أكد كل من الاتحاد الأوروبي واليابان الإصرار على المضي قدما في العملية التفاوضية بين الجانبين من أجل توقيع اتفاقيتي التجارة الحرة والشراكة الاستراتيجية. جاء ذلك في ختام محادثات جرت ببروكسل أجراها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مع كبار المسؤولين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وجاءت المحادثات بالتزامن مع انعقاد مجلس وزراء المال والاقتصاد الأوروبيين «الإيكوفين» ببروكسل، الذي لم تغفل جلساته التعليق على اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في بادن بادن الألمانية الأسبوع الماضي، حيث شككت الولايات المتحدة في التبادل الحر.
وقال إدوارد سيكلونا، وزير المال المالطي الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي: «إنه أمر سريالي نوعا ما لدول الاتحاد؛ لأن مجموعة العشرين موجودة للتعبير عن قيم تدعو إلى رفع العقبات من طريق التجارة». وأضاف: «عندما يكون هناك شريك مهم يعبر عن رأي مخالف، فتجب إعادة تقييم الوضع بحذر كبير وبطريقة دبلوماسية».
وقال الوزير المالطي إن الأجواء «كانت هادئة وغير متوترة»، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين هو «اختبار عام وتجربة مفيدة جدا لقمة العشرين في يوليو (تموز) المقبل»، التي سيحضرها رؤساء الدول المعنية. إلا أنه أكد أنه «يجب أن نتجنب أي تشاؤم؛ لأن الدول كانت لديها تجارب سيئة عندما ظهرت الحمائية في الماضي»، داعيا إلى محاورة وإقناع من يشككون في ميزات التبادل الحر.
في هذا السياق، قال البنك المركزي الأوروبي في دراسة أمس (الأربعاء) إن «سياسات الحماية التجارية ربما تزيد العجز التجاري للدول بدلا من أن تقلصه». مؤكدا أن هناك حاجة إلى وصفة مغايرة لتوجهات الحمائية، وأن «تحرير التجارة العالمية واستيراد السلع الوسيطة الأقل تكلفة سيحسن القدرات التنافسية ويساعد الشركات على الحفاظ على ميزاتها أمام المنافسين الأجانب، ويزيد صادرات الدول»، بحسب «رويترز».
ويبدو أن الدراسة فندت أيضا ادعاء الإدارة الأميركية بأن الدول التي تدير فائضا كبيرا في ميزان المعاملات الجارية ربما تتبع ممارسات تجارية غير عادلة. وقالت إن «الدول ستنظر بدلا من ذلك إلى ميزاتها التنافسية باعتبارها (مؤقتة) وتتعامل بحذر»، متوقعة أن يحرر الآخرون التجارة لتحسين معدلات الكفاءة وقدراتهم التنافسية.
وخلال الاجتماعات أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي، التزام الاتحاد الأوروبي بالتبادل الحر. وقال: «نحن في الاتحاد الأوروبي لا نريد بناء جدران؛ بل جسورا... جسور للتجارة. نحن مستعدون للمناقشة مع شركائنا الآسيويين».
وعبّر كل من رؤساء المؤسسات الأوروبية ورئيس الوزراء الياباني عن تصميمهم على المضي قدماً في المفاوضات من أجل التوصل إلى توقيع اتفاقيتي تجارة حرة وشراكة استراتيجية ثنائيتين. وظهر ذلك بوضوح في تصريحات صحافية لكل من رئيس المفوضية جان كلود يونكر، ورئيس الاتحاد دونالد توسك، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في بروكسل.
وشدد المسؤولون الثلاثة على تمسكهم بقيم الانفتاح والتعاون، حيث «تعتبر الاتفاقيتان اللتان يجري التفاوض بشأنهما مع اليابان على درجة كبرى من الأهمية؛ لأننا نؤمن معاً بقيم التجارة الحرة، النزيهة والقائمة على القواعد؛ بدلاً من العودة إلى الانعزالية»، بحسب كلام يونكر.
وعبر يونكر عن نية المفوضية العمل لتذليل العقبات كافة، وقال: «نحن على ثقة بإمكانية حل القضايا العالقة والتوصل إلى نهاية جيدة للمفاوضات سريعاً، في أفق القمة الأوروبية – اليابانية في وقت لاحق من هذا العام».
أما توسك، فقد ركز على تصميم الاتحاد التعاون مع اليابان؛ ليس فقط في مسائل التجارة الحرة، بل أيضاً في موضوع التغير المناخي والهجرة ومحاربة الإرهاب والتصدي معاً للتحديات والصراعات في مختلف أنحاء العالم، بدءاً من كوريا الشمالية وانتهاء بسوريا.
رئيس الوزراء الياباني تطرق من جهته إلى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معربا عن «الثقة بأن الاتحاد الأوروبي سيبقى قوياً ومتماسكاً بعد خروج بريطانيا... وهذا مهم لليابان وللعالم».
وأشار المسؤول الياباني إلى رغبة بلاده في أن تتم مفاوضات خروج بريطانيا بسلاسة، وأن تتمكن بروكسل ولندن من إقامة شراكات جيدة، وقال: «نحن نركز على ضرورة الحفاظ على الشفافية خلال مرحلة المفاوضات بين الطرفين؛ لمصلحة جميع الأطراف».
وأكد المسؤولون الثلاثة إصرارهم على استمرار التعاون في القضايا كافة، وبخاصة مع اقتراب موعد قمة الدول الصناعية السبع في مايو (أيار) المقبل في إيطاليا.
وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، يأتي التركيز الأوروبي – الياباني على التعاون في مجالات التجارة الحرة والتغير المناخي رداً على ما حدث في اجتماع وزراء مالية دول مجموعة العشرين قبل أيام، الذي أسقط من بيانه الختامي أي حديث عن هذه الموضوعات بـ«ضغط أميركي»؛ ما اعتبر في نظر المراقبين عودة إلى «الانعزالية والحمائية».
أوروبا رداً على «نزعة الحمائية»: نريد جسوراً لا جدراناً
إصرار على المضي قدماً في مفاوضات التجارة والشراكة مع اليابان
أوروبا رداً على «نزعة الحمائية»: نريد جسوراً لا جدراناً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة