السياح الروس ضحية حرب الطماطم والقمح بين موسكو وأنقرة

دول أخرى تستفيد من التوتر التجاري بين البلدين

قرار روسيا وقف الرحلات السياحية مع تركيا وفرض حظر على قائمة كبيرة من الصادرات جاء إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية فوق الأراضي السورية
قرار روسيا وقف الرحلات السياحية مع تركيا وفرض حظر على قائمة كبيرة من الصادرات جاء إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية فوق الأراضي السورية
TT

السياح الروس ضحية حرب الطماطم والقمح بين موسكو وأنقرة

قرار روسيا وقف الرحلات السياحية مع تركيا وفرض حظر على قائمة كبيرة من الصادرات جاء إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية فوق الأراضي السورية
قرار روسيا وقف الرحلات السياحية مع تركيا وفرض حظر على قائمة كبيرة من الصادرات جاء إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية فوق الأراضي السورية

قال وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، إن البرقية التي عممتها الوكالة الروسية للطيران المدني على الشركات السياحية حول احتمال توقيف الرحلات الجوية التجارية (تشارتر) بين روسيا وتركيا، ما زالت قائمة.
وأضاف سوكولوف، في تصريحات صحافية يوم أمس، إن نص البرقية تم نشره كذلك عبر وسائل الإعلام، وليست هناك أي مستجدات أو تغيير. هذا ما قاله الوزير في تعليق على برقية عممتها الوكالة الروسية للطيران المدني يوم 10 أبريل (نيسان)، على شركات قطاع الخدمات السياحية في روسيا، أشارت فيها إلى احتمال تجميد رحلات «تشارتر» مع تركيا، مبررة قرارها بـ«الوضع السياسي الداخلي المعقد في تركيا». ومع أن البرقية لم تحمل قرارا بوقف الرحلات السياحية، بل مجرد تنبيه من احتمال تجميدها، فقد تركت أثرا سلبيا واضحا على عمل الشركات السياحية وعلى مزاجية السياح الروس وخياراتهم، على حد سواء. ويصبح الوضع أكثر تعقيدا مع استمرار العمل بحظر الرحلات الجوية بين روسيا ومصر، الوجهة السياحية المفضلة، إلى جانب تركيا، للملايين من الروس.
وكانت شركات السياحة الروسية قد باعت نحو 400 ألف رحلة سياحية إلى تركيا قبل تعميم تلك البرقية، غير أن الوضع تغير بعد الإعلان عنها، حيث تباطأ الطلب على تلك الرحلات بشكل ملموس. وحسب قول مايا لوميدزه، المدير التنفيذي لاتحاد شركات الخدمات السياحي، فإن الطلب تراجع على الرحلات السياحية إلى تركيا بنسبة تتراوح بين 30 و60 في المائة، خلال الأسبوع الأول بعد البرقية. أما إيرينا تيورينا، ممثلة الاتحاد الروسي للسياحة، فقد أشارت إلى أن الطلب تراجع بنسبة 20 - 30 في المائة، وتوقعت أن يبقى الطلب منخفضا على الرحلات إلى تركيا لعدة أسابيع «ومن ثم، بحال لم تقع أي تطورات سلبية، فسيستعيد الطلب على تلك الرحلات عافيته تدريجياً». بالمقابل شهد الأسبوع الماضي ارتفاعا على طلب الرحلات السياحية إلى الوجهات الأخرى، وتحديدا إلى تونس ارتفع بنسبة 61 في المائة، وإلى اليونان بنسبة 55 في المائة، وإلى تايلاند بنسبة 15 في المائة.
ويرى مراقبون أن برقية الوكالة الروسية للطيران المدني ليست سوى جزء من خلافات اقتصادية بين البلدين، لم يتم تجاوزها حتى الآن، على الرغم من إعلان تطبيع العلاقات بينهما. وكانت روسيا قد فرضت حزمة عقوبات اقتصادية ضد تركيا نهاية عام 2015، إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية فوق الأراضي السورية، حينها قررت روسيا وقف الرحلات الجوية السياحية مع تركيا، وفرضت حظرا على قائمة كبيرة من الصادرات التركية، بما في ذلك المواد الغذائية مثل اللحوم والخضراوات والفاكهة، ومنها الخيار والطماطم. واستمر الحظر منذ الأول من يناير (كانون الثاني) 2016 ولغاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، حين ألغت روسيا عقوباتها ضد تركيا بعد مصالحة روسية - تركية مهدت لها رسالة وجهها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للرئيس بوتين يعتذر فيها عن حادثة إسقاط الطائرة الروسية. وشمل التطبيع بين البلدين استئناف الرحلات السياحية والسماح مجددا بدخول غالبية المنتجات التركية إلى روسيا، لكن باستثناء الطماطم والخيار.
وتسعى روسيا عبر هذا الاستثناء لإتاحة فرصة أمام المنتجين المحليين لشغل الفراغ الذي خلفه في السوق غياب الصادرات التركية. وفي توضيحه لموقف موسكو في قضية الطماطم والخيار، قال ألكسندر تكاتشيف، وزير الزراعة الروسي، إن «موقف الوزارة في هذه القضية هو التالي. نحن ندرك تماما أنه علينا أن نشغل ذلك الحيز في السوق، وعلينا أن نقدم للمواطنين خضراوات من إنتاج روسي»، ولم يتمكن حينها من تحديد الفترة التي سيستمر خلالها العمل بقرار حظر الطماطم والخيار. وأشار إلى أن «هذه مسألة سياسية بالدرجة الأولى». غير أن هذه الخطوة الروسية لا تبدو كافية لمساعدة المنتجين المحليين في فرض السيطرة على المساحات في السوق التي خلفها غياب الصادرات التركية.
ويشير تقرير أعدته أكاديمية الإنتاج الزراعي والخدمة الحكومية التابعة للرئاسة الروسية، وشارك فيه معهد «غايدرا»، إلى أن التكلفة المرتفعة للإنتاج المحلي وزيادة صادرات الطماطم والخيار من أسواق الدول المجاورة، تحول دون تحكم المنتجين الروس بشكل تام بسوق هذه المنتجات في روسيا.
وحسب التقرير، فقد شهدت فترة العقوبات على تركيا زيادة صادرات الطماطم من بيلاروسيا بسبع مرات مقارنة بحجم صادراتها عام 2015، وكذلك الأمر بالنسبة لجورجيا التي زادت صادراتها خلال عام 2016 بثلاث مرات، علما بأن الحديث يدور عن التنافس على مساحة من السوق تبلغ قيمتها نحو نصف مليار دولار أميركي، وهي قيمة الصادرات التركية من الطماطم والخيار إلى روسيا.
ويبدو موقف المنتج المحلي الروسي ضعيفا في هذه المنافسة، إذ يعتمد المنتجون الزراعيون الروس على البيوت البلاستيكية لإنتاج الطماطم والخيار، ونظرا لارتفاع تكلفة الإنتاج يصل سعر كيلوغرام الخيار المحلي حتى 70 روبلا، أي أغلى بمرتين عن سعر الخيار المستورد، وبالنسبة للطماطم فيزيد سعر المنتج المحلي بنحو 44 في المائة عن سعر المستورد. رغم ذلك تحاول روسيا عبر استمرار الحظر على هذين المنتجين من تركيا فسح المجال المتاح قدر الإمكان أمام المنتجين المحليين لتثبيت أقدامهم في السوق، ذلك أن فتح أبواب السوق الروسية أمام الصادرات التركية سيقلل بصورة كبيرة من فرصة المنتجين المحليين.
من جانبها، حاولت تركيا التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإلغاء الحظر على الخيار والطماطم، لكن يبدو أنها فقدت الأمل في تحقيق تقدم خلال فترة قريبة. وفيما يبدو أنه رد من أنقرة على تعنت موسكو في موضوع الخيار والطماطم، أعلنت السلطات التركية يوم 15 مارس (آذار) عن قرارها بإلغاء إعفاء سابق من الرسوم الجمركية لصادرات الحبوب الروسية، وفرض رسوم قيمتها 130 في المائة على تلك الصادرات، الأمر الذي يعني عمليا عجز مصدري الحبوب الروسية عن توريد منتجاتهم إلى تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا لم تقدم على خطوة مثل هذه حتى في ظل الأزمة مع موسكو، لذلك يرى الجزء الأكبر من المحللين والخبراء في روسيا، أن أنقرة قررت بهذا الشكل الرد على عدم إلغاء الحظر الروسي على الطماطم والخيار. وتشير معطيات اتحاد مصدري الحبوب الروسي إلى أن تركيا استوردت خلال صيف عام 2016 وشتاء عام 2017 نحو مليوني طن من القمح، واحتلت بذلك المرتبة الثانية بعد مصر. وفي فترة عامي 2015 - 2016 استوردت تركيا ما يزيد على 3.1 مليون طن من الحبوب الروسية.
ويقول الخبراء في تقرير أكاديمية الإنتاج الزراعي والخدمة الحكومية التابعة للرئاسة الروسية، ومعهد «غايدرا»، إن الحرب التجارية مع تركيا بسبب موسم الطماطم الشتوي «جعلت من صادرات الحبوب الروسية ضحية، وخسرت صناعات القمح والزيوت، فضلا عن إنتاج الزيوت والدهون والسكر، من 1.3 إلى 1.5 مليار دولار»، نتيجة فرض تركيا رسوما على صادرات الحبوب الروسية.
وقال زكريا ميتي، عضو مجلس إدارة اتحاد المصدرين الأتراك، في حديث لوكالة «ريا نوفوستي»: «نحن نريد أن نتاجر مع روسيا، لكن يجب أن تكون الشروط متساوية ويجب أن يربح الجميع»، وبينما يؤكد أن موضوع صادرات الحبوب الروسية إلى تركيا مرتبط بشكل مباشر بصادرات الطماطم والخيار من تركيا إلى روسيا، أشار ميتي إلى أن «روسيا فرضت حظرا على تصدير بعض المنتجات التركية. وهذا جعل كثيرين من زملائنا المصدرين يعانون من صعوبات ويتكبدون بخسائر. والوضع هو أن تركيا تشتري المنتجات الروسية، بينما لا تشتري روسيا منتجاتنا».



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.