام في الخيمة الرمضانية وتجهيز الوجبات الجاهزة وتوزيعها على المحتاجين.
ويُسلط شريف على الخدمات الرمضانية الأخرى التي تقدمها شركته للمحتاجين في كردستان: «إلى جانب هذه الخيمة نحن نقدم الطعام خلال رمضان لدار الأيتام ودار العجزة في المدينة ولمخيمات النازحين، لكن هذا ليس يوميا، لأنه يحتاج في بادئ الأمر مع إدارة هذه المراكز ومن ثم نقدم لهم الطعام حسب احتياجاتهم إليه، نحن نواصل هذا العمل منذ سنوات»، مشيرا إلى أن الشركة تجهز دار الأيتام في كل بداية موسم جديد بالملابس.
ويمتاز رمضان في إقليم كردستان بشكل عام وفي مدينة أربيل خاصة بطعم متميز، فالأحياء الشعبية والقديمة من المدينة ما زالت تحافظ على عاداتها الرمضانية المتمثلة بتبادل الطعام وقت الإفطار وتبادل الزيارات، فالعوائل تجتمع كل ليلة في بيت أحد أقاربها لتتبادل أطراف الحديث وتذكر بالماضي الجميل وتأريخ المدينة، وتمتد هذه الجلسات إلى وقت السحور، وتتخللها ممارسة الألعاب التراثية الكردية كلعبة الصينية والقبعات وألعاب أخرى، إلى جانب تناول الحلويات الكردية التقليدية التي تصنعها معامل المدينة مثل البرمة والداطلي والبقلاوة الكردية.
خيمة الأسعدي في أربيل تقدم الإفطار المجاني لمئات الصائمين
خيمة الأسعدي في أربيل تقدم الإفطار المجاني لمئات الصائمين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة