الاقتصاد الإسباني يعوض ما فقده في 5 سنوات

نموه بين أعلى المعدلات الأوروبية

وزير المالية الإسباني كريستابول مونتورو خلال مؤتمر صحافي في مدريد لعرض مشروع الموازنة (أ.ف.ب)
وزير المالية الإسباني كريستابول مونتورو خلال مؤتمر صحافي في مدريد لعرض مشروع الموازنة (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد الإسباني يعوض ما فقده في 5 سنوات

وزير المالية الإسباني كريستابول مونتورو خلال مؤتمر صحافي في مدريد لعرض مشروع الموازنة (أ.ف.ب)
وزير المالية الإسباني كريستابول مونتورو خلال مؤتمر صحافي في مدريد لعرض مشروع الموازنة (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسبانية مطلع هذا الأسبوع جملة أرقام، شملت بعض توجهات ميزانية 2017 التي تأخرت عدة أشهر بسبب انسداد الأفق السياسي أمام حكومة لا تحظى بأغلبية برلمانية واضحة.
وفي مشروع الموازنة جاء معدل النمو المتوقع عند 2.5 في المائة، بينما كان البنك المركزي أكثر تفاؤلا عندما توقع 2.8 في المائة. وسينخفض عجز الموازنة من نسبة 4.5 في المائة من الناتج في عام 2016، إلى 3.1 في المائة في 2017. فيقترب من النسبة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على أعضائه. وتواصل الحكومة خفض الإنفاق وزيادة الضرائب نسبيا استكمالا لمشوار تقشف وإعادة هيكلة اقتصادية ومالية وعمالية بدأ منذ عام 2012.
وأعلن المركزي الإسباني توقعاته لهذه السنة، فبدا مطمئنا أيضا حتى عام 2019، مشددا على تماسك النمو ولجم التضخم وارتفاع درجة تنافسية الاقتصاد وإنتاجيته.
وتؤكد الإحصاءات الرسمية أن ما تحقق خلال السنوات الخمس الماضية يعتبر «إنجازا بكل المقاييس»، ويوافقها في هذا التوصيف معظم الاقتصاديين والمحللين، فضلا عن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي الذي يقارن بين دول أوروبية تعثرت في أزمة الديون السيادية في 2011 و2012، فيجزم أن إسبانيا حققت ما عجز عنه آخرون، لا سيما اليونان وإيطاليا.
فقد تراجعت معدلات البطالة من 27 في المائة في 2013 إلى ما بين 17 و18 في المائة حالياً. وهبطت نسبة العجز إلى الناتج من 6.7 في المائة في 2013 إلى 4.5 في المائة في 2016.
أما على صعيد النمو الاقتصادي، فكانت القفزات لافتة للانتباه، إذ بعد انكماش نسبته 2.9 في المائة في 2012، و1.7 في المائة في 2013، عاد الاقتصاد إلى النمو المتصاعد مسجلا 1.4 ثم 3.2 في المائة، في الأعوام 2014 و2015 و2016 على التوالي. وبذلك تكون إسبانيا في طريق الخروج النهائي من تداعيات أزمة 2008، وأزمة الديون السيادية في 2011 و2012 التي تضاعف أثرها السلبي بانفجار الفقاعة العقارية التي عصفت في البلاد وتركت آثارا سلبية في قطاعها المصرفي والمالي.
ويشير تقرير لمعهد «سيونس بو» إلى أن الناتج الإسباني خسر بين 2009 و2013 نحو 9 في المائة من قيمته، لكنه بعد ذلك عوض ثلاثة أرباع ذلك الفاقد، وإذا استمرت وتيرة النمو - كما هو متوقع - فإن عام 2017 سيكون نهاية مطاف ذلك الفاقد، ليعود الناتج إلى مستوى 2008 متخلصا من معظم تداعيات الأزمة.
ويضيف التقرير: «تحققت تلك المعجزة الاقتصادية بفعل إجراءات التقشف القاسية، لا سيما خفض الإنفاق العام وإعادة هيكلة القطاع المالي وتعديل قوانين العمل بجعلها مرنة للغاية وغير مكلفة أو ضاغطة على أصحاب العمل والضغط على الرواتب للحؤول دون زيادتها... وكانت النتيجة أن الاقتصاد عاد إلى التنافسية والتوظيف والإنتاجية، وعاد إلى النمو لا سيما في القطاعات المصدرة مثل الزراعة والصناعة، كما ازدادت الوظائف في قطاعي الخدمات والسياحة».
ورغم الأزمة السياسية الحادة التي مرت بها البلاد في عام 2016 والتي حالت طويلا دون تأليف حكومة أغلبية بعد دخول البرلمان عدة قوى سياسية متنازعة، فإن النمو الاقتصادي استمر صاعدا ليسجل 3.2 في المائة العام الماضي، أي ضعف متوسط النمو الأوروبي.
في المقابل، لا يخفي تقرير لصندوق النقد الدولي استفادة الاقتصاد الإسباني في السنوات القليلة الماضية من «اتجاهات رياح خارجية مؤاتية»، موضحا أن هبوط أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 خفض فاتورة الطاقة كثيراً، كما استفاد الاقتصاد من المستويات المتدنية لأسعار الفائدة عالميا ومن المرونة التي أظهرتها المفوضية الأوروبية في التعاطي مع مشكلات إسبانيا المالية.
ويحذر الصندوق من إمكان تأثر الاقتصاد بعوامل مستجدة، مثل عودة الفائدة على الدولار إلى الارتفاع، وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، واتجاه أسعار النفط إلى الارتفاع النسبي، فضلا عن شبح السياسات التجارية الحمائية التي تهدد بها بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأميركية، لأن لذلك أبلغ الضرر على الصادرات. علما بأن أنجح الصادرات الإسبانية هي الزراعية والغذائية والنسيجية.
في موازاة ذلك، تبقى الحكومة الإسبانية متفائلة، وتخطط هذه السنة إلى تثبيت 250 ألف موظف متعاقد في القطاع العام، وخلق 67 ألف وظيفة عامة جديدة، مستندة في ذلك إلى أن النمو الاقتصادي الذي خلق 1.5 مليون وظيفة في 3 سنوات - منها 542 ألف وظيفة جديدة في 2016 - سيخلق في 2017 نحو 506 آلاف وظيفة جديدة بفضل الديناميكية التي باتت تتمتع بها الشركات، فيهبط معدل البطالة أكثر ليصل في 2019 إلى 13 في المائة أو أقل من ذلك، على أن تخرج إسبانيا من كل تداعيات أزمات 2008 و2011 و2012 كلياً.
أما النقابات العمالية فتحذر من جانبها من الإفراط في التفاؤل، لأن بعض الوظائف الجديدة غير مستقرة وبعضها الآخر استفاد موسميا من طفرة سياحية شهدتها البلاد العام الماضي. وتحذر النقابات من الإمعان في الضغط على الرواتب التي فقدت 2.6 و0.3 و0.6 في المائة في 2012 و2013 و2014 على التوالي، ولم تزد حتى الآن.
وتقول النقابات: «لا يمكن التعويل دائما على نمو رخيص التكلفة، لأنه غير عادل اجتماعيا ويفاقم الفروقات والتشوهات بين مداخيل العمال والموظفين». ويحذر بعض الاقتصاديين الأوروبيين من ذلك أيضا، «لأنه وإن كان يخفف الأعباء عن كاهل أصحاب العمل ويزيد تنافسية الاقتصاد وصادراته، إلا أنه في المقابل يضعف الطلب الاستهلاكي الداخلي؛ فيرتد ذلك سلبا على النمو الاقتصادي».
ويضيف هؤلاء أن «القفزة التوظيفية التي حصلت كانت جزئيا مركزة على أنشطة لا تتمتع بقيمة مضافة عالية، وعلى الحكومة الآن التركيز على الاستثمار أكثر في رأس المال البشري، وعلى قطاعات إبداعية مثل التكنولوجيا الحديثة، بعدما قطعت شوطا بعيدا في التعافي من المشكلات البنيوية ووضعت الاقتصاد على سكة النمو».



الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)
TT

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

ظلت أسعار الذهب قرب ذروة أسبوعين التي لامستها في وقت سابق يوم الأربعاء، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة الأسبوع المقبل، وقبل تقرير مرتقب عن التضخم في الولايات المتحدة.

وبحلول الساعة 06:01 بتوقيت غرينتش، استقر الذهب عند 2691.57 دولار للأوقية (الأونصة)، وبلغ أعلى مستوياته منذ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.5 في المائة إلى 2730.50 دولار. ويترقب المستثمرون اليوم بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأميركيين الذي من المتوقع أن يسجل ارتفاعاً 0.3 في المائة في نوفمبر.

وقد تساعد البيانات في توجيه التوقعات بشأن سياسة مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في 2025.

ومن المرجح أن يخفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في 18 ديسمبر (كانون الأول)، حسب 90 في المائة من خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم. وعلى الصعيد الجيوسياسي، قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف معظم مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، وأصاب منشأتين للبحرية السورية، في حين داهمت الشرطة الكورية الجنوبية المكتب الرئاسي، بسبب فرض الرئيس الأحكام العرفية لفترة وجيزة، حسبما ذكرت وكالة «يونهاب» للأنباء.

ويعد الذهب استثماراً آمناً خلال الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، ويميل إلى الارتفاع في ظل أسعار الفائدة المنخفضة. ودفعت عمليات شراء من جانب البنوك المركزية وتيسير السياسة النقدية والتوترات الجيوسياسية الذهب إلى تسجيل مستويات قياسية مرتفعة عدَّة هذا العام، مما يجعله متجهاً لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ 2010، مع زيادة تتجاوز 30 في المائة حتى الآن.

وأكد بنك «غولدمان ساكس» الثلاثاء، موقفه بشأن توقع صعود الأسعار، ورفض وجهة نظر تقول إن المعدن الأصفر لا يمكن أن يرتفع إلى 3 آلاف دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025، في عالم يظل فيه الدولار أقوى.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 31.75 دولار للأوقية، وانخفض البلاتين واحداً في المائة إلى 932.75 دولار، بينما ارتفع البلاديوم 0.2 في المائة إلى 969.50 دولار.