رفع سعر الوقود اللازم للصناعة والتجارة في سوريا

مخاوف من ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 80%

سائق يستعد لملء خزان سيارته بالوقود في دمشق (رويترز)
سائق يستعد لملء خزان سيارته بالوقود في دمشق (رويترز)
TT

رفع سعر الوقود اللازم للصناعة والتجارة في سوريا

سائق يستعد لملء خزان سيارته بالوقود في دمشق (رويترز)
سائق يستعد لملء خزان سيارته بالوقود في دمشق (رويترز)

تخوف السوريون من موجة جديدة في ارتفاع الأسعار التي باتت تفوق قدرتهم الشرائية بأضعاف عدة؛ وذلك بعد موافقة اللجنة الاقتصادية في حكومة النظام على رفع سعر لتر المازوت للقطاع التجاري والصناعي من 180 ليرة سورية، إلى 290 ليرة سورية، وذلك بعد إضافة أجور النقل. وتعهدت اللجنة، باستيراد المازوت وتوزيعه على القطاعات الإنتاجية، بما فيها الأفران الخاصة، بالسعر الجديد.
وأوضح مدير شركة المحروقات الحكومية «سادكوب»، سمير حسين، في تصريحات للإعلام الرسمي، أن السعر الجديد للتر المازوت، يشمل المنشآت التجارية كافة، كالفنادق والمشافي الخاصة، والأفران الخاصة ومستودعات التجار. الأمر الذي يعني أن ارتفاعا بالأسعار سيشمل المنتجات والسلع التي تعتمد في إنتاجها على الوقود (المازوت)، كما سيرتفع سعر الخبز وأجور النقل.
وكان رئيس الحكومة في النظام، عماد خميس، قد أعلن خلال لقائه مع أعضاء غرفة صناعة دمشق وريفها، قبل يومين، نية حكومته رفع سعر المازوت للصناعيين والتجار. وقال: «لقد حُسم الأمر، الحكومة ستبيع المازوت للصناعيين بـ290 ليرة عبر مؤسسة محروقات التي ستقوم بالاستيراد للصناعيين عبر الاكتتاب». وبرر ذلك بأن حكومته تعمل وفق «سياسة تصحيح أسعار المشتقات النفطية»؛ إذ وبحسب زعمه «لا يمكن البقاء على الوضع الحالي على الأقل مقارنة بالدول المجاورة، حيث تبيع تركيا لتر المازوت بما يعادل 500 ليرة سورية، ولبنان يبيعه بـ350 ليرة»، مشيراً خلال لقائه الفعاليات الصناعية، إلى أن حكومته «تدفع 25 في المائة زيادة على الأسعار العالمية، بسبب العقوبات المفروضة على سوريا».
ومن المتوقع أن تعصف موجة ارتفاع بالأسعار الأسواق المحلية السورية، تزيد في أعباء السوريين، ولا سيما في مناطق سيطرة النظام، التي تعاني شبه انعدام في القدرة الشرائية، حيث متوسط الاحتياجات الحد الأدنى من الغذاء للأسرة المؤلفة من أربعة أشخاص شهريا، يراوح بين 150 ألفا و200 ألف، أي ما يعادل تقريبا (350 إلى 450 دولارا أميركيا)، في حين أن معدل الرواتب والأجور يراوح بين 70 و100 دولار فقط.
الزيادة في أسعار المازوت التي تأتي من سياسة تصحيح الأسعار التي تحدث عنها رئيس حكومة النظام، تعني أن رفعا للأسعار سيشمل باقي مواد الطاقة والمحروقات، ولا سيما البنزين، الذي سرعان ما تظهر انعكاساته السلبية على الوضع المعيشي للسوريين بزيادة نسبة الفقر التي تتجاوز الآن حد الـ80 في المائة حسب تقديرات المنظمات الدولية.
ويرى اقتصاديون في دمشق، أن حكومة النظام تسعى إلى تخفيف العبء عن كاهلها ورفد موارد الخزينة بما تعتبره تصحيح أسعار، لكن هذه السياسة لا تلحظ الوضع المزري للسوريين في ظل الحرب وتدني الدخل.
وتكشف سياسة حكومة النظام عن تخبط وعجز في معالجة الأزمات التي تواجهها، فقد سبق أن اشتكت من صعوبة الاستيراد وفتحت المجال للقطاع الخاص ليستورد، ثم عادت وحصرت الاستيراد بالشركة العامة «سادكوب»، لتبيع المازوت بأعلى من السعر العالمي.
يشار إلى أن النظام خسر أهم حقول النفط والطاقة شرق سوريا منذ عام 2013، التي يسيطر عليها اليوم تنظيم داعش والأحزاب الكردية؛ ما أدى إلى انخفاض إنتاج حكومة النظام من النفط إلى نحو ثلاثة آلاف برميل يوميا بعد أن كان 380 ألف برميل يوميا قبل عام 2011. ووفق ما أعلنه رئيس حكومة النظام عماد خميس، مؤخرا، فقد تم التعاقد على توريد مشتقات نفطية بكلفة تبلغ نحو 750 مليون دولار، فضلاً عن شراء ما يزيد على مليون طن من المشتقات النفطية بقيمة تصل إلى 269 مليار ليرة، وتوريد أكثر من مليوني طن نفط خام ضمن عقود طويلة الأمد.
وشهد العام الماضي ارتفاعات متتالية عدة في أسعار المشتقات النفطية، حيث ارتفع سعر البنزين بنسبة 40 في المائة، والمازوت للاستخدام المنزلي نحو 33 في المائة، والغاز المنزلي 38 في المائة، وتتضاعف هذه النسب في السوق السوداء كلما تفاقمت الحاجة إليها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.