«مهرجان بيروت للرقص المعاصر»: لا وقت للحرب... إنه «الحلم»

افتتاح فضاء «سيترن» مكاناً جديداً للمتمردين

الكنبة الخضراء على المسرح بقيت الثابت الوحيد طوال العرض - جانب من «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» - مشهد من المهرجان (اللقطات من تصوير غريغوري باتاردون)
الكنبة الخضراء على المسرح بقيت الثابت الوحيد طوال العرض - جانب من «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» - مشهد من المهرجان (اللقطات من تصوير غريغوري باتاردون)
TT

«مهرجان بيروت للرقص المعاصر»: لا وقت للحرب... إنه «الحلم»

الكنبة الخضراء على المسرح بقيت الثابت الوحيد طوال العرض - جانب من «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» - مشهد من المهرجان (اللقطات من تصوير غريغوري باتاردون)
الكنبة الخضراء على المسرح بقيت الثابت الوحيد طوال العرض - جانب من «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» - مشهد من المهرجان (اللقطات من تصوير غريغوري باتاردون)

في 13 أبريل (نيسان)، لا وقت في لبنان لاستذكار الحرب الأهلية بالبكاء، فأحزان الماضي لم تردع شعبه يوما عن عشق الحياة، والأطلال وإن أبكته لكنّها لم تطفئ شعلة الأمل داخله، إنّه زمن الرقص لا الحرب. بهذه الروح دشن «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» سنته الثالثة عشرة. هذه المرة، لم يأت منفرداً، جاء ومعه «سيترن» المركز الحلم، كما أسماه القيمان على المهرجان عمر راجح وميا حبيس. مكان جديد في بيروت للفنون المتمردة والراغبة في الانعتاق.
وصل المتفرجون إلى «سيترن» أول من أمس، بينما كانت رافعة ضخمة لا تزال تركّب ما نقص. الورشة لم تنته بعد، لكن الجمهور غفير، والحماس كبير والدهشة مرتسمة على الوجوه. ثلاثة أسابيع فقط كانت كافية لتركيب هذا المجمع الذي يضم مسرحاً يتسع لـ500 شخص، وصالة استقبال، وباقي الأجزاء الضرورية لإدارة المكان وحتى إقامة الفنانين.
«هو رؤية ومبادرة وحلم بأفكار لحياتنا المستقبلية»، قال عمر راجح، بينما صادف الافتتاح ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة 13 أبريل، قبل 42 سنة. «نريدها ذكرى جديدة لمستقبل مختلف، لأيام مبنية على إصرار ومسؤولية، وبلد نستطيع أن نعيش فيه، بلقاء وتعاون ومشاركة».
عرض الافتتاح لم يكن أقل إبهارا من «سيترن» الذي أقيم على خط تماس قديم، يفصل بين المنطقتين البيروتيتين المتقاتلتين حينها. الفرقة السويسرية «ألياس» قدمت عرضها «وزن الإسفنج» المبني على استيحاء الحياة اليومية بتفاصيلها الصغيرة، برؤية مبتكرة ومذهلة.
كل ما تفعله في يومياتك، تستطيع أن تؤديه رقصاً يخلب الألباب. الكنبة الخضراء على المسرح التي بقيت الثابت الوحيد طوال العرض، بنيت حولها كل السينوغرافيا لخشبة خاوية، أو هكذا تظن؛ لأن كل العناصر هنا يمكن استغلالها والاشتغال عليها، بما في ذلك الأرض التي تكتشف أنّها مغطاة بسجادة كبيرة ستستخدم بعد ذلك جزءا من عناصر الإبهار البصري، حين تصبح عمودية ومتماوجة بألوانها المزهرة، وغطاء آخر يستغل لنفس الغرض.
الفتحات الجانبية على المسرح تجدها وكأنّها مسارب ينفذ منها وإليها الراقصون، الخلفية التي تفتح فجأة في الظلام تدخل منها سيارة بإضاءتها والموسيقى الصاخبة الصادرة عنها، لتشعرك أنك بالقرب من ملهى ليلي.
وكأنما حرص صاحب العرض غيليرم بوتيلو، على أن يؤكد لك أنّ كل مناخات عيشك الاعتيادية المكرورة، يستطيع أن يريك إياها راقصة ومشحونة بدفق من حساسية مرهفة، قاطعة كحد سكين.
فتارة أنت أمام ثرثرة تجمع راقصين أو ثلاثة، أو جو عاطفي بين عاشقين، أو مشهد مسح الأرض، وربما تنتقل إلى صالة رقص في مكان أرستقراطي عابق بالموسيقى، أو لحظة خصام ونزاع، أو مجرد هنيهة تأمل، أو جلسة منفردة لرجل يدخن سيجارته بهدوء. هذه المشاهد، تحضر منفردة أو بعضها بجانب بعض.
لكن الساعة التي يقضيها المتفرج مع هذه الفرقة البديعة تمر كالسهم، خصوصا حين تبدأ راقصة في العزف على بيانو غير موجود، حتى تخال أنّه سيحضر عنوة لشدة اندماجها، وهو ما يحدث فعلا في مشهد آخر، إلا أنّها في هذه اللحظة لن تعزف عليه إلا قليلا، لتدير ظهرها له وتبقى تعزف على آلتها الخاصة الموجودة في الهواء، أو في مخيلتها الخاصة.
أحد المؤدين يرقص تحت ضوء القمر على نغمة أزيز صرصور مدهش، الموسيقى مختارة بعناية متنوعة كما هي أجواء العرض جميلة رحبة، ومفرحة حتى لو كانت أزيزا أو صوت صفير ريح، أو زمجرة رعد. مرة أخرى إنّها الحياة على المسرح ببهجتها بفضل ملابس المؤدين التي اختيرت لتكون بألوان مفرحة متنوعة، والإضاءة المتقنة التي جعلتها مشعة. مع الكنبة الثابتة ثمة المرأة «المانيكان» بفستانها الأحمر التي ينقلها الراقصون من مكان إلى آخر. إنّها متفرجة وشاهدة في آن، واقفة أو جالسة، وربما راقصها أحدهم لتبدو حركة هذه المرأة الجفصينية متعة للفرجة.
هناك أيضاً الراقصات اللواتي يأخذن حمام شمس، أو يخرجن من الحمام، لكن كان ينقص بالفعل مشهد السباحة لتكتمل الفرجة. الراقصون الرجال بملابس البحر، المياه تنسكب من سقف الخشبة، تملأ المسرح وهم يستعدون للقفز في البركة، هكذا تتحول المساحة كلها إلى مسبح يجوبه الراقصون جيئة وذهاباً، في خاتمة بدت قمة في إتقان تركيب المشهديات، وقدرة الأجساد المدربة على جعل كل تفاصيلنا ممكنة رقصاً.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.