قُتل زوج عروبة عبد الحميد في هجوم صاروخي حينما وصلت قوات الحكومة العراقية إلى الموصل مسقط رأسها في إطار حملة عسكرية لإجبار مسلحي تنظيم داعش على الانسحاب من المدينة.
حوصرت عروبة (31 عاماً) في منزلها بعد ذلك لأيام، إذ تحولت المنطقة التي تعيش فيها بغرب الموصل إلى ساحة حرب بين الحكومة والمتشددين الذين يدافعون عن معقلهم الأخير في العراق. وفي نهاية المطاف تمكنت من الفرار بصحبة أبنائها الثلاثة، بحسب وكالة «رويترز».
وقالت وهي جالسة في الخيمة التي تتقاسمها مع أسرة أخيها في مخيم حمام العليل الذي يقيم به نحو 300 ألف نازح: «لم يتبق لي أحد هناك فجئت إلى هنا... لا أستطيع العودة إلى المنزل». والتأم شمل عروبة مع شقيقها في المخيم بعد أن كانت الاتصالات بينهما محدودة منذ اجتاح «داعش» الموصل في يونيو (حزيران) 2014. ومنع الهواتف الجوالة في ظل حكمه المتشدد.
ويصف من فروا من ثاني أكبر مدينة عراقية رحلة مضنية غادر خلالها في بعض الأحيان أبناء أحياء كاملة معاً عند الفجر في معظم الأحيان وتحت قصف بقذائف المورتر أو ضربات جوية في بعض الأحيان. وغطى الآباء عيون أبنائهم وساعد الجيران بعضهم البعض في حمل المعاقين وكثيراً ما تفرق الرجال عن زوجاتهم ليستجوبهم الجيش العراقي عند نقاط التفتيش حول المدينة.
وعلى غرار كثيرين غيرها، تقول جوره محمود إنها سارت مع عائلتها لثمانٍ وأربعين ساعة تحت المطر وسط البرد قبل أن تصل إلى حمام العليل. وكان عليهم الانتظار لأربع وعشرين ساعة أخرى عند بوابة الدخول لأنه لم تكن هناك خيمة لهم في البداية.
في المخيم تستطيع الأسر الشعور ببعض مظاهر الحياة الطبيعية مرة أخرى. يحضر الأطفال فوق سن السادسة فصولا دراسية في الصباح وتقوم النساء بالواجبات المنزلية بينما يبحث الرجال عن العمل والطعام. وقالت عروبة: «الحياة هنا طبيعية. المساعدات وفيرة والناس طيبون».
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مارس (آذار) الماضي أنها فتحت مخيمين جديدين لاستيعاب الفارين من القتال في الموصل لتضيف 40 ألف مكان جديد إلى منشآت الإيواء القائمة.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 302 ألف شخص غادروا الموصل منذ بدء الحملة العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ونزح نحو 30 ألفاً الأسبوع الماضي فقط. ولا يزال نحو 40 ألف شخص محاصرين في غرب الموصل مع احتدام المعركة.
وقال محمود أبو محمد الذي يعيش مع أسرته في خيمة على مقربة من خيمة عروبة بعد أن فروا من الموصل، إنه يجب على الحكومة أن تعيد المياه إلى المدينة وتزيل الأنقاض الخطيرة التي خلفها القتال قبل أن يعود السكان. وأضاف: «إذا عادت المياه سيعود الجميع».
ويعد هذا المخيم موقعاً للتدقيق في معلومات النازحين قبل التوجه بعد ذلك إلى حافلات أو سيارات أجرة بحثاً عن مسكن في مخيمات أخرى أو لدى أقارب لهم في الجانب الشرقي «المحرر» من الموصل أو مناطق أخرى مجاورة. لكن بعض النازحين يبقى في المخيم ويلجأ إلى خيم أقارب أو جيران، وأحيانا تكتظ خيمة طولها عشرة أمتار بعرض أربعة أمتار بثلاث أو أربع أسر، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مروان نايف (25 عاماً) من غرب الموصل فيما تجمع حشد من الأطفال حوله: «توجد أربع عائلات في هذه الخيمة، 30 شخصاً ينامون هنا... أحيانا، المكان لا يتسع. لذا يذهب الرجال للنوم في خيم أصدقائهم، وحالياً أنام في خيمة أخي».
وتحمل شهرة حازم ابنها على ذراعيها في أحد ممرات المخيم الذي ارتفع عدد سكانه إلى نحو ثلاثين ألف نسمة. وقالت إن طفلها «بحاجة إلى عملية جراحية، هناك مياه في رأسه، لكن لا توجد مساعدات وحاولت أن آخذه إلى مخيم آخر لكن لم يسمحوا لنا بالدخول».
وتتجمع في مخيم حمام العليل صفوف طويلة من المدنيين عند منتصف النهار لتسلم مساعدة غذائية. كما قام بعض سكان المخيم بجلب الطعام من الخارج، أو من سوق مؤقت على الأطراف الخارجية لسور المخيم.
ووقفت امرأة تحمل ابنتها تروي لجيرانها من الموصل كيف نجت مع عائلتها من قصف جوي دمر منزلهم. وقالت المرأة التي ترتدي ملابس خضراء براقة، إن «داعش وضع رشاشاً آلياً أمام بابنا وقامت قوات الأمن بإطلاق النار... كنا جميعاً في الملجأ الأرضي لحسن الحظ». وأضافت: «بعض جيراننا حاولوا الفرار (أول من أمس) والقوات الأمنية أطلقت عليهم النار لأنها توقعت أنهم من (داعش)... وهذا ما يتكرر كثيراً».
عروبة قطعت رحلة مضنية بحثاً عن ملاذ في الموصل
خيام حمام العليل مكتظة... وطوابير طويلة للحصول على الطعام
عروبة قطعت رحلة مضنية بحثاً عن ملاذ في الموصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة