إيطاليا مركز الفشل الضريبي في أوروبا

133 % نسبة الدين العام إلى الناتج

متسوقون في أحد المحلات الجديدة في روما (غيتي)
متسوقون في أحد المحلات الجديدة في روما (غيتي)
TT

إيطاليا مركز الفشل الضريبي في أوروبا

متسوقون في أحد المحلات الجديدة في روما (غيتي)
متسوقون في أحد المحلات الجديدة في روما (غيتي)

تقدر السلطات الضريبية الإيطالية مبالغ الضرائب والرسوم والغرامات واشتراكات الضمان الصحي والاجتماعي المتراكمة وغير المدفوعة بنحو 817 مليار يورو (893 مليار دولار)، ويعتقد أن جزءاً من هذا الفشل الضريبي غير قابل للمكافحة، وبالتالي تحصيله صعب جداً.
وتشير مصلحة الضرائب إلى أنها «تبذل جهوداً لذلك، لكنها غير متأكدة من الوصول إلى كامل المبالغ على الرغم من الحصول على 19 مليار يورو إيرادات ضريبية إضافية في 2016 نتيجة مكافحة التهرب». لكنها تتوقع تحصيل أكثر من 51 مليار يورو من الإجمالي المتراكم أي ما نسبته 6 في المائة فقط.
ويوضح محللون ماليون كيف «أن الرقابة ضعيفة في إيطاليا؛ فالتجارب تؤكد أن احتمال تعرض عدد كبير جداً من دافعي الضرائب للتفتيش والتدقيق قد يكون مرة واحدة فقط كل 33 سنة بالنظر إلى نقص الإرادة في التحصيل، وقلة الإمكانات لإجراء الرقابة بشكل دوري ومنهجي».
ففي العام الماضي، على سبيل المثال، لم يتعرض للرقابة بالتفتيش الميداني إلا 280 ألف مكلف من أصل 21 مليوناً.
وتؤكد الدراسات بناء على معطيات تاريخية «أن ثلث المكلفين على الأقل لا يفصحون بشفافية، وبالتالي لا يدفعون ما عليهم كما يجب. ومع ذلك تلجأ السلطات المعنية غالباً إلى إجراء تسويات وتخفيضات وإعفاءات». وكرس ذلك ثقافة «تيسير» جعلت المتهربين غير عابئين كثيراً بالدفع.
ومن وحي تلك الثقافة أعلنت الحكومة الإيطالية مؤخراً عن برنامج مثير للجدل في أوروبا لجذب الأثرياء بضريبة مقطوعة قيمتها 100 ألف يورو سنويا فقط إذا وضعوا عنوانهم الضريبي في إيطاليا، مع شرط الإقامة في البلاد فترة محددة من السنة. وترغب إيطاليا في منافسة إسبانيا وبريطانيا على هذا الصعيد لخلق مرتع لأصحاب الثروات لعل هؤلاء يستثمرون في البلاد لخلق فرص عمل في اقتصاد منهك بالبطالة.
مصادر أخرى، وإن كانت تؤكد أرقام التهرب الفلكية، توضح أسباب شبه استحالة التحصيل، مثل أن 328 مليار يورو ضرائب على عاتق شركات ومؤسسات أفلست بالفعل أو أعلنت تعثرها، وأن تداعيات أزمة 2008، ثم أزمة الديون السيادية المستمرة إلى الآن تركت آثاراً سلبية جداً في الاقتصاد. فنسبة البطالة تصل إلى 11.5 في المائة، وفي إيطاليا الآن 5 ملايين مواطن لا يستطيعون تأمين كل حاجاتهم الأساسية بعدما زاد معدل الفقر إلى 36 في المائة في السنوات العشر الماضية بحسب الأرقام الرسمية.
يذكر أن 10 ملايين إيطالي متخلفون عن دفع ضرائب ورسوم وغرامات بمبالغ أقل من أو تساوي 5 آلاف يورو، مقابل 800 ألف مكلف ضريبي يتوجب على الواحد منهم دفع 100 ألف يورو وما فوق.
وتقدر المصادر الرسمية مبالغ التهرب السنوية بـ100 مليار يورو، ويتركز ذلك بشكل أساسي في عدم دفع ضريبة القيمة المضافة على المشتريات والمبيعات؛ إذ تحتل إيطاليا المركز الأول أوروبياً في هذا المجال، وتقدر المبالغ غير المدفوعة من هذه الضريبة بنحو 40 مليار يورو سنوياً؛ لأن كثيراً من المستهلكين والتجار يفضلون الدفع نقداً؛ لذا يستحيل تتبع ذلك محاسبياً وبالتالي ضريبياً.
ولمحاربة هذا الغش، أعلنت الحكومة جملة إجراءات جديدة لزيادة حصيلة الجباية، وغيرت قواعد التحصيل، ووضعت إمكانات بشرية وتقنية إضافية لتفعيل التفتيش، كما أعلنت زيادة الضرائب على التبغ والألعاب بهدف رفع الإيرادات.
ولجأت مصلحة الضرائب إلى تصنيف للمناطق الإيطالية بناء على درجة التهرب أو الغش أو التحايل الضريبي فيها، وأطلقت أسماء على المناطق مثل «الخطر الأكبر» و«لا شيء للإفصاح» و«لسنا ملائكة» و«الأمور طيبة»... ويعني ذلك بكلام آخر: قل لي أين تسكن أقل لك من أنت ضريبياً!
إلى ذلك، وعدت الحكومة بأنها ستعمل على إجراء تخفيضات على الضرائب بنسبة تصل إلى 50 في المائة لتحفيز الإفصاح مع عودة الرساميل الهاربة في الخارج.
وتضغط المفوضية الأوروبية على الحكومة الإيطالية لخفض عجز موازنتها، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج التي سترتفع إلى 133.3 في المائة هذه السنة. وهذه النسبة تثير قلق المفوضية لأنها ثاني أعلى نسبة دين في الاتحاد الأوروبي بعد تلك التي تسجلها اليونان عند 179 في المائة.
والقلق الأوروبي يكبر في موازاة مع عجز إيطاليا عن لجم نمو الدين المتصاعد منذ 2012 عندما كانت نسبة الدين إلى الناتج 123 في المائة.
وهذا الدين يقلق المستثمرين أيضاً، ففي الأسبوع الثاني من أبريل (نيسان) الحالي ارتفعت الفائدة التي تدفعها إيطاليا على سنداتها السيادية، حتى بات الهامش بين فوائد سندات ألمانيا وإيطاليا لأجل 10 سنوات 208 نقاط، أي إنه بلغ أعلى مستوى منذ 3 سنوات.
وخفضت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني للديون السيادية الإيطالية هذا الأسبوع إلى درجة «ب بب»، معللة ذلك بوجود مخاطر سياسية ومالية. وتقول الوكالة إن «فشل الحكومة في خفض مستويات الدين الحكومي المرتفعة قد يعرضها لصدمات قد تقود إلى تعثر في السداد»، علماً بأن حجم الدين العام بلغ في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي 23.2 تريليون يورو.
وكانت الحكومة وعدت المفوضية في بروكسل بخفض العجز بقيمة 3.4 مليارات يورو هذه السنة بواسطة الضرائب الجديدة والخصخصة، بيد أن تلك الوعود تتحقق ببطء شديد. فبرنامج الخصخصة المُقر منذ سنوات لم يتحقق منه إلا 20 في المائة بسبب خشية الحكومات المتعاقبة من ردة الفعل الشعبية على تحويل مرافق مثل البريد والكهرباء إلى القطاع الخاص بالكامل، وما لذلك من تداعيات على العمالة وكلفة الخدمات. وتتأخر الحكومة أيضا في بيع حصص للدولة في شركات، مثل «إيني» للطاقة و«ليوناردو» للصناعات الأمنية والدفاعية.
وكان الاقتصاد الإيطالي انكشف بقوة في أزمة 2008، ثم أزمة الديون السيادية لاحقاً، وانكمش بنسبة متراكمة وصلت إلى 9 في المائة.
ورغم تسجيل بعض التعافي منذ 2015 إلا أن النمو يبقى أدنى من المتوسط الأوروبي العام، ولم يتجاوز الواحد في المائة العام الماضي، والمتوقع لعام 2017 هو 1.1 في المائة.
وتستمر معاناة القطاع المصرفي الرازح تحت عبء ديون متعثرة نسبتها 18 في المائة من إجمالي الائتمان.
وتعرضت البلاد لأزمات غير متوقعة مثل الزلازل التي حصلت السنة الماضية، إضافة إلى موجة الهجرة التي تحط على شواطئها.
تبقى الإشارة إلى أن إيطاليا تراهن على صادراتها لإنعاش الاقتصاد؛ فميزانها التجاري سجل فائضاً في 2016، وكذلك الأمر في الربع الأول من العام الحالي.



صندوق التنمية الوطني السعودي يقدم تمويلات بـ 13.9 مليار دولار في عام واحد

نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني يتحدث في افتتاح مؤتمر التمويل التنموي (الشرق الأوسط)
نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني يتحدث في افتتاح مؤتمر التمويل التنموي (الشرق الأوسط)
TT

صندوق التنمية الوطني السعودي يقدم تمويلات بـ 13.9 مليار دولار في عام واحد

نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني يتحدث في افتتاح مؤتمر التمويل التنموي (الشرق الأوسط)
نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني يتحدث في افتتاح مؤتمر التمويل التنموي (الشرق الأوسط)

كشف نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني، محمد بن مزيد التويجري، أن منظومة الصندوق قدّمت خلال عام واحد تمويلات تتجاوز 52 مليار ريال (13.9 مليار دولار)، أسهمت في إضافة نحو 47 مليار ريال (12.5 مليار دولار) إلى الناتج المحلي غير النفطي، في خطوة تعكس التحول من التمويل إلى التنمية، ومن الدعم إلى الأثر المستدام.

وجاء حديث التويجري خلال افتتاح أول مؤتمر للتمويل التنموي، الذي انطلق يوم الثلاثاء، في الرياض، ويستمر من 9 إلى 11 ديسمبر (كانون الأول)، تحت رعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ضمن منصة «مومنتيوم 2025»، وتحت شعار «قيادة التحول التنموي».

وأكد التويجري أن منظومة الصندوق -التي تضم 12 صندوقاً تنموياً- دعمت أكثر من مليون مستفيد، ومكّنت آلاف المواطنين والمواطنات من فرص التمويل، وريادة الأعمال، إلى جانب مشاريع نوعية أسهمت في تنويع الاقتصاد، وتعزيز الاستدامة، وخلق فرص عمل مستدامة.

وأشار إلى أن صندوق التنمية السياحي دعم ما يفوق ألفي مشروع سياحي، وموّل صندوق التنمية الثقافي أكثر من 1500 مشروع ثقافي، بينما أسهم الصندوق الصناعي في تمويل 400 مشروع خلال الفترة نفسها.

وأضاف أن الصندوق الصناعي خصّص أكثر من 20 في المائة من محفظته لمشاريع الطاقة المستدامة، تشمل قدرات للهيدروجين الأخضر تبلغ 3.8 غيغاواط، ومشاريع للطاقة الشمسية بقدرة 2.6 غيغاواط، ضمن جهود المملكة لتعزيز الاقتصاد الأخضر عالمياً.

ويستقطب المؤتمر أكثر من 150 متحدثاً، و120 دولة مشاركة، و30 عارضاً، لمناقشة التحديات، والفرص التمويلية العالمية في مجالات الصناعة، والاستدامة، والابتكار، والمرونة الاقتصادية.

يذكر أن صندوق التنمية الوطني هو مؤسسة مالية تنموية تأسست لتمكين وتحفيز النمو الاقتصادي، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وذلك عن طريق رفع أداء الصناديق، والبنوك التنموية الحكومية، مثل صندوق التنمية العقاري، وصندوق الموارد البشرية، والصندوق الزراعي، وتنسيقها لتعالج فجوات التمويل، وتدعم القطاعات الواعدة، وتجذب استثمارات القطاع الخاص، مما يضمن تنويع الاقتصاد، وتحقيق الاستدامة.


صندوق النقد الدولي يوافق على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)
رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)
TT

صندوق النقد الدولي يوافق على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)
رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)

وافق صندوق النقد الدولي على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان بموجب اتفاقية ثنائية، مما يُبرز «حفاظ البلاد على استقرارها» رغم الفيضانات المدمرة.

فقد أعلن المجلس التنفيذي للصندوق إكمال المراجعة الثانية لبرنامج باكستان الاقتصادي المدعوم بـ«تسهيل الصندوق الممدد» (EFF) البالغة قيمته 7 مليارات دولار، بالإضافة إلى إكمال المراجعة الأولى للترتيب بموجب «تسهيل المرونة والاستدامة» (RSF). ويُتيح هذا القرار صرفاً فورياً لنحو مليار دولار، بموجب التسهيل الممدد، ونحو 200 مليون دولار بموجب تسهيل المرونة، ليصل إجمالي المبالغ المصروفة لباكستان بموجب الترتيبين إلى نحو 3.3 مليار دولار.

الأداء الاقتصادي المستقر

وأكد الصندوق أن التنفيذ القوي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل السلطات الباكستانية، رغم مواجهة صدمات كثيرة شملت الفيضانات المدمرة الأخيرة، ساعد في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وإعادة بناء الثقة.

وأشار نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد تسارع، وظلت توقعات التضخم مستقرة، واستمرت الاختلالات المالية والخارجية في الاعتدال. وقد تجسد هذا الاستقرار في تحقيق فائض أولي قوي بنسبة 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025، تماشياً مع الأهداف المحددة.

باعة يدفئون أنفسهم حول النار في صباح بارد بلاهور (أ.ب)

تعافي الاحتياطيات

أظهرت البيانات تحسناً ملحوظاً في مركز باكستان الخارجي؛ حيث ارتفع إجمالي الاحتياطيات إلى 14.5 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2025، مقارنة بـ9.4 مليار دولار قبل عام، مع توقعات باستمرار إعادة بناء الاحتياطيات على المدى المتوسط.

وأكد الصندوق أن التزام السلطات بتحقيق هدف الميزان الأولي للسنة المالية 2026، حتى مع تلبية احتياجات الإغاثة العاجلة للفيضانات، يمثل دليلاً قوياً على مصداقية سياستها المالية. ومع ذلك، شدد على ضرورة الحفاظ على سياسات حذرة لتوطيد الاستقرار، والعمل على تعزيز الإيرادات، عبر تبسيط السياسة الضريبية، وتوسيع القاعدة الضريبية، مما يوفر الحيِّز المالي الضروري للاستثمار في المرونة المناخية والحماية الاجتماعية.

الحفاظ على السياسة النقدية المتشددة

شدد الصندوق على أهمية الحفاظ على موقف نقدي متشدد بشكل مناسب، لضمان بقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي. ويتعين على البنك المركزي الباكستاني مواصلة جهود تعميق سوق الصرف الأجنبي بين البنوك، والسماح بمرونة سعر الصرف لامتصاص الصدمات.

على صعيد الإصلاحات الهيكلية، طالب الصندوق بمواصلة جهود خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تسريع إصلاحات قطاع الطاقة، لضمان استدامته وخفض التكاليف التشغيلية.

تعزيز المرونة المناخية

وأكد الصندوق أن الفيضانات الأخيرة عززت الإلحاح للتحرك سريعاً في الإصلاحات المتعلقة بالمناخ، وهو ما يدعمه «تسهيل المرونة والاستدامة». يهدف التسهيل إلى تقليل ضعف باكستان أمام الظواهر الجوية المتطرفة، عبر دعم جهود تقوية الاستجابة للكوارث، وتحسين استخدام موارد المياه الشحيحة (بما في ذلك من خلال تسعير أفضل)، وتعزيز إدراج الاعتبارات المناخية في عملية اختيار المشاريع والميزانيات.


المركزي الأسترالي يستبعد التيسير ويُبقي الفائدة دون تغيير عند 3.6 %

يمر المشاة أمام مبنى بنك الاحتياطي الأسترالي في وسط مدينة سيدني (رويترز)
يمر المشاة أمام مبنى بنك الاحتياطي الأسترالي في وسط مدينة سيدني (رويترز)
TT

المركزي الأسترالي يستبعد التيسير ويُبقي الفائدة دون تغيير عند 3.6 %

يمر المشاة أمام مبنى بنك الاحتياطي الأسترالي في وسط مدينة سيدني (رويترز)
يمر المشاة أمام مبنى بنك الاحتياطي الأسترالي في وسط مدينة سيدني (رويترز)

استبعد البنك الاحتياطي الأسترالي يوم الثلاثاء أي خطوات إضافية نحو تيسير السياسة النقدية، بعد إبقائه سعر الفائدة النقدية دون تغيير عند 3.6 في المائة، مُحذراً من أن الخطوة التالية قد تكون رفع الفائدة إذا استمرت ضغوط الأسعار.

وفي ختام آخر اجتماع للسياسة النقدية هذا العام، قالت المحافظة ميشيل بولوك إن المجلس لم يناقش صراحةً رفع أسعار الفائدة، لكنه تطرّق إلى الظروف التي قد تستدعي تشديداً جديداً. وأضافت في المؤتمر الصحافي: «ما يمكن قوله في هذه المرحلة، وبناءً على ما نعرفه حالياً، هو أننا لا نرى أي تخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل المنظور».

وتابعت: «السؤال الآن هو ما إذا كنا نتجه إلى فترة طويلة من التثبيت، أم أن هناك احتمالاً لرفع الفائدة. لا أستطيع الجزم بذلك»، وفق «رويترز».

ورغم أن الأسواق رأت في البداية بيان البنك أكثر توازناً، فإن تعليقات بولوك المتشددة عززت مكاسب الدولار الأسترالي، الذي ارتفع 0.3 في المائة إلى 0.6645 دولار أميركي. كما قفزت عوائد السندات الحكومية لأجل ثلاث سنوات بنحو 11 نقطة أساس إلى 4.152 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ورفع المستثمرون توقعاتهم لاحتمال زيادة أسعار الفائدة العام المقبل؛ إذ تُقدّر احتمالية الرفع في فبراير (شباط) بـ28 في المائة، وترتفع إلى نحو 50 في المائة في مارس (آذار). وتشير التوقعات في السوق إلى تشديد بنحو 47 نقطة أساس العام المقبل، أي ما يعادل رفعين للفائدة.

وقال المجلس في بيانه: «تشير البيانات الأخيرة إلى أن مخاطر التضخم اتجهت نحو الارتفاع، لكن تقييم مدى استمرارية الضغوط التضخمية سيستغرق وقتاً أطول».

وأضاف: «لا تزال هناك شكوك حول آفاق النشاط الاقتصادي المحلي، والتضخم، ومدى استمرار تأثير السياسة النقدية المقيدة».

مخاطر تضخمية متزايدة

خفض البنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام، لكن التضخم عاد للصعود، مسجّلاً ارتفاعاً لأربعة أشهر متتالية وصولاً إلى 3.8 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول). كما بلغ متوسط التضخم الأساسي المُخفض 3.3 في المائة، وهو أعلى من منتصف النطاق المستهدف بين 2 و3 في المائة.

وأشار المجلس إلى أن البيانات الشهرية لمؤشر أسعار المستهلك تحمل بعض الضبابية بشأن مدى دقة الإشارات التي تعكسها. وجاء في البيان: «تشير البيانات إلى مؤشرات على ارتفاع أوسع نطاقاً في التضخم، قد يكون بعضها مستمراً، ما يستوجب مراقبة دقيقة».

ويبدو أن الاقتصاد الأسترالي يقترب من ذروة نموه، بعد أن سجل خلال الربع الأخير أسرع وتيرة توسع في عامين، مدفوعاً بزيادة إنفاق الشركات، والحكومات، والمستهلكين. كما ظلت سوق العمل قويةً، مع انخفاض معدل البطالة إلى 4.3 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ4.5 في المائة سابقاً.

وتحسّن مزاج المستهلكين بعد ركود طويل، مما يدعم توقعات إنفاق الأسر. كما ارتفعت أسعار المنازل لأعلى مستوياتها على الإطلاق، وتسارع نمو قروض الإسكان، في حين تشير مكاسب أسواق الأسهم إلى أن الأوضاع المالية قد تكون أقل تقييداً مما كان يُعتقد.

وقالت سالي أولد، كبيرة الاقتصاديين في البنك الوطني الأسترالي: «لا يحتاج بنك الاحتياطي الأسترالي إلى الكثير كي يستجيب لأي إشارات تُظهر مساراً أكثر استدامة للتضخم».

وأضافت: «نتوقع في الوقت الراهن أن يُبقي البنك على أسعار الفائدة ثابتة العام المقبل، لكن اجتماع فبراير بات اجتماعاً حاسماً إذا جاءت بيانات التضخم في 7 و28 يناير (كانون الثاني) مؤكدة لمخاوف البنك».