القوى الاقتصادية الكبرى تجتاز المرحلة الأولى من «اختبارات التحمل»

الجميع يمارس أسلوب «المناورات المدروسة»... ولا أحد يغامر بالخسائر

القوى الاقتصادية الكبرى تجتاز المرحلة الأولى من «اختبارات التحمل»
TT

القوى الاقتصادية الكبرى تجتاز المرحلة الأولى من «اختبارات التحمل»

القوى الاقتصادية الكبرى تجتاز المرحلة الأولى من «اختبارات التحمل»

مع ختام اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد، تتضح بشكل أكبر صورة نهج القوى الاقتصادية الكبرى منذ انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في نهاية العام الماضي... إذ تخيل البعض مع بداية العام أن العالم سيتجه في عهده إلى حرب اقتصادية عنيفة بالنظر إلى ما أعلنه من سياسات؛ إلا أن المحللين يرون الآن أن إدارة ترمب والقوى الأخرى تمارس «اختبارات تحمل» لمدى قابلية الآخر للتنازل والرجوع خطوة إلى الخلف، لكن أحدا لا يرغب في صدام حقيقي، حيث إن الوضع العالمي لا يحتمل أي خسائر؛ وكذلك الإدارات الجديدة في الدول الكبرى التي لا ترغب في خسارة شعبيتها مبكرا.
وبعد هجوم عنيف على سياسات الحمائية الأميركية من قبل عدد كبير من الدول الكبرى والمؤسسات الدولية، انتهت لقاءات مسؤولي وقيادات مجموعة العشرين على هامش اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين بتفاهم واضح، ما يظهر أن جميع الأطراف فضلت التوافق بدلا من الهجوم والخسائر، وتأكد ذلك بغياب أي اتهام للحمائية من الصندوق في البيان الختامي للاجتماعات
بينما بدأت الإدارة الأميركية دورها هذه المرة في الهجوم، إذ أعلنت معارضتها لمشروع البنك الدولي الرامي إلى زيادة رأسماله لتعزيز قدراته على الإقراض، وحضت صندوق النقد الدولي على تشديد رقابته على «الاختلالات» الاقتصادية.
وكانت رئيسة صندوق النقد الدولي كريتسين لاغارد قد هاجمت أكثر من مرة سياسات «الحمائية التجارية» التي يدعو إليها ترمب، بينما يدعو البنك الدولي منذ عدة أشهر إلى زيادة موارده من أجل تقديم مساعدة أفضل للدول الفقيرة وتمويل النمو الاقتصادي لدول مثل العملاقين الصيني والهندي. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم لدى افتتاح الجمعيتين العامتين الربيعيتين لمؤسسته ولصندوق النقد الدولي الخميس الماضي: «أعتقد أن زيادة الرأسمال ضرورية إن أردنا الاستجابة لتطلعات الكثير من الدول عبر العالم».
غير أن الولايات المتحدة، الممول الأول للبنك الدولي، رفضت هذه الدعوة، وأعلن وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين في بيان صدر في ختام الاجتماعين أن هذا النقاش «غير ضروري وغير واقعي». وتابع: «نعتقد أن بوسعنا القيام بالمزيد لتحقيق حصيلة مالية مثلى للبنك الدولي وتفادي تراجع سريع في قروضها».
ويتبع البنك الدولي منذ سنوات خطة ادخار أثارت استياء بين موظفيه. وحض منوشين في بيانه البنك الدولي على تركيز جهوده بشكل أكبر على «نتائج» مشاريعه الإنمائية، وقال إن «تعزيز عملية تصميم مشاريعه ومتابعتها وتقييمها والإشراف عليها أمر أساسي لضمان فاعلية حقيقية».
وفي بيان ثان، حض منوشين صندوق النقد الدولي على تأمين مراقبة «مشددة» للاختلالات الاقتصادية التي تساهم بنظره في نشر الانطباع بأن النظام المالي «لا يستفيد منه الجميع».
وتابع: «ينبغي أن يشمل ذلك تحليلا متينا لسياسة الدول على صعيد معدلات الفوائد والاختلالات الخارجية».
وتسعى إدارة ترمب لتقليص العجز في الميزان التجاري وفي الحسابات الجارية الذي تراكم على الولايات المتحدة تجاه دول مثل الصين وألمانيا. وأكد منوشين بهذا الصدد أن «الفائض التجاري الكبير، كما العجز التجاري الكبير؛ لا يساهمان بحسب تحليلنا في قيام نظام تجاري حر وعادل».
وعلى الجانب الآخر، قال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله في واشنطن يوم الجمعة إن الاقتصادات الرائدة في العالم تشجع حرية التجارة، ولا تشعر بالقلق من ميول الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحمائية.
وتتولى ألمانيا حاليا الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والناشئة الرئيسية، واستضاف شويبله الشهر الماضي في ألمانيا محادثات بين وزراء مالية المجموعة، الذين اجتمعوا مجددا في واشنطن على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي.
وأكد شويبله أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين أبلغ نظراءه في مجموعة العشرين أن إدارة ترمب الجديدة لم تتخذ بعد قرارات نهائية حول عدد من القضايا التي تشمل السياسة التجارية.
وقال شويبله إن وزراء مجموعة العشرين كان لديهم «توافق واسع» في اجتماعاتهم الأخيرة على أن «التجارة الحرة هي أفضل للنمو العالمي وأفضل لمصلحة كل اقتصاد وطني».
من جانبه، قال جينز فيدمان، رئيس البنك المركزي الألماني إن «الجميع تقريبا» في اجتماعات وزراء مجموعة العشرين «شددوا على الآثار السلبية للنمو الناجمة عن إقامة الحواجز أمام التجارة». كما قال رئيس المصرف المركزي الألماني «بوندسبنك» ينس فايدمان إن «ما فهمته من الاجتماع أن عددا كبيرا من المشاركين أكدوا التأثير السلبي للحواجز الجمركية». وأيضا دعا حاكم مصرف الصين المركزي زو شياوشوان كذلك في بيان إلى «مقاومة الحمائية بصورة مشتركة»، وإلى تسريع «تحرير التجارة العالمية».
ويتعارض هذا الإجماع مع آخر اجتماع لوزراء مالية المجموعة في مارس (آذار) الماضي في بادن بألمانيا، حيث برزت الانقسامات بين الولايات المتحدة وشركائها إلى العلن. ونجحت حينها إدارة ترمب، التي تهدد بوضع حواجز جمركية وتشكك في التبادل الحر، في عدم إدراج النداء التقليدي لمحاربة الحمائية في البيان النهائي... وبعد شهر، بدا أن هذه الدول اتجهت إلى التهدئة. لكن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين حذر مع ذلك من أن بلاده مستعدة «لمحاربة الممارسات التجارية السيئة بحزم»، مع إعلان تأييده «توسيع التجارة» مع الدول التي تلتزم بقواعد اللعبة.
وخلال مداخلته أمام الهيئة الإدارية لصندوق النقد الدولي، فضل منوشين جذب الانتباه إلى «انعدام التوازن في الاقتصاد العالمي»، مهاجما بشكل خاص الدول التي تراكم «فوائض تجارية كبيرة وتحافظ على ميزانيات قوية»، دون أن يذكر ألمانيا والصين بالاسم.
ويرى وزير المالية الفرنسي ميشال سابان أن الولايات المتحدة «ليس لديها موقف» إزاء المسائل الاقتصادية العالمية الحاسمة. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الموقف الأميركي الذي كان المسألة المركزية للاجتماع الأخير لمجموعة العشرين لم يعد كذلك. نحن نمضي قدما». وأضاف أن «الأمر يبدو مطمئنا من وجهة نظر معينة. هذا يعني أن الإدارة الأميركية تفكر في اتخاذ مواقف جدية».
لكن مسائل الخلاف المحتملة لا تزال كثيرة. فإدارة ترمب تشكك في حقيقة التغير المناخي وتهدد بالانسحاب من اتفاق باريس حول انبعاثات الغازات الملوثة. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، في إشارة إلى تولي دونالد ترمب السلطة، إن «التوافق العلمي على التغير المناخي لم يتغير لأن شخصا ما تم انتخابه».
ووعدت الإدارة الأميركية بتخفيف الضوابط المالية التي اعتمدت بعد أزمة 2008. وهو ما يقول صندوق النقد الدولي إنه يحرمها من وسائل تمكنها من تفادي عاصفة مالية جديدة.
وتطرقت المناقشات إلى الانتخابات الفرنسية التي تجري جولتها الأولى حاليا على خلفية الخشية من صعود مرشحين معارضين للمؤسسات الأوروبية وبينهم مارين لوبان. وخرجت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد عن تحفظها المعهود لتؤكد أن فوز رئيسة الجبهة الوطنية قد يؤدي إلى «فوضى عارمة» و«تفكيك» الاتحاد الأوروبي. بينما قال شويبله إنه «واثق تماما من تمسك الفرنسيين بالمبادئ الجمهورية»، على الأقل في الدورة الثانية. وتبدو الانتخابات العامة الألمانية في سبتمبر (أيلول) مفتوحة على كل الاحتمالات. وعبر رئيس الدائرة الأوروبية في صندوق النقد بول طومسن الجمعة عن قلقه قائلا إن «المخاطر كبيرة».
وفي ظل المخاطر المتعددة على مستوى العالم، وعدم استعداد أي طرف للولوج في معارك خاسرة، خاصة مع موجة الإدارات الجديدة في أميركا وأوروبا، يرى مراقبون أن خلافات القوى الاقتصادية ستتجه إلى الحلحلة، لكن بعد أن يدرس كل طرف خصمه جيدا، ويمارس أقصى الضغوط من أجل حساب المكاسب والخسائر.



منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
TT

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القطاع، مشيراً إلى أن المنظومة حققت نسبة امتثال بلغت 94.4 في المائة في تطبيق معايير الأمن، وذلك ضمن تقرير «التدقيق الشامل لأمن الطيران» الذي أصدرته «منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)»؛ مما يضع البلاد في مصافّ الدول الرائدة عالميّاً بهذا المجال.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد تزامناً مع «أسبوع الأمن لمنظمة الطيران المدني الدولي 2024»، الذي تستضيفه حالياً عُمان خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتعاون مع منظمة «إيكاو»، وبمشاركة قادة ورؤساء منظمات وهيئات الطيران المدني بالعالم.

وأفاد الدعيلج بأن «التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه القطاع حالياً تتسم بالتعقيد والتنوع، كالهجمات السيبرانية واستخدام الطائرات من دون طيار في أعمال تهدد الأمن، بالإضافة إلى التهديدات الناشئة عن التقنيات الحديثة، مثل الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الرقمية للطيران»، مشيراً إلى أن «هذه التهديدات أصبحت تُشكّل خطراً جديداً يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة للتصدي لها».

وأوضح الدعيلج أن «جهود السعودية في مجال أمن الطيران المدني، تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الأمنية وضمان سلامة القطاع على جميع الأصعدة».

ووفق الدعيلج، فإن بلاده «عملت على تحديث وتطوير الأنظمة الأمنية بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية، عبر تعزيز أنظمة الكشف والمراقبة في المطارات باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم استجابات سريعة وفعالة للتهديدات المحتملة».

وأضاف الدعيلج أن السعودية «أولت اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني في ظل التحديات التكنولوجية الراهنة؛ إذ طورت برامج مختصة لحماية الأنظمة الرقمية ومنصات الحجز والعمليات التشغيلية للطيران، مما يعزز قدرة القطاع على التصدي للهجمات الإلكترونية».

وأشار الدعيلج إلى أن السعودية تسعى إلى بناء قدرات بشرية متميزة في هذا المجال، «عبر إطلاق برامج تدريبية متطورة بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز جاهزيتها للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية».

وقال الدعيلج إن السعودية «ساهمت بشكلٍ كبير في دعم المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمان في هذا القطاع الحيوي، وأسهمت بشكل فعال في تطوير استراتيجيات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ بهدف تعزيز التنسيق الأمني بين الدول، وهو ما يضمن استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية».

وواصل أن بلاده «شريك رئيسي في المبادرات الدولية التي تقودها (منظمة الطيران المدني الدولي - إيكاو)، وأسهمت في صياغة سياسات أمن الطيران وتنفيذ برامج تهدف إلى تحسين مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم، من ذلك استضافة المملكة المقر الدائم لـ(البرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط CASP - MID) التابع لـ(إيكاو)، ودعم (منظمة الطيران المدني الدولي) من خلال مبادرة (عدم ترك أي بلد خلف الركب)».