مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

أصل أزماتها الفقر والبطالة.. والتفاعل مع أحداث المنطقة

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية
TT

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

باتت مدينة معان الأردنية (جنوب) في السنوات الأخيرة، مصدر صداع دائم للحكومات الأردنية المتعاقبة، بعد أن كانت مركز انطلاق للقيادة في تحقيق حلم الثورة العربية الكبرى في مطلع القرن الماضي.
وشهدت المدينة ذات التاريخ الضارب في الجذور، أحداثا متتالية خلال الأعوام الماضية، تباينت أسبابها من سياسية إلى اقتصادية إلى اجتماعية، تدفع بأهلها إلى الثورة والاهتياج دائما. لكن العنصر الاقتصادي يظل دائما هو الأبرز في كل الاضطرابات التي شهدتها المدينة، خاصة في العامين الأخيرين.
وتعاني معان أزمات كثيرة، وتشتكي الفقر والبطالة وتدني الخدمات، وتتكون من تركيبة عشائرية متنوعة، وفوق ذلك فالمدينة تتفاعل مع أحداث المنطقة والإقليم بدءا من الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج والانتفاضة الفلسطينية وآخرها الأزمة السورية.
وشهدت المدينة أعمال عنف وشغبا الأيام الماضية على خلفية مقتل شاب على أيدي عناصر الدرك الأردني، وجرى احتواء هذه الأحداث بعد وساطة عدد من وجهاء المدينة وشخصيات أردنية. وتصاحب أعمال العنف دائما عمليات حرائق وتكسير ودمار للمؤسسات الحكومية والمحال التجارية.
تقول السلطات دائما إن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف مطلوبين للعدالة. ويقول وزير الداخلية حسين المجالي إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوب هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
ويحذر نواب في البرلمان من سيناريو خطير في المدينة، مشيرين إلى أن ملفها ظل مفتوحا منذ عام 1989، وأن المدينة تعرضت لصورة مشوهة ومقصودة، والبعض صورها مدينة خارجة عن القانون. وعبر سياسيون ومراقبون عن أسفهم لما آلت إليه الأمور في مدينة معان، داعين إلى أهمية تعزيز الأمن وسيادة القانون. وقالوا إن الحل الأمني لم يفلح يوما في معالجة المشكلات، فمشكلة معان ليست وليدة الساعة، ولكنها محصلة أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية قابعة منذ عقود.
يقول الدكتور سعد أبو دية، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية (أحد أبناء المدينة)، لـ«الشرق الأوسط»، إن القاسم المشترك في المشاكل تاريخيا يعود إلى سوء الإدارة التي ارتبطت بالاقتصاد أو بالأمن على الأغلب. وأضاف أن «الإدارة الناجحة يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه بالمبادرات والمتابعات، وهذا شيء شبه مفقود في إدارة أزمة معان عبر السنين».
ويشير أبو دية إلى أن مشكلة معان بدأت عام 1983، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، بعد اندلاع أزمة الشاحنات العاملة على خط ميناء العقبة - العراق، حيث إن معظم أبناء المدينة كانوا يعملون في هذا الحقل. ويشير إلى أن الإدارة ساهمت وقتها في تفاقم هذه الأزمة عندما سمحت باستيراد شاحنات أفضل من الموجودة مما عطل عمل الشاحنات التي يعمل بها أبناء البلدة. وسهلت تعليمات الحكومة الفرصة للشاحنات الجديدة على حساب القديمة، وعلى أثرها تضرر أبناء معان أكثر بسبب اعتمادهم الكبير على هذا القطاع. وشاركهم أبناء مدينة الرمثا في الشمال في هذه المشكلة، ولكن بصورة أقل ضررا.
وزاد الموقف سوءا في الوقت ذاته وقوع مشكلة أخرى في معان، وهي مشكلة الأراضي؛ إذ إن سكان معان انحصروا في داخل المدينة، وليس لهم أرض في الخارج، وهنا تشددت الحكومة في هذا الموضوع. وهكذا صارت هنالك قضيتان: الشاحنات والأراضي.
ويؤكد أبو دية أن الإدارة المحلية لم تحسن التصرف، ولو فعلت لامتصت الغضب الشعبي. ورغم أن الصحافة العربية في أوروبا أشارت للمشكلة آنذاك، فإن أصوات الإدارة كانت أقوى من صوت معان ولم تحدث أي مبادرة لحل المشكلة، بل جرى تهميشها والتعامل معها على أساس أنها مجرد «شغب».
غياب التنمية:
لم تلتفت السلطات المحلية لقضية أهالي معان وتخلف المنطقة اقتصاديا، ولم يحصل أي تطور في قضية أراضيها، ونتج عن ذلك عيوب أصبحت مزمنة، نتيجة لسوء الإدارة، وتجاهل السلطات المركزية.
وتسببت معالجات الإدارة المحلية في أحداث عنيفة وقعت في 17 أبريل (نيسان) عام 1989 فيما عرف بـ«هبة نيسان»، التي حصلت بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين. وكانت الشرارة التي هزت أركان البلاد وتدخل فيها الملك الراحل الحسين بن طلال وقال قولته المشهورة: «إن هذا من سمات الشعوب الحية».
وفي أحداث ارتفاع أسعار الخبز 1996 كان لمدينة معان نصيب في الاحتجاجات ثم تكررت عام 1998، وهي المرة الوحيدة التي كانت أسبابها غير اقتصادية وغير إدارية؛ ذلك أنها ارتبطت بزيارة النائب ليث شبيلات (المعارض) التي أظهرت تضامنا ضد الضربة الأميركية للعراق.
ويقول أبودية: «في عام 2002 وقعت أزمات أشد، وكان تصرف الإدارة فيها قاسيا، إبان حكومة علي أبو الراغب؛ فقد جرى استخدام القوة دون مبرر، إذ جرى اقتحام معان عسكريا، مما كان له ردود فعل غاضبة ظلت في ذاكرة أبناء المدينة، علما بأن الأسباب هذه المرة ارتبطت بإلقاء القبض على مطلوبين متهمين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة والأراضي الفلسطينية»، حسبما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية حينها.
ويواصل أبودية حديثه قائلا: «في العام الماضي والحالي تكررت نفس الأخطاء الإدارية المحلية، التي لم تراع أمرا مهما وهو أن حسن الإدارة وتطبيق قاعدة (أرسل حكيما ولا توصه) وأن (الحاضر يرى ما لا يراه الغائب)، إذ إن شكوى أهل معان من قطاع الشرطة تحديدا مستمر منذ يونيو (حزيران) 2013 بسقوط ضحايا في تصفيات ميدانية، علما بأنهم مطلوبون لسرقات أو تهريب بضائع من العقبة فقط».
ويتساءل أهل معان: «لماذا تطبق الحكومة إجراءات وقائية في جنوب عمان وتعتمد على العمل الاستخباري في حين أنها في معان تقوم بتصفية ميدانية مثلا، ولا تعتمد العمل الاستخباري حتى لا تريق دما؟».
يضيف الأكاديمي الأردني: «في يونيو (حزيران) 2013 سقط ضحايا.. هم شباب صغار في السن.. ليس لهم وظائف.. وفي مطلع عام 2014 سقط آخر في تصفية ميدانية وكانت الرواية الأمنية غير عادلة؛ إذ إنها تحدثت عن تبادل إطلاق نار.. وقد قابلت الشخص المرافق للقتيل وحدثني أنهما كانا أمام محل شاورما في تلك اللحظة».
وفي مارس (آذار) الماضي سقط شاب (19 سنة) في عملية تصفية ميدانية أيضا، وذكرت الروايات الرسمية أن هذا الشاب من أهل «السوابق» وذكرت أن عليه 79 سابقة.. والسؤال: كيف جمع هذا العدد من الأسبقيات وهو في هذا السن؟ «يمكن أن يكون في موسوعة غينيس للأرقام القياسية».
وسبب الشكوى المستمرة عند أهل معان أن هذه التصفيات لا مبرر لها ولا تطبق في مكان آخر في الأردن، بسبب السرقة، إذ إن كل السرقات في معان لا تصل إلى ثمن سيارة مسروقة في جنوب عمان. والخلاصة أن هناك أسبابا مباشرة، وهي عدم كفاءة الإدارة في التعامل مع هذه القضايا.
ويختم أبو دية قوله إن القاسم المشترك في أحداث معان كلها ارتبط بالاقتصاد، وزاد الطين بلة سوء الإدارة وعدم المتابعة من قبل الحكومات المتعاقبة. «هناك أمور أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الدخول في بعض التفاصيل، وهي عدم مشاركة أبناء المدينة في الوظائف القيادية والمهمة في عمان، مثل الديوان الملكي والرئاسة والخارجية. وباختصار العلاج ليس صعبا لو توفرت إدارة وإرادة سياسية ترغب في الحل».
لكن السلطات دائما ترد بأن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف المطلوبين للعدالة. وقال وزير الداخلية حسين المجالي أمام مجلس النواب أخيرا إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوبون هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
وفي الأحداث الأخيرة في أبريل الماضي قتل شاب وهو خارج إلى المسجد بالخطأ خلال مداهمة قوات الأمن أحد الأحياء لإلقاء القبض على أحد المطلوبين، الأمر الذي أثار حفيظة الأهالي، مما حدا برئيس البلدية، ماجد الشراري، إلى إعلان الحداد في المدينة لمدة ثلاثة أيام، متهما الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات عشوائية بحق سكان المدينة، كما اتهم وزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية بحياكة ما وصفه بـ«المؤامرة» ضد أهالي معان.
وقرر الشراري تعليق الدوام طيلة فترة الحداد؛ حيث أغلقت بنوك ودوائر حكومية ومحال تجارية أبوابها استجابة لرئيس البلدية. فعد الشراري أن الحكومة فشلت بإدارة الأزمة مع سكان المدينة، مبينا أنه لا بد من المكاشفة وتوضيح الحقائق. وأكد أن المدينة تعيش تهميشا وإقصاء من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث انعدام التنمية وفشل المشاريع فيها.
وأشار الشراري إلى حالة الفراغ الأمني وسط المدينة منذ سنوات، التي تجلت في مظاهر أبرزها «عدم وجود الأمن وعدم قيام الأمن بالدور المنوط به، خاصة مع ترحيل مركز أمن المدينة من وسط البلدة وعدم قيامها بتنفيذ الأحكام القضائية وإلقاء القبض على المطلوبين بأسلوب الأمن الاستخباري».
وانتقد قيام الحكومة بانتهاج سياسة مرفوضة قانونيا وشعبيا من خلال إجراءات «غير مسؤولة» في الملاحقة والانتهاء بالقتل، مما ولد الاحتقان لبعض المطلوبين أمنيا وسرعة مشاركتهم في أعمال التخريب والشغب عند تنظيم أي موقف احتجاجي.
وطالب الشراري «بمحاسبة بعض المسؤولين ممن ساهموا في الوضع المحتقن داخل المدينة، إلى جانب مناقشة قضايا المدينة العالقة منذ سنوات للخروج من الأزمة المتفاقمة والمتراكمة، حتى يجري تجاوز السلبيات والبدء بمشروع وطني مشترك مع الحكومة لإيجاد حلول تساهم في إنهاء الأزمة من جذورها».
وطالت أعمال الشغب والحرق ثلاثة أفرع لبنوك ومؤسسة حكومية في المدينة واستخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق محتجين عمدوا إلى إغلاق بعض الشوارع الرئيسة والفرعية بالحجارة والإطارات المشتعلة، فيما تعرضت آلية مدرعة إلى «العطب».
ورد ملثمون مجهولون بإطلاق النيران على المراكز الأمنية والمقار الحكومية من المنازل دون التبليغ عن وقوع إصابات، فيما أرسلت تعزيزات أمنية للمدينة للسيطرة على الوضع إلا أن هذه القوات سرعان ما انسحبت إلى خارج المدينة نتيجة مهاجمتها من قبل الأهالي.
من جهته، رأى رئيس لجنة متابعة قضايا معان الدكتور محمد أبو صالح أن معالجة الأزمة في معان تجري من خلال اعتراف جميع الأطراف بالأخطاء التي يرتكبونها وتحمل مسؤولية هذه الأحداث، مطالبا بإقالة الحكم المحلي في المحافظة لإيجاد أرضية مناسبة للشروع بالدخول وبدء حوارات مسؤولة معها وبحث حلول مناسبة للخروج من الأزمة بعيدا عن الاحتقان والتشنج كون هذه القيادات جزءا من المشكلة القائمة الآن.
وطالب أبو صالح في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» بتفعيل آليات التنمية المحلية داخل المدينة من خلال إجراءات حكومية حقيقية تهدف إلى معالجة جميع المشاكل الاجتماعية والأمنية الموجودة في المحافظة، فضلا عن تعزيز وتفعيل دور المؤسسات الأمنية داخل المحافظة من خلال العمل على تطبيق القانون والحفاظ على كرامة المواطن، إضافة إلى تعزيز أطر التعاون بين أجهزة الأمن ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد وسد الفراغ الأمني داخل وسط المدينة، بحيث يؤدي الدور في خدمة المجتمع والحفاظ على حقهم وإشاعة الأمن واستقرار المدينة.
وقال أبو صالح: «إن لغة التهديد التي يتحدث بها وزير الداخلية لن تجدي نفعا مع أبناء معان، كونها اتهاما لأبناء المدينة بالدفاع عن الخارجين عن القانون، وهذا يتناقض تماما مع مطالبنا بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز»، مؤكدا أن هذه التهديدات هي تبرير لفشل السياسات الأمنية التي اتبعتها الحكومة المحلية بالتعامل مع قضايا المواطنين، وخاصة الخارجين عن القانون، حسبما تسميهم الأجهزة الأمنية.
وأضاف أن «معان لم ولن تأبه لتلك التهديدات، بل بالعكس ستزيدها عزما وتصميما على المطالبة بحقوقها ومحاسبة من يرتكب الأخطاء بحقها، فنحن مع القانون إذا كان من يطبق القانون يحترم القانون، ولكن المعطيات والتناقضات التي تتعامل بها الحكومة المحلية وبدعم من وزارة الداخلية هي التي خلقت الأزمات وأدت إلى حدوث هذه الأحداث، فنحن نطالب بتحقيق من جهات يتمتع بالمصداقية والحيادية لإطلاع الشارع الأردني على الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن في معان وعدم المصداقية في التعامل مع قضايا المدينة من قبل الأجهزة المعنية، وجعل نحو 80 في المائة من أبناء المدينة في خندق واحد ضد الإساءة والتصرف غير المسؤول من قبل الأجهزة الرسمية».
* واقع المدينة:
صدر تقرير رسمي أخيرا حول واقع التنمية ونسب الفقر والبطالة في معان أثار تساؤلات وانتقادات فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في المحافظة، بعد أن أظهرت نتائجه أن المحافظة تتصدر أعلى نسب للفقر بواقع 26.6 في المائة مقارنة بـ14.4 على مستوى المملكة.
كما أظهر التقرير أيضا أن معان تحتل ثاني أعلى نسبة للبطالة وهي 19 في المائة مقارنة بـ12.2 في المائة على مستوى المملكة. وأرجعت هذه الفاعليات ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المحافظة إلى ضعف النشاط الاقتصادي وتدني حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية في معان رغم أنها تربض فوق مخزون من الموارد الطبيعية غير المستغلة.
من ناحيته، حذر القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي الملقب بـ«أبو سياف» من النهج السياسي الأمني في المدينة من قبل بعض المسؤولين مما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات مع قوات الأمن، مشددا على أن التيار السلفي ليست له أي علاقة بأحداث معان، مبينا أن أي مشاركة للتيار، لا قدر الله، ستقلب الأمور رأسا على عقب ويكون الجميع خاسرا فيها بما فيه الوطن.
وبين أن الرايات السوداء التي ظهرت بشكل لافت في المدينة ترتفع قبل عشرات السنين في البلدة، أي قبل وجود جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، وهي راية العقاب، حيث كانت ترفع سابقا في المناسبات أو للتعبير عن حالات وردود فعل غاضبة، فليس المقصود منها جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، والمواطنون يعدونها راية إسلامية.
ولفت أبو سياف إلى جهود متواصلة من قبل التيار للتهدئة وضبط النفس، خوفا من تفاقم الأمور ووقوع ما لا تحمد عقباه، محملا أجهزة الحكومة مسؤولية ما يحدث في المدينة «لعدم تقديرها ودراستها الوضع القائم هناك وامتصاص غضب المواطنين بدل استفزازهم».
إلا أن الدكتور أبو صالح قال إن ما يشاع من تشكل قاعدة لجبهة النصرة وتنظيم داعش في معان هو من أجل إعطاء تبرير لدى الأجهزة الأمنية لاقتحام البلدة والبحث عن أسلحة مزعومة يجري تهريبها إلى سوريا.
وكان وزير الداخلية الأردني، حسين المجالي، قد قال أمام مجلس النواب إن أعمال الشغب التي شهدتها معان، كانت من قبل «فئة خارجة عن القانون وأرباب السوابق». وأضاف المجالي أن هذه الأعمال تخللها اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة تمثلت بحرق ثلاثة بنوك ومبنى ضريبة الدخل واعتداء على مدرستين داخل المدينة.
وأشار إلى استمرار الاعتداء المتمثل في إلقاء الزجاجات الحارقة وإطلاق النار على القوة الأمنية الموجودة في المدينة لبسط السيطرة الأمنية والنظام العام.
وتسعى القوة الأمنية لإلقاء القبض على تلك الفئة وضمان أمن وطمأنينة المواطنين داخل مدينة معان وإنهاء حالة العبث بأمنهم من قبل هذه الفئة، حسب المجالي. وقال المجالي إن الذين قاموا بالاعتداء تعمدوا إعاقة عملية إسعاف خمسة من المصابين من قوات الدرك (جهاز أمني تابع لوزير الداخلية) ونقلهم إلى مستشفى معان الحكومي.
وحول بداية الأحداث وما أعقبها من تطورات، قال المجالي إن قوات الدرك تعرضت لإطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية من إحدى البنايات داخل المدينة ومركبة يستقلها عدد من ذوي السوابق والخارجين عن القانون أثناء قيام أفرادها بواجبهم بحثا عن مطلوبين أمنيا.
وتابع أن «هذا دعا قوات الدرك إلى استخدام القوة المناسبة، ما نجم عنه وفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر إصابة بليغة، بالإضافة إلى أضرار مادية جسيمة بآليات قوات الدرك».
وأكد أن «العملية الأمنية في مدينة معان مستمرة وتستهدف عددا محدودا من الخارجين عن القانون والمطلوبين قضائيا وأمنيا وكل من يثبت تورطه بحادثة الاعتداء على قوات الدرك وأعمال الشغب وما رافقها من اعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وترويع المواطنين».
ونفى وجود حملة أمنية في معان، واصفا ما يحدث بـ«إجراءات من أجل القبض على 19 مطلوبا من الخارجين عن القانون وبسط الأمن هناك».
وحذر بالقول إن الدولة «لن تسمح لأي فئة في شتى مناطق المملكة بالتطاول على القانون وسيادته تحت أي ظرف كان».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».