الصحافة الأميركية... من مقابلة ولي ولي العهد السعودي إلى يوميات ترمب

الإعلام الأوروبي: عد تنازلي لانتخابات فرنسا وردود علىإعلان تيريزا ماي

من صحيفة «واشنطن بوست»
من صحيفة «واشنطن بوست»
TT

الصحافة الأميركية... من مقابلة ولي ولي العهد السعودي إلى يوميات ترمب

من صحيفة «واشنطن بوست»
من صحيفة «واشنطن بوست»

اعتدنا منذ ترشح دونالد ترمب للرئاسة ألا تغيب تحركاته في الصحف الأميركية، وبالفعل هذا ما فعلته أعداد الصحف هذا الأسبوع.
ومن الأخبار حول الرئيس الأميركي، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في أعقاب فضيحة إقالة الإعلامي بيل أورايلي من «فوكس»، أن ترمب يبحث كل أسبوع مع روبرت ميردوخ «إمبراطور الإعلام»، مسائل متعلقة بالسياسة الأميركية.
وبحسب «نيويورك تايمز» فإن ترمب وميردوخ، أثناء اتصالاتهما الهاتفية «يعدان الاستراتيجية»، وهما «لا يقدمان أبداً تنازلات للمنتقدين».
كما كشفت الصحيفة نفسها أن ترمب يستعين بمجموعة من المستشارين في شؤون الحكم من خارج البيت الأبيض.
وأشارت إلى أن تلك المجموعة التي يستعين بها تشمل أفراداً في أسرته، وفي مجال العقارات والإعلام والمال والسياسة، وجميعهم خارج بوابات البيت الأبيض، وكثير منهم يقوم الرئيس باستشارتهم على الأقل مرة واحدة في الأسبوع.
أما صحيفة «واشنطن بوست»، التي أثارت التوتر بين إدارة أوباما السابقة وحكومة ترمب الحالية، فأضافت أن الصمت الذي فرضه أوباما على نفسه منذ تنصيب ترمب سينتهي بسلسلة من الفعاليات التي سيحضرها خلال الأسابيع الأربعة المقبلة. ومن المقرر أن يعود اليوم إلى شيكاغو لحضور أول حدث عام كرئيس سابق.
ولم تستثن الصحافة الأميركية هذا الأسبوع الملف السوري، وآخر التوترات بين أميركا وكوريا الشمالية. لكن المقابلة الألمع والأكثر أهمية لمنطقة الشرق الأوسط حوار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع ديفيد إغناتيوس في «واشنطن بوست»، وأكد فيها أن المملكة العربية السعودية تعمل بثقة للدفع نحو إصلاحات اقتصادية واجتماعية وتنمية قطاع الترفيه. وعبر محمد بن سلمان عن تفاؤله بالرئيس الأميركي ترمب، مؤكداً أنه سيعيد الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح، كما تحدث الأمير بشكلٍ تفصيلي حول مواضيع عدة، مثل السياسة الخارجية، وخطط خصخصة «أرامكو»، وأخرى في مجال استراتيجية الاستثمار في الصناعة المحلية، وتنمية قطاع الترفيه على الرغم من معارضة البعض.
وتنوعت الموضوعات التي اهتمت بها الصحف الأوروبية خلال الأيام القليلة الماضية، ما بين ملفات تتعلق بالانتخابات الرئاسية في فرنسا، وأيضاً الهجوم على عناصر الشرطة في حي «الشانزليزيه» الشهير بباريس، وأيضاً بتطورات الأزمة في سوريا، وما تردد من أن سفيراً بريطانياً سابقاً يعمل لصالح بشار الأسد إلى جانب الكشف عما وصفته بوكر في بريطانيا لدعم النظام في كوريا الشمالية وتسلحه.
ونبدأ من باريس والصحف الفرنسية التي خصصت حيزاً مهماً للإرهاب، الذي ألقى بظلاله على الانتخابات الرئاسية.
«لوباريزيان» تساءلت كما باقي الصحف عن «الارتدادات السياسية» لمقتل الشرطي الذي قضى في «الشانزليزيه»؟... «هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها القتلة الإرهابيون باريس... وزعزعة الانتخابات الرئاسية في أبهى ديمقراطيات العالم هي هدفها المعلن» حسبما قالت الصحيفة في افتتاحيتها. «لوباريزيان» لفتت إلى حصول اعتداءات سابقة تسببت بتأهل زعيم اليمين المتطرف «جان - ماري لوبان» إلى الدورة الثانية عام 2002 وأوقفت حملة 2012.
وفي لندن اهتمت الصحف البريطانية بالانتخابات الرئاسية في فرنسا، والحملة التي انطلقت للانتخابات العامة في بريطانيا التي أتت كمفاجأة للشعب البريطاني، واستمرت الصحف بتناول معطياتها وتوقعاتها على مدار الأسبوع بين مؤيد لاستمرارية «المحافظين» ومساند لإعادة إحياء دور العماليين والديمقراطيين الأحرار، إلا أن قضايا الشرق الأوسط والعالم كان لها أيضا نصيب من الاهتمام.
وكشفت «الصنداي تلغراف» أن سفيراً بريطانياً سابقاً لدى سوريا يعمل مديراً في مجموعة ضغط موالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد. وكان بيتر فورد، الذي كان سفيرا في دمشق من 2003 إلى 2006، قد ظهر مؤخراً على شاشة «بي بي سي» وهو يدفع تهمة استخدام السلاح الكيماوي عن الرئيس السوري بعد هجوم خان شيخون، واكتشفت الصحيفة أن بيتر فورد قد عين مديراً في الجمعية البريطانية السورية التي أسسها فواز أخرس، طبيب القلب السوري المقيم في لندن، ووالد أسماء أخرس، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد. واتضح من المعلومات المنشورة على موقع الهيئة المنظمة للشركات في بريطانيا أن بيتر فورد قد عين مديراً في الجمعية في فبراير (شباط) 2017، أي قبل هجوم خان شيخون ببضعة أسابيع.
وقالت الصحيفة إن السلطات البريطانية لم تتعرض للشركة حتى بعد أن وضع الاتحاد الأوروبي الشركة في القائمة السوداء في منتصف سنة 2015. وأضافت أن الشركة ظلت تستثمر في العقارات والعملة الصعبة، مع مزاعم بتورطها في عمليات غش في أسواق التأمينات، ولم تشرع السلطات البريطانية في التضييق على الشركة إلا خلال الأشهر الـ12 الماضية.



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.