معارك بنغازي تحصد عشرات القتلى

الخارجية الليبية: لا صحة لتهديدات تمنع الوزير عبد العزيز من العودة إلى طرابلس

ليبيان من القوات الخاصة يتقدمان من مقر قيادة مديرية الأمن الوطني في بنغازي الذي تعرض لهجوم من أنصار الشريعة أمس (أ.ف.ب)
ليبيان من القوات الخاصة يتقدمان من مقر قيادة مديرية الأمن الوطني في بنغازي الذي تعرض لهجوم من أنصار الشريعة أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك بنغازي تحصد عشرات القتلى

ليبيان من القوات الخاصة يتقدمان من مقر قيادة مديرية الأمن الوطني في بنغازي الذي تعرض لهجوم من أنصار الشريعة أمس (أ.ف.ب)
ليبيان من القوات الخاصة يتقدمان من مقر قيادة مديرية الأمن الوطني في بنغازي الذي تعرض لهجوم من أنصار الشريعة أمس (أ.ف.ب)

أعلنت القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي حالة النفير العام في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، ودعت جميع منتسبيها إلى الالتحاق بثكناتهم فورا، بعد المواجهات الدامية التي خاضتها هذه القوات ضد الميلشيات المسلحة التابعة لتنظيم أنصار الشريعة المتطرف، في الساعات الأولى من صباح أمس، وأسفرت وفقا لإحصائيات رسمية عن تسعة قتلى وثلاثة مفقودين و12 جريحا كلهم من القوات الخاصة.
ووصفت القوات الخاصة الوضع في بنغازي، ثانية كبريات المدن الليبية ومعقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل نحو ثلاث سنوات، بأنه ما زال محتقنا، وطالبت المدنيين بتوخي الحذر وعدم الاقتراب من نقاط الاشتباك مطلقا حتى يتم التعامل مع مصادر النيران بشكل تام ونهائي.
وحتى مساء أمس، ساد الهدوء الحذر أرجاء المدينة بعد توقف الاشتباكات، فيما حلقت طائرة مجهولة الهوية دون طيار فوق سماء بنغازي، بالتزامن مع إعلان القوات الخاصة أن طائرات تابعة لسلاح الجو الليبي ستحلق للاستكشاف والمراقبة. واندلعت الاشتباكات عندما حاولت ميليشيات أنصار الشريعة اقتحام مقر قيادة مديرية الأمن الوطني في بنغازي، مما أدى إلى اندلاع معركة بالأسلحة استمرت أكثر من ساعة، وأمكن سماع دوي انفجارات هائلة أثناء القتال.
وأكد مصدر أمني أن المئات من المسلحين المحسوبين على الجماعات الإسلامية المتطرفة كانوا على متن نحو خمسين سيارة وهاجموا مقر مديرية الأمن بعد توقيف سيارة تابعة للتنظيم كانت محملة بالأسلحة والذخائر. وهاجم مسلحون أيضا منزل العقيد رمضان الوحيشي، مدير مديرية أمن بنغازي، حيث قال مسؤول أمن إن الوحيشي لم يصب بأذى، قبل أن تقوم قوات خاصة في وقت لاحق بتأمين مقر قيادة الأمن بالقرب من وسط المدينة بمركبات مدرعة وقطع مدفعية.
ونجا أمس أحد عناصر جهاز المخابرات من محاولة اغتيال إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولي الهوية بمنطقة الصابري في بنغازي. وقالت مصادر أمنية إن عنصرا من جهاز المخابرات يدعى طارق نجم تعرض لوابل من الرصاص ونقل على الفور إلى المستشفى، الذي أكد لاحقا أن حالته مستقرة وتجاوز مرحلة الخطر.
وتكافح الحكومة المركزية في ليبيا للسيطرة على المجموعات المسلحة والميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي عام 2011 وترفض الآن نزع أسلحتها. وكثيرا ما تشتبك القوات الخاصة في بنغازي مع جماعة أنصار الشريعة التي أدرجتها واشنطن في قائمة المنظمات الإرهابية. وأصبح تفجير السيارات الملغومة واغتيال جنود الجيش والشرطة شائعا في بنغازي، حيث فجر مهاجم انتحاري حافلة ملغومة خارج معسكر للقوات الخاصة يوم الثلاثاء، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين بجروح.
وأغلقت معظم الدول بعثاتها القنصلية في المدينة، وأوقفت بعض شركات الطيران رحلاتها إلى هناك، منذ مقتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم شنه متشددون إسلاميون في سبتمبر (أيلول) 2012. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل مهاجم انتحاري 13 شخصا خارج معسكر للجيش على مشارف بنغازي في أول هجوم انتحاري منذ الحرب الأهلية التي ساندتها عمليات جوية لحلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 وأطاحت بالقذافي.
ويشعر دبلوماسيون غربيون بالقلق من أن يمتد العنف إلى العاصمة طرابلس حيث الوضع الأمني متدهور أيضا. وتزداد أعمال خطف دبلوماسيين أجانب وحوادث إطلاق الرصاص ليلا بالقرب من طريق المطار. وتقوم دول غربية وعربية حليفة بتدريب القوات المسلحة الليبية، لكن الجيش لا يباري في قدراته المسلحين وأفراد الميليشيات المدججين بالسلاح الذين يلجأون للقوة لفرض مطالبهم على الدولة.
إلى ذلك، نفى سعيد الأسود، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الليبية، لـ«الشرق الأوسط» حدوث أي تطورات في ملف الدبلوماسيين العرب المخطوفين، وهم السفير الأردني فواز العيطان ودبلوماسيان تونسيان آخران، في العاصمة الليبية طرابلس منذ بضعة أسابيع. وقال الأسود في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس «لا جديد في هذا الملف، الاتصالات ما زالت مستمرة مع الأشقاء في تونس والأردن، ونأمل في الإفراج عن الدبلوماسيين الثلاثة في أسرع وقت ممكن». وأضاف «السلطات المختصة في ليبيا ما زالت تبذل كل المساعي الإيجابية لضمان عودة الدبلوماسيين المخطوفين إلى بلادهم وذويهم»، لكنه رفض الإفصاح عن الوضع الحالي للمخطوفين الثلاثة، وما إذا كانت لدى ليبيا أي معلومات عن مكان أو ظروف احتجازهم.
وفي ما يتعلق بالمعلومات التي تشير إلى أن السلطات الليبية طلبت رسميا من نظيرتها الأردنية تخفيف الحكم الصادر على المعتقل الليبي محمد الدرسي الشهير بالنص وإعادته إلى بلاده لاستكمال العقوبة، مقابل الإفراج عن السفير الأردني، قال الأسود «لا علم لي بمثل هذا الطلب رسميا حتى الآن». كما نفى الناطق باسم الخارجية الليبية أن يكون محمد عبد العزيز، وزير الخارجية الليبي، موجودا في العاصمة المصرية بسبب تلقيه تهديدات بالقتل على خلفية تصريحاته التي تطالب بعودة النظام الملكي القديم إلى ليبيا. وأوضح الأسود أن عبد العزيز كان في طرابلس الأسبوع الماضي لمدة ثلاثة أيام قبل أن يعود مجددا إلى القاهرة في مهمة عمل، لكنه قال إنه لا يعلم فحوى المحادثات التي يجريها عبد العزيز مع مسؤولي الحكومة المصرية.
من جهة أخرى، أدانت وزارة الخارجية الليبية بشدة الاعتداء السافر الذي تعرض له وكيل الوزارة بمقر ديوانها بالعاصمة طرابلس أثناء تأديته لعمله ظهر يوم الأربعاء الماضي، من قبل أشخاص يدعون المطالبة بحقوق دون أي مستند قانوني. وقالت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء المحلية، إن هذا التصرف العدواني الفظيع مهما كانت دوافعه يعتبر إساءة كبيرة لحقت بوزارة سيادية ومؤسسة من مؤسسات الدولة تمثل الوطن وتخدم كل أبناء الشعب الليبي، معتبرة أن مثل هذه الاعتداءات وغيرها سوف تعرقل بناء دولة ليبيا الجديدة، دولة الحرية والبناء والتقدم.
ودعا البيان كل المواطنين الشرفاء والنشطاء الحقوقيين، ومنظمات المجتمع المدني في ليبيا، إلى إدانة هذا العمل المشين ومحاسبة الجناة الذين قاموا به.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».