تسبب التوتر السياسي القائم بين الحكومتين الروسية والأوكرانية في فشل الوساطات والاقتراحات التي بادر بها اتحاد الإذاعات الأوروبية المنظم لمسابقة الأغنية الأوروبية «يوروفيجن» سعياً لإخراج دورة هذا العام كمسابقة فنية بحتة تجمع ولا تفرق.
وفيما يستعد 42 متسابقا لتمثيل بلادهم في المسابقة الأوروبية الموسيقية الأكبر «يوروفيجن» وموعدها الشهر المقبل بالعاصمة الأوكرانية كييف، تأكدت عدم مشاركة المتسابقة الروسية بسبب حظر أوكراني، وفي هذا السياق أعلنت القنوات التلفزيونية الروسية عدم نقلها للمنافسات، مما يمثل ذلك سابقتين لم تشهدهما المسابقة التي ينظمها سنويا اتحاد الإذاعات الأوروبية منذ عام 1965.
وكانت الحكومة الأوكرانية قد رفضت مشاركة المرشحة الروسية، جوليا سامويلوفا، بسبب زيارة قامت بها لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014 معتبرة دخولها تسللا غير قانوني لأرض أوكرانية.
من جانبها، رفضت موسكو القرار الأوكراني وأدانته واعتبرته قرارا شائنا وتمييزا مرفوضا ضدها مما يقوض بنزاهة المسابقة.
بدورهم أدان المنظمون قرار الحظر ورغم الإقرار بضرورة احترام القوانين المحلية للبلد المضيف، فإن بيانا لهم عبر عن خيبة أملهم إزاء حظر المشاركة الروسية باعتباره يتنافى وروح المسابقة، متقدما باقتراح أن تستبدل موسكو الفنانة سامويلوفا بمرشح آخر.
من جانبها رفضت موسكو الإبدال متمسكة بحقها في اختيار من يمثلها كغيرها من الدول، كما رفضت اقتراحا آخر بأن تشارك الفنانة من موسكو باعتباره تمييزا يتنافى مع بند يقر بمشاركة المتنافسين أمام جمهور بالدولة المضيفة، فيما رفضت كييف قبول مشاركة سامويلوفا من موسكو عبر الأقمار الصناعية؛ إذ يتعارض ذلك وقوانينها التي لا تسمح للتلفزيون الأوكراني بنقل مشاركة روسية.
وحسب قوانين المسابقة التي تعتبر من أنجح وأكبر وأقدم المسابقات الفنية الأوروبية والتي يصل عدد مشاهديها سنويا إلى 600 مليون مشاهد عالميا، فإن الدولة الفائزة في الدورة السابقة هي التي تنظم الدورة المقبلة.
وكانت أوكرانيا قد فازت بدورة العام الماضي التي أقيمت بالعاصمة السويدية استوكهولم بأغنية قدمتها الفنانة جمالا ذات الأصول التترية وعنوانها «1944».
أثارت تلك الأغنية بدورها جدلا واتهامات بالتسييس لكونها تحكي عما قام به الزعيم الروسي جوزيف ستالين 8 مايو (أيار) عام 1944 بعملية تهجير لمائتي ألف تتري من شبه جزيرة القرم إلى أواسط آسيا في ظروف قسرية قاسية.
ولم تنتف الاتهامات السياسية عن الأغنية التي وللمصادفة نافست وبقوة الأغنية الروسية رغم تصريحات جمالا بأنها تغني تعبيرا عن مشاعرها تجاه جدها الذي كان ضمن المرحلين.
وحسب قواعد المسابقة، فإن على المتسابقين الظهور مباشرة بالأرض المضيفة في تصفيتين ثم تصفية نهائية تنتهي بإعلان الفائز الذي ينال جائزة الميكرفون الزجاجي.
تقام التصفيات هذا العام في النصف الأول من مايو المقبل بالعاصمة الأوكرانية كييف، وتبدأ يوم 9 لمرحلة النهائي الأول ويوم 11 لمرحلة شبه النهائي الثاني ثم يوم 13 للتصفية الختامية وإعلان الفائز. مما يجدر ذكره أن الدول المؤسسة للمسابقة أي ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا تتأهل للتصفية الختامية مباشرة.
من جانب آخر لم تكتف موسكو بإعلان مقاطعتها لهذه الدورة ورفض استبدال مغنيتها بل شنت هجوما قاسيا على تلك الدول المؤسسة بدعوى أنها لم تتدخل كما لم تدن القرار الأوكراني، مفضلة صمت «ناطق» مقصود...!!
وكانت موسكو قد بادرت لرفض اقتراح اللجنة بأن تشارك فنانتها من موسكو كحل وسط يتماشى وشعار هذه الدورة الذي يدعو للاحتفاء بالتنوع، مشيرة إلى أن الاقتراح يمترس للتمييز ويتعارض تماما والنظام الأساسي للمسابقة.
من جانبها لم يفت مصادر وصف الاختيار الروسي للفنانة جوليا سامويلوفا التي تعاني منذ طفولتها من مرض خطير في أعصاب العظام يجعلها قعيدة على مقعد متحرك، بكونه «لفتة عبقرية» من جانب الاستخبارات الروسية التي كانت تتحسب ودون شك لرفض أوكراني، فسعت لدغدغة الأحاسيس بتلك الإصابة.
وتعتبر الفنانة سامويلوفا وجها روسيا معروفا، وسبق أن شاركت في أكثر من مسابقة غنائية كما غنت في حفل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بمنتجع سوتشي على ضفاف البحر الأسود عام 2014.
وكانت سامويلوفا قد اعترفت للجنة بزيارتها إلى شبة جزيرة القرم في عام 2015 لإحياء حفل غنائي، وتعتبر محظورة ضمن قائمة أوكرانية تضم 140 فنانا روسيا. إلى ذلك، كانت هذه الدورة قد تعرضت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لهزة قوية عندما تقدم 21 من كبار الموظفين باللجنة الأوكرانية المنظمة باستقالاتهم بعد تعيين مدير رفضوا العمل تحت إدارته فبادروا بالاستقالة قبل إقالتهم مما تسبب في ربكة إلى أن تم تدارك الأمر مع وعود بدورة رائعة.
ويذكر أن اتحاد الإذاعات الأوروبية يسمح لجميع دول الأعضاء بالمشاركة ضمن منافسات الـ«يوروفيجن»، وفي هذا الإطار سبق أن شاركت المغرب في دورة عام 1980 وتلك دورة لم تشارك فيها إسرائيل ومثلتها الفنانة سميرة سعيد.
ويضم اتحاد الإذاعات الأوروبية دولا من خارج القارة من بينها دول عربية مثل تونس والجزائر والأردن ولبنان، كما من أعضائه كندا واليابان والمكسيك والهند والصين، وتشير مصادر إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تقدمت بطلب للمشاركة.
«يوروفيجن» يشهد حظراً سياسياً وسوابق في قواعد المنافسة
«يوروفيجن» يشهد حظراً سياسياً وسوابق في قواعد المنافسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة