هيمنت الاحتجاجات الشعبية التي عرفها إقليم الحسيمة على أول جلسة مساءلة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني أمس بمجلس النواب (الغرفة لأولى في البرلمان)، وذلك بعد أن وجه نواب من المعارضة انتقادات إلى الحكومة، وحملوها مسؤولية اندلاع المظاهرات في الريف، وطالبوا العثماني أيضا بالاعتذار بعد أن وجهت أحزاب الغالبية الحكومية تهم الانفصال إلى المحتجين.
وفي أول مواجهة له مع الانتقادات المباشرة للبرلمانين، دافع العثماني عن حكومته، وقال إنه كان أول من طالب بالاستجابة للمطالب الاجتماعية لسكان الحسيمة، محملا مسؤولية ما حدث إلى المنتخبين المحليين المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الغريم السياسي لحزبه «العدالة والتنمية».
وكان نائب من حزب الأصالة والمعاصرة قد وجه انتقادات لاذعة إلى الحكومة السابقة، وقال إن تقاعسها في محاربة الفساد، ورفع رئيسها السابق عبد الإله ابن كيران شعار «عفا الله عما سلف» هو الذي أدى إلى الاحتجاجات في الريف. بيد أن العثماني رد عليه متسائلا عمن يرأس البلديات والقرى في المنطقة، ومن يرأس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة؟ في إشارة إلى إلياس العماري الأمين العام للحزب. ودعا العثماني إلى «السمو على الحسابات الصغيرة» و«نساهم جميعا في حل مشكلات الوطن».
بدوره اتهم سليمان العمراني، النائب عن «العدالة والتنمية»، حزب الأصالة والمعاصرة بالفساد الانتخابي. وقال إنه هو من أوصل البلاد إلى حراك 20 فبراير (شباط) وحراك الحسيمة، الأمر الذي أعاد أجواء جلسات المساءلة الشهرية الصاخبة التي كان يحضرها عبد الإله ابن كيران.
من جهة أخرى، وردا على السؤال الرئيسي الذي خصص للجلسة والمتعلق بتخليق الحياة العامة، أقر العثماني أن جل البرامج والخطط التي اعتمدها المغرب في السنوات الماضية من أجل محاربة الفساد لم تحقق النتائج المرجوة منها، وعزا ذلك إلى كون محاربة الفساد قضية مركبة تتداخل فيها أطراف عدة.
وقال العثماني، إن الحكومة تتحمل المسؤولية الأولى في محاربة الفساد، إلا أن للمجتمع المدني والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمواطنين دورا أيضا في محاربة الظاهرة.
وعزا العثماني فشل الحكومات المتعاقبة في القضاء على الفساد إلى أن المغرب لم يكن يتوفر على استراتيجية متكاملة، بل مجرد برامج قصيرة المدى، مشيرا إلى أنه وللمرة الأولى وضعت الحكومة السابقة أواخر عام 2016 استراتيجية متكاملة فتحت عهدا جديدا في مجال محاربة الفساد.
وكانت حكومة ابن كيران قد صادقت قبل انتهاء ولايتها بأيام قليلة على استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد تضم 239 مشروعا، موزعة على عشرة برامج تشمل برنامج خدمة المواطن، والإدارة الإلكترونية والأخلاقيات، والشفافية والوصول إلى المعلومة، وبرنامج الطلبات العمومية، وبرنامج الرقابة والمساءلة، إضافة إلى برنامج تقوية المتابعة والزجر، وبرنامج نزاهة القطاع الخاص، والتواصل والتوعية، وبرنامج التربية والتكوين. وقد أعدت الاستراتيجية بناء على خلاصات التقارير المحلية والدولية، إضافة إلى الاعتماد على مقارنة تجارب 11 دولة. وأعطت الاستراتيجية الأولوية للمجالات الأكثر عرضة للفساد، مثل الصحة والأمن والعدل والإدارة الترابية (البلديات).
وفي هذا السياق، أعلن العثماني أن حكومته ستصادق بعد أسبوعين على مرسوم (قانون) إنشاء اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد حتى تتمكن من عقد أول اجتماعاتها، لافتا إلى أنه جرى خلال الولاية الحكومية السابقة تنفيذ عدد من الإجراءات للحد من الفساد منها، حيث وضعت وزارة العدل والحريات رقما أخضر للتبليغ عن الرشوة سيتحول إلى مركز نداء لضبط حالات التلبس بتلقي الرشوة، كما عرضت 13 ألف قضية فساد أمام القضاء، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستتعزز عند مصادقة البرلمان على قانون الحصول على المعلومة، وقانون تغيير وتتميم القانون الجنائي، الذي شدد العقوبات في مجالات تجريم الرشوة والغش في الصفقات العامة وغيرها، إلى جانب برنامج إصلاح الإدارة الذي اعتمدته الحكومة قبل أسبوعين، والذي يهدف إلى تسريع رقمنة المعاملات الإدارية، ما سيشكل، في نظره، ثورة في علاقة المواطن بالإدارة.
احتجاجات الحسيمة تهيمن على أول جلسة لمساءلة العثماني بالبرلمان
احتجاجات الحسيمة تهيمن على أول جلسة لمساءلة العثماني بالبرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة