نزاع بين الحوثي وصالح على منصب «النائب العام»

الحكم القضائي بإلغاء القرار 123 يمهد لنسف كل القرارات الانقلابية السابقة

يمنيون يشترون خضاراً في سوق محلية بمدينة المخا على الساحل الغربي لليمن (ا.ف.ب)
يمنيون يشترون خضاراً في سوق محلية بمدينة المخا على الساحل الغربي لليمن (ا.ف.ب)
TT

نزاع بين الحوثي وصالح على منصب «النائب العام»

يمنيون يشترون خضاراً في سوق محلية بمدينة المخا على الساحل الغربي لليمن (ا.ف.ب)
يمنيون يشترون خضاراً في سوق محلية بمدينة المخا على الساحل الغربي لليمن (ا.ف.ب)

وسط تفاقم الخلاف بين الانقلابيين، قضت محكمة يمنية في العاصمة صنعاء أمس ببطلان القرار الصادر عما يسمى «اللجنة الثورية العليا» التابعة للحوثيين، بتعيين نائب عام جديد، معتبرة ذلك أمراً مخالفاً للوائح والقضاء اليمني.
وأصدرت المحكمة الإدارية حكماً يقضي بإلغاء القرار رقم 123 الذي أصدره محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى «اللجنة الثورية العليا»، الذي تم بموجبه تعيين عبد العزيز البغدادي نائباً عاماً.
وأوردت المحكمة في حيثيات حكمها ببطلان القرار الصادر عن اللجنة الثورية بتاريخ 14 أيار (مايو (أيار) 2016، مبينة أن القرار مخالف للوائح وقانون القضاء اليمني من حيث عدم توفر الشروط والمواصفات في الشخص المعين نائباً عاماً.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تقضي محكمة ببطلان قرارات ما يعرف باللجنة الثورية العليا، ففي أوائل فبراير (شباط) الماضي، ألغت محكمة إدارية في صنعاء قراراً بتعيين العقيد هاجس صالح طحوس الجماعي مديراً عاماً لكلية الشرطة في صنعاء، وأصدره أيضاً محمد علي الحوثي.
إلى ذلك، قالت مصادر قضائية يمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الأحكام الأخيرة قد تمهد لإلغاء القرارات كافة التي أصدرتها ما سميت اللجنة الثورية العليا خلال العامين الماضيين، وهو ما يمثل نكسة كبيرة للحوثيين، وقد تشعل الخلاف المتفاقم أصلاً مع صالح، على حد تعبيرهم.
وتبادل طرفا الانقلاب الاتهامات بعد قرار المحكمة بطلان تعيين النائب العام المعين من قبل الحوثيين، حيث أكدت قيادات حوثية أن القرار جاء ليكرس فساد علي عبد الله صالح ونظامه، فيما رد محسوبون على حزب المؤتمر الشعبي العام التابع لصالح أن القرار يعد حكماً قضائياً، ولا يحق لأي كان التدخل في القضاء أو قراراته، على حد قولهم.
وشن المحامي الخاص بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، محمد المسوري هجوماً على الحوثيين، وتساءل كيف أصبح قادة الحوثي أغنياء بين عشية وضحاها، علما بأنهم كانوا فقراء لا يملكون شيئا في السابق، وقال: «أصبحت هذه الشلة تملك الشركات والنفوذ والسلطان والقول والقرار، وارتفع معدل دخلهم في اليوم الواحد إلى المليارات. أصبحوا شركاء لمافيا النفط واستعانوا بفاسدي النظام السابق الذين خرجوا لإسقاطهم ثم احتضنوهم».
وكانت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام قد وصفت ما سميت حكومة الإنقاذ بـ«الكرتونية»، وأنها واجهة صورية، مبينة أن اللجان الثورية التابعة للحوثيين هي التي تتولى إدارة الأمور في جميع المؤسسات الحكومية.
من جهة أخرى، أصدر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة المكلف من الحوثيين، أمراً بإيقاف 16 موظفاً عن العمل وإحالتهم للنيابة بتهمة إثارة الفوضى وتهديده بالقتل وتهم أخرى. ووفقاً لمصادر مطلعة في صنعاء، فإن الحوثيين يضغطون على قيادات المؤتمر الإعلامية بأساليب متعددة لإرغامهم على التخلي عن مطالبات وملفات مهمة متعلقة بأوضاع الأجهزة الإعلامية. ووصف مصدر قريب من قيادة حزب المؤتمر الشعبي «الحكومة» التابعة للحوثيين بأنها «واجهة صورية كرتونية»، فيما تتولى اللجان الثورية التابعة للحوثيين، إدارة الأمور، مبيناً أن وزراء حزب صالح لا يستطيعون أن يصدروا أي قرار أو يقوموا بأي عمل دون موافقة مشرف حوثي يكون موجوداً داخل كل وزارة. وقدرت مصادر يمنية عدد مشرفي الحوثيين في الوزارات والهيئات الحكومية، الأمنية والعسكرية، بأكثر من ثلاثة آلاف مشرف، يتحكمون في قرارات تلك المؤسسات، وأهمها وزارات الدفاع والداخلية والتعليم العالي والمهني والخارجية والتخطيط والمال، والبنك المركزي. كما أن محمد علي الحوثي لا يزال يحتفظ بمنصب رئيس اللجنة الثورية العليا التي شكلت في فبراير 2015، ولم يتنازل عن منصبه أو المهام التي منحتها الجماعة له وللجان الثورية التابعة له في بقية المؤسسات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.