السودان: أوامر رئاسية لقوات «الدعم السريع» لحسم التمرد

السودان: أوامر رئاسية  لقوات «الدعم السريع» لحسم التمرد
TT

السودان: أوامر رئاسية لقوات «الدعم السريع» لحسم التمرد

السودان: أوامر رئاسية  لقوات «الدعم السريع» لحسم التمرد

أصدر الرئيس السوداني أوامر لقوات «الدعم السريع» بالتدخل الفوري لحسم ما سماه «التفلتات» الأمنية والصراعات القبلية، وتوعد رافضي السلام بالهزيمة على يد تلك القوات، ملوحا باستعداد الجيش والقوات الرديفة لحسم «التمرد والمرتزقة»، وذلك أثناء تخريج دفعة قوامها أكثر من 11 ألفا من تلك القوات، معتبرا قراره بتكوين تلك القوات من أحب القرارات إلى نفسه.
وتكونت «قوات الدعم السريع» من رجال قبليين، ومنح قائدها محمد حمدان حميدتي رتبة عسكرية رفيعة، وكانت بادئ الأمر تتبع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، قبل أن تتبع للجيش السوداني وتحت إمرة رئيس الجمهورية مباشرة، حسبما نص عليه قانونها الصادر في يناير (كانون الثاني) الماضي. وواجهت هذه القوات انتقادات كثيرة من المعارضين، ووجهت لها اتهامات بارتكاب انتهاكات في مناطق النزاعات، وذلك استنادا إلى مزاعم بتحدرها من «ميليشيا الجنجويد» سيئة الصيت، بيد أن الرئاسة السودانية دأبت على نفي هذه الاتهامات، ومنحتها صلاحيات واسعة بعد أن أثبتت فاعلية قتالية لافتة ضد حركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان.
وقال الرئيس عمر البشير أمس، في كلمته لتخريج دفعة جديدة من تلك القوات قوامها (11428)، إن القوات المسلحة - الجيش - وقوات الدعم السريع «جاهزة لرفع التمام» للشعب السوداني، بأن البلاد خالية من «التمرد والمرتزقة»، وأنها تتجه نحو التنمية والإعمار. وحذر البشير ممن سماهم رافضي السلام من مغبة الاستمرار في الحرب، وأصدر «أوامر مستديمة» لقوات الدعم السريع بالتدخل لحسم التفلتات الأمنية والصراعات القبلية، وقال مخاطبا لهم: «السودان فعل كل شيء من أجل تحقيق السلام، وتم توقيع الاتفاقيات وإجراء الحوار الوطني والمجتمعي بين أبناء السودان، وكونت حكومة الوفاق الوطني»، وتابع: «السودان في مرحلة جديدة، ومرحبا بكل من يريد السلام، والسودان يسع الجميع».
وأشاد البشير بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة السودانية بـ«قوات الدعم السريع»، وبدورها في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، وبما أطلق عليه «كسر شوكة التمرد في جنوب كردفان ودارفور»، مشيرا إلى الهزائم التي ألحقتها تلك القوات بقوات حركة العدل والمساواة السودانية في معركة «قوز دنقو»، وقوات حركة تحرير السودان في معركة «فنقا» شرق جبل مرة بدارفور، التي كانت تسيطر عليها حركة جيش تحرير السودان منذ اندلاع التمرد في دارفور 2003.
واعتبر البشير في كلمته تخريج الدفعة الجديدة من تلك القوات «إظهارا للقوة، وإرهابا للأعداء»، وقال: «أحب القرارات وأفضلها لي هو قرار تكوين قوات الدعم السريع، وهي الذراع القوية للقوات المسلحة». وأبان البشير أن تلك القوات «قفلت الحدود، وقامت بواجبها الوطني في محاربة ومكافحة تجارة البشر، والمخدرات، وتهريب السلاح»، وتابع: «قوات الدعم السريع جاهزة لحسم كل المتربصين بالسودان».
وشارك في احتفال تخريج الدفعة الخامسة من تلك القوات، إلى جانب الرئيس البشير، كل من وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول مهندس محمد عطا المولي، والفريق أول عماد الدين عدوي رئيس الأركان المشتركة، ومدير عام قوات الشرطة هاشم عثمان الحسين، وعدد من قادة القوات النظامية من جيش وشرطة وأمن.
من جهته، أكد قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، أن قواته «قومية التكوين، ولاؤها لله والوطن، وأنها تعمل مع القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، وتقوم بواجبها دفاعا عن الوطن ومكتسباته بواجهة التهديدات الخارجية والداخلية». قال حميدتي في كلمته أثناء حفل التخريج إن «الدعم السريع» تدعو للسلام، وتعمل من أجله والمحافظة عليه، وعلى بث روح الطمأنينة في نفوس الشعب، وتفض النزاعات القبلية، وفي محاربة ومكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وتهريب السلاح والمخدرات التطرف بأشكاله كافة، وعلى قفل حدود السودان، وتساهم في الأمن الاجتماعي. وتباهى حميدتي بما سماه الانتصارات الكثيرة التي حققتها قواته منذ تأسيسها عام 2013، وبمشاركتها في قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، ووقوفها مع ليبيا حتى تحقق الأمن والاستقرار فيها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.