بوتين يتبنى موقفا أقل تشددا إزاء الأزمة الأوكرانية

دعا الانفصاليين إلى إجراء الاستفتاء وتحدث عن سحب القوات من الحدود

بوتين يمد يده لمصافحة بوركهالتر في موسكو أمس (أ.ب)
بوتين يمد يده لمصافحة بوركهالتر في موسكو أمس (أ.ب)
TT

بوتين يتبنى موقفا أقل تشددا إزاء الأزمة الأوكرانية

بوتين يمد يده لمصافحة بوركهالتر في موسكو أمس (أ.ب)
بوتين يمد يده لمصافحة بوركهالتر في موسكو أمس (أ.ب)

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا إلى إرجاء مجموعة من الاستفتاءات حول إعلان الحكم الذاتي أو الاستقلال عن كييف، كما أعلن أن روسيا سحبت قواتها من الحدود الأوكرانية، إلا أن حلف شمال الأطلسي علق في وقت لاحق أنه لا يملك «مؤشرات» تؤكد هذا الانسحاب.
وأدت تصريحات بوتين التي تتناقض مع موقف روسيا المتشدد السابق بشأن أوكرانيا، في أسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، إلى ارتفاع الأسهم في السوق الروسية بنسبة ثلاثة في المائة وسط آمال بأن حدة الأزمة المستمرة منذ أشهر بدأت تخف. وصرح بوتين في مؤتمر صحافي إثر لقائه رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بوركهالتر: «نطلب من ممثلي جنوب شرقي أوكرانيا إرجاء الاستفتاء المقرر في 11 مايو (أيار) الحالي لتوفير الظروف الضرورية للحوار».
وسيطر المتمردون الموالون لروسيا على مبانٍ حكومية في المناطق الشرقية مثل دونتسك ولوغانسك وأعلنوا خططهم إجراء استفتاءات فيها للانفصال عن كييف عقب الإطاحة بالزعيم الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) الماضي. ووصفت كييف وحلفاؤها في واشنطن والاتحاد الأوروبي تلك الاستفتاءات بأنها غير قانونية. وكانت روسيا أدانت إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا بسبب الأزمة العسكرية بين المتمردين والقوات الأوكرانية. وتوعد بوتين في السابق باستخدام جميع الوسائل اللازمة «لحماية» مواطني أوكرانيا المتحدرين من أصل روسي.
وقدر الحلف الأطلسي أن الكرملين حشد نحو 40 ألف جندي على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا في إطار تدريبات واسعة أثارت مخاوف الغرب من احتمال قيام روسيا بغزو أوكرانيا، إلا أن بوتين أكد أن القوات الروسية انسحبت من تلك الحدود. وقال: «قيل لنا باستمرار إن قواتنا القريبة من الحدود الأوكرانية تثير مخاوف. لقد سحبنا تلك القوات. اليوم لا وجود لها على الحدود الأوكرانية، لكنها موجودة في الأماكن التي تجري فيها تدريباتها المعتادة».
وعلق حلف شمال الأطلسي في وقت لاحق أمس أنه لا يملك «مؤشرات» تثبت أن روسيا سحبت القوات التي حشدتها قرب الحدود مع أوكرانيا. وكان الأطلسي قدر في أواخر أبريل (نيسان) الماضي عديد هذه القوات بأربعين ألف جندي، كما أعلن البيت الأبيض أنه لا «يوجد دليل حتى الآن» على سحب القوات.
وأكد بوركهالتر أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تعتزم إطلاق دعوة رسمية لكل من كييف والانفصاليين للموافقة على «خارطة طريق» لإحلال السلام في البلاد تشمل التوصل إلى اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار. وأضاف أن المنظمة تعرض المساعدة في تمويل «خطة وطنية لنزع الأسلحة تتبناها أوكرانيا».
وتحذر الحكومات الغربية من دخول البلاد في حرب أهلية، وتدعم إجراء انتخابات الرئاسة الأوكرانية. وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في كييف بعد لقاء مع القادة الأوكرانيين إن روسيا نشرت مقاتلين سريين واستخدمت «دعاية ضخمة» في إطار «الضغوط غير المقبولة» لمنع الانتخابات. وقال إنه «من الواضح» أن المسلحين الذين يقاتلون ضد القوات الأوكرانية في الشرق «ليسوا مجرد قوات موالية لروسيا، بل إنهم من القوات الروسية». وأكد أن «فشل إجراء الانتخابات (الرئاسية) سيكون خطيرا جدا، وسيشكل ضربة فظيعة للديمقراطية والطبع إذا تأجلت، لا أحد يعلم متى ستجري».
وقال بوتين أمس: «أريد التأكيد على أن الانتخابات الرئاسية التي تخطط كييف لإجرائها، ورغم أنها خطوة في الاتجاه الصحيح فإنها لن تقرر أي شيء ما دام لم يقتنع جميع مواطني أوكرانيا بأن حقوقهم ستكون محمية بعد إجراء الانتخابات». وأكد الرئيس الروسي: «نعتبر أن الحوار المباشر بين السلطات في كييف وممثلي جنوب شرقي أوكرانيا هو عنصر رئيس للتوصل إلى تسوية».
وكان سكان أوكرانيا المتحدرون من أصل روسي ويشكلون جزءا كبيرا من سكان النصف الجنوبي الشرقي من أوكرانيا البالغ عدد سكانها 46 مليون نسمة أعربوا عن مخاوفهم من فقدان حقوقهم المتعلقة باللغة وغيرها من الحقوق في ظل حكومة جديدة موالية للغرب يرجح أن تسفر عنها الانتخابات المقررة في 25 مايو الحالي.



بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع من الترقب، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء، على أمل تجاوز الأزمة الكبرى التي تعانيها فرنسا منذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو (حزيران) وإجراء انتخابات لم تسفر عن غالبية واضحة.

ويأتي تعيين بايرو، وهو سياسي مخضرم يبلغ 73 عاماً وحليف تاريخي لماكرون، بعد تسعة أيام من سقوط حكومة ميشال بارنييه إثر تصويت تاريخي على مذكرة لحجب الثقة دعمها نواب اليسار واليمين المتطرف في الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

وعبّر رئيس الوزراء الفرنسي الجديد عن أمله في إنجاز «مصالحة» بين الفرنسيين، لكنَّه يواجه تحدياً كبيراً لتجاوز الأزمة القائمة. وقال بايرو في تصريح مقتضب للصحافيين: «هناك طريق يجب أن نجده يوحد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية».

وبذلك يصبح بايرو سادس رئيس للوزراء منذ انتخاب إيمانويل ماكرون لأول مرة عام 2017، وهو الرابع في عام 2024، ما يعكس حالة عدم استقرار في السلطة التنفيذية لم تشهدها فرنسا منذ عقود.

ويتعيّن على رئيس الوزراء الجديد أيضاً التعامل مع الجمعية الوطنية المنقسمة بشدة، التي أفرزتها الانتخابات التشريعية المبكرة. وقد أسفرت الانتخابات عن ثلاث كتل كبيرة، هي تحالف اليسار والمعسكر الرئاسي الوسطي واليمين المتطرف، ولا تحظى أي منها بغالبية مطلقة.

وقالت أوساط الرئيس إن على بايرو «التحاور» مع الأحزاب خارج التجمع الوطني (اليمين المتطرف) وحزب فرنسا الأبية (اليسار الراديكالي) من أجل «إيجاد الظروف اللازمة للاستقرار والعمل».