كما هي العادة في شهر رمضان المبارك كل عام يفتح جامع «الخرقة الشريفة» في إسطنبول أبوابه أمام الزوار الذين يتوافدون لرؤية بردة النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي ارتداها في رحلة الإسراء والمعراج والمحفوظة داخل الجامع.
واعتبارا من بعد غد الجمعة سيتمكن المسلمون في تركيا ومن جميع أنحاء العالم من مشاهدة بردة النبي صلي الله عليه وسلم التي كان أوصى بها، بحسب الروايات، إلى التابعي اليمني أويس القرني، والموجودة في الجامع الذي سمي باسمها والذي يقع في حي الفاتح أعرق أحياء إسطنبول، حيث سميت المنطقة التي يقع بها الجامع بالاسم نفسه «الخرقة الشريفة».
ويقوم على رعاية البردة، التي أحضرها السلطان سليم الأول إلى إسطنبول عام 1516 واحتفظ بها في مكان خاص في المدينة، حفيد أويس من الجيل التاسع والخمسين باريش سامر، الذي يتولى مهمة الحفاظ على البردة، ويقول إنه يتم الحفاظ على البردة التي ارتداها النبي ليلة الإسراء والمعراج، منذ زمن النبي إلى الوقت الحاضر، لافتا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوصى بها لجده.
وأضاف أن البردة انتقلت للصحابي أويس القرني عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الخليفتين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، حيث التزما بوصية النبي في هذا الخصوص ونفذاها.
وتابع أن جده أويس القرني، ذهب إلى المدينة من أجل رؤية نبينا عليه الصلاة والسلام، إلا أنه لم يستطع رؤيته لأنه كان في معركة تبوك، وعاد أدراجه إلى اليمن مضطرا من أجل أمه المريضة التي كان قد وعدها بالعودة.
ولفت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في مقابل ذلك بإعطاء بردته التي ارتداها خلال رحلته ليلة الإسراء والمعراج إلى جده والتزم سيدنا عمر وسيدنا علي بالوصية، وانتقل أويس القرني فيما بعد إلى شمالي العراق، واستشهد في معركة صفين عام 657 بجانب علي بن أبي طالب.
وأوضح أن البردة انتقلت بعدها لشقيق أويس، ومنذ ذلك الحين وصلت إلى يومنا الحاضر عن طريق 59 جيلا من أحفاد التابعي أويس القرني.
وأوضح سامر أنه يتم الحفاظ على البردة داخل الغرفة التي تحفظ فيها في جو خاص، ولا يتم إخراجها منها منذ افتتاح الجامع قبل أكثر من 160 عاما، لافتا إلى أن البردة الشريفة مصنوعة من الكتان والقطن والحرير.
وقال إن البردة الشريفة يتم الاحتفاظ بها داخل قسم زجاجي معزول عن الهواء، ويتم الحفاظ على نسبة الرطوبة ودرجات الحرارة بداخله بشكل يتناسب مع مناخ الجامع وتولت بلدية إسطنبول منذ 3 سنوات رعاية الحفاظ على البردة الشريفة.
وأضاف أنه يتم فتح غرفة البردة النبوية بجامع الخرقة الشريفة للزوار في السادس من رمضان اعتبارا من الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء وفي نهاية الأسبوع (السبت والأحد) من الساعة التاسعة صباحا حتى السادسة مساء، وذلك حتى اليوم الأخير من رمضان.
وأشار إلى أن عدد زوار البردة بشكل عام يتجاوز المليون شخص سنويا، وأكثر الأيام ازدحاما هو ليلة القدر، حيث يسمح بزيارتها في تلك الليلة حتى أذان الفجر.
كما يتمكن الزوار من مشاهدة شعرات من لحية النبي إلى جانب قميص داخلي له، بالإضافة إلى أستار الكعبة وعمامة وحزام يخصان التابعي أويس القرني.
ويقع جامع «الخرقة الشريفة» في حي الفاتح، أحد أشهر وأقدم أحياء مدينة إسطنبول التاريخية. واكتسب الجامع هذا الاسم لاحتضانه بردة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي أحضرها السلطان سليم الأول إلى إسطنبول عام 1516 واحتفظ بها في مكان خاص في المدينة.
ورأت الدولة العثمانية عام 1851 أن تُنشئ جامعا للحفاظ على هذه الأمانة النبوية الشريفة، ويعد طراز بناء الجامع حديثاً، ويظهر عليه التأثر بالطراز العربي، مبتعداً قليلاً عن الطراز العثماني الكلاسيكي، فالمسجد مزين بالخطوط العربية من الداخل، وتتوسطه قبة واسعة.
ومنذ إنشاء الجامع، حُفِظت هذه الأمانة النبوية في صندوق خاص مغلق في المسجد، حُظر فتحه على عامة الشعب، إلى أن تولى السلطان عبد الحميد الثاني الحكم، فأمر بفتحه خلال شهر رمضان المبارك لكي يتمكن الناس من مشاهدة بردة الرسول، والتي تمثل معاني دينية عظيمة بالنسبة للمسلمين كافة.
وتعد زيارة الجامع وإلقاء نظرة على بردة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أهداها إلى التابعي اليمني أويس القرني (كما تقول الروايات)، من أشهر العادات الرمضانية عند الأتراك، ففي كل عام يتوافد الآلاف من الأتراك من جميع أنحاء البلاد لرؤيتها والتبرك بها كما يتوافد المسلمون من أنحاء العالم لمشاهدة البردة.
ويصاحب فترة زيارة جامع الخرقة الشريفة، إقامة أسواق تباع فيها الكتب الدينية والملابس والحلويات والمسابح وأغطية الرأس والعطور.
جامع «الخرقة الشريفة» يستقبل الآلاف لرؤية بردة النبي في رمضان
أحضرها السلطان سليم الأول وأقيم لها جامع خاص بإسطنبول
جامع «الخرقة الشريفة» يستقبل الآلاف لرؤية بردة النبي في رمضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة