تونس تواصل حربها على الفساد بمصادرة أملاك متهمين

المواطنون أيدوا الخطوة... والحقوقيون انتقدوا الرجوع لقانون الطوارئ

تونس تواصل حربها على الفساد بمصادرة أملاك متهمين
TT

تونس تواصل حربها على الفساد بمصادرة أملاك متهمين

تونس تواصل حربها على الفساد بمصادرة أملاك متهمين

أفاد مصدر برئاسة الحكومة التونسية أمس لوكالة الأنباء الألمانية بأن لجنة مصادرة حكومية ستعلن عن مصادرة أملاك موقوفين من رجال أعمال ضمن حربها ضد الفساد.
وقال المصدر، دون أن يكشف عن هويته، إن اللجنة التابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ستتخذ قراراً سيتم الإعلان عنه في وقت لاحق بمصادرة أملاك رجال أعمال جرى إيقافهم في حملة واسعة بدأت منذ الثلاثاء الماضي ضمن جهود تصعيدية لمكافحة الفساد.
ويعد هذا التحرك الحكومي الأكثر جرأة منذ تسلم الحكومة لمهامها في أغسطس (آب) الماضي بعد سنوات من الضغوط والاحتجاجات في الشوارع ضد الفساد.
وكانت قوات خاصة أوقفت مساء الثلاثاء الماضي رجل الأعمال المعروف شفيق جراية، المرتبط بعلاقات واسعة مع السياسي الليبي عبد الحكيم بلحاج المحسوب على الإسلاميين. وأعقب ذلك إيقافات أخرى شملت رجل الأعمال ياسين الشنوفي، وهو ضابط سابق في الجمارك وأحد المترشحين لمنصب الرئاسة في انتخابات 2014، كما شملت القائمة أيضا رجل الأعمال سليم زروق، ومسؤولا رفيع المستوى في الجمارك.
وأخضعت وزارة الداخلية الموقوفين للإقامة الجبرية، عملا بقانون الطوارئ الساري في البلاد منذ التفجير الإرهابي، الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، والذي خلف 12 قتيلا في عملية تبناها تنظيم داعش المتطرف.
وأوضحت الداخلية أنه تم اتخاذ قرارات بالإقامة الجبرية بشأن عدد من الأشخاص على أساس ما توفّر من معطيات تثبت ارتكابهم لخروقات من شأنها المساس الخطير بالأمن والنظام العام.
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية أن القرارات المتعلقة بالإقامة الإجبارية المتخذة ضد المتهمين الثمانية «ذات صبغة تحفظية ومحددة في الزمن، وأملتها الضرورة في نطاق حماية الأمن العام ومكافحة الفساد، وسينتهي مفعول هذه القرارات بانتهاء حالة الطوارئ»، في 16 من يونيو (حزيران) المقبل.
ويأتي توضيح وزارة الداخلية لملابسات اعتقال المتهمين بالفساد وتهديد أمن الدولة، إثر مجموعة من الانتقادات التي واجهتها الحملة الحكومية على الفساد برجوعها إلى قانون الطوارئ. وطالبت جمعية القضاة التونسيين الحكومة بتوضيح رسمي حول السند القانوني الذي اعتمدته لاعتقال المشتبه بهم، وتمسكت بضرورة «تعهد القضاء بالوضعيات التي وضعت رهن الإقامة الإجبارية، وتمكينه من ملفات مؤيدة بجميع الحجج والأدلة احتراما لمقاضيات الدستور التونسي».
وفي السياق ذاته، دعت النيابة العامة إلى «تعقب الجرائم ومتابعة مرتكبيها بفتح الأبحاث القضائية اللازمة، ووضع الأشخاص المعنيين على ذمتها ضمانا لحقهم في محاكمة عادلة».
وكشف منير الفرشيشي، رئيس لجنة المصادرة (لجنة حكومية)، عن لائحة الأشخاص الموقوفين، الذين تمت مصادرة أملاكهم، وهم من كبار رجال الأعمال في البلاد، وتضم القائمة المنجي بن رباح، ولسعد ناجي، ورضا العياري، وأحمد خير الدين المؤدب، وكمال بن غلام، وشفيق جراية، وياسين الشنوفي، ونجيب إسماعيل، وهلال بن مسعود بشير، ومنذر جنيح، وعلي القريري، مؤكدا أن المصادرة شملت جميع أملاكهم، من عقارات وحسابات بنكية.
وعلى المستوى الرسمي، أكد الرئيس الباجي قائد السبسي في لقاء مع يوسف الشاهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية على «ضرورة السير قدما في الحرب على الفساد وعلى كل ما من شأنه أن يهدد كيان الدولة، ويمس من مناعة اقتصادها وأمنها القومي»، ودعا إلى ضرورة حشد كل الإمكانات القانونية والمادية لإنجاح هذه العملية. وفي هذا الشأن قال محسن حسن، القيادي في حزب النداء الحاكم المكلف الملف الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن الاعتقالات التي وجهت ضد المتهمين بالفساد تمت بالتنسيق بين رئيس الدولة الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وأكد حسن، الذي شغل حقيبة وزير للتجارة في السابق، على أن منظومة الفساد تفقد تونس نحو نقطتين على مستوى النمو الاقتصادي، وهو ما يجعل من الضروري مواصلة هذه الحملة لتصبح «مسارا ينخرط فيه الجميع»، على حد قوله.
وأعلن حزب النداء عن حشد الدعم لفائدة حكومة الوحدة الوطنية، ونظم لهذا الغرض مسيرة مساندة في العاصمة تحت شعار «اخترنا تونس.. نقف لتونس».
وفي غضون ذلك يجري تتبع أربع شخصيات يشتبه في تورطها في عمليات فساد وتهريب لإيقافها وإحالتها على العدالة، إلا أن قائمة المتهمين قد تكون أوسع من ذلك بكثير، وقد تشمل نحو 119 رجل أعمال ممن تورطوا في قضايا فساد قبل الثورة وبعدها. وتشمل القائمة شخصيات حزبية وسياسية، منها من ترأس حزبا سياسيا، ورجال أعمال في كل أنحاء تونس، بعضهم تورط في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في صفقات ومناقصات تعلقت بها شبهات فساد.
ووفق مصادر متطابقة، فإنه من المتوقع أن تسفر هذه الحملة عن إقالة أسماء بارزة، بعضها يوجد الآن في مواقع القرار، علاوة عن إصدار قرار توقيف في حق شخصيات موجودة خارج تونس، لها علاقة بالنظام السابق وبملفات فساد خطيرة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.