صفقات القطاع العقاري التجاري تنخفض بنسبة 33 % في السعودية

القرارات الحكومية تؤتي أكلها في تخفيض الأسعار

انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية أدت إلى انخفاض صفقات القطاع التجاري (تصوير: خالد الخميس)
انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية أدت إلى انخفاض صفقات القطاع التجاري (تصوير: خالد الخميس)
TT

صفقات القطاع العقاري التجاري تنخفض بنسبة 33 % في السعودية

انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية أدت إلى انخفاض صفقات القطاع التجاري (تصوير: خالد الخميس)
انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية أدت إلى انخفاض صفقات القطاع التجاري (تصوير: خالد الخميس)

سجّل القطاع العقاري التجاري في السعودية انخفاضا قياسيا تجاوز 33.2 في المائة على أساس أسبوعي، مقارنة بانخفاضه الأسبوع الأسبق بنسبة 7.8 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات التجارية مع نهاية الأسبوع عند مستوى أدنى من 213 مليون دولار.
ويعزى الانخفاض القياسي في قيمة الصفقات التجارية إلى النزول الكبير الذي طرأ على قيمة صفقات الأراضي التجارية بنسبة 35.3 في المائة، التي شكلت نحو 93.3 في المائة من إجمالي قيمة صفقات القطاع التجاري، وتعتبر هذه النسبة مؤثرة في حركة العقار بشكل عام.
وتعددت أسباب انخفاض إجمالي قيمة الصفقات على القطاع التجاري بالتحديد، ومنها انعكاسات رسوم الأراضي البيضاء، وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية ككل، وتخوف المستثمرين من المخاطرة بالشراء في هذا الوقت في ظل الضغوطات الكبيرة التي تعيشها السوق، والفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، إلا أن هذا الانخفاض يعتبر نجاحا للخطوات الحكومية للسيطرة على الأسعار عبر سن القوانين الصارمة لتقنين القيمة التي عانت من التضخم خصوصا خلال العقد الأخير.
وذكر محمد العليان، الذي يمتلك شركة «العليان» للاستثمارات العقارية، أن السوق العقارية مترابطة إلى حد كبير بين فروعها مهما اختلف النشاط، لذا تجد تأثير أي فرع على الآخر بشكل مباشر، ويتضح ذلك من انخفاض قيمة الصفقات بالنسبة إلى القطاع التجاري الذي تأثر نتيجة الضغوط على العقار السكني الذي يعاني من انخفاضات متتالية، كما أن كثيرا من مالكي العقار التجاري هم ذاتهم مالكو القطاع السكني، ما يعني أن التأثير يكون بشكل مباشر على عمليات البيع والشراء بشكل أو بآخر، لافتا إلى أن ذلك يبين إلى أين تسير السوق العقارية بعد مقاومة القطاع التجاري الذي يعتبر آخر الفروع التي تأثرت فيما يحدث بالسوق.
وأضاف العليان أن الأمر منفصل فيما يحدث بين تزايد قوة الاقتصاد السعودي وتناقص قيمة صفقات القطاع التجاري العقاري، إذ إن من مصادر التضخم ارتفاع أسعار العقارات التجارية التي وصلت إلى حد كبير مقارنة بالخدمات التي تقدمها أو حتى بالنسبة إلى موقعها والمميزات التي تحتويها، وأي تصحيح في قيمتها سيلقي بظلاله بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي، باعتبار أن انخفاض قيمة العقار التجاري سيخفض تكاليف المشاريع العقارية وبالتالي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وشدد على أن العقار السعودي في حركة تصحيح وليس في ضعف، وسينعكس ذلك بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي.
وسجّلت الصفقات العقارية الأسبوعية ارتفاعا بنسبة 9.7 في المائة بعد أسبوعين متتاليين من الانخفاض، مقارنة بانخفاض للأسبوع الأسبق بنسبة 8.1 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الأسبوع التاسع عشر من العام الحالي عند مستوى أدنى من 1.1 مليار دولار.
وأشار خالد الباز، الذي يدير شركة «محاورون» العقارية، إلى انخفاض كبير في أسعار القطاع العقاري المحلي، تماشيا مع تحول الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصا أن السوق بدأت فعليا في دفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي من المتوقع أن يُحدث زخما كبيرا في السوق والأسعار بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي خلال الفترة الماضية، خصوصا أن سبب فقد السوق ثلث صفقاتها هو الانخفاض الكبير الذي طرأ على قيمة صفقات الأراضي التجارية بنسبة 35.3 في المائة، التي شكلت نحو 93.3 في المائة من إجمالي قيمة صفقات القطاع التجاري، مما يعني أن للرسوم دورا كبيرا فيما يحدث في القطاع التجاري، ولا يقتصر الأمر على القطاع السكني.
وأكد الباز أن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، وبالتحديد مع الانخفاض الكبير في الطلب، في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها لإعادة الأسعار إلى طبيعتها للقضاء على تضخم أسعار العقار بفروعه كافة، وهو ما يوضح إحكام السيطرة على نشاط العقار كاملاً، ويهيئ أرضا خصبة للانخفاض في القيمة، خصوصا أن أسعار العقار انخفضت لما يزيد على 20 في المائة في أقل من 12 شهراً، مما يؤكد فاعلية القرارات الحكومية على واقع السوق.
وسجّل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بنسبة 1.9 في المائة، ليستقر عند 5186 صفقة عقارية، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 1.4 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 2.3 في المائة، ليستقر عند 5498 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 0.5 في المائة. وسجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع انخفاضا قياسيا بلغت نسبته 60.5 في المائة، مستقرة عند 63.5 مليون متر مربع، مقارنة بانخفاضها القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 50.2 في المائة.
وتطرق وليد الرويشد الذي يدير شركة «مستقبل الإعمار» العقارية، إلى وجود انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات العقارية في السعودية.
واعتبر أن ما يحدث الآن هو تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح. وتابع: «العقاريون يرغبون في انخفاض قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تسجيل خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه»، مشددا على أن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلا هذا السيناريو على بقاء حال الجمود في السوق، مؤكدا أن تصحيح الحركة والقيمة معا لم يعد خيارا بل واقعاً.
وأظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل، التي تبينها التغيرات ربع السنوية لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية، انخفاضا سنويا لجميع متوسطات الأسعار خلال الربع الثاني من العام الحالي (حتى يوم 11 مايو/أيار) مقارنة بالربع الثاني لعام 2016، إذ انخفض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 32.8 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 224 ألف دولار للعمارة الواحدة)، وجاءت الفيلات السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 17.9 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 232 ألف دولار للفيلا الواحدة)، وانخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 6.8 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 98.9 دولار للمتر المربع)، وانخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 3.3 في المائة كأدنى نسبة انخفاض (متوسط سعر ربع سنوي 137 ألف دولار للشقة الواحدة).



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».