قلق يجتاح 2.3 مليون أوروبي في بريطانيا

هبوط حاد في أعداد الأوروبيين طالبي العمل بالمملكة المتحدة

44 % من الوظائف الجديدة في بريطانيا منذ عام 2008 كانت من نصيب الأوروبيين
44 % من الوظائف الجديدة في بريطانيا منذ عام 2008 كانت من نصيب الأوروبيين
TT

قلق يجتاح 2.3 مليون أوروبي في بريطانيا

44 % من الوظائف الجديدة في بريطانيا منذ عام 2008 كانت من نصيب الأوروبيين
44 % من الوظائف الجديدة في بريطانيا منذ عام 2008 كانت من نصيب الأوروبيين

هبط عدد الأوروبيين الباحثين عن عمل في بريطانيا 18 في المائة في الفصل الأول من العام الحالي، بحسب تقرير صادر عن مؤسسة «إنديد» المتخصصة في الموارد البشرية. وهذا الهبوط ليس الأول من نوعه، بل سبق ذلك تراجع ملموس منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو (حزيران) 2106. كما سجلت نسبة هبوط إضافية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما بدأ الحديث عن أن «البريكسيت» سيكون عبارة عن «انفصال صعب».
وتتركز نسب الهبوط الآن بين رعايا الدول الأوروبية التي انضمت إلى الاتحاد بعد عام 2004، مثل بولندا ودول البلطيق وسلوفاكيا وسلوفينيا وتشيكيا، بينما الطلب مستمر على العمل في بريطانيا من مواطني بلغاريا ورومانيا.
أما الأوروبيون القادمون من دول غنية أكثر، فيتحسرون على الخيار البريطاني بالانفصال، إذ تقول محامية فرنسية عاملة في لندن في تحقيق أجرته محطة «تي إف وان»: «اخترتُ هذه المدينة لأنها ديناميكية وزاخرة بالحياة والعمل والفرص، ومنفتحة على كل الثقافات بلا عنصرية زائدة نراها في دول أوروبية أخرى... فإذا بنتيجة الاستفتاء تعطي صورة مغايرة لنكتشف أن البريطانيين مثل غيرهم من بعض الدول الأوروبية ينزعون ناحية الانغلاق على أنفسهم رافعين شعار الأفضلية الوطنية».
ويقول المحلل الاقتصادي ماريانو مامرتينو في تقرير «إنديد»: «يكبر التوتر في سوق العمل في موازاة انتقال (البريكسيت) من الكلام إلى الواقع، لأن الاقتصاد البريطاني يعتمد كثيراً على العمالة الآتية من دول الاتحاد الأوروبي، إذ يعمل في المملكة المتحدة نحو 2.3 مليون أوروبي في مختلف القطاعات، مثل الصناعة والفندقة والزراعة والصحة العامة»، علماً بأن إحصاءات أخرى تشير إلى رقم 3 ملايين أوروبي في بريطانيا.
واستناداً إلى أرقام صادرة عن المكتب الوطني البريطاني للإحصاءات، فإن 44 في المائة من الوظائف الجديدة التي خُلِقَت منذ عام 2008 كانت من نصيب الأوروبيين، أي ما يقارب المليون وظيفة.
وتؤكد بعض استطلاعات الرأي الأخرى أن العمالة الأوروبية في بريطانيا ينتابها «قلق متصاعد الوتيرة الآن من مستقبل غير واضح المعالم»، لا سيما بعدما أطلقت رئيسة الوزراء تيريزا ماي جرس بدء مفاوضات الخروج من الاتحاد، التي تستغرق نحو عامين، تجد بريطانيا نفسها بعدها خارج الاتحاد... والقلق حاضر أكثر بين صفوف من لم تمضِ على إقامته 5 سنوات، لأنه لم يحصل بعد على الإقامة الدائمة، علماً بأن أصحاب الإقامات الدائمة تساورهم شكوك أيضاً بسبب تداعيات «البريكسيت» على أكثر من صعيد.
في المقابل، تبذل الحكومة جهوداً لتهدئة المخاوف، ولذلك قالت ماي إن «هذه المسألة ستكون أولوية قصوى في المفاوضات»... أما وزير البريكسيت ديفيد ديفيس فيقول: «نحتاج إلى سنوات طويلة جداً قبل أن نستطيع الحديث عن كيفية شغل البريطانيين وظائف يشغلها الأوروبيون الآن».
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «سي آي بي دي» المتخصصة في التعرف على توجُّهات الموظفين أن «29 في المائة من الأوروبيين العاملين في بريطانيا يفكرون في ترك المملكة المتحدة، وهذه النسبة تشمل أولاً أصحاب المهارات العالية والكفاءات المتخصصة. أما بعض أصحاب المهارات العادية والمتدنية، فيعبرون عن رغبة في العودة إلى بلدانهم بعد هبوط قيمة الجنيه الإسترليني إلى مستويات لم تعد معها جدوى العمل كما في السابق، ويخاف هؤلاء من هبوط إضافي في قيمة العملة في السنوات المقبلة».
أما القطاعات المتوجسة من نقص العمالة المتوقع، ومن تقييد حركة التنقل بعد الانفصال، فهي كثيرة مثل الصحة العامة، حيث يشكل الأوروبيون 5 في المائة في أقسام التمريض و10 في المائة في الطبابة العامة والمتخصصة و18 في المائة في طب الأسنان. ووفقاً لجمعية الممرضات والقابلات القانونيات فإن «الطلب الأوروبي على العمل في هذا القطاع هبط بنسبة 90 في المائة في الأشهر الأخيرة، وهذا يقلق القطاع لأنه يحتاج إلى 24 ألف وظيفة فيه في المرحلة القليلة المقبلة».
كما تؤكد نقابة الأطباء البريطانية أن «50 في المائة من الأطباء الأوروبيين العاملين في بريطانيا يفكرون في العودة إلى بلدانهم، أو يفكرون في الهجرة مجدداً للعمل في بلد آخر». وتضيف النقابة أن «ذلك يأتي في وقت تحتاج فيه المستشفيات العامة إلى هؤلاء، لا بل هي تعاني نقصاً وتطلب المزيد من الكوادر الطبية».
وهناك معاناة أيضاً في قطاعات أخرى مثل المطاعم، دفعت اللجنة الاقتصادية في مجلس اللوردات إلى السماح بجلسة استماع تحدث فيها أحد أكبر المستثمرين في هذا القطاع، مؤكداً أن «العمالة الأوروبية أكثر من ضرورية، لأن البريطانيين يتجنبون العمل في هذا القطاع حتى بات الأجانب يشكلون ثلث العمالة فيه».
ويقول: «فقط 2 في المائة من البريطانيين يتقدمون إلى العمل في عدد من المهن الهامشية والمتدنية الرواتب»، حتى بات الأجانب يشكلون ما بين ثلث إلى نصف العمالة في قطاعات مثل الصيانة والنظافة والأشغال المنزلية وورش البناء وحقول الزراعات الموسمية».
وللدلالة على حجم المشكلة المتوقعة، إذا حصل انفصال حاد، تؤكد الإحصاءات الرسمية أن الأوروبيين يشكلون 68 في المائة من مجمل الموظفين غير البريطانيين، وهم 10 في المائة من العمالة في قطاع السيارات، ونحو 26 في المائة في الفندقة وفي الصناعة، وهناك نسبة كبيرة من العمالة الموسمية في قطاع الزراعة. أما في حي المال، فالأوروبيون يشكلون 40 في المائة من مؤسسي الشركات التكنولوجية الحديثة.
وكانت بريطانيا جذبت خلال السنوات الماضية أعداداً كبيرة من بلدان أوروبية تعاني من بطالة مرتفعة، في حين هبطت نسبة البطالة في بريطانيا إلى أدنى مستوى منذ عام 1975.
وفي استطلاع رأي شمل نحو ألف من أصحاب العمل برزت هواجس جراء هذا الواقع. ورأى معظم هؤلاء أن «البدائل محدودة، وقد يُضطَرّون مستقبلاً إلى اختيار موظفين من بين صفوف كبار السن والنساء والشباب غير المتخصصين، وقد يجبرون على زيادة الرواتب وتوفير عقود عمل مرنة لجلب العمالة».
في المقابل، اعترفوا بأنهم قد يمارسون الضغوط على الحكومة لمنح الأوروبيين بعد «البريكسيت» المميزات نفسها التي يتمتعون بها الآن، أو فتح باب استقبال مهاجرين من دول أخرى.
وتعليقاً على ذلك، قال تقرير محدود التوزيع صادر عن الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «المعضلة المتناقضة تكمن في أن البريطانيين صوَّتُوا للخروج من الاتحاد الأوروبي لحماية بلدهم من موجات الهجرة المتصاعدة، فإذا بهم الآن يتوجسون من نقص العمالة، إذا قيدت حركة تنقل الأفراد بفعل (البريكسيت)».
وتلفت المصادر المتابعة للصحف الأوروبية إلى أن «تقييد حرية التنقل بفعل (البريكسيت)، قضية تشغل أكثر من بلد أوروبي. فإسبانيا على سبيل المثال، تشدد على ضرورة المرونة في هذا المجال لأن اقتصادها يعول على أكثر من 100 ألف عامل إسباني في بريطانيا، كما يعول الإسبانيون على 300 ألف بريطاني اختاروا العيش في بلدهم. ويرتفع هذا العدد إلى نحو مليون إذا ضم البريطانيين الذين يعيشون فترة طويلة من السنة في إسبانيا، لا سيما المتقاعدين منهم».
وتحرص إسبانيا، كما آيرلندا وإيطاليا وبولندا ودول أوروبية أخرى، على اتفاقيات خاصة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي تسمح بحرية التنقل واستمرار العمل بتنسيق الضمان الاجتماعي بعد «البريكسيت»... وإذا تعذر ذلك وفقاً لسيناريو «الانفصال الخشن»، فإن دولاً أوروبية لا تخفي رغبتها في عقد اتفاقات جانبية ثنائية مع بريطانيا في هذا المجال، وربما في مجالات أخرى.



رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
TT

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

وافق رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) العملاقة للنفط، منهم جون غراي من «بلاكستون» وبرنارد لوني الرئيس السابق لشركة «بريتيش بتروليوم (BP)»، حسبما أعلنت «أدنوك»، يوم الخميس.

وكانت شركة بترول أبوظبي الوطنية قد أعلنت، الشهر الماضي، عن تأسيس شركة «إكس آر جي»، وقالت إن قيمتها تزيد على 80 مليار دولار وستركز على الطاقة منخفضة الكربون، بما في ذلك الغاز والكيماويات.

وقد تم تعيين سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة «أدنوك»، رئيساً تنفيذياً لشركة «إكس آر جي».

وبالإضافة إلى غراي ولوني، ضم مجلس الإدارة أيضاً الملياردير المصري ناصف ساويرس، ووزير الاستثمار الإماراتي والرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي في أبوظبي محمد حسن السويدي، ورئيس مكتب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الاستراتيجية أحمد مبارك المزروعي، وجاسم الزعابي، رئيس دائرة المالية في أبوظبي وشركة الاتصالات «إي آند».

وقد أبرمت «أدنوك» سلسلة من الصفقات في مجال الغاز والغاز الطبيعي المسال والكيميائيات، التي تعتبرها ركائز لنموها المستقبلي إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة. كما قامت شركة «مصدر» الإماراتية المملوكة للدولة في مجال الطاقة المتجددة، التي تمتلك «أدنوك» 24 في المائة من أسهمها، بالعديد من عمليات الاستحواذ.

فقد أبرمت «أدنوك» صفقة في أكتوبر (تشرين الأول) لشراء شركة «كوفيسترو» الألمانية لصناعة الكيميائيات مقابل 16.3 مليار دولار، بما في ذلك الديون. وقالت «كوفيسترو»، الشهر الماضي، إن مجلس إدارتها ومجالسها الإشرافية أيّدت عرض الاستحواذ، الذي سيكون إحدى كبرى عمليات الاستحواذ الأجنبية من قبل دولة خليجية وأكبر استحواذ لـ«أدنوك».

ويشير تعيين أسماء مشهورة من عالم المال والطاقة في مجلس إدارة مجموعة «إكس آر جي» إلى طموحاتها الكبيرة، في الوقت الذي تسعى فيه «أدنوك» إلى تنفيذ استراتيجيتها القوية للنمو.