«المؤتمر الوطني» يتصدر انتخابات جنوب أفريقيا رغم تراجعه عن الاستحقاق السابق

الحزب الحاكم ضمن فترة حكم جديدة.. والمعارضة كسبت رهان تجاوز عتبة الـ20 في المائة

موظفون انتخابيون يعدون الأصوات في مركز للفرز في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
موظفون انتخابيون يعدون الأصوات في مركز للفرز في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
TT

«المؤتمر الوطني» يتصدر انتخابات جنوب أفريقيا رغم تراجعه عن الاستحقاق السابق

موظفون انتخابيون يعدون الأصوات في مركز للفرز في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
موظفون انتخابيون يعدون الأصوات في مركز للفرز في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)

تصدر «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم في جنوب أفريقيا منذ 1994 كما كان متوقعا النتائج الأولية غداة الانتخابات التشريعية، لكنه سجل تراجعا مقارنة بالاستحقاق الأخير في 2009. وبعد فرز قرابة بطاقات نصف مراكز الاقتراع، سجل حزب نيلسون مانديلا 62.24 في المائة من الأصوات مقابل 66.9 في المائة قبل خمس سنوات. وتتفق هذه النتائج مع توقعات استطلاعات الرأي، بانتظار نتائج فرز المناطق الريفية التي يحظى فيها الحزب بشعبية كبيرة وكذلك المدن الكبرى حيث شعبيته أضعف.
وقالت جيسي دوارتي، الأمين العام المساعد للحزب، إن «تحقيق نتيجة أكبر من 60 في المائة يعني فوزا حاسما للحزب». كما قال المتحدث باسم الحزب جاكسون متمبو «نحن سعداء، نحن في الطليعة»، واصفا النسبة بأنها تمثل فوزا «ساحقا». ومع توقع أن يدفع الحزب ثمن استياء قسم من السكان، فإنه سيحصل بالتأكيد على ولاية خامسة على التوالي على رأس البلاد. وينتظر إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته جاكوب زوما في البرلمان في 21 مايو (أيار) الحالي لمدة خمس سنوات.
وتوجه الجنوب أفريقيون بأعداد كبيرة أول من أمس إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات التشريعية الخامسة منذ إسقاط نظام الفصل العنصري عام 1994، والأولى منذ وفاة مانديلا في ديسمبر (كانون الأول) 2013. كما أن هذا الاستحقاق هو الأول الذي شارك فيه الشبان الذين ولدوا بعد سقوط نظام الفصل العنصري، أو جيل «المولودين أحرارا».
وبدا أن التحالف الديمقراطي، الحزب المعارض الرئيس، فاز برهان إحراز تقدم، فتجاوز عتبة الـ20 في المائة، إذ حصل وفقا للنتائج الأولية على 23.63 في المائة من الأصوات. وعلى الرغم من اتهام المعارضة لحزب المؤتمر بالفساد وانعدام الكفاءة فإنه ما زال هو الحزب المفضل لدى ملايين الجنوب أفريقيين، إذ يعدونه فصيل مانديلا الذي يدينون له بحريتهم.
وتظهر أعمال العنف شبه اليومية في مدن البلاد أن الحزب الحاكم لم يعد يحظى منذ فترة طويلة بتأييد مطلق. وستشكل مكافحة البطالة التحدي الأساسي للحكومة المقبلة، فيما يبحث 4 مواطنين من كل عشرة عن عمل، ناهيك عن الملايين الذين رفضوا المشاركة في إحصاءات البطالة. كما قد تهتز الكتلة الناخبة لحزب المؤتمر بسبب الفضائح التي طبعت السنوات الخمس الأولى لزوما. وآخر هذه القضايا هي تجديد منزله الخاص مستخدما أكثر من 15 مليون يورو من أموال دافعي الضرائب. كما بات الرئيس مسؤولا عن مقتل مواطنين بعد إطلاق الشرطة النار على مضربين في منجم ماريكانا (شمال) في أغسطس (آب) 2012، مما أدى إلى مقتل 34 شخصا. وأعلن البعض، وبينهم الأسقف ديزموند توتو، منذ فترة طويلة أنهم لن يصوتوا لحزب المؤتمر، لكن الجميع استمتعوا بممارسة حق حرموا منه لفترة طويلة.
وصرح توتو، حائز نوبل للسلام، عند الإدلاء بصوته في كيب تاون «أنا سعيد جدا لتمكني من التصويت». وأضاف «أفكر في أوكرانيا، في جنوب السودان، وجميع الأحداث الجارية هناك، ويمكننا دائما التصويت بشكل سلمي نسبيا. هذا رائع، رائع!». ومضى يوم الاستحقاق بهدوء، على الرغم من تخلل الحملة الانتخابية في الأسابيع السابقة أعمال عنف في المدن وأحياء الصفيح والأحياء الفقيرة. وهذه المظاهرات التي غالبا ما تتحول عنفا تنطلق إجمالا من سوء مستوى الخدمات العامة، وعلى الأخص نقص المياه والكهرباء.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.