تعبئة دولية بحثا عن مخطوفات «بوكو حرام»

أوباما: وضعهن يحطم القلب

نانا شيتيما زوجة حاكم ولاية بورنو النيجيرية تبكي الاثنين الماضي أثناء حديثها داخل ثانوية شيبوك التي خطفت منها التلميذات (أ.ب)
نانا شيتيما زوجة حاكم ولاية بورنو النيجيرية تبكي الاثنين الماضي أثناء حديثها داخل ثانوية شيبوك التي خطفت منها التلميذات (أ.ب)
TT

تعبئة دولية بحثا عن مخطوفات «بوكو حرام»

نانا شيتيما زوجة حاكم ولاية بورنو النيجيرية تبكي الاثنين الماضي أثناء حديثها داخل ثانوية شيبوك التي خطفت منها التلميذات (أ.ب)
نانا شيتيما زوجة حاكم ولاية بورنو النيجيرية تبكي الاثنين الماضي أثناء حديثها داخل ثانوية شيبوك التي خطفت منها التلميذات (أ.ب)

أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عزمها مساعدة السلطات النيجيرية في العثور على نحو 220 تلميذة خطفتهن جماعة «بوكو حرام»، فيما أُعلن عن مقتل مئات الأشخاص في مجزرة جديدة نفذتها الجماعة المتشددة الناشطة في شمال شرقي نيجيريا.
وصرح الرئيس الأميركي باراك أوباما، الليلة قبل الماضية، بأنه سيرسل قوات أميركية تضم جنودا وشرطيين وعناصر في «وكالات أخرى» لمساعدة نيجيريا في العثور على التلميذات المخطوفات. كما أكد الرئيس فرنسوا هولاند، أمس، أن فرنسا «ستبذل كل جهد لمساعدة نيجيريا في العثور» على التلميذات. وصرح المتحدث باسم الحكومة ستيفان لوفول بأن «رئيس الجمهورية ذكر أن فرنسا ستبذل كل الجهود لمساعدة نيجيريا في مطاردة هذه المجموعة والعثور على الرهائن المخطوفين». وأضاف «إننا نواجه» من خلال عملية الخطف هذه «واحدة من أشرس العمليات الإرهابية التي تستهدف خطف رهائن أطفال والاتجار بهم».
وفي وقت لاحق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمام النواب أن باريس اقترحت على نيجيريا إرسال «فريق متخصص» للمساعدة في العثور على التلميذات. وقال فابيوس إن «الرئيس زودني ووزارة الدفاع تعليمات، ما أن ارتكبت الجريمة، بوضع أجهزة (الاستخبارات) في تصرف نيجيريا والدول المجاورة. وهذا الصباح، طلب منا الاتصال بالرئيس النيجيري (غودلاك جوناثان) لإبلاغه بأن فريقا متخصصا، مع كل إمكاناتنا في المنطقة، تحت تصرف نيجيريا للمساعدة في البحث عن الفتيات واستعادتهن». وأوضحت أوساط هولاند أن فرنسا ستساعد السلطات النيجيرية في إطار التعاون بين البلدين على صعيد «تبادل المعلومات الاستخباراتية».
من جانبه، أعلن متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، أمس، أن لندن سترسل فريقا من المستشارين الحكوميين إلى نيجيريا في إطار الجهود للإفراج عن التلميذات المخطوفات. وأوضح المتحدث أن الفريق سيغادر «في أقرب وقت» من دون أن يحدد طبيعة أعضائه وما إذا كان سيضم طاقما عسكريا أم لا.
وعلى صعيد المؤسسات الإسلامية، طالبت مؤسسة الأزهر الشريف حركة «بوكو حرام» بإطلاق سراح الفتيات، مشيرة إلى أن خطفهن «لا يمت لتعاليم الإسلام السمحة والنبيلة بأي صلة». كما أعرب «مجمع الفقه الإسلامي الدولي» المنبثق عن «منظمة التعاون الإسلامي»، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة، عن استنكاره لخطف التلميذات ودعا «جميع الأخيار وذوي المروءة وأهل الغيرة في المجتمع النيجيري إلى أن يبذلوا قصارى جهودهم لإنقاذ هؤلاء الفتيات مما هنّ فيه في أسرع وقت».
وقال الرئيس الأميركي إن هذا «الوضع المثير للغضب» يلقي بظلاله على افتتاح «منتدى دافوس الأفريقي» الاقتصادي الذي بدأ أعماله أمس في أبوجا وتراهن عليه نيجيريا لإبراز جهودها الاقتصادية وتحسين صورتها دوليا. وتعرض الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان والسلطات النيجيرية للانتقاد من قبل أهالي التلميذات المخطوفات، لعجزها عن العثور على التلميذات اللواتي خطفن في 14 أبريل (نيسان) الماضي في شيبوك شرق بورنو. وكانت عشرات التلميذات نجحن في الفرار، لكن أكثر من 220 لا يزلن بأيدي المتمردين بحسب الشرطة. وتبنى زعيم جماعة بوكو حرام أبو بكر شيكاو، في شريط فيديو، خطف الفتيات قائلا «خطفت الفتيات. سأبيعهن في السوق وفق شرع الله». وأثار هذا الشريط هلع الأهالي واستنكارا دوليا. وتعتبر الولايات المتحدة شيكاو «إرهابيا عالميا».
وقال أوباما في أول تصريحات له في هذا الخصوص في حديث لقناة «إيه بي سي» الأميركية «بالطبع إنه وضع يحطم القلب. إنه وضع يثير الغضب». وأضاف أن «النيجيريين قبلوا مساعدتنا التي سيشارك فيها عسكريون وشرطيون ووكالات على الأرض لمحاولة تحديد مكان وجود التلميذات وتقديم المساعدة». وولاية بورنو بؤرة تمرد بوكو حرام منذ خمس سنوات. وارتكبت بوكو حرام عدة هجمات دامية في المدارس والجامعات في الماضي، لكن عمليات الخطف الجماعية لتلميذات تعد سابقة. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن لديها معلومات مفادها أنه من المحتمل أن تكون الفتيات نقلن إلى دول مجاورة في تصريحات مشابهة لمعلومات غير مؤكدة أدلى بها مسؤولون محليون في شيبوك أشارت إلى أن الفتيات جرى بيعهن كزوجات لمقاتلين إسلاميين في الكاميرون وتشاد. ومن جانبها، نفت السلطات الكاميرونية والتشادية الأنباء التي تحدثت عن وجود التلميذات على أراضي البلدين.
وألقت التعبئة الدولية بشأن ملف التلميذات المخطوفات في نيجيريا بظلالها على «المنتدى الاقتصادي لأفريقيا» الذي افتتح أعماله في أبوجا أمس وسط إجراءات أمنية مشددة. والتقى رئيس الوزراء الصيني لي كي تشيانغ، المشارك في القمة، صباح أمس الرئيس جوناثان في أبوجا. ونشر أكثر من ستة آلاف عنصر في العاصمة الفيدرالية النيجيرية خلال القمة التي تختتم أعمالها غدا الجمعة. وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال أمس «استعراض القوة هذا سيضمن أمن المشاركين في القمة، لكن الحكومة النيجيرية التي تواجه صعوبات عاجزة عن حماية شعبها وجذب الاستثمارات واستغلال قدرات البلاد في حال لم تضع حدا لهذا التمرد العنيف».
وبينما سيطر الهلع على أهالي الفتيات، أعلن سكان أمس عن مقتل مئات الأشخاص في هجوم شنته جماعة بوكو حرام الاثنين الماضي في غامبورو نغالا المدينة القريبة من الحدود الكاميرونية في ولاية بورنو. وذكر سكان أن المهاجمين كانوا يستقلون آليات مدرعة مطلية بألوان قوات الأمن، وقد أحرقوا السوق ومكتب الجمارك ومركز الشرطة وغالبية المتاجر. وتحدث سيناتور محلي أمس عن 300 قتيل. وأحصى شهود أكثر من مائة جثة في المدينة المدمرة، محذرين من أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.
يذكر أن تمرد «بوكو حرام» المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام خلف آلاف القتلى في نيجيريا. وتتركز أعمال العنف في شمال شرقي البلاد حيث يشن الجيش عملية واسعة النطاق ضد المتمردين منذ عام.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.