فتوى قانونية ضد تكليف معيتيق تضع ليبيا أمام مأزق دستوري

اغتيال مسؤول الاستخبارات بالمنطقة الشرقية في بنغازي

رئيس لجنة صياغة دستور جديد لليبيا علي الترهوني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
رئيس لجنة صياغة دستور جديد لليبيا علي الترهوني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

فتوى قانونية ضد تكليف معيتيق تضع ليبيا أمام مأزق دستوري

رئيس لجنة صياغة دستور جديد لليبيا علي الترهوني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
رئيس لجنة صياغة دستور جديد لليبيا علي الترهوني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طرابلس أمس (إ.ب.أ)

دخل أمس المشهد السياسي في ليبيا مرحلة أزمة جديدة وغير مسبوقة على الإطلاق، بعدما أفتت إدارة القانون والفتاوى بوزارة العدل الليبية بغياب الشرعية والقانونية عن قرار نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، الخاص بتعيين عمر معيتيق رئيسا للحكومة الجديدة، وتكليفه تشكيلها خلال 15 يوما.
وقالت الإدارة، التي لجأت إليها حكومة عبد الله الثني المؤقتة للحصول على رأيها فيما يتعلق بالجدل الذي صاحب عملية انتخاب معيتيق، وتضارب المواقف بين أبو سهمين ونائبه الأول عز الدين العوامي، إن «حكومة معيتيق غير شرعية، وإن حكومة الثني هي صاحبة الشرعية الوحيدة في الدولة».
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من رئيس البرلمان أبو سهمين، فيما قال أحمد الأمين، الناطق باسم الحكومة الليبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة لم تتسلم بعد نص الفتوى القانونية بشأن أن انتخاب معيتيق غير شرعي. وقال الأمين عبر الهاتف من طرابلس: «في كل الأحوال، سنلتزم بالقانون. الكرة الآن في ملعب (المؤتمر الوطني)، المسألة لم تنته بتعيين معيتيق.. يتعين أن ننتظر لنرى ما إذا كان (المؤتمر الوطني) سيمنح حكومته الجديدة الثقة، أم لا».
وتتبع إدارة القانون وزارة العدل الليبية، وسبق لها إصدار قرارات في كثير من القضايا المهمة مثل العزل السياسي وتجميد عضوية أعضاء «المؤتمر»، وسبق لـ«المؤتمر الوطني»، الذي يعد أعلى سلطة دستورية وتشريعية في البلاد، أن استعان بأحكامها. وكانت «الشرق الأوسط» انفردت قبل يومين بنشر طلب الحكومة الانتقالية في ليبيا رسميا رأي الإدارة لحسم الجدل حول ملابسات انتخاب معيتيق.
من جهته، أعلن العوامي، في مؤتمر صحافي عقده عصر أمس بالعاصمة الليبية طرابلس، أن عملية انتخاب معيتيق شابتها مشاكل قانونية وجرت في غيابه بعدما قام برفع جلسة التصويت، موضحا أنه «خلال تلك الجلسة، جرت المناداة على الأعضاء وصوتوا لصالح معيتيق، الذي حصل على 113 صوتا فقط»، أي أقل من النصاب القانوني المطلوب وهو 120 صوتا من أصل 200 هم إجمالي عدد أعضاء «المؤتمر»، وفقا للتعديل الذي أجراه المؤتمر في 11 مارس (آذار) الماضي.
وأضاف العوامي: «أعلنت ذلك لكل الأعضاء، وبدأ بعضهم مغادرة مقاعدهم. وهددت برفع الجلسة، ووجه أحدهم لي عبارة نابية، ولم يستجب لطلبي بالحصول على ناقل الصوت لإعلان رفع الجلسة. وبعد مغادرة القاعة، وجدت النائب الثاني (صالح المخزوم) يترأس الجلسة، وقلت للأعضاء إنني رفعت الجلسة ثم خرجت من القاعة وذهبت إلى مكتبي». وتساءل العوامي: «بالله عليكم، هل ما شهدتموه من تجمع الأعضاء وحالة الهرج والمرج لا يستوجب رفع الجلسة؟». وأوضح أنه حرصا على تفادي وقوع أزمة أو فراغ في الحكم، فقد وجه رسالة للثني بالاستمرار في رئاسة الحكومة، قبل أن يفاجأ في اليوم التالي برسالة تحمل توقيع أبو سهمين بتعيين معيتيق رئيسا للحكومة، وطلب تشكيلها خلال 15 يوما.
وبعدما لفت إلى أن أبو سهمين كان في إجازة مرضية خارج الدولة حتى يوم الجلسة، قال العوامي: «كان من الأولى به الاجتماع بالنائبين وإعلامهما أولا بعودته إلى العمل، ومن ثم يكون علينا إطلاعه على ما حصل أو جرى في غيابه». وشدد على أن الإجراء الذي اتخذه أبو سهمين وضع الحكومة في حالة حرج، حيث تسلمت طلبين من رئاسة «المؤتمر الوطني» في يوم واحد، مما دفع حكومة الثني إلى طلب رأي إدارة القانون والفتاوى بوزارة العدل. وأضاف: «لقد قمت بما أملاه علي ضميري واحترامي لقسمي باحترام الدستور وسلامة البلاد. موقفي لا علاقة له بشخص معيتيق، وسبق لي أن انسحبت اعتراضا على انتخاب عبد الله الثني». وتابع: «أنا أحترم معيتيق، ولكن الموضوع متعلق بـ(المؤتمر) وإجراءاته التنظيمية، وما يجري من صراعات داخله بين مختلف الكتل والأحزاب السياسية».
من جهته، قال صلاح الميرغني، وزير العدل، إن «مجلس الوزراء أرسل بالفعل رسالة رسمية إلى إدارة القانون، ولكن ليس لدي علم بوصول رد». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده مساء: «هناك جدل في (المؤتمر)، لا تعد الحكومة نفسها جزءا من هذا الجدل. الحكومة ستنفذ قرارات (المؤتمر الوطني) مهما كانت، ولكن بسبب الخلاف رأت إحالة الجدل إلى إدارة القانون، وهو ملزم لكل الجهات في ليبيا». وتابع: «نأمل أن يكون هناك رد قريبا، ونأمل أن يكون الحل سياسيا وقريبا.. ولكن الحكومة ستسلم وفقا للإجراءات الدستورية، وليس لدى الحكومة أي رغبة في وقوع أزمة سياسية، وعلى المسؤولين السياسيين التوصل إلى حل سياسي. ونحن كحكومة سنحترم القانون، ونثق بقدرة رئاسة وأعضاء (المؤتمر) على التوصل إلى الحل الصحيح، وأن يبقى في الإطار السياسي ولا يتحول إلى صدام».
وفيما يتعلق بإعلان مسلحين ليبيين يسيطرون على مرافئ نفطية في شرق ليبيا أنهم يرفضون التعامل مع معيتيق، أضاف الميرغني: «هذه مماحكات سياسية لا تشكل لنا أي عائق، هناك اتفاق جرى التوصل إليه والحكومة تقوم بتنفيذه، وهناك أطر مالية وإدارية للتنفيذ. والإجراء يسير سيرا معقولا». وتابع أن «الأطراف المعنية تحترم القانون، ربما البعض يحاول أن يستغل الوضع سياسيا، لكن الأمور تسير بشكل طيب، والحكومة ستنفذ ما جرى التوصل إليه. جرى بالفعل فتح ميناءين، وقريبا سيجرى فتح مينائي السدرة وراس لانوف».
في غضون ذلك، كشف مسؤول بوزارة الداخلية الليبية النقاب أمس عن وضع خطة جديدة لتأمين كل السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية في ليبيا بطريقة حديثة من قبل عناصر الأمن. وقال عبد الحكيم البلعزي، مدير مكتب العلاقات بالإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية بالوزارة، إن خطة التأمين تشمل أيضا توفير الحماية للسفراء والقناصل بالبعثات الدبلوماسية أثناء تنقلهم داخل المدن والمناطق الليبية، وذلك بناء على طلب من البعثات.
وتزايدت عمليات خطف الدبلوماسيين، والعرب تحديدا، في العاصمة الليبية، حيث ما زال مسلحون مجهولون يحتجزون السفير الأردني لدى ليبيا فواز العيطان واثنين من أعضاء البعثة الدبلوماسية التونسية لمقايضتهم بمتطرفين ليبيين يقضون أحكاما بالسجن في المعتقلات التونسية والأردنية. وعجزت السلطات الأمنية عن معرفة مكان احتجاز الدبلوماسيين الثلاثة، كما لم تعلن حتى الآن أي تطور في شأن اختطافهم منذ بضعة أسابيع.
لكن مجلس الوزراء الليبي أعلن أمس أنه وافق على اعتماد مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة العدل الليبية ونظيرتها الأردنية في مجال نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، في إجراء قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إنه قد يمهد لعودة متطرف ليبي يدعى محمد الدرسي (النص) إلى ليبيا مقابل إطلاق سراح السفير العيطان.
وعلى صعيد ذي صلة، قال متحدث أمني أمس إن مسلحين قتلا مدير جهاز المخابرات العامة للمنطقة الشرقية في ليبيا العقيد إبراهيم السنوسي رميا بالرصاص في مدينة بنغازي. وأضاف المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة في بنغازي، إبراهيم الشرع، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن مسلحين ملثمين أطلقا الرصاص على سيارة السنوسي أثناء سيرها في أحد شوارع المدينة الساحلية. ونقل السنوسي إلى المستشفى، لكنه توفي متأثرا بجروحه.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.