قاضية أميركية توافق على «مدينة بيضاء» في ألاباما

أهاليها فشلوا في إثبات أن دوافع الانفصال عنصرية

ملصقان في المدينة يجسدان الانقسام العنصري فيها (واشنطن بوست)
ملصقان في المدينة يجسدان الانقسام العنصري فيها (واشنطن بوست)
TT

قاضية أميركية توافق على «مدينة بيضاء» في ألاباما

ملصقان في المدينة يجسدان الانقسام العنصري فيها (واشنطن بوست)
ملصقان في المدينة يجسدان الانقسام العنصري فيها (واشنطن بوست)

تسبب قرار صدر عن قاضية فيدرالية الأسبوع الماضي، يسمح بمقتضاه بفصل جزء من مدينة ألاباما غالبية سكانه من البيض عن منطقة المدارس التي تتميز بتنوع عرقي، في إثارة جدل جديد بشأن المبادرات الداعية إلى إلغاء الفصل العنصري في التعليم العام.
وكانت القاضية بمحكمة «يو إس ديستركت كورت» بمدينة برمنغهام، مادلين هيكالا، قضت بأن الدوافع وراء الجهد الذي بذله الأهالي بمنطقة غاردنديل للانفصال بمنطقتهم كانت عنصرية، وأن عملية الفصل أرسلت رسائل توحي بما يعانونه من إحساس بالدونية العنصرية والإقصاء الذي تسبب في «امتهان لكرامة تلاميذ المدارس من السود».
أضافت القاضية أن أهالي مدينة غاردنديل فشلوا في تحمل العبء القانوني لإثبات أن عملية الفصل لن تعيق الجهود الرامية إلى منع الفصل العنصري بمنطقة «جيفرسون كاونتي» التي طالما ناضلت لتحقيق الاندماج بين تلاميذ المدارس بها. وتعود بداية المطالب بالمساواة إلى حقبة الستينات عندما تقدم الآباء السود بأول شكوى يطالبون فيها بالمساواة بين التلاميذ.
وفي حكمها المثير للجدل، أصرت هيكالا على أن غاردنديل ربما تتقدم للأمام بقرار الانفصال، مرجعة قرارها إلى التعاطف مع بعض الآباء الذين يسعون إلى تحقيق الولاية لمزيد من السيطرة على المدارس وإلى القلق الذي يعتريهم على أبنائهم في تلك المدارس التي تضم أعراقا متنوعة، مشيرة إلى أنها تخشى أن يوجه لها اللوم في حال رفضت التماس الأهالي.
وأفاد يو دبليو كليمون، ممثل المدعين السود في الدعوى، بأن قرار المحكمة، حال جرى تطبيقه «سيضعف جهود التكامل التي بذلت من السكان على مدار نصف قرن، وأن ذلك سيكون له نتائجه السلبية الخطيرة». وأضاف كليمون، القاضي الفيدرالي المتقاعد، أن الأغلبية البيضاء يفكرون بالفعل في بناء مدارسهم المستقلة، وأن قرار القاضية لأهالي تلك المنطقة يقولها صريحة: «طالما أن غاردنديل، بكل تاريخها العنصري، استطاعت أن تفعل ذلك، فأي مدينة أخرى يحق لها أن تفعل نفس الشيء».
ومن جانبهم، أفاد مؤيدي قرار الفصل بأن ما يسعون إليه هو العمل على بسط السيطرة على المدارس، لا تعزيز الفصل العنصري.
ومن جانبه صرح كريس سيغروف، مدير إدارة غاردنديل التعليمية، بقوله: «نعلم أن السكان متلهفون وجاهزون لتنفيذ قرار إقامة نظام تعليمي عام بإدارة محلية، ونحن أيضا كذلك»، مضيفا: «رغم أن حكم المحكمة يهدف إلى تحقيق التقدم ويشير إلى تحقيق التطور في هذا المجال، فإننا نطالبكم بالصبر والدعاء في الأيام القادمة، وأن نعمل سويا لما فيه الصالح العام هنا».
ورفضت وزارة العدل التعليق على قرار المحكمة الذي صدر الأسبوع الحالي. الجدير بالذكر أن الوزارة عارضت عملية الفصل العنصري في عهد باراك أوباما، واستمرت بلدة غاردنديل القريبة من برمنغهام تدفع ولسنوات طويلة في اتجاه فصل المدارس ذات الأغلبية السوداء بمنطقة جيفرسون كاونتي عن منطقتهم الصغيرة.
غير أن قرار القاضية هيكالا الذي راعت فيه رغبة أهالي بلدة غاردنديل، ودفاعها عن الحاجة الملحة لوجود إشراف فيدرالي على تلك المدارس، جعل القرار يبدو محيرا للمدافعين عن الحقوق المدنية.
وعلى مدار سنوات، سمح القضاة الفيدراليين بسحب المدارس من داخل عدد من المدن ذات الغالبية البيضاء والتي تتبع نظام «جيفرسون» التعليمي، لتترك مدارس البلدة بقاعدة ضريبية منخفضة وشريحة متزايدة من أصحاب الدخول المنخفضة والتلاميذ السود. لكن حتى الآن لم يجر قاض اختبارا دقيقا للتأكد من أن عملية إقامة حدود جغرافية جديدة للمدارس جاءت بدوافع عنصرية.
وقال مونيك لين لويس، محامي بهيئة الدفاع والصندوق التربوي الذي حضر ممثلا عن الآباء السود في القضية: «من الصعب تحديد ذلك». لكن إقرار المحكمة أن العرق لعب دورا في عملية الفصل بين الطلاب يعد اعترافا في حد ذاته «وبصورة أكثر مما تمنيناها»، بحسب لويس، لكن القول إن مدينة «غاردنديل» بمقدورها اتخاذ خطوات تجاه تشكيل نظامها الخاص «يمثل مصدر قلق».
وقال كليمون، إن الآباء الذين يمثلهم هو ولين لويس من المرجح أن يطلبوا من القاضية إعادة النظر في قرارها.
ويسرد قرار القاضية هيكالا، الذي جاء في 190 صفحة، تاريخ معركة طويلة بشأن إلغاء الفصل العنصري في المدارس. وتضمن قرار القاضية نقدا لاذعا لمن تولوا حشد جهود مدينة «غاردنديل» للضغط لفصل نظام التعليم عن المتبع في باقي البلاد.
وكتب أحد الطلاب على صفحته في «فيسبوك»، إن «أعداد الطلاب غير المقيمين في ازدياد مستمر وبمعدلات مزعجة»، مضيفا: «هؤلاء الطلاب لا يقدمون مساهمات مالية، ويستهلكون موار مدارسنا، وجهود مدرسينا وطاقة طلابنا المقيمين».
مثل هذه المشاعر من شأنها أن ترسل رسائل واضحة للطلاب السود - الذين تعيش غالبيتهم على بعد أميال في مكان يعرف باسم «نزوث سميثفيلد» ويدرسون في مدارس متوسطة وثانوية وفق نظام تعليمي عمره عشر سنوات يلغي الفصل العنصري – تقول: «إن هذه المدارس ليست ملكك، وأنت لست مرحبا بك هنا»، وفق قرار القاضية هيكالا.
وبحسب القاضية هيكالا، فقد وزع منشور على سكان مدينة «غاردنديل» قبل التصويت على الانسحاب بمدارسهم بسبب «الرسالة الدونية الغامضة» التي تلقاها الطلاب السود. وسأل المنشور الذي حوى صورة طفل أبيض سؤالا يقول: «أي طريق ستختار غاردنديل؟» واشتمل المنشور على عدد من الخيارات العنصرية، وعلى أسماء المدن ذات الغالبية السوداء والتي لا يزال نظام التعليم فيها جزءا من نظام «جيفرسون كاونتي سيستم»، وقائمة من المدن ذات الأغلبية البيضاء التي «تشمل أفضل الأماكن التي تتمنى العيش بها في البلاد»، وفق المنشور، والذي انعزلت مدارسه عن السود عبر السنين.
وأفادت هيكالا بأنه رغم أنه كان بإمكانها معارضة الانفصال على اعتبار أن ذلك من شأنه أن يضعف الاتجاه إلى منع الفصل العنصري بين طلاب المدارس، فإنها قد سمحت به.
وأفادت القاضية بأن الأطفال السود من نورث سميثفيلد يجري نقلهم إلى «غاردنديل» بواسطة حافلات «كاتش 22» المتواضعة، ولولا الجهود والتنسيق الذي يتولاه بعض مسؤولي المدينة لكان هؤلاء التلاميذ شعروا بأنهم غير مرحب بهم، بصرف النظر عمن يدير مدارسهم. واقترحت غاردنديل ضم مدينة نورث سميثفيلد إلى نظامها التعليمي الجديد، لكن بعدما يصل مسؤولو المدينة إلى إدراك أن هذا الإجراء ضروري للحصول على قرار من المحكمة في صالحهم. وكتبت القاضية: «وتلك نتيجة مأساوية للطريقة التي سعى بها سكان غاردنديل إلى الانفصال».
وبحسب قرار هيكالا، فربما تبدأ غاردنديل في تشغيل مدرستين داخل نطاقها الجغرافي الخريف الحالي. وإن أظهرت المدينة ثقة في تنفيذ التوجه الرامي إلى إلغاء الفصل العنصري بتلك المدارس خلال السنوات الثلاث القادمة - من ضمن ذلك سداد رسوم انتقالات الطلاب وتعيين عضو أسود بمجلس إدارة المدارس التي تضم طلابا جميعهم من البيض - فربما تسمح البلدة باستمرار المدارس المختلطة العليا والمتوسطة داخل حدودها.
وحتى حال حدث ذلك، فسوف يتعين على مدينة «غاردنديل» أن تسدد أموالا لمدينة «جيفرسون كاونتي» مقابل مباني المدارس العليا القابعة في قلب المدينة، والتي تكلف إنشاؤها أكثر من 50 مليون دولار. وتلعب المدارس العليا دورا مهما في تعزيز جهود البلدة لتحقيق التكامل باستخدام البرامج التربوية والفنية لجذب الطلاب من المناطق المنعزلة.
وبحسب قانون ولاية ألاباما، يحق لأي بلدة يتعدى عدد سكانها 5000 نسمة أن تطبق نظاما تعليميا مستقلا، وجادلت بلدة «غاردنديل» بأن المحكمة الفيدرالية لا يجب أن تعترض على انفصال نظامها التعليمي. وقال محامو غاردنديل في مذكرتهم للمحكمة: «الأمور تغيرت» بعد قرار المحكمة التاريخي بشأن التمييز العنصري في المدارس، «ويتعين على المحكمة أن تفتح عينيها لترى الوضع الحالي».
وجاء قرار هيكالا قويا ليضع نهاية للجدل الدائر، بأن كتبت تقول في قرارها: «إن رسالة غاردنديل للطلاب السود بأنهم غير مرغوب فيهم واضحة وقوية، والمحكمة لا يمكن أن تغمض عينيها عن تلك الرسالة».
وقالت الأستاذة بجامعة بنسلفانيا، إيريكا فرانكبيرغ، التي تدرس التمييز العنصري في المدارس، إن القرار الذي صدر عن هيكالا والتي عينها الرئيس باراك أوباما، وتعتبر جديدة نسبيا على قضية جيفرسون كاونتي، يعتبر تغييرا جذريا بالنسبة للقرارات السابقة التي صدرت عن باقي المحاكم، والتي سمحت للمدن ذات الأغلبية البيضاء بالابتعاد بطلابها عن الطلاب السود من دون شرح الأسباب علانية أو التطرق إلى عواقبها، فيما أشارت هيكالا بوضوح إلى أنها تحتفظ بحق تغيير هذا الوضع حال فشلت بلدة غاردنديل في تنفيذ التزامها بمنع الفصل العنصري بين طلابها.
وقالت فرانكبيرغ إن القرار يعد دفاعا مهما عن دور الحكومة الفيدرالية في رصد منع التمييز في المدارس والإشراف على تنفيذه، «فلا تستطيع القول إن الوقت وحده كفيل بجعلنا نتخلص من التمييز العنصري السابق».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.