«حماس» تغلق قطاع غزة بالكامل وتمنع السفر

احتياطات أمنية في إسرائيل وإعلامها يعتبر اغتيال الفقها رسالة تحذير إلى الأسرى المحررين

عناصر تابعة لأمن حماس تقوم بحراسة بوابة العبور عند معبر بيت حانون (إيريز) شمال غزة (أ.ف.ب)
عناصر تابعة لأمن حماس تقوم بحراسة بوابة العبور عند معبر بيت حانون (إيريز) شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تغلق قطاع غزة بالكامل وتمنع السفر

عناصر تابعة لأمن حماس تقوم بحراسة بوابة العبور عند معبر بيت حانون (إيريز) شمال غزة (أ.ف.ب)
عناصر تابعة لأمن حماس تقوم بحراسة بوابة العبور عند معبر بيت حانون (إيريز) شمال غزة (أ.ف.ب)

أغلقت حركة حماس جميع منافذ قطاع غزة ومعابره، أمس، ومنعت الخروج، في سابقة هي الأولى، منذ سيطرت على القطاع عام 2007. وهي مرتبطة، كما يبدو، بالتحقيقات التي بدأتها الحركة في قضية اغتيال القيادي البارز في كتائب القسام، مازن فقها، وسط القطاع يوم الجمعة الماضي.
وأعادت الحركة عبر حواجز مكثفة نشرت على الحدود ووسط القطاع، مسافرين كانوا يهمون بالمغادرة، وأعلنت منع التنقل إلى الضفة الغربية وإسرائيل والخارج، كما منعت دخول الأجانب حتى إشعار آخر.
وشمل الإغلاق الحاجز الشهير «إيريز» الذي تتحكم فيه إسرائيل، وتسمح فقط لحملة التصاريح الخاصة بعبوره.
وقال المتحدث باسم داخلية حماس، إياد البزم، لقد «تم إغلاق حاجز بيت حانون (إيريز) حتى إشعار آخر، في إطار الإجراءات المتخذة من قبل الأجهزة الأمنية عقب جريمة اغتيال المجاهد مازن الفقها».
وأضاف، أن «الإغلاق يشمل الساحل والحدود الجنوبية والشرقية والشمالية وحاجز بيت حانون إيريز شمال القطاع».
وجاء القرار الرسمي ليؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط» حول نشر حماس قوات معززة على الحدود البرية والبحرية مع مصر وإسرائيل في محاولة لملاحقة قتلة الفقها.
وكان مجهولون قد قتلوا مازن الفقها، وهو قيادي في كتائب القسام، مبعد من الضفة الغربية إلى قطاع غزة عام 2011. بعد تحرره من السجون الإسرائيلية مع آخرين، ضمن «صفقة شاليط»، أمام منزله في حي تل الهوا وأصابوه بأربع رصاصات في الرأس، من مسدسات قيل إنها كاتمة للصوت، وتمكن المسلحون من الانسحاب.
وتسببت الحادثة في إرباك كبير داخل غزة، وسط تكهنات حول الجهة المنفذة، إذا ما كانت إسرائيل أو أطرافا أخرى، وكيفية التنفيذ، وهل هم قوات خاصة، أو عملاء مدربون، أو جنود دخلوا وخرجوا عبر البحر، أو فلسطينيون على خلاف مع الفقها، لكن حماس وجهت لاحقا أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
والفقها متهم في إسرائيل بالوقوف خلف عملية تفجير أدت إلى مقتل 9 إسرائيليين في 2002، وترؤسه نشاطا خاصا لتنفيذ عمليات في الضفة عبر توجيهات من غزة، لكن إسرائيل لم تعقب على عملية القتل لا بالتأكيد ولا بالنفي.
وفي مشهد يشير إلى المفاجأة التي خلفتها العملية، تحول قطاع غزة إلى ثكنة عسكرية على الحدود مع مصر وإسرائيل، وعلى الشواطئ البحرية وفي الشوارع. وحضر كل قادة حماس الكبار إلى المستشفى الذي وضع فيه جثة الفقها، في وقت متأخر الجمعة، ومن بينهم نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، ومسؤول حماس في غزة، يحيى السنوار، وخليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة، وآخرون، وسط حراسات مشددة للغاية.
وتحاول حماس الآن، الوصول بكل الطرق إلى منفذي العملية المعقدة في غزة، لكشف الملابسات كاملة وبعث رسالة اطمئنان إلى المواطنين.
وتعهد القيادي في حماس محمود الزهار «بقطع أيدي وأعناق القتلة».
وتعتقد حماس أن عملاء أو قوات خاصة مدربة نفذت العملية لصالح إسرائيل، لكنها تبحث فرضيات أخرى.
وشيع آلاف الفلسطينيين السبت، جثمان الفقها في غزة، وسط مئات من الملثمين المسلحين التابعين للقسام، ويتقدمهم معظم قادة حماس.
وفي إسرائيل، حافظت القيادات الرسمية، السياسية والعسكرية، على الصمت المطبق إزاء الاغتيال. فلا هم يؤكدون ولا ينفون الأنباء التي تشير إليهم بإصبع الاتهام. لكن هذا الاغتيال تبوأ عناوين وسائل الإعلام. وخرج عشرات الشخصيات القيادية السابقة والخبراء في معاهد أبحاث الأمن القومي، ممن يقيمون علاقات وطيدة مع مؤسسات الجيش والمخابرات، بتحليلات حول العملية، يجمعون فيها على أنها رسالة حادة موجهة إلى الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة شاليط ويتبوأون المناصب في قيادة حماس.
وقال رون بن يشاي، معلق الشؤون العسكرية والاستراتيجية الذي كان ناطقا بلسان الجيش الإسرائيلي وقائدا لمحطة إذاعة الجيش: «ليس مهما أن تؤكد إسرائيل أو تنفي حتى الآن، أي علاقة باغتيال مازن الفقها. فبمجرد أن رؤساء حماس ينسبون هذه العملية إلى إسرائيل، يرتفع منسوب التوتر واحتمالات التصعيد على الجبهة الغزاوية. حماس ستسعى للثأر والانتقام. واحتمالات نشوب القتال بيننا وبين الفلسطينيين تعاظمت مع اغتيال مازن الفقها.
كما يبدو، فإن الأمر لن يحصل غدا صباحا. فسوف ينتظرون حتى يجدوا نقطة ضعف ويجري الاستعداد للثأر. وقد يحصل الأمر على حدود قطاع غزة أو في الضفة الغربية». ويضيف بن يشاي، أنه في حال كانت إسرائيل هي التي نفذت العملية، أو هي التي أرسلت من ينفذها، فإنها تكون رسالة تحذير لبقية الأسرى الذين تحرروا في صفقة شاليط ممن عادوا إلى ممارسة دورهم بشكل فعلي.
ولكن بن يشاي طرح تحفظا وقال: «يجب الأخذ بالاعتبار أيضا، احتمال أن يكون قاتلو الفقها هم غزيون توجد لهم حسابات معه ومع الذراع العسكرية لحركة حماس. مثلا: أعضاء من التنظيمات السلفية الذين تطاردهم حماس في سبيل تحسين علاقاتها مع مصر. فرجالات هذه التنظيمات يحاولون ردع حماس عن مواصلة الاعتقالات الجماعية في صفوفهم، لذلك فهم أيضا معنيون ببث رسالة ردع إلى قيادة حماس. وتوجد إمكانية أن تكون هذه عملية ذات مصالح مترابطة».
وأجمعت المصادر الإعلامية، على الإشارة إلى أن الفقها كان يخطط لعمليات داخل إسرائيل.
وذكرت في هذا السياق، بما كان قد أعلنه رئيس الشاباك (جهاز المخابرات العامة)، نداف ارغمان، عن إحباط مئات العمليات سنويا، وقال إن «الهدوء النسبي في هذه الفترة هو هدوء مضلل، وحماس والجهاد العالمي يحاولان تنفيذ عمليات داخل إسرائيل».
واستطلعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» آراء خبراء سابقين في مكافحة التنظيمات الفلسطينية، فأكدوا أن إسرائيل هي المتهم الفوري والأساسي بالاغتيال، لأن «الفقها عمل من مكان إقامته في القطاع على تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».
لقد فعل ذلك كأحد أعمدة طاقم الضفة الذي يترأسه صالح العاروري، من مقر إقامته في قطر. ولكن هناك احتمالات أخرى تبدأ بحركة حماس نفسها، حيث إنها لا تتردد في اختيار الوسائل من أجل التخلص من المسؤولين الذين لا يخضعون لقيادة التنظيم العليا، ويظهرون الاستقلالية الزائدة.
والمثال الأبرز على ذلك، اغتيال محمود شتيوي الذي قاد كتيبة الزيتون، قبل سنة، وعرف بأنه منتقد دائم وشديد ليحيى السنوار (الذي انتخب أخيرا زعيما لحماس في القطاع). وكذلك السلفيين، الذين اعتقلت حماس المئات من نشطائهم المتماثلين مع داعش».
ولم يستبعد هؤلاء الخبراء، أن تكون السلطة الفلسطينية قد نفذت العملية، مع أنهم أشاروا إلى أن هذه الإمكانية ضئيلة جدا.
وأشاروا أيضا، إلى احتمال أن يكون اغتيال الفقها تم على خلفية شخصية ليس لها علاقة بعمله العسكري: «مع أن هذه الإمكانية متدنية أيضا، لأن اغتياله يظهر كعمل مهني جدا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.