الضربة الصاروخية {تمهد لعودة الأحادية الأميركية}

الضربة الصاروخية {تمهد لعودة الأحادية الأميركية}
TT

الضربة الصاروخية {تمهد لعودة الأحادية الأميركية}

الضربة الصاروخية {تمهد لعودة الأحادية الأميركية}

الضربة الصاروخية الأميركية التي استهدفت مطار الشعيرات العسكري، قرب مدينة حمص السورية، وأدت إلى تدميره بالكامل، شكّلت منعطفاً مهماً في مسار الأزمة السورية، ورسمت خطوطاً حمراء يصعب على اللاعبين على المسرح السوري تخطيها. لكن أهميتها برأي الخبراء والمحللين، أنها مهدت لعودة الأحادية الأميركية، كقوة مطلقة في المنطقة، ودفعت نحو استراتيجية متماسكة، بالقضاء على تنظيم داعش، وبعدها التخلص من نفوذ إيران وميليشياتها، ثم التمهيد لعملية سياسية لا تبقي أي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا.
ولئن كان من المبكر رصد تداعيات استعراض القوة الأميركية على الساحة السورية منذ بدء الحرب، فإن المحلل الاستراتيجي اللبناني الدكتور خطار بو دياب، اعتبر أن «الغارة الأميركية هي عبارة ضربة محدودة، أكثر مما هي تصعيد أوسع، لكن رسالتها أبعد من تأديب بشار الأسد ونظامه». وأكد بو دياب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك سعياً لاستعادة الأحادية الأميركية، وهذه رسالة لروسيا ليس في سوريا فحسب، بل في كل أنحاء العالم»، لافتاً إلى أن «النظام السوري وحلفاءه ارتكبوا خطيئة كبرى، من خلال مجزرة خان شيخون واستخدام السلاح الكيماوي، من دون أن يحسبوا لردة فعل الإدارة الأميركية الجديدة».
هذه القراءة أيدها الدكتور سامي نادر، مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية في بيروت، الذي وصف الضربة الأميركية بأنها «محدودة ومدروسة، لكنها غير عفوية»، ورأى نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنها كانت «السيناريو العسكري الأقل وطأة وكلفة، من بين 4 سيناريوهات قدمت إلى الرئيس دونالد ترمب، الذي آثر عدم كسر الجرّة من موسكو». ووصف الضربة بأنها «رسالة ثلاثية الأبعاد، فبالدرجة الأولى وجهها ترمب إلى الداخل الأميركي، ليثبت لشعبه أنه يقول ويفعل، بالتالي، رسم الخطوط الحمر التي لا يسمح بتخطيها. والثانية موجهة إلى النظام السوري ومن خلفه روسيا، بأن عهد ترمب ليس عهد أوباما. والثالثة إلى إيران وكوريا الشمالية وتجاربهما الصاروخية»، ولفت نادر إلى أن «مجزرة الكيماوي في خان شيخون، كانت موجهة إلى ترمب مباشرة، ولقد أراد الأسد وحلفاؤه أن يختبروا الإدارة الأميركية الجديدة، أخطأوا التقدير».
من جهة أخرى، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي السوري عبد الناصر العايد لـ«الشرق الأوسط»، أن الضربة التي تلقاها النظام في حمص «وضعت مصير بشار الأسد أمام نقطة اللاعودة». وتابع أن «الأميركيين بعد استخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون، صنّفوا الأسد بأنه مجرم حرب، ولم يعد بالإمكان مناقشة أي دور له في مستقبل سوريا السياسي». وأوضح العايد أن «المسارات باتت رهن تعامل الروس والإيرانيين مع المرحلة المقبلة، لأن الضربة الأميركية تستهدف الإيرانيين بالدرجة الأولى». ثم قال: «نحن أمام تعقيدات جديدة محورها الإيرانيون وحزب الله الداعمون للإجرام، لكن الأهم أن هذه الضربة أنهت نظام الأسد سياسياً، وجعلته خارجاً عن القانون». واستبعد العايد أي موقف تصعيدي من قبل الروس، ولفت إلى أن موسكو «ستحاول استثمار هذه الضربة لصالحها، إذا ما تمكن الأميركيون من إخراج إيران من المسرح السوري».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.