الادعاء يرجح بدء محاكمة متهمي «هجمات سبتمبر» العام المقبل

الجنرال مارتنز لـ : تأخر إجراءات مقاضاتهم فرضته قوانين الحرب ودواعي حماية مصادر الأدلة

الجنرال مارتنز خلال الحوار («الشرق الأوسط})
الجنرال مارتنز خلال الحوار («الشرق الأوسط})
TT

الادعاء يرجح بدء محاكمة متهمي «هجمات سبتمبر» العام المقبل

الجنرال مارتنز خلال الحوار («الشرق الأوسط})
الجنرال مارتنز خلال الحوار («الشرق الأوسط})

رجّح رئيس الادعاء العسكري الأميركي الجنرال مارك مارتنز، بدء محاكمة المتهمين بالتورط في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على مدينتي نيويورك وواشنطن، وآخرين من أبرز المعتقلين في غوانتانامو، خلال العام المقبل.
وعزا مارتنز، في حوار مع «الشرق الأوسط»، طول الفترة بين اعتقال المتهمين وبدء إجراءات محاكمتهم، إلى أن المعتقلين، وبينهم مجموعة «هجمات سبتمبر» التي تضم العقل المدبر خالد شيخ محمد، ووليد بن عطاش، ورمزي بن الشيبة، وعمار البلوشي ومصطفي الهوساوي، مشمولون بقوانين الحرب التي تحظر محاكمة «الأعداء» قبل انتهاء «حالة الصراع».
ويمثّل رئيس الادعاء العسكري الحكومة الأميركية في الدعاوى ضد المتهمين الخمسة في «هجمات سبتمبر». كما أنه كبير ممثلي الادعاء في قضية عبد الرحيم الناشري، المتهم بتفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» قبالة سواحل اليمن في عام 2000؛ ما أدى إلى مقتل 17 بحاراً أميركياً. ويلعب الدور نفسه في قضية القيادي في تنظيم القاعدة عبد الهادي العراقي.
وتجري حالياً جلسات تحضيرية في الدعاوى الثلاث، يتوقع مراقبون أن تستغرق وقتاً طويلاً؛ ما يعني أن هناك احتمالاً كبيراً لتأخر المحاكمات الفعلية إلى توقيت أبعد من العام المقبل. غير أن مارتنز أبدى تفاؤلاً كبيراً بإطلاقها في 2018. وفيما يلي نص الحوار:

* هناك سؤال يتعلق بالفترة الزمنية الطويلة التي تستغرقها عملية التحضير للمحاكمات. على سبيل المثال، اعتقل القيادي في القاعدة عبد الهادي العراقي في 2006، وأمضى في معتقل غوانتانامو 11 عاماً حتى بدأت الإجراءات التمهيدية لمحاكمته... فلماذا يستغرق الأمر كل هذه الفترة؟
- في البداية، الاتهامات الموجهة إلى العراقي هي ادعاءات، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته من دون أدنى شك. هناك أسباب عدة لطول الفترة الزمنية للإعداد للمحاكمات، منها أننا لا نزال في صراع حتى الآن مع تنظيم القاعدة. وفي أحيان كثيرة، لا يتم توجيه الاتهامات إلا بعد انتهاء الصراع. وعلينا القيام بكثير من الإجراءات لتجميع الأدلة التي على أساسها يتم الحكم بالإدانة أو البراءة، وفي الوقت نفسه علينا مسؤولية تحقيق الأمن وحماية الأرواح كأولوية أساسية.
ما زلنا ننظر إلى تنظيم القاعدة، وكل الجماعات المرتبطة به، على أنهم أعداء ارتكبوا عمليات تفجيرية أدت إلى إيذاء الأبرياء من عدد كبير من الدول. من ناحية أخرى، فإن علينا حماية المصادر والأساليب التي تم بها جمع الأدلة، وعدم توفير مثل هذه المعلومات لمن يريدون القيام بتفجيرات مشابهة.
يضاف إلى ذلك أن الاتهامات الموجهة إلى عبد الهادي العراقي هي ارتكاب جرائم حرب، رغم أنه لا يرتدي زياً عسكرياً تابعاً لدولة ما، لكنه قام بتهديدات ممنهجة لتحقيق أهدافه. وبالفعل، أمضى العراقي 11 عاماً محتجزاً، لكن عندما ألقي القبض عليه في 2006 كان شخصاً يقود العمليات التشغيلية للقاعدة، ويدير مسرح العمليات العسكرية. ووفقاً لقوانين الحرب (المادة 88 من قانون الحرب لعام 1906)، فإن هناك عوائق تمنع إجراء المحاكمة العسكرية لشخص متهم بجرائم إلا بعد انتهاء حالة الصراع.

* لكن الإجراءات تمضي لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب، وليس ارتكاب جرائم إرهابية مثل بقية المعتقلين كخالد شيخ محمد والشيبة، فلماذا؟
- نعم، لقد انتهك قوانين تتعلق بالحرب وليس متهماً بالإرهاب. لكن هذا النوع من الجرائم كشن هجمات على طائرات تقوم بنقل معدات طبية واستخدام متفجرات، تم تجريمه تاريخياً؛ لأنه يجعل الحروب صعبة وأكثر مأساوية ويعقد إحلال السلام.
(صحيح أن) العراقي متهم بأنه عضو في تنظيم القاعدة، وبأنه أدار معسكرات تدريب لتحقيق أهداف إرهابية، وهو أيضاً متهم بالتآمر لارتكاب أعمال إرهابية. (لكن) موقفه مختلف عن بقية المعتقلين الآخرين المتهمين بالإرهاب، سواء مرتكبو تفجيرات 11 سبتمبر أو الناشري، فالتهم الموجهة إليه هي ارتكاب جرائم حرب تقليدية.
* ما الفارق بين إجراء محاكمات عسكرية في قاعدة غوانتانامو (في كوبا) وبين إجراء محاكمات عسكرية في الولايات المتحدة؟ ولماذا لم تجر هذه المحاكمات في الولايات المتحدة؟
- لا تجرى المحاكمات العسكرية في الولايات المتحدة لأن الكونغرس أصدر قانوناً في 2010 يمنع إحضار معتقلي غوانتانامو إلى البلاد. لذلك؛ لا نستطيع إحضارهم لمحاكمتهم في الولايات المتحدة، كما أن القانون الخاص باللجنة العسكرية لا ينص على إجراء المحاكمات في مكان محدد، فالإجراءات في المحاكمات العسكرية ليست مرتبطة بموقع جغرافي. المتهم يحصل على فريق للدفاع عنه وتتوافر له حقوق قانونية كثيرة، كما أن علينا من جانب آخر النظر في المعايير كافة المتعلقة بمستويات التهديد، وألا يخلق نقل هؤلاء المعتقلين أي نوع من التهديدات.
* متى سيتم تحديد موعد محاكمة عبد الهادي العراقي والمتهمين الخمسة في هجمات 11 سبتمبر والناشري؟
- فيما يتعلق بقضية العراقي، فإن القاضي بول روبن ينظر في الطلبات والطعون التي قدمها فريق الدفاع خلال الجلسات التحضيرية للمحاكمة، وهي عمليات ربما تستغرق كثيراً من الوقت، وقد تم إلغاء جلسات تحضيرية كانت مقررة بين 26 و30 يونيو (حزيران) المقبل؛ لأنها توافق عيد الفطر. كما سيتم النظر في طلبات وطعون تتعلق بأحمد الدربي، الشاهد في قضية العراقي، ونأمل بالحصول على جدول للمحاكمة في وقت قريب خلال العام المقبل.
وبالنسبة إلى المتهمين الخمسة في هجمات 11 سبتمبر، فإننا نأمل بأن تبدأ محاكمتهم في يونيو العام المقبل. لكن القاضي بول لم يحدد تاريخاً، وكذلك محاكمة الناشري نأمل بتحديدها في وقت قريب. من المقرر أن يستمع القاضي فنس سباث إلى شهادة المعتقل السعودي أحمد الدربي ضد الناشري في نهاية يوليو (تموز) المقبل.
* طالب المعتقل العراقي بإعطائه الحق في عدم حضور الجلسات إذا كان الحراس الذين ينقلونه من السجن إلى المحكمة من النساء... ما الجانب القانوني حول منحه هذا الحق أو منعه؟
- أصدر القاضي روبن قراره بالفعل برفض طلب العراقي، وأكد أنه لن يفرض قيوداً على عمل الحرس في معتقل غوانتانامو. وأصدر القاضي جيمس بول أمراً مشابهاً رداً على طلب مماثل قدمه المتهمون في هجمات 11 سبتمبر (باستثناء الناشري)، استناداً إلى قوانين حرية العقيدة وما يتعلق ببنود اتفاقية جنيف حول الحقوق الدينية للمعتقلين. واستمع القاضي إلى الآراء كلها، لكنه رفض الطلب. والأساس في قراره أن القوات التي تدير المعتقل يجب أن تكون لديها الصلاحيات لإدارة المعتقل بطريقة جيدة. وكانت هناك إفادات بأن قبول مثل هذا الأمر سيؤثر سلباً على القدرة على إدارة المعتقل، ولدينا عدد كبير من الحارسات.
من جانب آخر، للمعتقل حق حضور المحاكمات وليس حق الغياب عنها. وللمعتقل بصفة عامة حقوق كثيرة، مثل حق توفير محامٍ للدفاع عنه، وحق الإقرار بالذنب وتجنب المحاكمة، ويمكنه التنازل عن أي حق من حقوقه، لكن القاعدة هي أن يكون المتهم حاضراً وجالساً على كرسيه أمام القاضي خلال المحاكمة.
* أثار فريق الدفاع عن العراقي شكوكاً في هويته، وقالوا إن الشخص الماثل أمام المحكمة يدعى نشوان، وليس المطلوب، وأن على حكومة الولايات المتحدة إثبات أن الشخص الذي ارتكب الجرائم في صحيفة الاتهام هو نفسه الشخص الموجود هنا، فما تعليقك؟
- هناك دائماً أسماء عدة لأعضاء تنظيم القاعدة وقادته. ومن صميم مسؤوليتنا إثبات أن الشخص الذي ارتكب الجرائم المشار إليها في صحيفة الاتهام، هو الشخص نفسه الماثل أمام المحكمة. ونقوم بإجراءات لإثبات ذلك بأدلة دامغة وواضحة، وإقناع القاضي بأن هذه الأدلة مدعمة بحقائق ثابتة لا تقبل الشك.
* يطرح فريق الدفاع أيضاً شكوكاً حول المغزى من المحاكمة، ويقول إن المتهم سيظل محبوساً في غوانتانامو بغض النظر على الحكم الذي ستصدره المحكمة، فما تعليقك؟
- عمل اللجان (المحاكم) العسكرية هو الفصل بالإدانة أو البراءة. وإذا كان الحكم بالإدانة بلا أدنى شك، فإن المحكوم عليه يقضي فترة العقوبة المقررة، والمعتقلون الذين أجريت محاكماتهم وصدر الحكم عليهم بأحكام وأدوا فترة العقوبة، تم ترحيلهم جميعاً. ولدينا أمثلة كثيرة لحالات صدرت فيها أحكام بالسجن ضد معتقلين، وبعد قضائهم فترة العقوبة تم ترحليهم إلى بلادهم، مثل المعتقل السوداني نور عثمان الذي رُحّل في 2013، وسالم حمدان سائق أسامة بن لادن الذي أمضى فترة عقوبته وعاد بعدها إلى اليمن، وأيضاً إبراهيم القوصي الذي أُفرج عنه في يوليو 2012 بعد اعترافه بالذنب في التهم المنسوبة إليه. والتلميح بأن عمليات اللجنة العسكرية ونتائجها لا مغزى لها، أمر ليس له وجود هنا.
الكونغرس الأميركي منح الرئيس سلطة احتجاز أسرى الحرب على الإرهاب طوال فترة النزاع. والمحكمة الفيدرالية وحدها، وليست اللجنة العسكرية، لها سلطة الحكم بأن معتقلاً في غوانتانامو محتجز بصورة غير قانونية، ولها سلطة أمر البنتاغون بالإفراج عنه.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.