مقهى خفاجي بالإسكندرية.. شاهد على الحراك الثقافي لجيل الستينات

تحول إلى مدرسة ليلية ومركز ثقافي... وإبراهيم عبد المجيد ومحمود عبد العزيز من بين رواده

لوحة تحمل بعض ما نشر عن القهوة - زكري خفاجي يحاول استعادة أمجاد المقهى الثقافي - كان المقهى مركزا ثقافيا ونشأ فيه جيل من المبدعين ({الشرق الأوسط})
لوحة تحمل بعض ما نشر عن القهوة - زكري خفاجي يحاول استعادة أمجاد المقهى الثقافي - كان المقهى مركزا ثقافيا ونشأ فيه جيل من المبدعين ({الشرق الأوسط})
TT

مقهى خفاجي بالإسكندرية.. شاهد على الحراك الثقافي لجيل الستينات

لوحة تحمل بعض ما نشر عن القهوة - زكري خفاجي يحاول استعادة أمجاد المقهى الثقافي - كان المقهى مركزا ثقافيا ونشأ فيه جيل من المبدعين ({الشرق الأوسط})
لوحة تحمل بعض ما نشر عن القهوة - زكري خفاجي يحاول استعادة أمجاد المقهى الثقافي - كان المقهى مركزا ثقافيا ونشأ فيه جيل من المبدعين ({الشرق الأوسط})

في منطقة الورديان بالإسكندرية لافتة تحمل «منتدى ومقهى خفاجي» يقف هذا المقهى التاريخي واحداً من بين معالم المدينة التي ترتبط بتراث ثقافي وإنساني غير مدوَّن لكنه محفور في وجدان أبناء المدينة الساحلية، ويعرفه الصغير قبل الكبير. يعود عمر هذا المقهى لخمسينات القرن الماضي وبالإضافة لدوره الاجتماعي في توطيد شبكات العلاقات بين المصريين واليونانيين العاملين بميناء الورديان التجاري آنذاك، كان لهذا المقهى دور تعليمي وتثقيفي، فقد تحول إلى فصول لمحو الأمية وأيضاً مكتبة وغاليري لعرض الفنون التشكيلية لقاطني غرب الإسكندرية.
ورغم كونه يقع في منطقة حيوية يعمها الضجيج حيث مصانع الأخشاب والغلال وشركات النقل والاستيراد، لكن ما إن تطأ قدميك بوابته حتى ستشعر بهدوء وألفة تجعلك تتوحد مع هذا المكان، فلن يرمقك الجالسون بنظرات استغراب بل ستجدهم منهمكين في شيء ما. وستجد أمجاد المقهى في الصحف المصرية والفرنسية والإنجليزية معلقة على جدرانه فضلاً عن صور ضخمة لأهم زوراه من المشاهير.
يقول زكري خفاجي، أحد أبناء مؤسس المقهى الراحل لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن أسَّسَ والدي المقهى عام 1952 وهو نذره ليلعب دوراً تثقيفياً، ورغم كونه أميّاً لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه بدأ بتحويل المقهى في المساء لفصول محو الأمية وفصول تقوية لأطفال المدارس، وحينما علم محافظ الإسكندرية في ذلك الوقت حمدي عاشور بدور المقهى قرر دعمه، وكان دائم الزيارة له، وشجعه على استكمال دور المقهى الثقافي، كذلك كان الفنان الوزير فاروق حسني أحد رواد المقهى، فكانت تُعقَد ندوات ثقافية ومعارض فنية، وأمسيات موسيقية». لا يخلو المقهى من الرواد على مدار الأربع وعشرين ساعة، ولا يزال يحتفظ بطابعه التراثي الذي شُيِّد عليه، من مناضد ومقاعد خشبية وركن خاص للعبة الطاولة لخشبية، فهو مقهى مصري شعبي تقليدي لكن المكتبة لم تعد شاغرة بالكتب والمجلات الثقافية بعد أن توفِّي الابن الأكبر علي خفاجي منذ عامين الذي كان صديقا لكبار المبدعين بالإسكندرية.
«هنا ركن المثقفين.. وهنا ركن المحامين، وهنا ركن الطلاب، وهنا ركن المعاشات...» يشير زكري خفاجي إلى تقسيم المقهى المتعارف عليه بين رواده، ويقول: «شقيقي الأكبر علي كان صديقاً للكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، والفنان عصمت داوستاشي ومحمود السعدني، والفنان الكبير محمود عبد العزيز رحمه الله عليه تربطه صلة قرابة بنا، وكان المقهى مكانه المفضل، وكان في زياراته للإسكندرية لا بد أن يمر بنا»، يستكمل خفاجي ذكرياته عن المقهى قائلاً: «تأثرنا جميعا بوفاة شقيقي وأيضاً قل إقبال الشباب على المقهى ولم يعد هناك إقبال على القراءة ولم يعد هناك تقدير للكتب، لذا لم تعد المكتبة تعج بالكتب كما كانت».
لكن اليأس لم يتسلل إلى زكري خفاجي الذي قرر أن يعيد طباعة التقارير والأخبار التي كتبت عن المقهى ويعلقها على واجهة المكتبة الخشبية وحوائط المقهى ليذكر الشباب بأمجاد المقهى ودوره الثقافي. وقد برز مقهى خفاجي في عدد من روايات الأديب الكبير إبراهيم عبد المجيد، صاحب «لا أحد ينام في الإسكندرية»، وفي مقطع من روايته «الإسكندرية في غيمة» يستخدم المقهى كمكان للأحداث: «في مقهى خفاجي الذي به معرض الفنون التشكيلية لم ينتهِ بعد، ضوء خافت يظهر من خلف زجاج الواجهة، وأضواء ملونة هي اللوحات ذاتها. ليس في المقهى الآن غير خمسة أو ستة أشخاص يظهرون يدخنون الشيشة، وسيتركون المقهى بعد قليل وستغلق أبوابها. في منطقة (المفروزة) ذات المنازل الصغيرة التي لا تزيد على دورين أو ثلاثة، باستثناء العمارة العالية العجيبة الوحيدة في المنطقة التي تبدو رفيعة جداً، وتطل على ناصية شارع الإخشيدي الواسع مع شارع المكس بالبلكونة فقط، شارع الإخشيدي الذي يؤدي إلى منطقة (الكرنتينة) العشوائية البناء والسكان».
يقول إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: «كان حي الورديان يعتبر حيّاً معزولاً عن باقي الإسكندرية وبالتالي لعب المقهى دوراً كمركز ثقافي لنا في الستينات، كان عملي في مواجهة المقهى وكان أمام المقهى حديقة بها تمثال لجمال عبد الناصر وكان به جهاز تلفزيون، لذا كان مقرّنا المفضل لمتابعة خطب جمال عبد الناصر وشهد حزننا حينما علمنا خبر نكسة 1967، وأيضاً فيه علمنا خبر وفاة عبد الناصر». ويشير عبد المجيد: «لم يلعب المقهى دوراً في مسيرتي الأدبية لكنه يمثل لي جزءاً من وجداني وارتبط لدي بذكرياتي مع أصدقاء الطفولة والشباب، فقد كان علي خفاجي زميلي بالمدرسة ذاتها، وهناك كانت جلستي المفضلة مع أصدقائي الفنانين مصطفى عبد الوهاب وعصمت داوستاشي ومحمود السعدني، وأتمنى أن يعود المقهى لسابق عهده». كذلك اعتاد الفنان الكبير عصمت داوستاشي إقامة عدد من معارضه بين جدران المقهى حيث كان يرتاد مقهى خفاجي، وأوحى له بمجموعة من الأعمال المرتبطة بعالم المقاهي والرموز والموتيفات الشعبية، أبرزها أعماله المسماة «مزاج المدينة».
أما الفنان التشكيلي الكبير مصطفى عبد الوهاب، فيتحدث عن ذكرياته مع المقهى، قائلا: «ارتبط المقهى لدي بمرحلة البدايات والإرهاصات الفنية الأولى، فكنا كطلبة فنون جميلة نقيم معارض تشكيلية جماعية وكانت تلقى إقبالاً كبيراً من رواد المقهى، لدرجة أنهم كانوا ينتظرون دورهم بالخارج للدخول ورؤية المعرض، وكنت وقتها أقوم بالرسم الكلاسيكي التعبيري، وقد برز اسم الفنان مصطفى عبد الوهاب ضمن أهم الفنانين المصريين في المدرسة التجريدية وقد شغل منصب مدير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، الذي يضيف: «هذا المقهى جزء من الهوية الثقافية للإسكندرية».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.