وثيقة «حماس» المسربة تعيد صياغة هويتها وتقبل بدولة على حدود 67

من حركة «إخوانية» إلى «تحرر وطني ومقاومة فلسطينية إسلامية»

وثيقة «حماس» المسربة تعيد صياغة هويتها وتقبل بدولة على حدود 67
TT

وثيقة «حماس» المسربة تعيد صياغة هويتها وتقبل بدولة على حدود 67

وثيقة «حماس» المسربة تعيد صياغة هويتها وتقبل بدولة على حدود 67

تؤكد وثيقة «حماس» التي يفترض الإعلان عنها بشكل رسمي في وقت قريب، قبولها بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة عاصمتها القدس ضمن حدود 67، وتصفها بـ«صيغة توافقية وطنية مشتركة»، لكن من دون الاعتراف بإسرائيل، في تأكيد على ما نشرته «الشرق الأوسط» سابقاً.
وفي الوثيقة الجديدة التي تتضمن 11 فصلاً و41 بنداً، تعيد الحركة صياغة هويتها، وتعرض المبادئ والمنطلقات التي تستند إليها في تكوين رؤيتها، وبناء خطابها، وتحديد سلوكها وأدائها السياسي، قياسا بالميثاق الأصلي للحركة الذي كتب قبل 30 عاماً.
وتعرف «حماس» نفسها بأنها حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها السامية.
وتقول «حماس» في وثيقتها إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة، ولا تعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، كما لا تعني التنازل عن أي من الحقوق الفلسطينية. وترفض «حماس» أي بديل عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، «من نهرها إلى بحرها». وترفض كذلك «جميع الاتفاقات والمبادرات ومشاريع التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو الانتقاص من حقوق شعبنا الفلسطيني». وتقول إن «أي موقف أو مبادرة أو برنامج سياسي يجب ألا يمس هذه الحقوق ولا يجوز أن يخالفها أو يتناقض معها».
وتؤكد الحركة أن «حق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أخرجوا منها، أو منعوا من العودة إليها، سواء في المناطق التي احتلت في 1948 أو في 1967 (أي كل فلسطين)، هو حق طبيعي، فردي وجماعي، تؤكده الشرائع السماوية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، وهو حق غير قابل للتصرف من أي جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية».
وترفض حماس «كل المشاريع الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين، بما في ذلك محاولات توطينهم خارج فلسطين، ومشاريع الوطن البديل». وتهاجم حماس «المشروع الصهيوني» وتصفه بمشروع «عنصري، عدواني، إحلالي، قائم على اغتصاب حقوق الآخرين، ومعادٍٍ للشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والتحرير والعودة وتقرير المصير. وإن الكيان الإسرائيلي هو أداة المشروع الصهيوني وقاعدته العدوانية». وتقول حماس إنها «تفرق بين اليهود كأهل كتاب، واليهودية كديانة من ناحية، والاحتلال والمشروع الصهيوني، من جهة أخرى، وترى أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم. وحماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين، وستواجه حماس كل من يحاول أن يعتدي على الشعب الفلسطيني أو يغتصب حقوقه أو يحتل أرضه، بصرف النظر عن دينه أو قوميته أو هويته». وترى حماس، كما جاء في وثيقتها، أن المشكلة اليهودية و«العداء للسامية» واضطهاد اليهود، ظاهرة ارتبطت أساساً بالتاريخ الأوروبي، وليس بتاريخ العرب والمسلمين ولا مواريثهم.
وتقول حماس إن قيام إسرائيل باطل مثل وعد بلفور، وإنها لا تعترف بشرعية الكيان الصهيوني، وإن تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وواجب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة. وهو أيضاً، مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل.
وتتطرق حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها إطاراً وطنياً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج تجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية. وتؤكد حركة حماس أن دور السلطة الفلسطينية يجب أن يكون في خدمة الشعب الفلسطيني وحماية أمنه وحقوقه ومشروعه الوطني. وتتجاهل حماس ذكر تنظيم الإخوان المسلمين، وتشدد على ضرورة استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وعدم ارتهانه لجهات خارجية.
كما تقول إنها تؤمن بالتعاون مع جميع الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض الدخول في النزاعات والصراعات بينها.
ويتضح من الوثيقة الجديدة محاولة حماس إعادة تعريف نفسها بعد إدخال تعديلات على الميثاق القديم، بشكل يراعي الواقع الحالي للحركة. وكانت «الشرق الأوسط»، نشرت في بداية مارس (آذار) الماضي، أن «الوثيقة ستتضمن موافقة حماس على إقامة دولة على حدود 67، لكن من دون الاعتراف بإسرائيل أو التفريط بالأرض. وستؤكد على حقوق اللاجئين الفلسطينيين»، وأنها «ستقول إنها تنظيم فلسطيني إسلامي وطني مستقل بالقرار، وستؤكد الحركة أن علاقتها مع جميع الأطراف نابعة من قربهم لفلسطين، وأنها لن تتدخل في أي شأن داخلي لأي دولة أو جهة أو جماعة، وأن صراعها الوحيد وبندقيتها موجهة فقط للاحتلال الإسرائيلي». كما أن «الوثيقة ستحدد الصراع مع الاحتلال ولن تتطرق إلى اليهود كأنهم أعداء كي تتخلص الحركة من كل اتهامات بمعاداة السامية».
وتأتي هذه النقاط مخالفة تماماً لما ورد في ميثاق الحركة الرئيسي بهذا الشأن، إذ أكدت حماس في ميثاقها أنها «جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين».
وجاء في الميثاق أن حماس «تعارض المبادرات، وما يسمى الحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية».
وتؤكد حماس في الميثاق أن قضية فلسطين هي قضية دينية وتشير إلى هزيمة حتمية لليهود وتستلهم معارك هزيمة الصليبيين.
وتطلب حماس من الدول العربية والمحيطة بإسرائيل، «فتح حدودها أمام المجاهدين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية، ليأخذوا دورهم ويضموا جهودهم إلى جهود إخوانهم من الإخوان المسلمين بفلسطين». وتحدد حماس معركتها بمعركة مع اليهود، قائلة: «معركتنا مع اليهود جد كبيرة وخطيرة، وتحتاج إلى جميع الجهود المخلصة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».