تحظى مدينة الطبقة التي تمكنت فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن من الدخول إليها الاثنين، بأهمية استراتيجية مزدوجة باعتبار أنها تفتح الطريق إلى الرقة، معقل المتطرفين في سوريا، وتضم سدًا مائيًا هو الأكبر في البلاد.
وتمهد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المدينة وعلى السد الواقع على بعد 55 كلم جنوب غربي مدينة الرقة في شمال سوريا، لتقدم هذه الفصائل باتجاه الرقة من جهة الجنوب وإحكام الطوق على المتطرفين. وتتلقى هذه القوات دعماً جوياً من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وميدانياً من مستشارين عسكريين أميركيين.
وتنقسم مدينة الطبقة إلى قسمين؛ الأول عبارة عن مدينة جديدة أنشئت بعد بناء سد الفرات في عام 1968 وتعرف باسم مدينة الثورة، والثاني عبارة عن المدينة القديمة المعروفة باسم الطبقة.
وقبل اندلاع النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011، كان عدد سكان المدينة يقدر بـ250 ألف شخص، بينهم مهندسون وموظفون يعملون في السد، لكن عددًا كبيرًا منهم فر منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة في عام 2014، لينخفض عدد سكانها حالياً إلى 75 ألف شخص، يضاف إليهم 10 آلاف من المتطرفين وعائلاتهم.
ويقع السد على نهر الفرات البالغ طوله 2800 كلم وينبع في تركيا قبل أن يعبر سوريا والعراق. وطول السد 4.5 كلم بارتفاع نحو 60 متراً وعرضه يصل إلى 512 متراً عند قاعدته. وتشكل المياه التي يحتجزها سد الطبقة بحيرة الأسد التي يبلغ طولها أكثر من 50 كلم وتغطي مساحة قدرها 630 كلم مربعاً، مما يجعلها أكبر احتياطي مياه في سوريا مع 12 مليار متر مكعب.
ومنذ نهاية شهر مارس، توقف السد عن العمل بعد قصف المحطة الرئيسية التي تغذيه بالتيار الكهربائي. وبحسب مسؤول تقني، فإن تخزين المياه لم يصل إلى مستوى ينذر بالخطر، لكن ذلك قد يصبح واقعاً إذا بقي السد خارج الخدمة. بدورها، حذرت الأمم المتحدة من «الآثار الإنسانية الكارثية» التي يمكن أن يسببها ارتفاع منسوب المياه أو إصابة السد بأضرار. كما أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن القلق إزاء احتمال حدوث «فيضانات واسعة النطاق في الرقة وفي محافظة دير الزور»، في حال لم يتم التحكم بمياه السد بالشكل المناسب.
من جهتهم، أعرب مزارعون عن تخوفهم من احتمال قيام مقاتلي «داعش» بإغراق قراهم عبر تفجير السد. ويطلق على سد الطبقة لتوليد الطاقة الكهربائية تسمية سد الفرات أو «سد الثورة»، وتوازي أهميته بالنسبة لسوريا ما يمثله سد أسوان في مصر.
وعلى غرار هذا الأخير، تم بناؤه بمساعدة من الاتحاد السوفياتي السابق، والحليف منذ فترة طويلة للنظام القائم في سوريا.
وقد تم تدشين هذه البنية التحتية التي بدأ العمل بها عام 1968 في يوليو (تموز) 1973 إبان عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي بشار الأسد.
والفرات هو المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المنطقة، كما أنه حيوي بالنسبة للزراعة والماشية. وقد سمح بناء السد لمحافظة الرقة بلعب دور مهم في الاقتصاد.
وكان من المفترض توليد 880 ميغاواط من الكهرباء من مياه السد وري أكثر من 600 ألف هكتار. لكن كثيراً من المشكلات وبينها ارتفاع نسبة الملوحة في التربة، أدى إلى تقلص المساحة المذكورة إلى أقل من الثلث.
مدينة الطبقة السورية... رهان اقتصادي واستراتيجي
مدينة الطبقة السورية... رهان اقتصادي واستراتيجي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة